الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَرَاهَةِ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَةِ
[1623]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يُحَدِّثَانِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَارْجِعْهُ)).
[خ: 2586]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أَتَى بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ:((أَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((فَارْدُدْهُ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَي، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، أَمَّا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فَفِي حَدِيثِهِمَا:((أَكُلَّ بَنِيكَ))، وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ وَابْنِ عُيَيْنَةَ:((أَكُلَّ وَلَدِكَ))، وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ بَشِيرًا جَاءَ بِالنُّعْمَانِ.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ- وَقَدْ أَعْطَاهُ أَبُوهُ غُلَامًا- فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ ))، قَالَ: أَعْطَانِيهِ أَبِي، قَالَ:((فَكُلَّ إِخْوَتِهِ أَعْطَيْتَهُ كَمَا أَعْطَيْتَ هَذَا؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((فَرُدَّهُ)).
قوله: ((نَحَلْتَهُ))، يعني: أعطيتَه، ومنه: قوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} .
وقوله: ((فَارْجِعْهُ)) فيه: دليل على أن للوالد أن يرجع في هبته لولده له.
في هذا الحديث: دليل على أنه يجب التسوية بين الأولاد في العطية، وأن التفضيل محرم، وهو من أسباب العقوق، وقيل: بل مكروه تنزيهًا، والتسوية مستحبة، ورجحه الإمام النووي
(1)
، ولكن هذا قولٌ ضعيف جدًّا.
والصواب: أنه يجب التسوية بين الأولاد في العطية، وإذا أعطى بعض ولده شيئًا، ولم يعطِ الآخرين فهو بين أمرين: إما يعطي البقية مثله، أو يسترد العطية.
مسألة: كيف تكون التسوية بين الأولاد؟
الجواب: قيل: التسوية للكل، للذكر والأنثى على السواء.
وقيل: بل للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا هو الأرجح أنه كالميراث.
- وأما في النفقة والكسوة فالتسوية غير واجبة، فالفقير الذي يحتاج إلى كسوة ينفق عليه نفقة، والذي لا يحتاج إلى كسوة لا يعطى شيئًا، وكذلك من احتاج إلى زواج يزوَّج، ولا يلزم الأب أن يعطي الآخرين مثل قيمة المهر.
وكذا إذا كان أحد الأولاد لديه ظروف صحية خاصة، كأن يكون مُقعدًا، أو لا يعمل، فينفق عليه، ويكسوه ويعطيه ما يحتاج، ولا يجب أن يعطي الآخرين مثله، ولا يزيد بأن يهبه ما يهب لإخوانه.
مسألة: ما الحكم إذا رضي الإخوة عن الهبة لأخيهم؟
الجواب: إذا رضوا طواعيةً جاز، لكن إن سكت أحدهم؛ لأنه لا يريد أن يعارض والده فلا يعتبر هذا رضًا.
(1)
شرح مسلم، للنووي (11/ 67).
- وإذا وهب إنسان إنسانًا هبة أو عطية، فله أحوال:
الحالة الأولى: أن يسترد العطية والهبة، وهذا حرام إذا كان من غير الوالد.
الحالة الثانية: أن يشتريها منه، ولا يستردها، وهذا- أيضًا- حرام على الصحيح.
وقيل: مكروه تنزيهًا، وهذا القول قولٌ ضعيف كما سبق.
الحالة الثالثة: أن يكون الواهب الوالد، فله أن يستردها؛ لأن الوالد له أن يتملك من مال ولده ما يشاء، بشرطين:
الشرط الأول: أن لايضر بالولد.
الشرط الثاني: أن لا يعطيه لولد آخر.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى- وَاللَّفْظُ لَهُ- أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي- عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ-: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((اتَّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ))، فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ.
[خ: 2587]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ: أَنَّ أُمَّهُ- بِنْتَ رَوَاحَةَ- سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي- وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ- فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا- بِنْتَ رَوَاحَةَ- أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ ))، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ:((أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا؛ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ)).
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ؟ ))، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:((فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((فَلَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ)).
[1624]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ- لِأَبِيهِ-: ((لَا
تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ- وَاللَّفْظُ لِيَعْقُوبَ- قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ:((أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي))، ثُمَّ قَالَ:((أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ ))، قَالَ: بَلَى، قَالَ:((فَلَا إِذًا)).
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا، ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ، فَقَالَ:((أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا؟ ))، قَالَ: بَلَى، قَالَ:((فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ)). قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُحَمَّدًا، فَقَالَ: إِنَّمَا تَحَدَّثْنَا أَنَّهُ قَالَ: ((قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ)).
[1624]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِي غُلَامَكَ، وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامِي، وَقَالَتْ: أَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((أَلَهُ إِخْوَةٌ؟ ))، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:((أَفَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ؟ ))، قَالَ: لَا، قَالَ:((فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ)).
قوله: ((فَالْتَوَى بها سَنَةً))، يعنى: ما أعطى إلا بعد سنة.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ )) فيه: دليل على أن الحكمة من
التسوية: العدل بين الأولاد، فلو لم يكن لبشير ولدٌ غيره لأمضى النبي صلى الله عليه وسلم الهبة، وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم:((أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إِذًا)).