الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ، وَكَرَاهَةِ خِطْبَتِهِ
[1409]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ: ((أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَحْضُرُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَمِيرُ الْحَجِّ، فقَالَ أَبَانُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَح، ولَا يَخْطُبُ)).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ:((بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَكَانَ يَخْطُبُ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِهِ، فَأَرْسَلَنِي إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ- وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ- فقَالَ: أَلَا أُرَاهُ أَعْرَابِيًّا؟ إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِح، ولَا يُنْكَح، أَخْبَرَنا بِذَلِكَ عُثْمَانُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).
في هذا الحديث: تحريم نكاح المحرم، فقوله:((لا ينكِح))، يعني: لا يَعْقِد النكاح لنفسه، وقوله:((لا يُنكِح))، يعني: لا يَعْقِد النِّكاحَ لغيره، بأن يَعْقِد الزواج لابنته، أو أخته، وسواء كان المُحرم الزوج، أو الزوجة، أو العاقد، أو الشاهد، فكل منهم ليس له ذلك، فالرجل ليس له أن يتزوج وهو محرم، والمرأة ليس لها أن تتزوج وهي محرمة، والولي ليس له أن يَعْقِد النكاح وهو محرم.
ولا يخطب- أيضًا- لأن الخطبة وسيلة إلى النكاح، كما أن العقد وسيلة إلى الجماع، وهما محرَّمان على الْمُحْرِم.
والنهي هنا يقتضي الفساد، فإذا تزوج يكون العقد فاسدًا، لكن ليس عليه فدية، ويجدد العقد بعد التحلل من الإحرام.
قوله: ((أَلَا أُرَاهُ أَعْرَابِيًّا))، أي: أظنه أعرابيًّا؛ لأن الغالب أن الأعراب لا يعرفون الأحكام الشرعية؛ ومعنى كلامه: كيف يطلبون أن أَحْضُر زواجًا ونحن في موسم الحج مُحْرِمون؟ ! كأنه أعرابي جاهل لا يفهم أن المحرم لا يَنكح ولا يُنكح.
وأهل البادية لبعدهم عن الذكر وعن سماع المواعظ يحصل عندهم جفاء وجهل؛ ولهذا قال الله تعالى فيهم: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ؛ وقد جاء في الحديث: ((وَلَا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا))
(1)
، وإن كان فيه بعض الضعف
(2)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه (1081)، والبيهقي في الكبرى (5570).
(2)
قال البيهقي- بعد إخراجه للحديث-: ((عبد الله بن محمد هو العدوي (يعني: أحد رواته) منكر الحديث، لا يُتابَع في حديثه، قاله محمد بن إسماعيل البخاري)).
وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى. ح، وحَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ مَطَرٍ، وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَح، ولَا يَخْطُبُ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ- يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِح، ولَا يَخْطُبُ)).
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ:((أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ: أَرَادَ أَنْ يُنْكِحَ ابْنَهُ طَلْحَةَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ فِي الْحَجِّ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ- يَوْمَئِذٍ- أَمِيرُ الْحَاجِّ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانٍ إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ، فَأُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَ ذَلِكَ، فقَالَ لَهُ أَبَانُ: أَلَا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا؟ إِنِّي سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ)).
قوله: ((أَلَا أُرَاكَ عِرَاقِيًّا جَافِيًا؟ )): قال النووي: ((هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: عراقيًّا، وذكر القاضي: أنه وقع في بعض الروايات: ((عراقيًّا))، وفي بعضها:((أعرابيًّا))، قال: وهو الصواب، أي: جاهلًا بالسنة، والأعرابي: هو ساكن البادية، قال: وعراقيًّا هنا خطأ إلا أن يكون قد عرف من مذهب أهل الكوفة- حينئذٍ- جواز نكاح المحرم فيصح عراقيًّا، أي: آخذًا بمذهبهم في هذا جاهلًا بالسنة، والله أعلم)).
(1)
(1)
شرح مسلم، للنووي (9/ 196 - 197).
[1410]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ الْحَنْظَلِيُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ)).
[خ: 1837]
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الزُّهْرِيَّ، فقَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ: ((أَنَّهُ نَكَحَهَا وَهُوَ حَلَالٌ)).
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:((تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ)).
[1411]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ:((أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ)) قَالَ: ((وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ)).
في هذا الحديث: أن ابن عباس رضي الله عنهما غلط ووهم في هذه المسألة، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة رضي الله عنها وهو محرم، والصواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، وميمونة نفسها- وهي صاحبة القصة- أخبرَت أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وكذلك أبو رافع رضي الله عنه وكان السفير بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه تزوجها وهو حلال، وكذلك يزيد بن الأصم- وميمونة خالته كما أنها خالة ابن عباس رضي الله عنهما أخبر بذلك، فدل هذا على أن ابن عباس رضي الله عنهما وَهِم، وقد كان صغيرًا في ذلك الوقت.
ومن العلماء من تأول الحديث، وقالوا: إن معنى تزوجها وهو محرم، يعني: وهو داخل الحرم، ومن كان داخل الحرم يقال له: محرم
(1)
.
(1)
الشافي في شرح مسند الشافعي، لابن الأثير (3/ 352)، مرقاة المفاتيح، للمباركفوري (9/ 355).
وقد استدل بهذا الحديث أبو حنيفة وأهل الكوفة
(1)
على جواز نكاح المحرم، وقالوا: إنه لا بأس به، والصواب: أن هذا وهمٌ، ولو سلَّمْنا بصحته فيجاب عنه بأحد وجهين:
الأول: أن النهي هنا للتنزيه.
الثاني: أن هذا من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
المبسوط، للسرخسي (4/ 191).