الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{العفو}
المعنى في اللغة:
العفو: ترك الشيء، وعفو الله عن خلقه: هو تركه إياهم فلا يعاقبهم فضلاً منه، وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه.
والعافية: دفاع الله تعالى عن العبد، تقول عافاه الله تعالى من مكروهة، وهو يعافيه معافاة. ومن المعافاة: أن يغنيك الله عن الناس، ويغنيهم عنك، ويصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم، وقيل أصل العفو: المحو والطمس، ومنه: عفت الرياح الآثار إذا درستها ومحتها (1).
المعنى في الشرع:
العفو: هو الذي يتجاوز عن الذنب ويترك العقاب عليه فهو سبحانه يمحو الذنب بصفحه عنه ويغفر للعبد بفضله سبحانه وكرمه (2)، ولولا عفوه ماترك على ظهرها من دابة، ومن كمال عفوه أن المسرفين على أنفسهم إذا تابوا إليه غفر لهم كل جرم صغير وكبير، وأنه جعل الإسلام يجبُّ ماقبله، والتوبة تجب ما قبلها (3).
والعفو أبلغ من الغفور؛ لأن الغفران ينبئ عن الستر، والعفو ينبئ عن المحو والمحو أبلغ من الستر (4).
والله سبحانه عفو يضع عن عباده تبعات خطاياهم وآثامهم فلا يستوفيها منهم وذلك إذا تابوا واستغفروا، وإذا تركوا لوجهه شيئاً فيكفر عنهم ما فعلوا بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم بإذنه سبحانه (5).
قال ابن القيم (6):
وهو العفو فعفوه وسِع الورى
…
لولاه غار الأرض بالسكان
وروده في القرآن:
ورد في خمسة مواضع اقترن بالغفور في أربعة منها، وبالقدير في موضع ومنها قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} [النساء: 43].
(1) معجم مقاييس اللغة (عفو)(4/ 56، 57)، اللسان (عفا)(5/ 3018، 3019)، اشتقاق أسماء الله للزجاجي
…
(134، 135).
(2)
انظر: تفسير أسماء الله للزجاج (62)، شأن الدعاء (90، 91)، النهاية (عفا)(3/ 265).
(3)
انظر: الحق الواضح المبين (المجموعة الكاملة 3/ 241).
(4)
انظر: النهج الاسمى (2/ 644).
(5)
انظر: الأسماء والصفات (1/ 149).
(6)
النونية (2/ 227).
{إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)} [النساء: 149].
170 -
ورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها:
قال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا قتيبة حدثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعي
وقال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع
كلاهما عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: {قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني} هذا لفظ الترمذي
ولفظ ابن ماجه: أرأيتَ إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال: {تقولين: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني} .
التخريج:
ت: كتاب الدعوات: باب رقم 85 (5/ 534)
جه: كتاب الدعاء: باب الدعاء بالعفو والعافية (2/ 1265).
ورواه النسائي في (عمل اليوم والليلة /499)
وعنه ابن السني في (عمل اليوم والليلة/690)
كلاهما من طريق قتيبة به بلفظ ابن ماجه.
وراوه أحمد في (المسند 6/ 208) عن وكيع به، وفي (6/ 182، 183)
ومن طريقه ابن حجر في أماليه على الأذكار كما في (الفتوحات الربانية 4/ 346)
والنسائي في (عمل اليوم والليلة/500)، وفي (التفسير /538، 539)، وفي (الكبرى 4/ 407، 408)
وابن راهوية في (مسنده 3/ 748) من طرق عن كهمس عن عبد الله بن بريدة به.
ورواه أحمد في (المسند 6/ 171، 258)
والنسائي في (عمل اليوم والليلة /499) وفي النعوت والتفسير في الكبرى عزاه إليه المزي في (التحفة 11/ 435) وليس في المطبوع.
كلاهما من طريق كهمس عن ابن بريدة به.
ورواه أحمد في (المسند 6/ 182، 183)
والمروذي في (مختصر قيام رمضان /141)
والنسائي في (عمل اليوم والليلة/499، 500)، وفي الكبرى في النعوت عزاه إليه المزي في (التحفة 11/ 434) وليس في المطبوعة
أربعتهم من طريق أبي مسعود الجريري عن عبد الله بن بريدة به.
ورواه ابن راهوية في (المسند 3/ 749)
والبيهقي في (الأسماء والصفات 1/ 148، 149)
والنسائي في (عمل اليوم والليلة/500)، وفي النعوت في الكبرى عزاه إليه المزي كما سبق (11/ 435) من طريق أبي مسعود الجريري عن ابن بريدة به.
ورواه أحمد في (المسند 6/ 258)
والنسائي في (عمل اليوم والليلة/ 500)
والحاكم في (المستدرك 1/ 530)
والطبراني في (الدعاء 2/ 1228)
ومن طريقه ابن حجر في أماليه على الأذكار كما في (الفتوحات الربانية 4/ 346)
خمستهم من طريق الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن عائشة به. وعند الطبراني ابن بريدة.
وجاء الحديث مرسلاً من رواية ابن بريدة أن عائشة رضي الله عنها قالت: يانبي الله.
رواه النسائي في (عمل اليوم والليلة/499)، وفي النعوت في الكبرى عزاه إليه المزي كما سبق.
وجاء موقوفاً على عائشة لكن بدون الشاهد بلفظ: {لو علمت أي ليلة ليلة القدر لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل العفو والعافية} .
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 10/ 207)
والنسائي في (عمل اليوم والليلة/500) كلاهما من طريق كهمس عن عبد الله بن بريدة به
وعلقه المروذي في (مختصر قيام رمضان /141).
دراسة الإسناد:
الطريق الأول: رجال إسناده عند الترمذي:
(1)
قتيبة: تقدم، وهو ابن سعيد، وهو ثقة. (راجع ص 228)
(2)
جعفر بن سليمان الضبعي: تقدم، وهو صدوق، كان يتشيع. (راجع ص 189)
(3)
كهمس بن الحسن: التميمي أبو الحسن البصري، العبيسي، النمري. وثقه ابن سعد، وابن معين،
وأبو داود، والفسوي، وقال أحمد: ثقة وزيادة، وقال: ثقة ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس بحديثه، وقال الساجي: صدوق يهم. ونقل الأزدي قول ابن معين: ضعيف، وقول عثمان بن دحية: ضعيف روى مناكير. ورده الذهبي في الميزان: بأن الأزدي لم يسند ذلك ولا عبرة بالقول المنقطع لا سيما وأحمد يقول ثقة وزيادة، ثم إن ابن معين صرح بتوثيقه في رواية الدوري.
وقال ابن حجر: ثقة، من الخامسة، مات سنة 149 هـ (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 270)، التاريخ لابن معين (4/ 83)، بحر الدم (358)، العلل لأحمد (3/ 210)، الجرح والتعديل (7/ 170)، المعرفة (2/ 119)، الثقات لابن حبان (7/ 358)، تهذيب الكمال (24/ 232 - 234)، الميزان (3/ 415، 416)، الكاشف (2/ 150)، التهذيب (8/ 450، 451)، التقريب (462).
(4)
عبد الله بن بريدة: تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 367)
الطريق الثاني: رجال إسناده عند ابن ماجه:
وهو متفق مع الترمذي في كهمس ومن فوقه وبقي من رجاله:
(1)
علي بن محمد: تقدم، وهو الطنافسي، وهو ثقة. (راجع ص 199)
(2)
وكيع: تقدم، وهو ابن الجراح، وهو ثقة. (راجع ص 211)
درجة الحديث:
رجال إسناد الترمذي ثقات سوى جعفر وهو صدوق وتابعه وكيع عند ابن ماجه؛ ولذا قال الترمذي: حسن صحيح.
لكن اختلف في سماع عبد الله من عائشة رضي الله عنها:
قال الدارقطني في (سننه 3/ 233): لم يسمع منها شيئا، ووافقه على ذلك البيهقي في (الكبرى 7/ 118)، ابن حجر في أماليه على الأذكار كما في (الفتوحات الربانية 4/ 346).
وخالفهم ابن التركماني في (الجوهر النقي على البيهقي 7/ 118) واستدل بأن مولد ابن بريدة عام 15 هـ وقد سمع جماعة من الصحابة، وسماعه من عائشة ممكن وهذا كاف للحكم بالاتصال على مذهب الإمام مسلم، يضاف إلى ذلك أن صاحب الكمال صرح بسماعه منها. ونقل الزيلعي في (نصب الراية 3/ 192) كلام ابن التركماني، ولم يتعقبه بشيء.
وهو قول قوي ويشهد له أن الذين عنوا ببيان إرسال الرواة لم يذكروا إرساله عن عائشة رضي الله عنها:
قال ابن أبي حاتم في (المراسيل /111) ابن بريدة عن عمر مرسل. وكذا العلائي في (جامع التحصيل/207).
واكتفى أبو زرعة العراقي في (تحفة التحصيل/ ل 169 ب) بذكر قول الدارقطني: لم يسمع من عائشة رضي الله عنها.
ولم يصف المزي في (تهذيب الكمال 14/ 329) روايته عن عائشة بالإرسال، ولم يذكر ذلك في (تحفة الأشراف 11/ 434).
ولم يذكره الترمذي في تعليقه على هذا الحديث.
ولما كان عبد الله غير موصوف بالتدليس مع ما تقدم فتحمل عنعنته على الاتصال والله أعلم.
وقد تابع عبد الله على روايته عن عائشة أخوه سليمان، ولم يتكلم أحد في سماعه منها (التهذيب 4/ 174). وقد صحح الحاكم روايته في (المستدرك 1/ 530) ووافقه الذهبي.
فالحديث صحيح إن شاء الله.
وقد صححه النووي في (الأذكار /247).
واستدل به ابن كثير في (التفسير 8/ 472) على استحباب الإكثار من هذا الدعاء.
وصححه الألباني في (صحيح ت 3/ 170)، وفي (صحيح جه 2/ 328)، وفي تعليقه على (المشكاة 1/ 648).
والهلالي في (صحيح الأذكار 1/ 497).
الفوائد:
(1)
فيه مشروعية قيام ليلة القدر، والاشتغال فيها بأنواع الطاعات.
(2)
استحباب الإكثار من هذا الدعاء. (الفتح الرباني 10/ 266، 267).