الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيتان (73، 74)
* * *
* قالَ اللهُ عز وجل: {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 73 - 74].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ} إن عبدتموهم {أَوْ يَضُرُّونَ} كُمْ إن لم تعبدوهم]، أي: أو يضرونكم إن لم تعبدوهم؟ والجَواب: لا.
هم أقروا: {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} يعني أنَّها لا تَسْمَعُ ولا تَنْفَع ولا تضرُّ، وإنَّما فعلنا ذلك تَقليدًا فقطْ مَحْضًا لآبائنا.
وقوله: {أَوْ يَضُرُّونَ} قدَّرَ المُفسِّرُ المفعولَ بقولِهِ: (يَضُرُّونكم) وحينَئذٍ نسألُ: ما الحكمةُ فِي حذفِ المفعولِ؟
الحكمة هِيَ بالنِّسبةِ لآخر الآيةِ لفظيَّة، وهي مراعاةُ الفواصلِ، وبالنِّسبةِ للعُمومِ معنويَّة؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي يَعْبُدُ الشيْءَ لا يريدُ أن يضرَّه، بل يريد أن يَنْفَعَهُ، ولهذا قَالَ:{أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ} ، أما أَنَّهُ يريد أن يضرَّه فلا، نعم يريدُ أن يضرَّ غيرَه، فقد يعبد هَذَا الشيْءَ لِيَدْعُوَهُ أن يضرَّ عدوَّه، فالحذف هنا للعُمومِ، يصير إما: أو يضرونكم إنْ لم تَعْبُدُوهُمْ، أو: أو يضرون عدوَّكم إذا عَبَدْتُمُوهُم.
وجَوابُ هَؤُلَاءِ: {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} معناه أَنَّهُم أَنْكَروا أنْ
تَسْمَعَهُم هَذِهِ الأصنامُ، أو تنفعهم، أو تَضُرَّهم، ولكنهم وَجَدوا آباءَهُمْ كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ، يعني: يفعلون كذلك، يَعْبُدُونَ هَذِهِ الأصنام.
والكافُ اسمٌ بمَعْنى (مثل)، و (ذا) اسمُ إشارةٍ تعودُ إِلَى الفعلِ، يعني: مثل ذلك الفعل يَفْعَلُونَ. ومحلُّ الكافِ بقولِهِ: {كَذَلِكَ} النصبُ عَلَى أَنَّهَا مفعولٌ مُطْلَقٌ، أي: يفعلون مثلَ فِعْلِنا، وليتَ أنَّ المُفسِّرَ جَعَلَ [أي مثل فعلنا]، قبل {يَفْعَلُونَ} ؛ لِأَنَّ تأخيرَه عن الفعلِ يُوهِم أَنَّهُ يريدُ أنْ يكونَ مفعولُ الفعلِ مَحْذُوفًا، أي: مثل فعلنا، والصوابُ أَنَّهُ موْجودٌ، وَهُوَ قوله:{كَذَلِكَ} ، فيَحْسُن بِهِ أنْ يُقَدِّمَ [مِثل فعلنا]، عَلَى قوله:{يَفْعَلُونَ} : {كَذَلِكَ} أي: مثل فعلنا {يَفْعَلُونَ} . ولصار ما لهم حُجَّة إلا التقليد الأعمى فقطْ، أَنَّهُم وجدوا آباءهم عَلَى هَذِهِ المِلَّة فسَلَكُوها.
* * *