الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ الَّذِي يَكُونُ بِالْفَلَاةِ، وَيُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِرَعْيِ الْكَلَأِ، وَتَحْرِيمِ مَنْعِ بَذْلِهِ، وَتَحْرِيمِ بَيْعِ ضِرَابِ الْفَحْلِ
[1565]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ.
في هذا الحديث: النهي عن بيع فضل الماء، يعني: الماء الزائد عن حاجة الإنسان، فإذا كان له بئر وفيها ماء فاضل عن حاجته فليس له أن يمنع أحدًا من أخذه، فلا يمنعه من أن يدلي بدلوه ليأخذ الماء ليشرب، أو ليسقي دوابه، أما إذا كان الماء قليلًا لا يكفي إلا له ولدوابه فله المنع، أو إذا استخرج الماء وحازه بالأواني، أو القِرب، فيكون أولى به من غيره، أما إذا كان يستخرج الماء من البئر ليبيعه على الناس فهذا شيء آخر.
وإذا استخرجه ليشرب ويسقي دوابه فليس له أن يمنع فضله الزائد عن حاجته؛ فالناس شركاء في الماء، كما أنهم شركاء في الكلأ، والنار، فإذا كان عندك بئر في البرية، أو في أي مكان، وجاء إنسان يريد أن يدلي بدلوه ويستخرج من الماء، فليس لك أن تمنعه ما دام فيها ماء زائد عن حاجتك.
وآبار المزارع كذلك، إذا جاء أحد يشرب ويسقي دوابه فلا يُمنع إذا كان فيها ماء زائد عَنِ الحاجة، أما من يريد أن يستخرج الماء من أجل أن يبيعه على الناس ويبتاع فهذا شيء آخر، لكن لا يمنع غيره من أن يشرب، ويسقي دوابه.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ، وَعَنْ بَيْعِ الْمَاءِ، وَالْأَرْضِ لِتُحْرَثَ، فَعَنْ ذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ)): فهذا منهي عنه؛ لأنه شيء يسير، يبذل بين الناس من الغنم، أو البقر، أو الإبل، فإذا كان أخوك عنده غنم واحتاج إلى تيس، فإنك تبذله له ولا تمنعه حتى ينزو على غنمه، أو احتاج ذكرًا من البقر لينزو على البقر، وهكذا، وهذا مما يُفعل من باب المعروف، ولا يُمنع، ولا يؤخذ مقابله أجرة، لكن إذا أُعطي كرامةً حزمةَ علفٍ من دون شرط فلا بأس، وتركه أولى؛ لئلَّا يكون حيلة إلى الكسب من ذلك.
وقوله: ((وَالْأَرْضِ لِتُحْرَثَ)): فيه: النهي عن تأجير الأرض، وهذا مجمل، ويفسَّر بالأحاديث السابقة، وهي المزارعة، وسبق أن المزارعة هي المعاملة على الأرض بالذهب، أو بالفضة، أو بالدراهم، أو بجزء معلوم مشاع كالربع، أو الثلث فهذه مزارعة جائزة، أما إذا زارع بجزء معلوم غير مشاع مثل: لي ما تنبت الجهة الشمالية، ولك ما تنبت الجهة الجنوبية، أو لي ما ينبت على السواقي فهذه مزارعة الجاهلية، وهي المنهي عنها.
[1566]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ)).
[خ: 2353]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ- وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ-: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ)).
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُسَامَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يُبَاعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الْكَلَأُ)).
قوله: ((لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ))، يعني: لا يمنع الماء الفاضل عن حاجته؛ لئلَّا يرعى الكلأ الذي حوله ليحميه لدوابه؛ لأنه إذا سمح له بالماء رعت الدواب الكلأ الذي حوله، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء ليمنع به الكلأ؛ لأن الناس شركاء في الكلأ.