المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (102) * * *   * قالَ اللهُ عز وجل {فَلَوْ أَنَّ - تفسير العثيمين: الشعراء

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌ومن فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآيتان (10، 11)

- ‌فوائد الآيتينِ الكريمتينِ:

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (16)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآيتان (23، 24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيات (30 - 35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآيتان (39، 40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌ومن فوائد الآيةِ:

- ‌الآية (45)

- ‌الآيات (46 - 48)

- ‌فوائد الآيَات الكريمة:

- ‌الآيتان (49، 50)

- ‌الآية (51)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآيتان (57، 58)

- ‌فوائد الآيتين الكريمتينِ:

- ‌الآية (59)

- ‌الآية (60)

- ‌الآيتان (61، 62)

- ‌فوائدُ الآيتينِ الكريمتينِ:

- ‌الآية (63)

- ‌فَوَائِد الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآيات (64 - 66)

- ‌الآية (67)

- ‌الآية (68)

- ‌الآيتان (69، 70)

- ‌الآية (71)

- ‌الآية (72)

- ‌الآيتان (73، 74)

- ‌الآيات (75 - 86)

- ‌الآية (87)

- ‌فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌الآيتان (88، 89)

- ‌فوائِدُ الآيتَينِ الكريمتين:

- ‌الآيات (90 - 93)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمةِ:

- ‌الآيتان (94، 95)

- ‌فوائدُ الآيتينِ الكريمتينِ:

- ‌الآيات (96 - 98)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمةِ:

- ‌الآية (99)

- ‌الآية (100)

- ‌فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (101)

- ‌الآية (102)

- ‌الآيتان (103، 104)

- ‌الآية (105)

- ‌فوائدُ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآيات (106 - 110)

- ‌الآيات (111 - 115)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمة:

- ‌الآيات (116 - 118)

- ‌الآيات (119 - 122)

- ‌فوائدُ الآيَات الكريمة:

- ‌فوائد الآيَات الكريمة:

- ‌الآيتان (129، 130)

- ‌الآيات (131 - 134)

- ‌فوائد الآيَات الكريمة:

- ‌الآيات (135 - 138)

- ‌فوائدُ الآيَاتِ الكريمةِ:

- ‌الآيتان (139، 140)

- ‌الآيات (141 - 145)

- ‌الآيات (146 - 152)

- ‌الآيتان (153، 154)

- ‌الآيات (155، 159)

- ‌من فوائد ذِكر قومِ صالحٍ:

- ‌الآيات (160 - 164)

- ‌الآيتان (165، 166)

- ‌الآيات (167 - 175)

- ‌ويُستفاد من قِصَّة لُوطٍ عليه السلام مع قومه:

- ‌الآيات (176 - 180)

- ‌الآيات (181 - 184)

- ‌الآيات (185 - 191)

- ‌ويُستفاد من قِصَّة شُعيب عليه السلام:

- ‌الآيات (192 - 196)

- ‌الآيات (197 - 204)

- ‌الآيتان (208، 209)

- ‌فوائد الآيتين الكريمتينِ:

- ‌الآيات (210 - 212)

- ‌الآية (213)

- ‌الآيات (214 - 216)

- ‌الآيات (217 - 220)

- ‌الآيات (221 - 222)

- ‌الآيات (224 - 226)

- ‌الآية (227)

الفصل: ‌ ‌الآية (102) * * *   * قالَ اللهُ عز وجل {فَلَوْ أَنَّ

‌الآية (102)

* * *

* قالَ اللهُ عز وجل {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 102].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} رَجْعَة إِلَى الدُّنيا {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (لو) هنا للتمنِّي، و (نكون) جَوَابُه]، يعني: ليتَ لنا كَرَّة، أي رَجْعَة إِلَى الدنيا، (فَنَكُونَ) الفاء للسببيَّة، و (نكون) مَنْصُوبةً بأنْ مُضْمَرَةً بعدَ فاءِ السَّبَبيَّة بتقدُّمِ التمنِّي، ولهذا يقول:[(لو) هنا للتمنِّي و (نكون) جَوابه].

قال: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} يعني: ليتَ أنَّ لنا كَرَّة {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يقولوا: (ليتَ)؛ لِأَنَّ المَقامَ مَقَامُ تَذَلُّلٍ وخُضُوعٍ، و (لو) للتمنِّي أقلّ مِن (ليت)؛ لِأَنَّ (ليتَ) صَريحةُ الطَّلَب، و (لو) فيها نوعٌ منَ اللِّين والعرْض، مثلما تقول للإِنْسانِ الَّذِي تَتَمَنَّى أنْ يَزُورَكَ:(لو أنَّك تَزُورنا)؛ فإن (لو) هَذِهِ للتمنِّي بلا شكّ، لكنها تَمَنٍّ بلِينٍ وعَرْض ولُطفٍ، والمَقامُ هنا يَقتضيه؛ لِأَنَّهُم فِي مَقامِ ذُلٍّ - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - وخُضُوع، فلم يَقُولوا: لَيْتَنا نَرْجِع، ولكنهم يقولون:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} .

عَلَى أَنَّهُ فِي سُورةِ الأنعام يقولون: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27]، فيُقال: الجمعُ بينهما أن لهم حالاتٍ، فأحيانًا يقولون بهذا وأحيانًا يقولون بهذا، لكن أيُّهنُّ أوَّل؟ ليت أم لو؟

ص: 175

الظَّاهر (ليت) هِيَ الأُولى، يعني: كأنه يكونُ بالأوَّل بِعَزْمٍ عَلَى التمنِّي، ثم إذا لم يَحْصُلْ لهم رَجَعُوا إِلَى الخُضُوعِ والخُنُوعِ والعَرْض.

ولو أَنَّهُم رُدُّوا هل يَرجعون؟

يقول الله تعالى فِي سُورَة الأنعام: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]، هَذَا الخبرُ الصادقُ، يعني: لَيْسَ قولهم: إننا إذا رجعنا نكون من المؤمنين، فهذا خبرٌ كاذبٌ، والخبرُ الصادقُ:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فِي قولهم: {نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27].

فَإِنْ قِيلَ: فِي نَفْسِ المَقامِ يَسْتَشْعِرُونَ أَنَّهُم كاذبونَ أم فِي عِلم اللهِ أَنَّهُم لو رُدُّوا لعادوا لما نُهوا عنه؟

فالجَواب: الظَّاهرُ أَنَّهُ فِي عِلم اللهِ، فيمكِن أَنَّهُم حِينما يقولونه فِي تلك الساعة يقولونه صِدقًا، ولكن الله أخبر بأنَّهم إذا رَجَعوا فسيعودون إِلَى الكفرِ.

قال: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أى: من المصدِّقين المُقِرِّينَ المُلْتَزِمِينَ بالعملِ؛ لِأَنَّ الإيمانَ وَحْدَهُ لا يَنفَعُ، فإذا لم يَسْتَلْزِمِ العملَ فليسَ بإيمانٍ، ولهذا نقول: إن الكفّار الَّذين أتتهم آيات الله كان بها مؤمنين {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14]، ولكن لكونهم لا يَنقادون لم يَنْتَفِعوا بإيمانهم، فإبليسُ بمَعْنى التصديقِ مؤمنٌ، لكنه مستكبِر، فلم يَنْفَعْهُ إيمانه.

وأذكر أَنَّهُ حينما صَعِدَ أوَّلُ رَجُلٍ إِلَى الفضاءِ مِنَ الرُّوس وشاهَدَ الكونَ أعلنَ أن هَذَا الكونَ له مدبِّر، فجاء أصحابُه الروس وقالوا: ما تقول؟ !

ص: 176

فإذا لم يَنْقَدِ الإِنْسانُ فليسَ بمؤمنٍ، ولهذا نقولُ: إنَّ الإيمانَ هو التصديقُ المستلزِمُ لِلْقَبُولِ وللإنقيادِ: قَبُول الخَبَرِ والإنقياد للأَمْرِ والنَّهْيِ، هذا هو الإيمانُ. وأمَّا مُجَرَّد أنَّ الإِنْسانَ يقول: أنا مُؤْمِن بالله، وأنا أَعْتَرِف بأنَّ اللهَ موْجودٌ، وأن له رُسُلًا، لكنَّه لا يَعْمَل، فلا يَنْفَعُهُ هذا الإيمانُ.

فالإيمان الَّذي يَنْفَعُ هو ما ذكرتُ، وقد يُطْلَقُ الإيمانُ لغةً على مجرَّد التصديقِ، ويُقال: هذا مؤمنٌ بشيْءٍ، لكنَّه كافرٌ بأشياءَ، فهذا ليسَ الإيمانَ الشرعيَّ.

وكلُّ مَن كَانَ مُسْتَكْبِرًا فهو أشدُّ؛ لأنَّ الَّذي يَتَبَيَّن له الحقُّ ويَسْتَكْبِر عنه، يكون كُفْرُه كفرَ عِنادٍ، والذي لا يَعْرِف الحقَّ وهو الآن يَعْمَل بعملِ أهلِ الكُفْرِ، هذا كُفْرُه كُفْرُ جَهْلٍ.

فالنَّصارَى في عهدِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام قبلَ بَعْثَتِهِ يُعْتَبَرُونَ ضالِّينَ، وبعد أنْ بُعِثَ وتَبَيَّنَ لهمُ الحقُّ يكونونَ مَغْضُوبًا عليهم؛ إذ لا فرقَ بينهم وبينَ الْيَهُودِ، فكلٌّ مِنهم بُشِّر بمُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، واللهُ تَعالَى يقولُ في وَصْفِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام:{الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157]، معروفٌ، وكُفْرُهم على حدٍّ سواءٍ، ولهذا لا يَصْلُحُ أنْ نقولَ:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: 82]، فهذه لا تَنْطَبِق على زَماننا هذا، ولا على ما قبله بأزمنةٍ؛ لأنَّ اللهَ بَيَّنَ هذه العِلَّة {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 82 - 83]، الآن منهم قِسِّيسُونَ ورُهبان مُسْتَكْبِرون عنِ الحقِّ، داعونَ إلى الضَّلال - والعياذُ باللهِ - فلا يُمْكِن

ص: 177

أن يَنْطَبِقَ عليهم هذا الوصفُ، وعداوتُهُمُ الآنَ لِلمسلمينَ والَّذينَ آمنوا أيضًا، خاصَّةً للذين آمنوا لا للمسلمينَ فقطْ، ظاهِرَةٌ، وهم لا يَنْسَوْنَ أبدًا غَزَوَاتِ المسلمينَ لهم في عُقْرِ دارهم، ولا يَنْسَوْنَ أبدًا الحروبَ الصليبيَّة، ولا يَنسونَ الإفتتاحَ العظيمَ الَّذي حَصَلَ في دارهم؛ فإنَّ بلاد الرُّوم كلّها أُخِذَتْ، والروم كُلّهم نَصَارَى، فأخذت على أيدي المسلمينَ.

وفي الآية الكريمة دَليلٌ على النَّدَمِ البالغِ الَّذي يُصيبُ هؤُلاءِ في ذلكَ اليومِ، وتَمَنِّيهم لو أَنَّهم رَجَعُوا إلى الدُّنيا؛ لقوله تعالى:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وهذا التمنِّي ليسَ بصَحِيحٍ؛ فإِنَّهم لو رَجَعُوا لما كَانوا مُؤمِنينَ؛ والدَّليل قوله تعالى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28].

* * *

ص: 178