الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ النِّكَاحِ
كِتَابُ النِّكَاحِ
[1400]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى-: أَخْبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فقَالَ: لَهُ عُثْمَانُ: ((يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ؟ قَالَ: فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
[خ: 5065]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:((إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فقَالَ: هَلُمَّ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: فَاسْتَخْلَاهُ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَالَ: قَالَ لِي: تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ قَالَ: فَجِئْتُ، فقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَلَا نُزَوِّجُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَارِيَةً بِكْرًا لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ))، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ
بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:((دَخَلْتُ أَنَا، وَعَمِّي عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، عَلَى عبد الله بن مسعود قَالَ: وَأَنَا شَابٌّ- يَوْمَئِذٍ- فَذَكَرَ حَدِيثًا رُئِيتُ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ مِنْ أَجْلِي قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَزَادَ قَالَ:((فَلَمْ أَلْبَثْ حَتَّى تَزَوَّجْتُ)).
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:((دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَأَنَا أَحْدَثُ الْقَوْمِ))، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ:((فَلَمْ أَلْبَثْ حَتَّى تَزَوَّجْتُ)).
بعد أن بَوَّب المؤلف رحمه الله لأركان الإسلام الخمسة بدأ في كتاب النكاح، وكثير من المؤلفين يذكرون بعد أركان الإسلام الخمسة البيوع، كما فعل البخاري رحمه الله، إلا أن البخاري رحمه الله قدم الحج على الصوم على ما جاء في بعض الروايات:((وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ))
(1)
، ثم ذكر كتاب البيوع، ولكنَّ مسلمًا رحمه الله قدم كتاب النكاح، ثم الطلاق، ثم العتق، ثم بعد ذلك بَوَّب للبيوع، وذكر الأحاديث التي فيها.
والنكاح لغة: الضم والجمع، يقال: تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض، ويطلق النكاح على العقد، ويطلق على الجماع، فإذا قالوا: نكح فلان زوجته أرادو الجماع، وإذا قالوا: نكح فلان بنت فلان أرادو العقد، يعني: عقد عليها.
وفي هذا الحديث: قصة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه استخلاه، وقال: ألا أزوجك يا أبا عبد الرحمن جارية تذكرك ما كنت
(1)
أخرجه البخاري (8).
تعهد، وتذكرك ما مضى من زمانك؟
وفيه: بيان حسن خلق عثمان رضي الله عنه، ومداعبته لأصحابه، وهو الخليفة الراشد.
وقوله: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ)): المعشر: الجماعة.
وفيه: حث الشباب على الزواج لِما لهم من قوة الشهوة، وكذلك من يحتاج إلى الزواج من غير الشباب يأمرهم بالزواج، ومن لم تعفه الواحدة يأمره أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة؛ قال الله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ، وقد دل هذا على أن الأصل هو التعدد.
والزواج فيه مصالح عظيمة، مثل: تحصين النفس، وتحصين الفرج، وتحصين الزوجة، وإيجاد ذرية صالحة تعبد الله، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام:((تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ))
(1)
.
وقول عبدالرحمن بن يزيد: ((رُئِيتُ أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ مِنْ أَجْلِي))، أي: ظننت، وفي رواية: رأيت، أي: علمت، وهما صحيحان، والمعنى: أنه ذكر هذا الحديث لكوني شابًّا يريد أن يتزوج.
(1)
أخرجه أبو داود (2050)، والنسائي (3227).
[1401]
وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ:((أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ، فقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أُصَلِّي، وَأَنَامُ، وَأَصُومُ، وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي)).
[خ: 5063]
[1402]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ- وَاللَّفْظُ لَهُ- أَخْبَرَنا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ:((رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا)).
[خ: 5073]
وحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ:((سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: رُدَّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلُ، وَلَوْ أُذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: ((أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَنْ يَتَبَتَّلَ، فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ ذَلِكَ لَاخْتَصَيْنَا)).
في هذا الحديث: أن هؤلاء الشباب جاؤوا يريدون أن يسألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم في السر، فسألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعض الليل وينام؛ فكان ينام أول الليل ويصلي آخر الليل، وكان يصوم بعض الأيام، ويفطر بعضها، وكان يتمتع بما أحل له الله من الطيبات، فيأكل
اللحم ويتزوج النساء، فأراد هؤلاء الشباب أن يزيدوا على ما كان عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: نبي الله مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أما نحن فما ندري ما حالنا؟ فلا بد أن نزيد؛ فكأنهم قد تَقَالُّوا عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، أي: رأوها قليلة في أنفسهم، فقال بعضهم: أنا أصلي الليل ولا أنام على الفرش، وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ما عشت، ولا أفطر، وقال الآخر: أنا لا أتزوج النساء؛ لأن المرأة قد تشغل الإنسان وتعوقه عن العبادة، فهو لا يريد أن ينقطع، ولا يريد أن يشغل نفسه بالنساء ولا بالأولاد، وقال الآخر: أنا لا آكل اللحم تقشفًا وزهدًا، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأُخبر عن حالهم، حمد الله وأثنى عليه على عادته عليه الصلاة والسلام، ثم قال:((مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا: كَذَا وَكَذَا))، ولم يقل: فلان وفلان، وجاء في حديث تسميتهم أنهم: علي بن أبي طالب، والمقداد بن الأسود، وجماعة
(1)
.
وقوله: ((لَكِنِّي أُصَلِّي، وَأَنَامُ، وَأَصُومُ، وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي)): فيه: دليل على أن هذا هو الأفضل، وأنه ليس الأفضل التبتل؛ لأن التبتل معناه: الانقطاع إلى نوع من العبادة، وترك العبادات المتنوعة، وكون الإنسان يتزوج النساء ويقوم بحق الزوجة وينفق على الأولاد ويربيهم؛ فهذه عبادات متنوعة يُفَوِّتها المتبتل، كذلك كون الإنسان يصلي وينام، ويصوم ويفطر بعض الأيام، يتيح له ذلك أن يؤدي بقية العبادات الأخرى ويعطي جسده حقه، ويقابل الضيوف، أو ينفع الناس بشفاعته، أو بتوجيهه وإرشاده، أو ببدنه، أو بماله، وإذا كان يصوم النهار ويقوم الليل فلن يستطيع أن يقوم بهذه العبادات، ويفوت عليه الأكمل، أو ينفق على بعض المحتاجين، أو يوجه ويرشد إذا كان يمتلك أسلوب الإرشاد والتوجيه، أو يدرِّس ويعلِّم، أو يدعو إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ كل هذه عبادات متنوعة تفوت على المتبتل؛ ولهذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن
(1)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (10374).
هذا هو الأكمل وأن هذا هو السنة، وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو أكمل من حال هؤلاء الشباب.
وفيه: أنه رد على عثمان بن مظعون رضي الله عنه التبتل.
وقوله: ((وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا)): الاختصاء هو: قطع الخصيتين، وهذا لا يجوز؛ لما فيه من قطع النسل، لكن في الدواب لا بأس به؛ لأن فيه مصلحة تكثير اللحم وتطييبه.
وأصل التبتل
(1)
: الاستمرار في العبادة، كالصلاة، والصيام، وترك العبادات الأخرى، كالزواج، والقيام بالحقوق.
(1)
النهاية، لابن الأثير (1/ 94)، تهذيب اللغة، للأزهري (12/ 77).