الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْهِبَاتِ
بَابُ كَرَاهَةِ شِرَاءِ الْإِنْسَانِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ مِمَّنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ
[1620]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ؛ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ)).
وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- يَعْنِي: ابْنَ مَهْدِيٍّ- عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ:((لَا تَبْتَعْهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ)).
حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ- يَعْنِي: ابْنَ زُرَيْعٍ- حَدَّثَنَا رَوْحٌ- وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ- عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَقَدْ أَضَاعَهُ، وَكَانَ قَلِيلَ الْمَالِ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:((لَا تَشْتَرِهِ، وَإِنْ أُعْطِيتَهُ بِدِرْهَمٍ؛ فَإِنَّ مَثَلَ الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ)).
وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ وَرَوْحٍ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ.
[1621]
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ)).
[خ: 2971]
وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ رُمْحٍ جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى- وَهُوَ الْقَطَّانُ-.ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ- وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ- قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ رَآهَا تُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((لَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ يَا عُمَرُ)).
في هذه الأحاديث: أن هذا الفرس الذي حمل عليه عمر حمله حملَ تمليك ليقاتل عليه في سبيل الله، لا حمل تحبيس ووقف؛ لأنه لو كان حمل تحبيس ووقف لما باعه صاحبه.
ولما أراد عمر أن يشتريه نهاه النبي صلى الله عليه وسلم، والنهي أصله التحريم، خلافًا للنووي فقد رجح: أنه مكروه تنزيهًا
(1)
.
والصواب: أن النهي للتحريم، وهو يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يشتري الهبة التي وهبها لشخص، أو الصدقة التي تصدق بها على شخص؛ لأنه يعتبر رجوعًا في الهبة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نفَّر من ذلك تنفيرًا شديدًا، فقال:((فَإِنَّ مَثَلَ الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ)) زاد أبو داود في آخره: قال همام: قال قتادة: ((ولا أعلم القيءَ إلا حرامًا))
(2)
.
فمن وهب شيئًا، أو تصدق به فينبغي أن لا تكون نفسه متعلقة بهذا الشيء الذي وهبه، أو تصدق به، لئلا يعود في ذلك أو يشتريه، ثُمَّ إنه إذا أراد أن
(1)
شرح مسلم، للنووي (11/ 62).
(2)
أخرجه أبوداود (3538).
يشتريه فقد يراعيه الذي تصدق عليه به في الثمن، فيسقط عنه بعض القيمة.
ويستثنى من هذا: هبة الوالد لولده؛ فإنه يجوز له الرجوع فيها؛ جمعًا بين هذا الحديث، وحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه في رجوع والده في هبته له لما وهب له غلامًا- يعني: عبدًا- فقال النبي (: ((أكل ولدك نحلت مثله؟ ))، قال: لا، فأمره النبي (بإرجاع الهبة واستردادها بقوله:((فارجعه))
(1)
، وفي لفظ:((أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ ))، قال: بلى، قال:((فلا إذًا))
(2)
، وفي لفظ أنه قال:((أشهد على هذا غيري))
(3)
، وفي لفظ أنه قال:((فإني لا أشهد على جور))
(4)
، كل هذا يدل على أن الوالد إما أن يسوي بين أولاده في العطية، أو يرجع في العطية والهبة فهو مستثنى، وما عدا الوالد فإنه يحرم عليه أن يرجع في الهبة وأن يستردها، خلافًا للحنفية
(5)
؛ فبعضهم قال: لا بأس بالرجوع؛ لأن النهي ليس للتحريم.
والهبة نوعان:
1 -
هبة مطلقة لا يُقصد بها العوض، وإنما يُقصد بها الأجر، وحصول المودة، سواء كانت لمن دونه، أو أعلى منه، أو مثله، وهذه هي الأصل، وهي مستحبة.
2 -
هبة مقيدة، وهي التي يُقصد بها ثواب الدنيا.
فهذه حكمها حكم البيع، والغالب أن المهدي يطلب بها أكثر مما أهدى، والأفضل أن يقنع بما يُعطى، ولا يجعل الهدية طريقاً لابتزاز أموال الناس.
(1)
أخرجه البخاري (2586)، ومسلم (1623).
(2)
أخرجه مسلم (1623).
(3)
أخرجه أحمد (4/ 270)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 85)، وابن حبان (11/ 305).
(4)
أخرجه البخاري (2650)، ومسلم (1623).
(5)
حاشية الدر المختار، لابن عابدين (5/ 698).