الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب تَحْرِيمِ تَوَلِّي الْعَتِيقِ غَيْرَ مَوَالِيهِ
[1507]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ، ثُمَّ كَتَبَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُتَوَالَى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، ثُمَّ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ لَعَنَ فِي صَحِيفَتِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
قوله: ((عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ)) عقوله: جمع عقل، كفلوس جمع فلس، وهي الدِّيَات، وتكون على العصبات وهم الآباء والأبناء، فكل بطن يعقل يعني: يتحمل دية الخطأ.
وقوله: ((ثُمَّ كَتَبَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُتَوَالَى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، ثُمَّ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ لَعَنَ فِي صَحِيفَتِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ)) دل هذا على أن الانتماء إلى غير الموالي من كبائر الذنوب، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك؛ لأن هذا كفر بالنعمة، وإنكار لها؛ لأن الولاء عصوبة سببها نعمة المعتِق على رقيقه بالعتق؛ فلا يباع ولا يوهب، بل يبقى منتسبًا إلى مواليه، كما أن الإنسان يبقى منتسبًا إلى آبائه وأجداده وقبيلته.
وقوله: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُتَوَالَى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ)) أخرجه مخرج الغالب، وإلا فلو أذنوا له فلا يجوز له أن ينتسب إلى غير مواليه، وهو كقوله تعالى:{وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم} خرج مخرج الغالب، فالربيبة بنت الزوجة، سواء كانت في الحجر، أو في غير الحجر، ومثله قوله تعالى:{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنًا} خرج مخرج الغالب؛ لأن إكراهها على البغاء والزنا حرام، أرادت أو لم تُرد.
والخلاصة: أنه لا يجوز أن ينتمي العبد لغير مواليه، أذنوا، أم لم يأذنوا، أما قول من قال: إنه يجوز، فهو قول ضعيف لا وجه له.
[1508]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ- عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ، وَلَا صَرْفٌ)).
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ، وَلَا صَرْفٌ)).
وَحَدَّثَنِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((وَمَنْ وَالَى غَيْرَ مَوَالِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ)).
في هذا الحديث: وعيد شديد يدل على أن انتساب العبد إلى غير مواليه من كبائر الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم:((فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ)).
وقوله: ((لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ، وَلَا صَرْفٌ))، يعني: فريضة، ولا نافلة، فالصرف: الفريضة، والعدل: النافلة.
[1370]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلَّا كِتَابَ اللهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ- قَالَ: وَصَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ- فَقَدْ كَذَبَ، فِيهَا: أَسْنَانُ الْإِبِلِ، وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، وَفِيهَا: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا)).
في هذا الحديث: رد على الرافضة الذين قالوا: إن أهل البيت خُصُّوا بشيء دون الناس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خصهم بالخلافة، واستخلف من بعده عليًّا رضي الله عنه، ولكن الصحابة أنكروا ذلك، وأخفوا النصوص.
وفيه: ذكر ما في الصحيفة، وهو: بيان الجراحات، وأسنان الإبل، وتحديد حرم المدينة، وأنه ما بين عير إلى ثور- وثور جبل صغير مدور خلف أحد جهة الشمال إلى الجنوب، وأما جهة الشرق والغرب فما بين اللابتين-، وفيه تحريم الانتساب إلى غير الآباء والأجداد والقبيلة، وأنه من الكبائر، وكذلك إيواء المحدِث- والمحدِث: الجاني حتى لا يقام عليه الحد-.
وقوله: ((وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ)) المقصود بها: أن المسلمين كالشيء الواحد، فإذا أجار أحدهم شخصًا أو أمّنه فلا تُخفر ذمته، ولو كان عبدًا أو امرأة؛ لذلك أجارت أمُّ هانئ أختُ علي بن أبي طالب رضي الله عنهما رجلًا من المشركين وأراد علي أن يقتله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:((قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ))
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (357)، ومسلم (336).