الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الطَّلَاقِ
بَابُ تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَأَنَّهُ لَوْ خَالَفَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَيُؤْمَرُ بِرَجْعَتِهَا
[1471]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ((أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)).
[خ: 5251]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ رُمْح- واللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، وَقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: ((أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ عَنْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)).
وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِي رِوَايَتِهِ: ((وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لِأَحَدِهِمْ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي بِهَذَا، وَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ، وَعَصَيْتَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ))، قَالَ مُسْلِم: جَوَّدَ اللَّيْثُ، فِي قَوْلِهِ:((تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:((طَلَّقْتُ امْرَأَتِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ، فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا؛ فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)).
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: ((قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا صَنَعَتِ التَّطْلِيقَةُ؟ قَالَ: وَاحِدَةٌ اعْتَدَّ بِهَا)).
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ لِنَافِعٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى فِي رِوَايَتِهِ:((فَلْيَرْجِعْهَا))، وقَالَ أَبُو بَكْرٍ:((فَلْيُرَاجِعْهَا)).
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ:((أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، يَقُولُ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا وَاحِدَةً، أَوِ اثْنَتَيْنِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، وَأَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا، فَقَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ فِيمَا أَمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ)).
حَدَّثَنِي عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- وَهُوَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ- عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: ((طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِض، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: مُرْهُ، فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً، سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ)).
((وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).
وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقَ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((فَرَاجَعْتُهَا وَحَسَبْتُ لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقْتُهَا)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ- قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا)).
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ- وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ-، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:((أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: مُرْهُ، فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ، أَوْ يُمْسِكُ)).
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:((مَكَثْتُ عِشْرِينَ سَنَةً يُحَدِّثُنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَجَعَلْتُ لَا أَتَّهِمُهُمْ وَلَا أَعْرِفُ الْحَدِيثَ، حَتَّى لَقِيتُ أَبَا غَلَّابٍ يُونُسَ بْنَ جُبَيْرٍ الْبَاهِلِيَّ، وَكَانَ ذَا ثَبَتٍ، فَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ أَنْ يَرْجِعَهَا، قَالَ: قُلْتُ أَفَحُسِبَتْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَمَهْ؟ أَوَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ)).
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو الرَّبِيعِ، وَقُتَيْبَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ))، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: ((فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى
يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَقَالَ: يُطَلِّقُهَا فِي قُبُلِ عِدَّتِهَا)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي، وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ لَهُ، فقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لِيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ فَإِنْ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا، قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ، أَفَاحْتَسَبْتَ بِهَا؟ قَالَ: مَا يَمْنَعُهُ؟ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ)).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ:((سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَ، فقَالَ: طَلَّقْتُهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: مُرْهُ، فَلْيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ، فَلْيُطَلِّقْهَا لِطُهْرِهَا، قَالَ: فَرَاجَعْتُهَا، ثُمَّ طَلَّقْتُهَا، لِطُهْرِهَا، قُلْتُ: فَاعْتَدَدْتَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ، الَّتِي طَلَّقْتَ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: مَا لِيَ لَا أَعْتَدُّ بِهَا وَإِنْ كُنْتُ عَجَزْتُ وَاسْتَحْمَقْتُ! )).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: ((طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ إِذَا طَهُرَتْ، فَلْيُطَلِّقْهَا، قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَفَاحْتَسَبْتَ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ قَالَ: فَمَهْ؟ ! )).
[خ: 5333]
وَحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. ح، وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا:((لِيَرْجِعْهَا)) وَفِي حَدِيثِهِمَا قَالَ: ((قُلْتُ لَهُ: أَتَحْتَسِبُ بِهَا؟ قَالَ: فَمَهْ؟ ! )).
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ: ((أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، فقَالَ: أَتَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ
طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، فَذَهَبَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ لِأَبِيهِ)).
وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ مَوْلَى عَزَّةَ: ((يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ- وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ ذَلِكَ-: كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فقَالَ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لِيُرَاجِعْهَا، فَرَدَّهَا، وَقَالَ: إِذَا طَهُرَتْ، فَلْيُطَلِّقْ، أَوْ لِيُمْسِكْ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ})).
وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْو هذه الْقِصَّةِ، وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ مَوْلَى عُرْوَةَ، يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ- وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ- بِمِثْلِ حَدِيثِ حَجَّاجٍ، وَفِيهِ بَعْضُ الزِّيَادَةِ، قَالَ مُسْلِم:((أَخْطَأَ حَيْثُ قَالَ عُرْوَةَ: إِنَّمَا هُوَ مَوْلَى عَزَّةَ)).
الطلاق لغة: التخلية، والإرسال، والترك، يقال: طلقت البلاد إذا تركتها، وطُلِقَتِ الناقةُ إذا أُرسلت
(1)
.
والطلاق شرعًا: حل قيد النكاح، أو بعضه.
والله سبحانه وتعالى شرع الطلاق، وجعله حلًّا للمشكلات التي لا يمكن حلها إلا به، وهو من رحمة الله تعالى بعباده، والطلاق يكون محرمًا؛ ويكون
(1)
الصحاح، للجوهري (4/ 1519)، لسان العرب، لابن منظور (10/ 225).
واجبًا؛ ويكون مكروهًا؛ ويكون مستحبًّا.
فيحرم الطلاق في ثلاث حالات:
- حال الحيض.
- حال النفاس.
- حال الطهر الذي مسها زوجها فيه، أي: جامعها فيه.
وتسمى الحالات السابقة بالطلاق البدعي.
أما الطلاق السني، فله حالتان:
الأولى: الطلاق في طهر لم يجامعها فيه.
والثانية: إذا كانت حاملًا بان حملها.
واختلف العلماء هل يقع الطلاق البدعي، أم لا، جماهير العلماء على أنه تقع الطلقة، ويأثم، وعليه التوبة والاستغفار، وعليه أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم بعد ذلك يطلقها إذا أراد
(1)
، واستدلوا على ذلك بما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ فإنه طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر:((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا)) ، وقالوا: المراد بالرجعة: الشرعية، لا اللغوية. وبقوله سبحانه:{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} ، يعني: حال الطهر.
ويكون الطلاق واجبًا إذا امتنع عن جماعها، فإذا آلى من زوجته لأكثر من أربعة أشهر، فيجب عليه أن يطلقها، أو يفيء، فإن لم يفئ وجب عليه أن يطلق في هذه الحالة.
ويكون الطلاق مستحبًّا إذا خشي أن يقصِّر في نفقتها، أو لم يكن له فيها حاجة.
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (3/ 96)، المدونة، لمالك (2/ 5)، مغني المحتاج، للخطيب الشربيني (4/ 499)، المغني، لابن قدامة (7/ 366).
ويكون الطلاق مكروهًا إذا لم يكن هناك حاجة لحصوله؛ لحديث: ((أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ))
(1)
.
واختلف العلماء في الحكمة من الأمر بإمساكها حيضتين وطهرين:
فقيل: لأن الطهر الذي بعد الحيض تابع له، وكأنه طهر واحد.
وقيل: عقوبة له.
وقيل: حتى لا تكون الرجعة من أجل الطلاق؛ فلذلك جعل بينه وبينها حيضتين وطهرين.
وقيل: لتطول العدة، لعله يعدل عن الطلاق.
وذهب بعض التابعين، كطاوس، وقتادة
(2)
، وبعض الظاهرية
(3)
، إلى أن الطلاق في الحيض والنفاس لا يقع، قال النووي:((وشذ بعض أهل الظاهر فقال: لا يقع طلاقه؛ لأنه غير مأذون له فيه، فأشبه طلاق الأجنبية))
(4)
، والظاهر: أنه ليس شاذًّا، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال رحمه الله: ((
…
فعلم أنه إنما أمره أن يمسكها، وأن يؤخر الطلاق إلى الوقت الذي يباح فيه، كما يؤمر من فعل شيئًا قبل وقته أن يرد ما فعل ويفعله إن شاء في وقته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) ،
(5)
والطلاق المحرم ليس عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود))
(6)
.
واختار هذا الرأي سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
(7)
، وفضيلة
(1)
أخرجه أبو داود (2178)، وابن ماجه (2018).
(2)
المصنف، لعبد الرزاق (6/ 302)، المصنف، لابن أبي شيبة (4/ 57).
(3)
المحلى، لابن حزم (10/ 161).
(4)
شرح مسلم، للنووي (10/ 60).
(5)
أخرجه مسلم (1721).
(6)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (33/ 101).
(7)
فتاوى نور على الدرب، لابن باز (22/ 56).
الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
(1)
، وجزم البخاري في صحيحه بوقوعه
(2)
.
ونصر ابن القيم هذا القول من أوجه متعددة؛ فقال: ((أما قوله: ((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا))، فالمراجعة قد وقعت في كلام الله ورسوله على ثلاثة معانٍ:
أحدها: ابتداء النكاح، كقوله تعالى:{فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله} ، ولا خلاف بين أحد من أهل العلم بالقرآن أن المطلِّق ههنا: هو الزوج الثاني، وأن التراجع بينها وبين الزوج الأول، وذلك نكاح مبتدأ.
وثانيهما: الرد الحسي إلى الحالة التي كان عليها أولًا، كقوله لأبي النعمان بن بشير رضي الله عنه لما نحل ابنه غلامًا خصه به دون ولده:((رُدَّهُ))
(3)
، فهذا رد ما لم تصح فيه الهبة الجائزة التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جورًا، وأخبر أنها لا تصلح، وأنها خلاف العدل.
ومن هذا قوله لمن فرق بين جارية وولدها في البيع فنهاه عن ذلك ورد البيع، وليس هذا الرد مستلزمًا لصحة البيع؛ فإنه بيع باطل، بل هو رد شيئين إلى حالة اجتماعهما كما كانا، وهكذا الأمر بمراجعة ابن عمر امرأتَهُ ارتجاعٌ وردٌّ إلى حالة الاجتماع كما كانا قبل الطلاق، وليس في ذلك ما يقتضي وقوع الطلاق في الحيض البتة
…
))
(4)
، فالمراد: أن يردها إليه، وليس معنى ذلك: أن تحسب عليه طلقة؛ لأن الأصل أن الحقيقة اللغوية غير الحقيقة الشرعية.
وقوله: ((مُرْهُ، فَلْيُرَاجِعْهَا)): ظاهر الأمر الوجوب، فيجب أن يراجعها إذا طلقها في الحيض، ويحرم عليه تطليقها، وقال بعضهم: إن الأمر هنا للاستحباب، ولكن لنا أن الأصل في الأوامر الوجوب.
(1)
الشرح الممتع، لابن عثيمين (13/ 48 - 50).
(2)
صحيح البخاري (7/ 41).
(3)
أخرجه مسلم (1623).
(4)
زاد المعاد، لابن القيم (5/ 208).