الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{منزل الكتاب ومجري السحاب، وهازم الأحزاب}
248 -
(112) ثبت فيه حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال: {أيها الناس لاتتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف} ، ثم قال:{اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم}
وفي لفظ أنه دعا على الأحزاب: {اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم} وفي لفظ {اللهم اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم} . روه البخاري وسلم باللفظين مع زيادة: {اللهم} قبل {اهزم} وأبدلها في لفظ {هازم} وزاد في لفظ {مجري السحاب} . واقتصر أبوداود على الأول والترمذي وابن ماجه على الثالث بدون قوله: {اهزمهم} .
التخريج:
خ: كتاب الجهاد: باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (4/ 53)، (الفتح 6/ 106)
باب كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار آخرّ القتال حتى تزول الشمس (4/ 62)، (الفتح 6/ 120)
باب لا تمنوا لقاء العدو (4/ 77)، (الفتح 6/ 156)
في اليونينيه ألحق باقي الحديث بالحاشية، وفي النسخة التي طبعت مع الفتح جاء فيها الحديث تاماً أما العمدة (14/ 273) ففيه أول الحديث فحسب.
كتاب المغازي: غزوة الخندق (5/ 142)(الفتح 7/ 406)
كتاب الدعوات: باب الدعاء على المشركين (8/ 104)(الفتح 11/ 193)
كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون} (9/ 174)(الفتح 13/ 462)
وأخرج طرفاً منه في كتاب الجهاد: باب الجنة تحت بارقة السيوف (4/ 26، 27)(الفتح 6/ 33).
م: كتاب الجهاد والسيّر: باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء
ثم باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو (12/ 46، 47).
د: كتاب الجهاد: باب في كراهية تمني لقاء العدو (3/ 42، 43)
ت: كتاب فضائل الجهاد ـ في نسخة (العارضة 7/ 176) تحت أبواب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا في نسخة تحفة الأحوذي (5/ 325)، وانظر:(تحفة الأشراف 4/ 278)
باب ما جاء في الدعاء عند القتال (4/ 195) وقال: حسن صحيح.
جه: كتاب الجهاد: باب القتال في سبيل الله سبحانه وتعالى (2/ 935).
شرح غريبه:
العافية: أن تسلم من الأسقام والبلايا (النهاية/ عفا/3/ 265) وهو لفظ عام يتناول دفع جميع المكروهات في البدن الظاهرة والباطنه في الدين والدنيا والآخرة (شرح النووي 12/ 46).
ظلال السيوف: الظل الفئ الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أي شيئ كان، وهو هنا كناية عن الدنو من الضراب في الجهاد حتى يعلوه السيف، ويصير ظله عليه (النهاية/ظلل/3/ 159). فيكون هنا سيوف الأقران، وقيل: المراد سيوف المجاهدين فهو كناية عن حصول ثواب الجهاد بالمشي والحركة فيه (شرح الأبي 5/ 55)، وقيل: هو الدنو من القِرْن حتى يعلوه ظل سيفه لا يولي عنه ولايفر منه (شرح سنن أبي داود 3/ 430، 431).
سريع الحساب: إما أنه سريع الحساب قريب زمانه ومجيء وقته، أو أنه سريع في الحساب (الكرماني 22/ 176)(16/ 37، 12/ 182) قال تعالى: {والله سريع الحساب} [البقرة: 202] والله محيط بأعمال عباده محص لهم بأسرع الحساب، ثم إنه مجازٍ كلا الفريقين على عمله ووصف نفسه بسرعة الحساب؛ لأنه جل ذكره يحصي ما يحصي من أعمال عباده بغير عقد أصابع ولا فكر ولا روية كفعل العجزة الضعفة من الخلق ولكنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما، ثم هو مُجازٍ عباده على كل ذلك، ولذا مدح عز وجل نفسه بسرعة الحساب، وأخبر خلقه أنه ليس لهم بمثل فيحتاج في حسابه إلى عقد كف أو وعي صدر (تفسير ابن جرير 4/ 207، 208)، (11/ 413).
هازم الأحزاب: أصناف الكفار السابقة من قوم نوح وثمود وعاد وغيرهم (العون 7/ 295) وإذا كان بعد غزوة الأحزاب فالمراد الأحزاب التي اجتمعت على المدينة في تلك الغزوة (البذل 12/ 143).
وزلزلهم: الزلزلة الحركة العظيمة والإزعاج الشديد منه زلزلة الأرض وهو هنا بمعنى اجعل أمرهم مضطرباً متقلقلاً غير ثابت (النهاية/ زلزل/2/ 308) ومعناها الدعاء عليهم إذا انهزموا أن لايستقر لهم قرار أو أراد أن تطيش عقولهم، وترعد أقدامهم عند اللقاء فلا يثبتوا (الفتح 6/ 106).
الفوائد:
(1)
استحباب الدعاء عند لقاء العدو والاستنصار (النووي 12/ 47).
(2)
سؤال الله تعالى بصفاته الحسنى وبنعمه السالفة حيث سأله بأنه منزل الكتاب وفيه قوله تعالى:
{قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم} [التوبة: 14]، وبأنه سبحانه مجري السحاب حيث تتحرك الريح بمشيئته تعالى ويستمر السحاب في مكانه مع هبوب الريح، وهي تمطر تارة وأخرى لا تمطر، وبأنه سبحانه هازم الأحزاب ففيه توسل بالنعمة السابقة، وفيه تجريد التوكل، واعتقاد أن الله هو المتفرد سبحانه بالفعل.
(3)
في الحديث التنبيه على عظم هذه النعم الثلاث فإنه بإنزال الكتاب حصلت النعمة الأخروية وهي الإسلام، وبإجراء السحاب حصلت النعمة الدنيوية وهي الرزق، وبهزيمة الأحزاب حصل حفظ النعمتين وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول كما أنعمت بعظم النعمتين الأخروية والدنيوية وحفظهما فأبقهما (الفتح 6/ 157).
(4)
النهي عن تمني لقاء العدو؛ لما فيه من الإعجاب، والاتكال على النفس والوثوق بالقوة، ولأنه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو، واحتقاره وهذا يخالف الاحتياط والحزم، وقد يكون النهي عن ذلك إذا شك في المصلحة فيه وحصول ضرر وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة، وصحح النووي الأول بدليل قوله
صلى الله عليه وسلم: {واسألوا الله العافيه} (شرح النووي 12/ 45، 46)(شرح الكرماني 13/ 32).
وقد يشكل أنه إذا كان الجهاد طاعة فتمني الطاعات حسن فكيف ينهى عنه؟ قيل: قد يكون المراد بهذا أن التمني ربما أثار فتنة أو أدخل مضرة إذا تُسهل في ذلك واستخف به، ومن استخف بعدوه فقد أضاع الحزم فيكون المراد بهذا ألا تستهينوا بالعدو، فتتركوا الحذر والتحفظ على أنفسكم وعلى المسلمين، أو لا تتمنوا لقاءه على حالة يشك في غلبته لكم، أو يخاف منه أن يستبيح الحريم، أو
…
يُذهب الأنفس والأموال، أو يدرك منه ضرر (المعلم 3/ 11). وقيل لما كان لقاء الموت من أشق الأشياء على النفس وكانت العافية ليست كالمحققة لم يؤمن أن يكون عند الوقوع كما ينبغي؛ فيكره التمني لذلك ولما فيه لو وقع من احتمال أن يخالف الإنسان ما وعد من نفسه، ثم أمر بالصبر عند وقوع الحقيقة (الفتح 6/ 157).
(5)
أن هذا السجع اتفق اتفاقاً وليس من السجع المنهي عنه (شرح الكرماني 12/ 182) وسجعه
صلى الله عليه وسلم في الدعاء في غاية الانسجام المشعر بأنه وقع من غير قصد (الفتح 7/ 407).
(6)
هذا الحديث من أدلة العلو لقوله: {منزل الكتاب} ولذا أدخله البخاري في التوحيد وهو دليل على أن القرآن غير مخلوق فإنه تعالى أنزله منه فهو قوله ووصفه فلو كان مخلوقاً ما احتاج إلى إنزال بل يخلقه في أي مكان (شرح التوحيد 2/ 345).
(7)
الجهاد سبب موصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله على أن يكون ذلك بصدق (شرح النووي 12/ 46).