الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخرة فيحدثنا، فكان أكثر ما اشتكى قريشًا، يقول:"كنا مستذلين مستضعفين بمكة، فلما قدمنا المدينة انتصفنا من القوم"
(1)
.
باب في يوم الرجيع، وقصة خُبيب وعاصم
2423 -
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا محمد بن يحيى، ثنا أحمد بن محمد، ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب الزهري، عن عمر بن أسيد بن حارثة الثقفى حليف بنى زهرة، أن أبا هريرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينًا، وأفر عليهم عاصم بن ثابت الأنصارى جدّ عاصم بن عمر بن الخطاب، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة، ذكروا لحى من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، قالوا: نوى يثرب، فاتبعوا آثارهم فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد فأحاط بهم القوم وقالوا لهم: انزلوا واعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل أحدًا، فقال عاصم بن ثابت أمير القوم: أما أنا والله لا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصمًا في سبعة، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم خبيب بن عدي الأنصاري، وزيد بن الدثنة، ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة - يريد القتلى - فحرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد فباعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبًا، وكان خبيب هو الذي قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرًا حتى أجمعوا قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته إياها، فدرج بنى لها حتى أتاه، قالت: وأنا غافلة فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب فقال: أتخشين أن أقتله، ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب؛ والله لقد وجدته يومًا يأكل فطفًا من عنب في يده وإنه
(1)
أخرجه الطيالسي (1108)، وأحمد (4/ 6، 343)، وأبو داود (1393)، وابن ماجة (1345).
قلت: وإسناده ضعيف لضعف الطائفي، أما شيخه فلم يوثقه إلا ابن حبان.
لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبًا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعونى أركع ركعتين، فتركوه، ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بى جزع لزدت، اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا، ثم قال:
فلست أبالى حين أُقتل مسلمًا
…
على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
…
يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب أول من سن لكل مسلم قتل صبرًا الصلاة
(1)
.
2424 -
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا أبو شعيب الحرانى، ثنا أبو جعفر النفيلى، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب - وكانت قد أسلمت - قالت: كان خبيب قد حبس في بيتي ولقد اطلعت عليه يومًا وإن في يده لقطفًا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم أن في الأرض حبة عنب تؤكل.
قال ابن إسحاق: وقال عاصم بن عمر بن قتادة: فخرجوا بخبيب إلى التنعيم ليقتلوه، فقال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا. قالوا: دونك فاركع، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ثم أقبل على القوم، فقال: والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعًا من القتل لاستكثرت من الصلاة، ثم رفعوه على خشبة، فلما أوثقوه. قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يفعل بنا.
قال ابن إسحاق: ومما قيل فيه من الشعر قول خبيب بن عدي حين بلغه أن القوم قد أجمعوا لصلبه، فقال:
(1)
أخرجه أحمد (2/ 294 - 295)، والبخاري (3045، 3989، 4086)، وأبو داود (2660 - 2661)، وعبد الرزاق (9730)، والطبراني في الكبير (4/ 419).
يستحد: يحلق شعر عانته.
وفي ذات الإله: أي في طاعته وطلب رضاه.
الأوصال: جمع وصل، وهو العضو. الشلو: الجسد. أحصهم: أي أهلكهم بحيث لا تبقي من عددهم أحدًا.
خذهم بددًا: أي اقتلهم متفرقين واحدًا بعد واحد.
لقد جمع الأحزاب حولي وألبّو
…
قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم
…
وقربت من جزع طويل ممنع
إلى الله أشكو كربتى بعد غربتى
…
وما جمع الأحزاب لي حول مصرعي
فذا العرش صبرنى على ما يراد بي
…
فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي
وقد خيرونى الكفر والموت دونه
…
وقد ذرفت عيناي من غير مجزع
وما بى حذار الموت أني ميت
…
ولكن حذاري جحم نار ملفع
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
…
يبارك على أوصال شلو ممزع
فلست أبالى حين أُقتل مسلمًا
…
على أي جنب كان في الله مصرعي
(1)
2425 -
حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا أبو جعفر النفيلى، ثنا محمد بن سلمة الحرانى، ثنا محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرًا ستة من أصحابه وأمر عليهم مرثد بن أبي مرثد، فيهم عاصم بن ثابت، وخالد بن البكير، فلما كانوا بالرجيع استصرخ عليهم هذيل، فأما مرثد وعاصم وخالد بن البكير فقالوا: والله لا نقبل لمشرك عهدًا ولا عقدًا أبدًا فقاتلوهم حتى قتلوهم. وكانت هذيل حين قتل عاصم بن ثابت أرادوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد. وكانت نذرت حين أصيب ابناها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر، فمنعته الدبر. فلما حالوا بينهم وبينه قالوا: دعوه حتى يمسي فيذهب عنه فنأخذه، فبعث اللّه الوادي فاحتمل عاصمًا فانطلق به، وكان عاصم قد أعطى الله عهدًا أن لا يمس مشركًا ولا يمسه مشرك تنجسًا منهم وكان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - يقول حين بلغه أن الدبر منعته: حُفظ العبد المؤمن، كان عاصم قد وفى لله في حياته، فمنعه الله منهم بعد وفاته، كما امتنع منهم في حياته
(2)
.
(1)
أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (2/ 127 - 128).
قوله: ألبوا: جمعوا.
المزع: المقطع.
(2)
أخرجه ابن إسحاق كما في السيرة لابن هشام (2/ 125).
قلت: وإسناده ضعيف.