الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ حِلِّ أُجْرَةِ الْحِجَامَةِ
[1577]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنُونَ: ابْنَ جَعْفَرٍ- عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ أَهْلَهُ، فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، وَقَالَ:((إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ: الْحِجَامَةُ- أَوْ: هُوَ مِنْ أَمْثَلِ دَوَائِكُمْ)).
[خ: 5696]
في هذا الحديث: أن كسب الحجامة ليس حرامًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يفعل الحرام، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام، ثم احتجم وأعطى الحجام أجرته، وبفعله ذلك صرف النهي من التحريم إلى التنزيه؛ ولهذا قال ابن عباس:((حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْرَهُ، وَكَلَّمَ سَيِّدَهُ، فَخَفَّفَ عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم)
(1)
.
وفيه: بيان فضل الحجامة، وأنها من أفضل العلاج لثوران الدم، ولا يقال: إنها سنة، ولكنها علاج، فإذا أراد الإنسان أن يحتجم فلا بد أن يسأل أهل الخبرة هل يحتاج الحجامة، أو لا يحتاجها، فإذا احتاجها فالحجامة من أفضل التداوي.
(1)
أخرجه البخاري (2103)، ومسلم (1202).
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ- يَعْنِي: الْفَزَارِيَّ- عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ: الْحِجَامَةُ، وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ، وَلَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ)).
في هذا الحديث: فضل التداوي بالحجامة، والقسط البحري، ويقال له: العود الهندي.
وقوله: ((وَلَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ)): الغمز هو: رفع العظم الذي ينزل بحلق الصبي، وهو ما يسمى بالتهاب اللوزتين، وكانت النساء يرفعنه، وهذا فيه تعذيب للصبي، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال:((عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ، يُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ))
(1)
، فيرتفع العظم؛ لأنه إذا نزل العظم سد الحلق وصار يتعبه، ووجع الحلق يسمى العذرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم البديل عنه، وهو السعوط، ويقال له: العود الهندي، ويقال له: القسط البحري، يسعط في الأنف فينزل للحلق فيزول وجع الحلق.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غُلَامًا لَنَا حَجَّامًا، فَحَجَمَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ، أَوْ مُدٍّ، أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ، فَخُفِّفَ عَنْ ضَرِيبَتِهِ.
[خ: 5691]
قوله: ((فَخُفِّفَ عَنْ ضَرِيبَتِهِ))، أي: كلم مواليه ليخففوا عنه، فإذا كان يعطي مولاه كلَّ يوم درهمين قال: خفِّفْ عنه، فدرهم يكفي، وهذا يسمى بالخراج، والخراج: مخارجة بين السيد والعبد، كأن يأذن السيد لعبده
(1)
أخرجه البخاري (5692)، ومسلم (2218).
بالعمل، إما يعمل في صنعة كالحدادة، أو النجارة، أو يعمل مثلًا في الساعات في زمننا هذا، أو في الزرع ويقول: اشتغل وأعطني كل يوم درهمًا، والباقي لك، فيترك الباقي له؛ ليستفيد منه وينفقه على أولاده، إذا كان له أولاد، ويقال:((كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فلا يُدخِل بيته من خراجهم شيئًا))
(1)
.
ولا ينطبق هذا على العمال فهم أحرار، وما هم بعبيد، والعمال يأتون فإما أن يعملوا عندك، أو أن تسفِّرهم، أما أن تستعبدهم فيشتغلوا عند الناس ويعطوك فهذا حرام، وهذا ملك للمال بالباطل.
[1202]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ وُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ، وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَاسْتَعَطَ.
قوله: ((وَاسْتَعَطَ))، يعني: فَعل السعوط، وهو ما يجعل من الدواء في الأنف.
(1)
سير أعلام النبلاء، للذهبي (1/ 56).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ- وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ- قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْرَهُ، وَكَلَّمَ سَيِّدَهُ، فَخَفَّفَ عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ سُحْتًا، لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ)): اسمه نافع، وهو عبد من بني بياضة، وخفف النبي صلى الله عليه وسلم عنه من خراجه الذي يدفعه كل يوم لسيده.
وقوله: ((وَلَوْ كَانَ سُحْتًا، لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم): هذا من فقه ابن عباس رضي الله عنهما واستنباطه، فقال: لو كان حرامًا لم يعطه أجرته.