الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَامِلِ الْمَسْبِيَّةِ
[1441]
وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَّهُ أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ، فقَالَ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا، فقَالُوا: نَعَمْ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنْهُ لَعَنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ ! )).
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ.
قوله: ((عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ)): خمير بالخاء المعجمة المضمومة.
وقوله: ((بامرأة مُجِحٍّ)): هي الحامل التي قربت ولادتها.
وقوله: ((يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا))، أي: يريد أن يطأها.
وفي هذا الحديث: وعيد شديد لمن وطأ مسبية وهي حامل، وأنه من الكبائر، فلا يجوز وطء مسبية حتى تستبرأ بحيضة، أو تضع إذا كانت حاملًا.
وقوله: ((كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ ! )): معناه: أنه إذا وُطئت الأمة الحامل فلا يصح أن يحكم لولدها أنه ابن هذا الواطئ؛ لأنه عن ماء غيره نشأ، وعلى هذا فلا يحل له أن يرثه، ولا يصح- أيضًا- أن يحكم لذلك الولد بأنه عبد للواطئ بما حصل في الولد من أجزائه، فلا يحل له أن يستخدمه استخدام العبيد؛ إذ ليس بعبد بما خالطه من أجزاء الحر، وفي الفقه ما يتبين به استحالة اجتماع أحكام الحرية والرق في شخص واحد، وأن ما يكون فيه شائبة رق لا يكون حكمه حكم الحر؛
وعليه فيجب على السابي الامتناع من وطئ الحامل خوفًا من هذا المحظور، وهذا هو الظاهر في معنى الحديث.
وفيه: أنه إذا وطأ الرجل المرأة وهي حامل من غيره، فهذا يؤدي إلى اختلاط الأنساب، ولأنه يسقي بماءه زرع غيره، وهذا الولد ليس له، فلا يحل له أن يطأها وهي حامل حتى تضع، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك من الكبائر؛ إذ كيف يستلحقه وهو يعلم أنه ولد غيره؟
قال المازري: ((إشارة إلى أنه قد ينمي الجنين بنطفة هذا الواطاء لأمِّه حَامِلًا، فيصير مشاركًا فيه لأبيه، وكان له بعض الولد، فإذا حصلت المشاركة منع الاستخدام))
(1)
، قالوا: وهو نظير حديث: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلا يَسْقِي مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ))
(2)
.
وفيه: أن السبي يهدم النكاح، وقد ذكر أبو داود في المنع من وطء الحامل حديثًا هو نص وأصل في هذا الباب: عن أبي سعيد الخدري رفعه قال- في سبايا أوطاس-: ((لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، ولا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً))، وتفرد أبو داود بقوله:((حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً))
(3)
.
(1)
المعلم، للمازري (2/ 158).
(2)
أخرجه أحمد (16990)، وأبو داود (2158).
(3)
أخرجه أحمد (11228)، وأبو داود (2157).