الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَسَوْمِهِ عَلَى سَوْمِهِ
،
وَتَحْرِيمِ النَّجْشِ، وَتَحْرِيمِ التَّصْرِيَةِ
[1412]
حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ)).
[خ: 2139]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى- وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا يَحيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ)).
في هذا الحديث: تحريم بيع المسلم على بيع أخيه؛ لأنه يفضي إلى الشحناء والبغضاء، والإسلام أراد من المسلمين أن يكونوا إخوة متحابين، وصورته: أن يبيع مسلم سلعة على شخص بمائة، ويكون بينهما الخيار ثلاثة أيام- مثلًا-، فيأتي شخص آخر إلى المشتري، ويقول له: رُدَّ هذه السلعة، وأنا أعطيك أحسن منها بثمانين، ومثله شراء المسلم على شراء أخيه؛ كأن يأتي للبائع الذي باع السلعة بمائة وهو في مدة الخيار، فيقول: استردَّ السلعةَ وأنا أزيدك، فأعطيك مائة وعشرين، وهذا حرام لا يجوز، إلا إذا أذن له، كما في هذا الحديث، وكذلك خطبة المسلم على خطبة أخيه لا تجوز إلا أن يأذنَ له، أو يُرَدَّ، وفي الحديث:((إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ))، فإذا أذن له، أو رُدَّ الخاطب الأول وعلم بذلك الخاطب الثاني فله أن يتقدم للخطبة.
[1515]
حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ- عَنِ العَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا يَسُمِ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ)).
[خ: 2150]
في هذا الحديث: بيان سوم المسلم على سوم أخيه، فيقول: بمائة، فيركن البائع إليه ولا يرده، كأنه رضي بسومته، فيأتي آخر ويسومها بمائة وعشرين، فليس له ذلك؛ لأن البائع قد ركن إلى الأول، أما إذا لم يركن إليه ولم يرغب في البيع، وقال: هذا لا يناسبني وأريد زيادة فلا بأس، وهذا بخلاف البيع بمزاد علني، فلو سيمت السلعة بمائة، فقيل: من يزيد؟ فقيل: بمائة وعشرين، فلا بأس بهذا؛ لأن طلب البائع للزيادة معناه: أنه لم يرضَ بعد بالسوم، ولا حرج في هذا شرعًا.
وَحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ العَلَاءِ، وَسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ- وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ- عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ.
وَفِي رِوَايَةِ الدَّوْرَقِيِّ: عَلَى سِيمَةِ أَخِيهِ.
حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيْعٍ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا- بَعْدَ ذَلِكَ- فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ)).
قوله: ((لَا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيْعٍ)): تلقي الركبان هو: أن يخرج شخص من البلد ويتلقى من يأتي من خارج البلد، فيشتري منهم ما معهم، فهذا منهي عنه؛ لأنه يشتريه بأقل من ثمنه، ثم يبيعه على الناس بالغلاء، فيضر بالناس، ولو هبط البائع إلى السوق ووجد أنه قد غُبن فله الخيار، كما جاء في الحديث الآخر:((نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ مُتَلَقٍّ مُشْتَرٍ، فَاشْتَرَاهُ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَتِ السُّوقَ))
(1)
، فهو مخير، إن شاء رد السلعة، وإن شاء أمضى البيع.
وقوله: ((وَلَا تَنَاجَشُوا)): النَّجْشُ- لغة-: الإثارة، من: نجش ينجش
(1)
أخرجه أحمد (9236)، وأبو داود (3437)، والترمذي (2178).
نجشًا، من باب: ضرب يضرب ضربًا
(1)
، والنجش- شرعًا-: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها؛ لينفع البائع، أو ليضر المشتري، وهذا حرام، والناجش عاصٍ لله ولرسوله.
وقوله: ((وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)): صورته: أن يقدم إلى البلد رجل معه سلعة- سواء كان من أهل البادية، أو من غيرهم- ولا يعرف قيمة هذه السلعة، ويريد بيعها في الحال، كمن يأتي من البادية ومعه سمن، أو أقط، أو دهن، أو فقع، وما أشبه ذلك، ويريد أن يبيعها بسعر يومها برخص، فيأتيه رجل، ويقول له: دعها عندي، أبيعها لك على التدريج، فهذا يضر بالناس؛ لأن البادي يريد أن بيبعها بسعر يومها برخص، وهذا فيه مصلحة لأهل البلد، فيفوتها عليهم.
واختلف العلماء فيما إذا باع حاضر لبادٍ هل يصح البيع، أو لا يصح؟ ولهم في هذا أقوال:
منها: لا يصح البيع، وقيل: يصح مع الإثم، وقيل: لا يصح مطلقًا.
وقيل: يصح مطلقًا، وهو مذهب الأحناف
(2)
، وقالوا: إن هذا من باب النصيحة؛ لحديث: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ))
(3)
، وقالوا: إن حديث: ((لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)): منسوخ، وهذا قول ضعيف لا وجه له.
وقيل: يجوز إذا كان بدون أجرة، ولا يجوز إذا كان بأجرة، وهي السمسرة؛ لأنه إذا باعه بأجرة فلا ينظر إلا لمصلحة نفسه، وأما إذا باعه له بدون أجرة فهذا جائز، وهو اختيار البخاري، والصواب: المنع مطلقًا، لا بسمسرة، ولا بغيرها.
(1)
مقاييس اللغة، لابن فارس (5/ 394)، تاج العروس، للزبيدي (17/ 403).
(2)
بدائع الصنائع، للكاساني (5/ 232).
(3)
أخرجه مسلم (55).
لكن هل يفسد البيع، أو لا يفسد؟ على قولين:
القول الأول: أنه يفسد البيع، وقيل: لا يفسد، والأقرب: أن النهي في الحديث للفساد.
القول الثاني: ((وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا- بَعْدَ ذَلِكَ- فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ)): أصلها: ولا تُصَرِّرُوا، والتصرية
(1)
: حبس اللبن في الضرع، بأن يترك اللبن في ضرع الدابة إذا أراد بيعها حتى يكثر، فيغتر المشتري، ويظن أن هذا اللبن في كل يوم، فإذا اشترى المشتري المصراة، ثم حلبها، وتبين له أن حليبها أقل من هذا، وأن البائع قد غره ولم يبين له، فله الخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها، ورد معها صاعًا من تمر مقابل الحليب، وهذا قطع للنزاع.
(1)
تاج العروس، للزبيدي (38/ 420).
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ- وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ- عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّلَقِّي لِلرُّكْبَانِ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَأَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا، وَعَنِ النَّجْشِ، وَالتَّصْرِيَةِ، وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ.
[خ: 2727]
وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. ح، وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي حَدِيثِ غُنْدَرٍ، وَوَهْبٍ: نُهِيَ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى. بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ.
[1516]
حَدَّثَنَا يَحيَى بْنُ يَحيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النَّجْشِ.
قوله: ((وَأَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا)): وهذا- أيضًا- منهي عنه، وفي لفظ آخر:((وَلْتَنْكِح، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا))
(1)
، فلا يجوز للمرأة إن طُلبت للزواج أن تشترط طلاق أختها، سواء اشترطته بنفسها، أو اشترطه وليها، وهناك أحد أمرين: إما أن يزوجوه- وإن كان معه زوجة أخرى- وإما أن يردوه، أما أن يشترطوا طلاق الزوجة الأولى فهذا حرام عليهم، نعم لهم أن يشترطوا أن يكون لها بيت مستقل، وأن يعدل بين زوجاته، فهذا لا بأس به، أما أن تشترط طلاق أختها فهذا حرام.
(1)
أخرجه البخاري (6600)، ومسلم (1408).