الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الغني}
المعنى في اللغة:
الغنى: الكفاية، يقال: غني يغنى غنى وغناء: أي كفاية (1).
والغني: هو الذي ليس بمحتاج إلى غيره، وليس في العالم أحد غنياً في الحقيقة لأن بكل منهم حاجة إلى غيره سواء أكان ذا يسار أم معدماً لابد له من الحاجة إلى غيره في معونة أو تصرف أو غير ذلك من أمور الدنيا، وجميع من في العالم محتاج بعضهم إلى بعض.
وليس الغنى بالمال فقط، بل الغنى غنى النفس، وقد يكون الرجل ذا مال مكثر لايتصرف فيه ولا يستغني به ويتصدى لمعروف من هو دونه في اليسار، فيصير هوالفقير وإن كان ذا مال.
المعنى في الشرع:
الغني: هوالذي لايحتاج إلى أحد في شيء فهو المستغني عن الخلق بقدرته قد استغنى عنهم وعن نصرتهم وتأييدهم لملكه فليست به حاجة إلى أحد، وكل أحد محتاج إليه، وهذا هو الغنى المطلق ولا يشارك الله تعالى فيه غيره، والله سبحانه هو الغني في الحقيقة عن جميع الأشياء فليس الغنى على الحقيقة لغير الله (2)، وقد أغنى عباده عمن سواه، وقد يكون معنى المغني هو الكافي من الغَناء
ـ بفتح المعجمة ـ أي الكفاية (3).
وهو سبحانه المتمكن من تنفيذ إراداته في مراداته (4).
وهو سبحانه الغني بذاته الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات؛ لكماله وكمال صفاته فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه ولا يمكن أن يكون إلا عنياً؛ لأن غناه من لوازم ذاته كما لا يكون إلا خالقاً قادراً رازقاً محسناً فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه، وبيده خزائن السموات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة، وجوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، ويده سحّاء الليل والنهار، وخيره على الخلق مدرار، ومن كمال غناه سبحانه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له كفواً أحد، وهو المغني جميع خلقه غنى عاماً فقد جبر مفاقر خلقه وساق إليهم أرزاقهم فأغناهم عما سواه، وأغنى خواص خلقه بما أفاض على قلوبهم من
المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية (5).
والله سبحانه هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه، وكونه غنياً ذاتي له، ثابت له لذاته لا لأمر أوجبه، والغنى المطلق من كل وجه ثابت له سبحانه، فيستحيل أن يكون الرب إلا غنياً، كما يستحيل أن يكون العبد إلا فقيراً (6).
قال ابن القيم (7):
(1) معجم مقاييس اللغة (غنى)(4/ 397، 398)، اللسان (غنا)(6/ 3308).
(2)
انظر: اشتقاق أسماء الله للزجاجي (117 - 125)، شأن الدعاء (92، 93)، النهاية (غنى)(3/ 390).
(3)
انظر: تفسير أسماء الله للزجا ج (63)، شأن الدعاء (93).
(4)
الاعتقاد للبيهقي (38).
(5)
انظر: الأسماء والصفات (1/ 216)، تيسير الكريم الرحمن (5/ 490، 491)، الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة
…
3/ 236)، توضيح الكافية الشافية (3/ 380).
(6)
انظر: طريق الهجرتين (7، 8).
(7)
النونية (2/ 218).
وهو الغني بذاته فغناه ذا
…
تي له كالجود والإحسان
وروده في القرآن:
ورد في ثمانية عشر موضعاً: اقترن بالحميد في عشرة منها، وبالكريم، والحليم مرة مرة، وجاء مفرداً في باقيها ومنها قوله تعالى:
{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران: 97].
{وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)} [التغابن: 6].
{وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد: 38].
ثبت فيه حديث أنس، وأبي هريرة، وورد حديث ابن عباس رضي الله عنهم:
174 -
(75) حديث أنس رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخاً يُهادى بين ابنيه فقال: {ما بال هذا؟ } قالوا: نذر أن يمشي. قال: {إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني} وأمره أن يركب. رواه البخاري، وفي لفظ بتقديم {لغني} ، ورواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
175 -
(76) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
نحو حديث أنس رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:{اركب أيها الشيخ؛ فإن الله غني عنك وعن نذرك} رواه مسلم وابن ماجه.
176 -
حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
في قصة امرأة نذرت أن تحج ماشية فقال صلى الله عليه وسلم: {إن الله لغني عن نذرها مرها فلتركب} رواه أبو داود. وفي لفظ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله إن أختي نذرت ـ يعني أن تحج ماشية ـ فقال صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئاً فلتحج راكبة، ولتكفر عن يمينها} رواه أبو داود والترمذي.
ورواه أبو داود من حديث عقبة بن عامر وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا يصنع بمشي أختك إلى البيت شيئاً} وعند البخاري ومسلم قال صلى الله عليه وسلم: {لتمش ولتركب} .
التخريج:
خ: كتاب جزاء الصيد: باب من نذر المشي إلى الكعبة (3/ 25)(الفتح 4/ 78).
كتاب الأيمان والنذور: باب النذر فيما لايملك وفي معصية (8/ 177)(الفتح 11/ 585).
م: كتاب النذر (11/ 102، 103).
د: كتاب الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية (3/ 231، 232) وفي بعض
…
الألفاظ من حديث ابن عباس أنها أخت عقبة بن عامر، وفي بعضها رجل وأخته على الإبهام.
ت: كتاب النذور والأيمان: باب ماجاء فيمن يحلف بالمشي ولايستطيع (4/ 111) وقال: حديث أنس حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. قال المباركفوري: حديث ابن عباس سكت عنه المنذري ورجاله رجال الصحيح (تحفة الأحوذي 9/ 138)
ثم باب رقم 16 (4/ 116) وفيه حديث عقبه بن عامر {نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة} ، وقال: حديث حسن.
س: كتاب الأيمان والنذور: ما الواجب على من أوجب على نفسه نذراً فعجز عنه؟ (7/ 30).
جه: كتاب الكفارات: باب من نذر أن يحج ماشياً (1/ 689).
شرح غريبه:
نذر: ما أوجبه الإنسان على نفسه تبرعاً من عبادة أو صدقة أو غير ذلك (النهاية/نذر/5/ 39)
يُهادَي: يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتمايله، من تهادت المرأة في مشيتها إذا تمايلت وكل من فعل ذلك بأحد فهو يهاديه (النهاية/هدا/5/ 255).
الفوائد:
(1)
أن من نذر أن يحج ماشياً إن عجز عن المشي فله الركوب، وفي وجوب الدم عليه خلاف، أما غير العاجز فله أن يمشي في وقت قدرته على المشي، ويركب إذا عجز أو لحقته مشقة ظاهرة وعليه دم (شرح النووي 11/ 102)، (العمدة 10/ 225).
(2)
استدل به على صحه النذر بإتيان البيت الحرام (الفتح 11/ 589).
177 -
ورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها:
قال أبو داود رحمه الله تعالى: حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي ثنا خالد بن نزار حدثني القاسم بن مبرور عن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنهما قالت: شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر، فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل، ثم قال:{إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبَّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم} ثم قال: {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين (1) لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين} ، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب ـ أو حَوّل ـ رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكِنّ، ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال:{أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله} .
التخريج:
د: كتاب الصلاة: باب رفع اليدين في الاستسقاء (1/ 302، 303)
ورواه الحاكم في (المستدرك 1/ 328)
وعنه البيهقي في (الكبرى 3/ 349)
ورواه الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 325)، وفي (شرح مشكل الآثار 14/ 5) مختصراً
والطبراني في (الدعاء 3/ 1769 - 1771، 1780) مقطعاً
أربعتهم من طريق هارون به، بألفاظ متقاربة.
ورواه ابن حبان في (صحيحه 3/ 271، 7/ 109، 110) من طريق خالد بن نزار به.
ووقع عند الحاكم، وابن حبان، والطبراني بلفظ {مالك يوم الدين} وكذا في (المشكاة 1/ 479)، و (جامع الأصول 6/ 205)، ووقع في شرح معاني الآثار، وشرح المشكل، وتلخيص الذهبي، وسنن البيهقي، و (موارد الظمآن /160){ملك يوم الدين} كما في سنن أبي داود.
(1) (اقتباس من [الفاتحة: 1 - 3].
وأضاف الشوكاني في (الّنَيْل 3/ 6) عزوه إلى أبي عوانة، ولم أجده في المطبوع حيث انتهى إلى باب الكسوف.
دراسة الإسناد:
(1)
هارون بن سعيد: بن الهيثم بن محمد الأَيْلي ـ بفتح الهمزة وسكون التحتانية ـ نسبة إلى أيلة مدينة على ساحل بحر القُلْزُم مما يلي الشام، وقيل هي آخر الحجاز وأول الشام، السَّعْدي ـ مولاهم ـ أبو جعفر نزيل مصر. قال أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي في موضع: لا بأس به، وفي موضع: ثقة، وقال مسلمة: كان مقدماً في الحديث فاضلاً، ووثقه ابن يونس وقال: علت سنّه ولزم بيته.
وقال ابن حجر: ثقة فاضل، من العاشرة، مات سنة 253 هـ، وله ثلاث وثمانون سنة (م د س جه).
ترجمته في:
الجرح والتعديل (9/ 91)، المعجم المشتمل (308)، الثقات لابن حبان (9/ 240)، معجم البلدان (1/ 292)، الأنساب (1/ 237، 238)، تهذيب الكمال (30/ 90 - 92)، الكاشف (2/ 329)، التهذيب (11/ 6، 7)، التقريب (568).
(2)
خالد بن نزار: الغساني: الأَيْلي ـ بفتح الهمزة وسكون التحتانية ـ نسبة إلى أيْلة. وثقه مسلمة، وذكره ابن حبان، وابن خلفون في الثقات، وقال ابن حبان: يغرب ويخطئ. وقال الذهبي: ثقة.
وقال ابن حجر: صدوق يخطئ، من التاسعة، مات سنة 222 هـ (د س).
ترجمته في:
الثقات لابن حبان (8/ 223، 224)، الأنساب (1/ 237، 238)، تهذيب الكمال (8/ 184، 185)، الكاشف (191)، التهذيب (3/ 123)، التقريب (191).
(3)
القاسم بن مبرور: الأَيْلي ـ بفتح الهمزة وسكون التحتانية ـ. قال مالك حين علم بموته: كنت أحسبه يكون خلفاً من الأوزاعي.
وقال ابن حجر: صدوق فقيه أثنى عليه مالك، من كبار السابعة، مات سنة 158 هـ أو 159 هـ
(د س).
ترجمته في:
الجرح والتعديل (7/ 121)، الثقات لابن حبان (9/ 17)، تهذيب الكمال (23/ 426)، الكاشف (2/ 130)، التهذيب (8/ 333)، التقريب (451).
(4)
يونس: هو يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأَيْلي ـ بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام ـ
أبو يزيد مولى آل أبي سفيان: وثقه ابن معين، والنسائي، والعجلي، وأحمد في رواية. وقال يعقوب بن شيبة: صالح الحديث، وقال أبو زرعة: لابأس به. وقال ابن خراش: صدوق.
أثنى كثير من العلماء على كتابه، وكان في حفظه شيء: قال ابن المبارك: كتابه صحيح، ومثله قال ابن مهدي وزاد: لم أكتب حديثه إلا عن ابن المبارك فإنه أخبرني أنه كتبها عنه من كتابه، وقال أبو زرعة: كان صاحب كتاب فإذا أخذ من حفظه لم يكن عنده شيء. وقال وكيع: كان سيء الحفظ. وذكره ابن رجب في الثقات الذين لهم كتاب صحيح، وفي حفظهم بعض شيء، فكانوا يحدثون من حفظهم أحياناً فيغلطون، ويحدثون أحياناً من كتابهم فيضبطون.
واختلف في روايته عن الزهري: فقد ذكره ابن المديني، وابن معين في جماعة هم أثبت الناس عن الزهري، وقيده ابن المديني بما كان من كتابه، وقال ابن المبارك: إني إذا نظرت في حديثه، وحديث معمر كأنهما خرجا من مشكاة واحدة، وما رأيت أحداً أروى للزهري من معمر إلا أن يونس أحفظ للمسند، وقدمه أحمد بن صالح على جميع من روى عن الزهري وقال: تتبعت أحاديثه عنه فوجدت الحديث الواحد ربما سمعه من الزهري مراراً، وكان الزهري إذا قدم أيلة نزل عليه، وإذا سار إلى المدينة زامله يونس، وقال يعقوب بن شيبة: عالم بحديث الزهري، ولذا ذكره الحازمي، وتبعه ابن رجب في الطبقة الأولى من أصحاب الزهري التي جمعت الحفظ، والإتقان، وطول الصحبة للزهري، والعلم بحديثه، والضبط له، وقد اتفق على تخريج حديثهم عن الزهري. واختلف فيه قول أحمد: فذكر في رواية: أنه أعلم الناس بحديث الزهري؛ لأنه كتب عنه كل شيء، وفي رواية: لم يكن يعرف الحديث، يكتب أول الكتاب الزهري عن سعيد وبعضه الزهري فيشتبه عليه، وقال: ربما رفع الشيء من رأي الزهري يصيره عن ابن المسيب، وقال: في حديثه عن الزهري منكرات، وقال: هو كثير الخطأ عن الزهري. وضعفه يونس في سعيد مطلقاً وقال: لأنه كان يجئ عنه بأحاديث ليست من حديث سعيد. تكلم وكيع في روايته عن الزهري فقال: ذاكرته بأحاديث الزهري المعروفة وجهدت أن يقيم لي حديثا فما أقامه. وقال ابن سعد: كان حلو الحديث كثيره، وليس بحجة وربما جاء بالشيء المنكر.
وقد دافع عنه الذهبي قال في السّيرَ: احتج به أرباب الصحاح أصلاً وتبعاً، ورد قول ابن سعد بقوله: ليس ذاك عند أكثر الحفاظ منكراً بل غريب، وقال في الميزان: ثقة حجة شذ ابن سعد في قوله: ليس بحجة، وشذ وكيع في قوله: سيء الحفظ.
وقال ابن حجر في الهدي: وثقه الجمهور مطلقاً، وإنما ضعفوا بعض روايته حيث يخالف أقرانه أو يحدث من حفظه، فإذا حدث من كتابه فهو حجة.
وقال في التقريب: ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة 159 هـ على الصحيح، وقيل سنة 160 هـ (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 520)، التاريخ لابن معين (3/ 347)، سؤالات ابن الجنيد (307، 308، 395)، تاريخ الدارمي (42، 45، 46)، العلل لأحمد (1/ 172)، بحر الدم (482)، العلل للإمام أحمد برواية المروذي (56، 57)، سؤالات أبي داود لأحمد (268، 269)، الجرح والتعديل (9/ 247 - 249)،
السؤآلات والضعفاء (2/ 684، 685)، التاريخ الكبير (8/ 406)، التعديل والتجريح
(3/ 1243، 1244)، سؤالات الآجري أبا داود (3/ 361)، المعرفة (1/ 710، 2/ 138)، الثقات للعجلي (2/ 379، 380)، الثقات لابن حبان (7/ 648، 649)، شروط الأئمة الخمسة (57، 60)، شرح العلل (2/ 613، 756، 765)، البيان والتوضيح (322)، السّيرَ (6/ 297 - 301)، الميزان (4/ 484)، الكاشف (2/ 404)، الهدي (455)، التهذيب (11/ 450، 451)، التقريب (614). وعلق صاحب (تخريج الأحاديث والآثار من مجموع الفتاوى 4/ 1637) على قول ابن حجر إن في روايته عن الزهري وهما قليلا بأن الوهم القليل لا يسلم منه أحد، فلا أثر لذلك، وقد شهد عدد من النقاد بأنه أعلم الناس بحديث الزهري.
(5)
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو المنذر، وقيل أبو عبد الله القرشي: وثقه أبو حاتم وزاد: إمام في الحديث، كما وثقه ابن معين، وابن سعد، والعجلي، والدارقطني، وقال ابن حبان: كان حافظاً متقناً ورعاً فاضلاً. كان يكتب ثم محا كتابه وقد ندم على ذلك فقال: لوددت أني فديته بأهلي ومالي وأني لم أكن أمحه.
كان يرسل: قال أبو حاتم: لم يثبت له لقاء عبد الرحمن بن كعب بن مالك. وقال العلائي: لم يسمع من ابن عمر. لكن روى ابن معين قوله: رأيت أنساً، وابن عمر، وسهل بن سعد، وجابراً، وقَّبله ابن عمر ودعا له وعمره عشر سنين، وقال العجلي: لم يرو عن ابن سيرين شيئاً إنما يرسل عنه.
تكلم بعضهم في روايته بأخرة: قال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت لم ينكر عليه شيء إلا بعدما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية فأنكر عليه ذلك أهل بلده. بيّن ذلك بأنه: كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعه منه فكان تسهله أنه أرسل عنه مما كان سمعه من غيره. وقال ابن خراش: كان مالك لا يرضاه، وكان صدوقاً تدخل أخباره في الصحيح، بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق. قدم الكوفة ثلاث مرات: قدمة كان يقول: حدثني أبي قال سمعت عائشة، وقدم الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عنها، ثم الثالثة فكان يقول أبي عن عائشة. قال ابن حجر: والقصة تقتضي أنه حدث عنه بالكثير، وأنه حدث عنه بما لم يسمعه منه وهذا هو التدليس، وذكره فيمن دلس نادراً واحتمل تدليسه. وقال أبو الحسن القطان: إنه اختلط وتغير قبل موته.
وقد دافع عنه الذهبي في السّيرَ والميزان: ورد بشدة على أبي الحسن وخلاصة قوله: أن هشاماً حجة مطلقاً، وأنه لم يختلط أبداً، لكن الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر، وتنقص حدة ذهنه فليس هو في شيخوخته كهو في شبيبته وما ثم أحد معصوم من السهو والنسيان، وماهذا التغير بضار أصلاً، وإنما الذي يضر الاختلاط وهو لم يختلط قط، وهذا أمر مقطوع به. أما روايته بالعراق فقد حدث بجملة كثيرة من العلم وفي غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، وأوهام تحتمل وهذا يقع لكبار الثقات. وما ذكر من تدليسه أنكره الذهبي.
قال ابن حجر في الهدي: من صغار التابعين، مجمع على تثبته إلا أنه في كبره تغير حفظه، وقال فيه مالك قولاً شديداً وهو محمول على ماذكره يعقوب بن شيبة، وقد احتج بهشام جميع الأئمة، وقال في التقريب: ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 هـ أو 146 هـ، وله سبع وثمانون سنة (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 321، 9/ 229 - 232)، التاريخ لابن معين (3/ 260)، تاريخ الدارمي (203)، سؤالات ابن الجنيد (290، 466)، الجرح والتعديل (9/ 63، 64)، التاريخ الكبير (8/ 193، 194)، المراسيل (230)، تاريخ بغداد (14/ 37 - 42)، الثقات لابن حبان (5/ 502)، الثقات للعجلي (2/ 332)، نهاية الاغتباط (359)، جامع التحصيل (293، 294)، تهذيب الكمال (30/ 232 - 242)، السّيرَ
(6/ 34 - 47)، الميزان (4/ 301، 302)، الكاشف (2/ 337)، التهذيب (11/ 48 - 51)، الهدي (448)، تعريف أهل التقديس (46)، التقريب (573).
(6)
أبوه: هو عروة بن الزبير بن العوام: بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله، المدني. قال ابن عيينة: كان من أعلم الناس بحديث عائشة رضي الله عنها، وقال الزهري: كان بحراً لاتكدره الدلاء، وهو أحد الفقهاء السبعة، وقال ابنه هشام: ما سمعته يقول في شيء برأيه والله ما تعلمنا جزءاً من ألفي جزء من أحاديثه، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث فقيهاً عالماً مأموناً ثبتاً، وقال العجلي: ثقة، كان رجلاً صالحاً لم يدخل في شيء من الفتن، وقال ابن حبان: كان من أفاضل أهل المدينة وعلمائهم يقرأ كل يوم ربع المصحف نظراً ويقوم به ليله ما ترك نصيبه من الليل ولا ليلة قطعت رجله بسبب الأَكِلَة. سئل ابن معين: سمع من أبيه شيئا؟ . قال: قال عروة: كنت صغيراً فربما استمسكت بالشيء من شعر أبي. وقال الدارقطني: لا يصح سماعه من أبيه، لكن مسلم بن الحجاج ذكر أنه حفظ عن أبيه فمن دونه من الصحابة، وحج مع عثمان. قال أبو حاتم: عروة عن أبي بكر، وعن علي، وعن بشير بن النعمان كله مرسل،
وزاد أبو زرعة: عن سعد، وقال ابن المديني: لم يثبت له لقاء زيد بن ثابت.
قال ابن حجر: ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 هـ، على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (5/ 178 - 182)، العلل لأحمد (2/ 410)، التاريخ لابن معين (3/ 142، 236)، سؤالات ابن الجنيد (390)، تاريخ الدارمي (203)، الجرح والتعديل (6/ 395، 396)، التاريخ الكبير (7/ 31)، المراسيل (149)، المعرفة (1/ 551 - 554، 563)، الثقات لابن حبان (5/ 194، 195)، الثقات للعجلي (2/ 133)، جامع التحصيل (236، 237)، تهذيب الكمال (20/ 11 - 25)، السّيرَ (4/ 421 - 437)، الكاشف (2/ 18)، التهذيب (7/ 180)، التقريب (389).
درجة الحديث:
الحديث رجاله ثقات سوى خالد بن نزار وهو صدوق يخطئ، والقاسم وهو صدوق فالحديث حسن.
وقد جوده أبو داود حيث قال: وهذا حديث غريب إسناده جيد، أهل المدينة يقرءون {ملك يوم
الدين} وإن هذا الحديث حجة لهم.
ونقل المنذري في (مختصر/د 2/ 38) قول أبي داود.
وذكر ابن حجر الحديث في (الفتح 2/ 499) وسكت عنه.
وتوقف ابن القيم في الحديث فقال في (زاد المعاد 1/ 457): إن صح وإلا ففي القلب منه شيء.
وصحح الحاكم الحديث في (المستدرك 1/ 328) على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
كما صححه ابن السكن في (التلخيص الحبير 2/ 96).
وصحح إسناده النووي في (الأذكار/230).
وتعقب الألباني من صححه فقال في (الإرواء 3/ 135، 136): إسناده حسن أما قول الحاكم ووافقه الذهبي صحيح على شرطهما فمن أوهامهما، فإن خالداً وشيخه القاسم لم يخرج لهما الشيخان شيئاً، وفي الأول منهما كلام يسير لا ينزل حديثه عن درجة الحسن.
وتبعه الأرناؤوط في تعليقه على (صحيح ابن حبان 3/ 272، 273).
والهلالي في (صحيح الوابل /214، 215).
فالحديث حسن ولله الحمد انظر (صحيح الجامع 1/ 458)، (صحيح د 1/ 217).
وقد تكلم فيه بعضهم لما جاء فيه أن الخطبة قبل الصلاة، وحكموا عليه بالشذوذ: انظر: التعليق على (بذل المجهود 6/ 227، 228).
ونقل عن أحمد أنه حكم عليه بالاضطراب (المرقاة 3/ 618).
لكن هذا ثابت في (خ: كتاب الاستسقاء: باب تحويل الرداء في الاستسقاء الفتح 2/ 497، 498).
(م: كتاب صلاة الاستسقاء 6/ 187، 188).
وفي المسألة خلاف (الهداية في تخريج أحاديث البداية 4/ 217 - 223)، (شرح النووي 6/ 188، 189).
وجمع ابن حجر بين الروايات التي صرحت بأن، الخطبة بعد الصلاة وهذه الرواية في (الفتح 2/ 500) بأنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالدعاء ثم صلى ركعتين ثم خطب فاقتصر بعض الرواة على شيء، وبعضهم على شيء، وعبر بعضهم عن الدعاء بالخطبة فلذلك وقع الاختلاف.
شرح غريبه:
قحوط المطر: يقال: قُحط المطر وقَحَط إذا احتبس وانقطع.
وأقحط الناس: إذا لم يمطروا، والقَحْط: الجدب؛ لأنه من أثره (النهاية/قحط/4/ 17).
حين بدا حاجب الشمس: أي بدت ناحية منها وحرفها الأعلى، وحواجبها نواحيها وقيل أعلاها، قيل شبه أول بدوه بحاجب الإنسان (المشارق/حجب/1/ 181)، وقيل حجابها: ضؤوها (اللسان/حجب /2/ 777) وسمي حاجبا؛ لأنه يحجب جرمه عن الإدراك (العون 4/ 34).
استئخار المطر عن إبان زمانه: استئخار: السين للمبالغة يقال استأخر الشيء إذا تأخر تأخراً بعيداً (شرح الطيبي 3/ 278، 279). إبّان: وقت، والنون أصلية فيكون فِعّالا، وقيل هي زائدة وهو فعلان من أبّ الشيء إذا تهيأ للذهاب (النهاية/ أَبَن/1/ 17)، وقيل: إبان الشيء أوله (لسان العرب/أَبَن/1/ 12).
بلاغاً إلى حين: البلاغ ما يتبلغ ويتوصل به إلى الشيء المطلوب (النهاية/بلغ/1/ 152) أي اجعله زاداً يبلغنا إلى حين أجلنا أي: اجعل الخير الذي تنزله علينا سببا لقوتنا ومَدَداً لنا مدداً طوالا (شرح الطيبي 3/ 279).
الكِنّ: ما يرد الحر والبرد من الأبنية والمساكن (النهاية/كنن/4/ 206) من قولهم: كننته أكنه كناً أي سترته وخبأته (المشارق /كنن/1/ 343).
الفوائد:
(1)
أنه يستحب للإمام أن يجمع الناس ويخرج بهم خارج البلد، على أن يقدِّم لهم تبيين اليوم الذي سيخرج فيه للاستسقاء؛ ليتأهبوا ويتخلصوا من المظالم ونحوها ويقدموا التوبة، وهذا الأمور واجبة مطلقا إلا أنه مع حصول الشدة وطلب تفريجها من الله يتضيق ذلك.
(2)
استحباب الخروج لصلاة الاستسقاء عند طلوع الشمس، واستحباب الصعود على المنبر للخطبة.