الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مِيرَاثِ الْكَلَالَةِ
[1616]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَالَ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ يَعُودَانِي مَاشِيَيْنِ، فَأُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَأَفَقْتُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} .
[خ: 5651]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ فِي بَنِي سَلِمَةَ يَمْشِيَانِ، فَوَجَدَنِي لَا أَعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ مِنْهُ، فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} .
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- يَعْنِي: ابْنَ مَهْدِيٍّ- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: عَادَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَرِيضٌ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَأَفَقْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ، فَصَبُّوا عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ، فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} قَالَ:
هَكَذَا أُنْزِلَتْ.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ، وَفِي حَدِيثِ النَّضْرِ، وَالْعَقَدِيِّ: فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرْضِ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ قَوْلُ شُعْبَةَ، لِابْنِ الْمُنْكَدِرِ.
هذا الحديث فيه من الفوائد:
1 -
مشروعية زيارة المريض ماشيًا إذا تيسر، ومشروعية زيارة الأكابر والرؤساء لأصحابهم ومتبوعيهم.
2 -
أن صب الماء على المريض يفيده، وهو من العلاج، إلا إذا كان مرضه يضره الماء كأنواع من الحمى التي لا يفيدها الماء.
3 -
مشروعية التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم مما جعل الله بجسده من البركة؛ ولهذا صب عليه من وضوئه، وهذا خاصُ به لا يقاس عليه غيره، وإن قال النووي بالتبرك بآثار الصالحين
(1)
، وهذا غلط؛ لأن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة لم يفعلوه مع غيره من الصحابة، ولأن التبرك بغيره وسيلة للشرك.
4 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم ينتظر وحي الأحكام؛ ولهذا سكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله آية الميراث، أو آية الكلالة.
5 -
أن العالم يتوقف عن المسائل التي لا يعلم حكمها، فهذا رسول الله وهو أشرف الخلق وأعلمهم قد توقف.
وكذلك في قصة الرجل الذي جاء في العمرة متضمخًا بالطيب وعليه جُبة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسكت النبي حتى نزل عليه الوحي، ثُمَّ أجابه: ((اخْلَعْ
(1)
شرح مسلم، للنووي (11/ 55).
عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ عَنْكَ، وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ))
(1)
.
كذلك ينبغي للعالم ألا يجيب إلا بعلم، وقول ((لا أعلم)) نصف العلم؛ لأن العلم نوعان:
الأول: علم يعلمه الشخص، فيجيب.
الثاني: علم لا يعلمه، فيقول: لا أعلم.
ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ: لَا أَعْلَمُ؛ فَإِنَّ اللهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: فَـ {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}))
(2)
.
وإذا ترك العالم قول: لا أدري، أو لا أعلم أُصيبتْ مقاتله.
6 -
أنه يشرع صب الماء من دون اعتقاد البركة؛ لأن صب الماء يفيد؛ ولهذا أفاق جابر، وكما جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم في مرض موته قال:((هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ))
(3)
.
7 -
دليل على أن المريض تنفذ وصيته، وله أن يوصي، ولو كان في مرض الموت إذا لم تبلغ الروح الحلقوم، ولو كان يغمى عليه بعض الأحيان، فإذا أفاق وعقل فله أن يوصي، ولا يوصي في وقت الغيبوبة، ولكن في وقت الإفاقة.
وقوله: في رواية سفيان بن عيينة: ((نزلت آية الكلالة)) وهي قوله تعالى: {يستفتونك} آخر سورة النساء، يخالف الرواية الثانية رواية ابن جريج فإن فيها:((فنزلت آية الميراث)) وهي قوله تعالى في أول سورة النساء: {يوصيكم الله في أولادكم} .
(1)
أخرجه البخاري (1789)، ومسلم (1180).
(2)
أخرجه البخاري (4774).
(3)
أخرجه البخاري (198).
وهذا الاختلاف بين الروايات ليس من جابر رضي الله عنه، إنما من الرواة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((قوله: ((فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} هكذا وقع في رواية ابن جريج وقيل: إنه وهم في ذلك، وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء، وهي:{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} ؛ لأن جابرًا يومئذٍ لم يكن له ولد ولا والد، والكلالة: من لا ولد له ولا والد.
وقد أخرجه مسلم عن عمرو الناقد والنسائي عن محمد بن منصور كلاهما عن ابن عيينة عن ابن المنكدر، فقال- في هذا الحديث-: حتى نزلت عليه آية الميراث: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} ولمسلم- أيضًا- من طريق شعبة عن ابن المنكدر قال- في آخر هذا الحديث-: فنزلت آية الميراث، فقلت- لمحمد بن المنكدر-:{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} قال: هكذا أنزلت، وقد تفطن البخاري بذلك، فترجم في أول الفرائض قوله:{يوصيكم الله في أولادكم} إلى قوله: {والله عليم حليم} ، ثُمَّ ساق حديث جابر المذكور عن قتيبة عن ابن عيينة وفي آخره حتى نزلت آية الميراث، ولم يذكر ما زاده الناقد فأشعر بأن الزيادة عنده مدرجة من كلام بن عيينة))
(1)
.
(1)
فتح الباري، لابن حجر (8/ 243).
[1617]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَذَكَرَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِي مِنَ الْكَلَالَةِ، مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ، وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ رَافِعٍ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ شُعْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
آية الصيف هي آخر آية نزلت، وهي آية الكلالة:{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد} ، والكلالة أشكلت على عمر مع جلالة قدره، حتى طعنه النبي صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال:((أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ))، وهذا من أعاجيب القرآن أن الله تعالى لم يُبَيِّن الكلالة، فالله قادر على أن يقول: الكلالة من لا ولد له ولا والد، ولكن الله سبحانه وضح ذلك لمن تدبر وتأمل؛ لأن الله تعالى بيَّن ميراث الإخوة، ومن المعلوم: أن الإخوة لا يرثون مع وجود الأب، أو وجود الأبناء، فدل ذلك على أن الكلالة من لا ولد ولا والد.
وفيه: دليل على أن العالم والكبير والإمام قد يخفى عليه شيء من العلم،
كما خفي في مسائل التيمم عند عدم الماء في قصة عمار بن ياسر
(1)
، وقصة عبد الله بن مسعود
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (338)، ومسلم (368).
(2)
أخرجه البخاري (347)، ومسلم (368).