الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر
أحاديث الأسماء المبدوءة بحرف الصاد
{الصمد}
المعنى في اللغة:
الصَّمْد: القصد، صَمَده: قصده واعتمده، ويقال: فلان مُصَمَّد وصمد: إذا كان سيداً يقصد إليه في الأمور.
والَصَّمْد: الصلابة في الشيء (1).
والصَّمَد: الرفيع من كل شيء، ومنه الصمد وهو المكان الغليظ المرتفع من الأرض لايبلغ أن يكون جبلاً (2).
المعنى في الشرع:
جاء في معنى الصمد عدة أقوال: منها أنه ليس بأجوف ولايأكل ولايشرب، وقيل: الذي لم يخرج منه شيء، وقيل معناه: الذي لم يلد ولم يولد، وهو الباقي بعد خلقه أي الدائم، وقيل: السيد الذي انتهى سؤدده. وقال ابن عباس: " هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله سبحانه هذه صفته لاتنبغي إلا له"(3). والله الصمد لأنه يصمد إليه عباده بالدعاء والطلب.
والصمد: السيد المطاع الذي لايقضى دونه أمر، وقيل: الصمد الذي صَمَد إليه كل شيء أي: الذي خلق الأشياء كلها لايستغني عنه شيء فهو السيد المصمود إليه في الحوائج والنوازل (4).
وهذه المعاني هي صفات ربنا عز وجل (5) فالصمد من الأسماء التي تجمع أوصافاً عديدة لاتختص بصفة معينة وقد اجتمعت فيه صفات السؤدد (6).
وفسر الصمد أيضاً بأنه: المقصود إليه في الرغائب، المستغاث به عند المصائب، وهو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد، وهو الذي لاعيب فيه، وهو الذي لايوصف بصفته أحد، وقيل: غير ذلك (7). والله سبحانه هو المستحق لأن يكون صمداً دون ما سواه؛ فإنه المستوجب لغايته على الكمال، والمخلوق وإن كان صمداً من بعض الوجوه فإن حقيقة الصمدية منتفية عنه، فإنه يقبل التفرق والتجزئة، وهو محتاج إلى غيره فليس أحد يصمد إليه كل شيء ولايصمد هو إلى شيء إلا الله تبارك وتعالى وكل مخلوق ينفصل بعضه عن بعض ويتقسم والله سبحانه هو الصمد الذي لايجوز عليه شيء من ذلك، فحقيقة الصمدية وكمالها له وحده واجبة لازمة لايمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه (8)، وهو سبحانه الذي يفتقر إليه كل شيء،
(1) معجم مقاييس اللغة (صمد)(3/ 309، 310).
(2)
اللسان (صمد)(4/ 2495، 2496).
(3)
تفسير ابن جرير (30/ 222 - 224)، العظمة (1/ 378، 379، 383 - 385)، النهاية (صمد)(3/ 52) التوحيد
…
لابن
…
منده (2/ 62).
(4)
انظر: شأن الدعاء (85)، تفسير أسماء الله للزجاج (58)، الأسماء والصفات (1/ 155 - 160).
(5)
ذكره ابن كثير من قول الطبراني في كتاب (السنة) انظر: تفسير ابن كثير (8/ 547، 548).
(6)
انظر: بدائع الفوائد (1/ 160)، صحيح البخاري: كتاب التفسير باب قوله تعالى: {الله الصمد} (الفتح 8/ 739).
(7)
انظر: تفسير سورة الاخلاص لابن تيمية (35 - 60).
(8)
انظر: مجموع الفتاوى (17/ 238 - 241).
ويستغني عن كل شيء، والأشياء مفتقرة إليه من جهة ربوبيته ومن جهة إلهيته فما لا يكون به لايكون وما لايكون له لايصلح ولاينفع ولا يدوم (1).
قال ابن القيم (2):
وهو الإله السيد الصمد الذي
…
صمدت إليه الخلق بالإذعان
الكامل الأوصاف من كل الوجـ
…
وه كماله ما فيه من نقصان
وروده في القرآن:
ورد في آية واحدة في قوله تعالى:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} [الإخلاص: 1، 2].
(1) انظر: شرح حديث النزول لابن تيمية (383).
(2)
النونية (2/ 231، 232).
161 -
(68) حديث أبي سعيد رضي الله عنه:
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: {أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يارسول الله؟ فقال: الله الواحد الصمد ثلث القرآن} رواه البخاري، وفي رواية: أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ {قل هو الله أحد} يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ـ وكأن الرجل يتقا لها ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن} رواه البخاري وأبو داود والنسائي.
162 -
(69) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {أقرأ عليكم ثلث القرآن، فقرأ: قل هو الله أحد الله الصمد} حتى ختمها. رواه مسلم، والترمذي مطولاً.
163 -
حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه:
وفيه: {الله أحد الواحد الصمد تعدل ثلث القرآن} رواه ابن ماجه.
التخريج:
خ: كتاب فضائل القرآن: باب فضل قل هو الله أحد (6/ 233)(الفتح 9/ 59)
كتاب الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم (8/ 163، 164)(الفتح 11/ 525)
كتاب التوحيد: باب ماجاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى (9/ 140)(الفتح 13/ 347)، وذكر هنا بعد الحديث رواية من طريق أبي سعيد الخدري عن قتادة بن النعمان.
م: كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب فضل قراءة {قل هو الله أحد} (6/ 95).
د: كتاب الصلاة ـ تفريع أبواب الوتر ـ: باب في سورة الصمد (2/ 73).
ت: كتاب فضائل القرآن: باب ما جاء في سورة الإخلاص (5/ 168، 169) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
س: كتاب الافتتاح: الفضل في قراءة قل هو الله أحد (2/ 171).
جه: كتاب الأدب: باب ثواب القرآن (2/ 1245)، وفي (الزوائد/487): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وانظر:(مصباح الزجاجة 4/ 126).
شرح غريبه:
يتقالُّها: يعتقد أنها قليلة، أو استقلها تفاعل من القلة (النهاية 4/ 104)(الفتح 9/ 60).
الفوائد:
(1)
فيه إثبات فضل قل هو الله أحد.
(2)
إلقاء العالم المسائل على أصحابه (الفتح 9/ 61).
(3)
فيه دلالة ظاهرة على تفاضل كلام الله تعالى وصفاته، وهو المأثور عن السلف وعليه أئمة الفقهاء وغيرهم، ونصوص الكتاب والسنة تؤيد ذلك (تفسير سورة الإخلاص لابن تيمية/31).
(4)
اختلف في معنى كونها تعدل ثلث القرآن على أقوال:
وأشهر الأقوال: أن القرآن باعتبار معانيه ثلاثة أثلاث: ثلث توحيد، وثلث قصص، وثلث أمر ونهي. وسورة الاخلاص هي صفة الرحمن وهي متضمنة ثلث القرآن (تفسير سورة الإخلاص/ 30)(الفتح 9/ 61)(العمدة 11/ 246، 20/ 33)(العون 4/ 335).
وقد صنف شيخ الإسلام رسالة خاصة في هذا الموضوع سماها: (جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن).