الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ
[1552]
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ)).
في هذا الحديث: فضل الزرع، وأن من غرس غرسًا، أو زرع زرعًا كان له أجر في كل ما أخذ منه، سواء كان باختياره، أو بدون اختياره، فما أكل منه الضيف باختياره، والفقير إذا تصدق عليه فله أجر، وما سرقه السارق- أيضًا- له فيه أجر، وما أكل منه الطير والدواب، ولا يرزؤه، يعني: لا ينقصه، وظاهره: أنه ولو باعه يبقى له الأجر، سواء كان محتسبًا، أو غير محتسب، فإذا احتسب- بشرط أن يكون مسلمًا- صار له أجر الاحتساب- أيضًا- مثل المنفق إذا أنفق على أهله له أجر، وإذا احتسب صار له أجر آخر هو أجر الاحتساب.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيَّةِ فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ، أَمْ كَافِرٌ؟ ))، فَقَالَتْ: بَلْ مُسْلِمٌ، فَقَالَ:((لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا يَغْرِسُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ غَرْسًا، وَلَا زَرْعًا، فَيَأْكُلَ مِنْهُ سَبُعٌ، أَوْ طَائِرٌ، أَوْ شَيْءٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ))، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَلَفٍ:((طَائِرٌ شَيْءٌ)).
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ مَعْبَدٍ حَائِطًا، فَقَالَ:((يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ، أَمْ كَافِرٌ؟ ))، فَقَالَتْ: بَلْ مُسْلِمٌ، قَالَ:((فَلَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا طَيْرٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جميعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ، زَادَ عَمْرٌو فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَمَّارٍ. ح، وَأَبُو كُرَيْبٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، فَقَالَا: عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ: عَنِ امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: رُبَّمَا قَالَ: عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ، وَكُلُّهُمْ قَالُوا: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ حَدِيثِ عَطَاءٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
في هذه الأحاديث: دليل على أنه يشترط أن يكون الزارع مسلمًا حتى يحصل له الأجر، قال صلى الله عليه وسلم:((أَمُسْلِمٌ، أَمْ كَافِرٌ؟ )).
وقوله: ((أَمُسْلِمٌ)): ولم يقل: محتسب، وهذا دليل على أن الاحتساب ليس بشرط، فالاحتساب يزيد الأجر، إذا احتسب أنه ينفع المسلمين، ويغنيهم عن غيرهم، وعَنِ الحاجة إلى أعدائهم.
وورد في رواية: أنها أم مبشر، والأقرب أنها واحدة تكنى أم مبشر، وتكنى أم معبد.
[1553]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ)).
[خ: 2330]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ نَخْلًا لِأُمِّ مُبَشِّرٍ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ، أَمُسْلِمٌ، أَمْ كَافِرٌ؟ )) قَالُوا: مُسْلِمٌ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
في هذا الحديث: أن هذا الأجر الكبير لمن يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا؛ وذلك لأن نفعه متعدٍّ، والقاعدة: أن ما كان نفعه متعديًا فهو أفضل مما كان نفعه قاصرًا، والغرس والزرع نفعه متعدٍّ، كل يستفيد منه، المار، والطير، والدابة، والمسافر الذي يشرب ويتوضأ
…
وهكذا.
وفيه: أن الغارس إذا باع ما غرسه فإن الظاهر أن الأجر يكون للغارس الأول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ، أَمُسْلِمٌ، أَمْ كَافِرٌ؟ ))، ولم يقل النبي
صلى الله عليه وسلم: هل هو باقٍ في ملك الأول، أم باعه، هذا هو ظاهر الأحاديث، مثل الحديث السابق، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:((مَنْ غَرَسَ غَرْسًا، أَوْ زَرَعَ زَرْعًا))، فإنه لم يقل: من اشترى نخلًا، وليس كل التجار يشترون بساتين، ثم يُسَبِّلونها، فلو سَبَّلها وصار يُستفاد منها، فلا يمنع أن يكون له أجر، كمن غرس، ولا يختص حصول هذه الصدقات لمن باشر الغرس، أو الزراعة، بل يتناول من استأجر لعمل ذلك، والصدقة حاصلة حتى فيمن عجز عن جمعه كالسنبل المعجوز عنه للحصيد، فيأكل منه حيوان، فإنه مندرج تحت مدلول الحديث.