الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ
[1634]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلِمَ كُتِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةُ، أَوْ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل.
[خ: 2740]
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ قُلْتُ: فَكَيْفَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْوَصِيَّةِ؟ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ قُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةُ؟ .
[1635]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ.
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كُلُّهُمْ عَنْ جَرِيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى- وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ- جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
في هذا الحديث: دليل على أن من ليس عنده شيء فليس عليه وصية.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصِ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لا يورث؛ ولهذا ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ))
(1)
، حتى الأرض التي حصلت
(1)
أخرجه البخاري (3094)، ومسلم (1757).
له في خيبر فقد أوقفها عليه الصلاة والسلام.
وقد جاءت فاطمة رضي الله عنها وهي سيدة من سيدات أهل الجنة إلى أبي بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرها أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ))، وهذا رواه ما يقرب من عشرة من الصحابة رضي الله عنهم، وكان الأمر قد خفي عليها، ولكنها رضي الله عنها بقي في خاطرها شيء، وبقيت هاجرةً أبا بكر رضي الله عنه، وكان الحق مع أبي بكر رضي الله عنه.
[1636]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ وَصِيًّا، فَقَالَتْ: مَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ، فَقَدْ كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صَدْرِي- أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي؟ - فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إِلَيْهِ؟ .
[خ: 2741]
قولها: ((انْخَنَثَ))، يعني: سقط ومال.
وفي هذا الحديث: رد على الرافضة الذين يقولون: إن النبي أوصى إلى علي رضي الله عنه بالخلافة، وأن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كلهم ظلمة مغتصِبون للخلافة، وهذا من اختلاق الرافضة وأباطيلهم وضلالاتهم- نسأل الله العافية.
[1637]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ- وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ- قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ، فَقَالَ:((ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي))، فَتَنَازَعُوا، وَمَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، وَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ؟ ! اسْتَفْهِمُوهُ، قَالَ:((دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ، أُوصِيكُمْ بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ))، قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَهَا فَأُنْسِيتُهَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
[خ: 3053]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ! ، ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَتَّى رَأَيْتُ عَلَى خَدَّيْهِ كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((ائْتُونِي بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ- أَوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ- أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا))، فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهْجُرُ.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ قَالَ عَبْدُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ ابْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّونَ بَعْدَهُ))، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ، فَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((قُومُوا)). قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.
[خ: 4432]
قوله: ((مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ؟ ! ))، أي: أقال هُجرًا؟ أي: أهذى من شدة الوجع؟ !
وفي هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أولًا أن يكتب الوصية، ولما اختلف الصحابة قال:((قُومُوا))، ثم خف عليه المرض في أيام السبت والأحد ولم يكتب كتابًا، فدل على أنه رأى عدم الكتابة، أو أنه أُمر أولًا بالكتابة، ثم نُسخ قبل الكتابة.
وقد ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ صَحِيفَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّتِي عَلَيْهَا خَاتَمُهُ فَلْيَقْرَأْ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}، إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}))
(1)
.
والمعنى: أنه عليه السلام لو أوصى لأوصى بما في كتاب الله.
وكذلك ثبت عن عائشة رضي الله عنها كما سبق- أنه لم يوصِ بشيء.
وأخبر ابن عباس هنا: أنه أوصى بثلاثٍ، وأخبر غيره بغير هذه الثلاث، فقد أوصى بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب
(2)
، وأوصى بالصلاة
(3)
، وأوصى بكتاب الله، وبأهل بيته
(4)
، ونهى عن اتخاذ القبور مساجد
(5)
.
وفيه: دليل على أنه لا يجوز إبقاء اليهود والنصارى في جزيرة العرب؛
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (10060).
(2)
أخرجه مسلم (1767).
(3)
أخرجه أحمد (585)، وأبو داود (5156).
(4)
أخرجه مسلم (2408).
(5)
أخرجه البخاري (1330)، ومسلم (529).
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد لهم المدة التي أقرهم على البقاء فيها، قال:((نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا))
(1)
، ثم بقوا فيها بقية حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومدة خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وهي قصيرة، وكان قد انشغل فيها بحروب الردة، ثم لما تولى عمر رضي الله عنه الخلافة أجلاهم إلى الشام، وأريحاء، وتيماء.
(1)
أخرجه البخاري (2338)، ومسلم (1551).