المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيات (30 - 35) - تفسير العثيمين: الشعراء

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌ومن فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآيتان (10، 11)

- ‌فوائد الآيتينِ الكريمتينِ:

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (16)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآيتان (23، 24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيات (30 - 35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآيتان (39، 40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌ومن فوائد الآيةِ:

- ‌الآية (45)

- ‌الآيات (46 - 48)

- ‌فوائد الآيَات الكريمة:

- ‌الآيتان (49، 50)

- ‌الآية (51)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآيتان (57، 58)

- ‌فوائد الآيتين الكريمتينِ:

- ‌الآية (59)

- ‌الآية (60)

- ‌الآيتان (61، 62)

- ‌فوائدُ الآيتينِ الكريمتينِ:

- ‌الآية (63)

- ‌فَوَائِد الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآيات (64 - 66)

- ‌الآية (67)

- ‌الآية (68)

- ‌الآيتان (69، 70)

- ‌الآية (71)

- ‌الآية (72)

- ‌الآيتان (73، 74)

- ‌الآيات (75 - 86)

- ‌الآية (87)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآيتان (88، 89)

- ‌فوائِدُ الآيتَينِ الكريمتين:

- ‌الآيات (90 - 93)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمةِ:

- ‌الآيتان (94، 95)

- ‌فوائدُ الآيتينِ الكريمتينِ:

- ‌الآيات (96 - 98)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمةِ:

- ‌الآية (99)

- ‌الآية (100)

- ‌فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (101)

- ‌الآية (102)

- ‌الآيتان (103، 104)

- ‌الآية (105)

- ‌فوائدُ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآيات (106 - 110)

- ‌الآيات (111 - 115)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمة:

- ‌الآيات (116 - 118)

- ‌الآيات (119 - 122)

- ‌فوائدُ الآيَات الكريمة:

- ‌فوائد الآيَات الكريمة:

- ‌الآيتان (129، 130)

- ‌الآيات (131 - 134)

- ‌فوائد الآيَات الكريمة:

- ‌الآيات (135 - 138)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمةِ:

- ‌الآيتان (139، 140)

- ‌الآيات (141 - 145)

- ‌الآيات (146 - 152)

- ‌الآيتان (153، 154)

- ‌الآيات (155، 159)

- ‌من فوائد ذِكر قومِ صالحٍ:

- ‌الآيات (160 - 164)

- ‌الآيتان (165، 166)

- ‌الآيات (167 - 175)

- ‌ويُستفاد من قِصَّة لُوطٍ عليه السلام مع قومه:

- ‌الآيات (176 - 180)

- ‌الآيات (181 - 184)

- ‌الآيات (185 - 191)

- ‌ويُستفاد من قِصَّة شُعيب عليه السلام:

- ‌الآيات (192 - 196)

- ‌الآيات (197 - 204)

- ‌الآيتان (208، 209)

- ‌فوائد الآيتين الكريمتينِ:

- ‌الآيات (210 - 212)

- ‌الآية (213)

- ‌الآيات (214 - 216)

- ‌الآيات (217 - 220)

- ‌الآيات (221 - 222)

- ‌الآيات (224 - 226)

- ‌الآية (227)

الفصل: ‌الآيات (30 - 35)

‌الآيات (30 - 35)

* * *

* قالَ اللهُ عز وجل: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الشعراء: 30 - 35].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{قَالَ} له مُوسَى: {أَوَلَوْ} أي: أَتَفْعَل ذلك ولو {جِئْتُكَ}]، إذا اقترنتْ همزةُ الإستِفهامِ بالعاطِفِ فإمَّا أن تقدّر بعدها جملةً يعطف عليها ما بعد الهمزة، أو تقدَّر الهمزة متأخرةً بعد حرفِ العطفِ، وجهانِ لأهلِ العلمِ، والوجهُ الأخير أسهلُ؛ لِأَنَّ الأول - كما يمر بك - قد لا يمكنُ فيه التَّقديرُ، وأما هَذَا فتقول: الهمزة للإستفهامِ، وهي مقدَّمة، والواو حرفُ عطفٍ، وَهُوَ مقدَّم حُكمًا، مؤخَّرٌ لَفظًا، والجُملة معطوفةٌ.

أمَّا عَلَى ما ذهبَ إليه المُفسِّرُ هنا فَإِنَّهُ جعل الهمزةَ داخلةً عَلَى شيْءٍ محذوفٍ: [أتفعل ذلك ولو {جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ}]، كأن مُوسَى عليه الصلاة والسلام قال له: عَلَى رِسلكَ، لا تَسْجُنَنِي، فأنا ما جئتُ بباطلٍ وسأُقيم البرهانَ عَلَى ما أتيتُ به:{أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} .

ومن لُطْفِ الله أنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ: {فَأْتِ بِهِ} ، وكان مُقْتَضَى جَبَرُوتِهِ وطُغْيَانِهِ

ص: 82

أن يقولَ: ولو جِئْتَنِي بشيْءٍ مُبِينٍ إنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ، ولكن القلوب بيدِ اللهِ عز وجل، فأَلان اللهُ قلبَ هَذَا الرَّجُلِ المتكبِّر الجبَّار لِمُوسَى حين قَالَ:{أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} ، وهذا اللِّين قد يكون له سبب حِسِّيٌّ، فهو لِئَلَّا يَنْقَطِعَ أمامَ المَلَأِ الَّذين عنده؛ لِأَنَّ مُوسَى إذا عرضَ عليهم خطَّة الرُّشْد ثم تَعَسّف، وقال: ولو جِئْتَنِي بهذا، فربَّما حينئذٍ يَظْهَرُ أمامَ مَلَئِهِ أَنَّهُ مُعانِدٌ وأنه منقطِع، فقال:{فَأْتِ بِهِ} .

ثم إنه أيضًا قد يكونُ ممَّا حَمَلَه عَلَى ذلك أَنَّهُ أرادَ أن يأتيَ بِهِ ليكونَ إبطالُه أو دَعْوَى بُطْلانِهِ عَلَى يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ ربَّما يأتي بِهِ مُوسَى فِي مكانٍ آخرَ فيغترّ بِهِ النَّاس - على زَعْمِه - فأراد أن يأتيَ بِهِ أمامَه؛ لِيَتَمَكَّنَ مِن دَعْوَى بُطلانِهِ.

نقول: ووجهُ التليين - أو أن الله ألانَه له - أَنَّهُ ما قَالَ: لا تأتِ بشيْءٍ وسَأَسْجُنك ولو لم تأتِ؛ فقد عَرَضَ عليه أَنَّهُ يأتِي بشيْءٍ مُحْتَمَلٌ أنْ يأتيَ به، ولكن فِرْعَوْن لَانَ بعضَ الشَّيْءِ للأسْبابِ الَّتِي ذكرناها:

أولًا: أن الله سبحانه وتعالى ألانَه، والله عَلَى كل شيْء قديرٌ.

ثانيًا: الأسْباب الحِسّيّة لأجلِ ألّا يُقال: إن حُجَّته انقطعتْ، وإنّ الرَّجُل عرَض عليه خطّة رُشْد فأَبَاها.

ثالثًا: لأجلِ أنْ يكونَ إبطالُ ما يأتي بِهِ مُوسَى عَلَى يدِهِ حَتَّى يُبينَ، وأنه أراد أن يتحدّاه، وإنْ كَانَ هَذَا ما يَمْنَع أن يقول: لا تأتِ به؛ لِأَنَّهُ هُوَ قادرٌ عَلَى أن يقولَ: لا تأتِ بِهِ بدون أن يتحدّاه؛ لِأَنَّ تحديَه له فيه احتمالٌ أنْ يأتيَ به، وحينئذ تَنْقَطِع حُجَّة فِرْعَوْن.

ص: 83

يقول المُفسِّر رحمه الله: [{بِشَيْءٍ مُبِينٍ} بُرهان بيِّن عَلَى رِسالتي]، شيْء: فَسَّرَهُ المُفسِّرُ بِبُرْهانٍ، (مُبِينٍ): بِـ (بَيِّن)، إذنْ فهي من (أبان) اللازِمِ؛ لأننا نقول: أبانَ بمَعْنى أظهرَ مُتَعَدٍّ، وأبانَ بمَعْنى بانَ.

وقوله: [بيِّن عَلَى رِسالتي]، المُفسِّر قيَّدها بقولِهِ:(على رِسالتي) والأَوْلى أن يُقالَ: إنها أعمُّ مِن ذلكَ؛ عَلَى كلِّ ما قلتَ من الرِّسالَةِ، ومن وصفِ اللهِ تبارك وتعالى بأنه {رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، و {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ، و {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} ، و {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} ، ولكن كَلام المُفسِّر لا يأباهُ إذا قلنا: إن المُرادَ بالرِّسالَةِ كلّ ما جاء بِهِ مُوسَى.

قال المُفسِّر رحمه الله: [{قَالَ} فِرْعَوْن له: {فَأْتِ بِهِ}]، أي: بهذا الشَّيْءِ المُبِين [{إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فيه].

والجُملةُ الشَّرطيَّة موصولةٌ فيما قبلها وليستْ منقطِعةً، يعني: إن كنتَ منَ الصادقينَ فأتِ به، وفي مثلِ هَذَا التركيبِ يقول بعضُ النَّحْويين: إنه لا حاجةَ إِلَى جَوابِ الشَّرطِ؛ لِدَلالةِ ما قبلَه عليه، وبعضهم يقول: إن جَوابَ الشَّرطِ محذوفٌ، ودلّ عليه ما قبلَه، ولا أعلمُ أن أحدًا قَالَ: إن جَوابَ الشَّرطِ ما سبقَ؛ وذلك لِأَنَّ جَوابَ الشَّرطِ لا يَتَقَدَّم عَلَى العاملِ، ولكن الصَّحيح الأَوَّل: أنَّ التركيبَ فِي مثلِ هَذَا لا يحتاجُ إِلَى جَوابٍ، والفرقُ بينَ هَذَا وبينَ الَّذِي بعدَه أن الَّذِي بعده يقول: يجبُ أنْ يقدَّر الجَواب، ولكنه حُذِف للعلمِ به، ونحن نقول: إنَّ ما عُلِم فلا يحتاجُ إِلَى جَوابٍ إطلاقًا، فهذا هُوَ الصَّحيحُ، ومثلُ هَذَا يقعُ أيضًا فِي القَسَمِ.

وقوله: {فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ، ذَكَرْنا أنَّ هَذَا الخُضُوعَ من فِرْعَوْن يَتَضَمَّنُ ثلاثةَ أمورٍ، ومنها أن الله ألانَ قلبَه، فقد تَحَدَّاه بقولِهِ: {فَأْتِ بِهِ إِنْ

ص: 84

كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، مع أَنَّهُ فِي الحَقِيقَةِ هَذَا التحدي لولا أنَّ الله ألانَه لكانَ ما تَحَدَّاه به؛ إذ مِنَ الجائزِ أن يقولَ له: لا تأتِ به، ومنَ الجائزِ بعدَ أنْ تَحَدَّاهُ أنْ يأتيَ بِهِ مُوسَى، فيكون كذلك حُجَّة عَلَى فِرْعَوْنَ.

فأتى بالآيتينِ العظيمتينِ، وهما آيةُ العصا، وآية اليَدِ، وقابَلَهُما فِرْعَوْن بمثلِ ما قابلَ بِهِ أوَّلًا، وَهُوَ التمويهُ، وادّعاءُ السِّحْر، وأنه ساحرٌ عَليمٌ جيِّدٌ فِي سِحْرِهِ. ثم قَالَ:{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الشعراء: 35]، ما قَالَ: أنْ يُخْرِجَنِي مثلًا، أو أنْ يُخْرِجَنا؛ تَرَفُّعًا وتعظُّمًا أن يبدوَ أمامَ مُوسَى بِمَظْهَرِ الضعفِ الَّذِي يهدِّد، ولكنه خاطبَ بِهِ قومَه.

ثم قَالَ: {مِنْ أَرْضِكُمْ} ؛ تهييجًا لهم؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لا شكّ أَنَّهُ لا يمكّن أحدًا لِيُخْرِجَهُ مِن أرضِهِ، ولهذا قَالَ:{يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} ولم يقلْ: من أرضِ مِصْرَ، ولا: منَ الأرضِ؛ تهييجًا لهم عَلَى مقابلةِ مُوسَى بما يقابلونه به، ولأجلِ أن يَكْرَهوا مُوسَى عليه الصلاة والسلام ويَرَوْا أَنَّهُ عدوٌّ مُسْتَعْمِرٌ.

وقوله: {بِسِحْرِهِ} الباء للسببيَّة، أي: بسببِ سِحره، وفِرْعَوْن هنا قَالَ:{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} ، والمَلَأُ ما قالوا:(بِسِحْرِه)، أما هُوَ فقال:(بِسِحْرِهِ)؛ لأجل أن يُشَدَّهُمْ إلَى طلبِ السَّحَرَة الَّذين يقابلون فِرْعَوْن، قال فِي سُورَة الأعراف:{قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الأعراف: 109 - 110] ولم يقل: (بسحره)، والفرق أن فِرْعَوْن أراد أن يشدّهم، وأن يُغريَهم بما يقابلون بِهِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام.

وقوله: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} لَيْسَ المُراد بالأمرِ هنا هُوَ طلب الفعلِ عَلَى وجهِ الإستعلاءِ؛ لِأَنَّ فِرْعَوْن لنْ يَخْضَعَ لقومِهِ حَتَّى يطلبَ منهم أمرًا، ولكن المُراد بالأمرِ

ص: 85

المَشُورَة، يعني: فبماذا تشيرونَ عليّ؟ وسُمي المُشيرُ آمِرًا لِأَنَّهُ مُوجِّه؛ فإنَّ مَنِ استشاره لا شك أَنَّهُ يطلبُ توجيهه، فتكون مشورتُهُ بالأمرِ أمرًا به.

والإشارة هنا لمصلحتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذا استشارهم فَإِنَّهُ يريد أن يَخْتَبِرَهُمْ ماذا يكون عندهم، ويريد أيضًا أن لهم وزنًا لأجلِ أن يَتَشَجَّعوا عَلَى هَذَا الأمر.

فائدة: قال تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32]، وقال:{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل: 12]؛ لِأَنَّهُ - والله أعلم - أن الجيبَ فِي مقدِّمة الجسم، ويمكن لو أَنَّهُ ألقاها خَلْفَ ظَهْرِهِ ثم أَخرجها أن يقول قائل: إنه عمِل فيها عملًا لم نشاهدْه، لكن هَذَا أمامهم وظهرَ.

وكنت أتصوَّر بالأوَّل أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي العادةِ أنّ اليدَ إذا أُدخلتْ وتغيبتْ عن الشَّمْسِ والهواء ابيضتْ، فالظَّاهر أن الجِلْد كلَّه المسْتُور من الْإِنْسَان أبيض، والبارز للشَّمْس والهواء أسمر، ولكن أنْ يتغيَّر بهذه السُّرعةِ فهذا خلافُ العادةِ، ففي العادةِ لا يتغيَّر إلا بعدَ مدَّة طويلةٍ، وهذه السُّرعة تدلُّ عَلَى أَنَّهَا ليستْ أمرًا عاديًّا، بل هُوَ أمرٌ خلافُ العادةِ، وهذه من آياتِ اللهِ.

* * *

ص: 86