الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْوَصِيَّةِ
كِتَابُ الْوَصِيَّةِ
[1627]
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ- واللفظ لابن المثنى- قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى- وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)).
[خ: 2738]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُمَا قَالَا:((وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ))، وَلَمْ يَقُولَا:((يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي: ابْنَ زَيْدٍ-.ح وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنِي: ابْنَ عُلَيَّةَ- كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ- يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ- كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَالُوا جَمِيعًا:((لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ))، إِلَّا فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ قَالَ:((يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ))، كَرِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو- وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ: ((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ)).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.
وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.
الوصية: مشتقة من: وصيت الشيء أوصيه إذا وصلته، وسميت وصية؛ لأن الميت يصل ما كان في حياته بما بعد مماته، فيتصل عمل الميت بما كان في الحياة.
والحقوق المتعلقة بالتركة متعددة، فأول شيء يُبدأ به فيُخرج من رأس المال هو ما يتعلق بتجهيز الميت، كالكفن، وأجرة الغاسل، وأجرة حفر القبر، ثم بعد ذلك تخرج الديون المتعلقة بعين التركة، كالدين الذي به رهن، والأرش المتعلق برقبة الجاني، ثم الديون المطلقة المرسَلة، سواء كانت لله كزكاة، أو نذر، أو كفارة، أو وجب عليه الحج- وهو قادر- ولم يحجَّ؛ فإنها تؤخذ من رأس المال قبل قسمة التركة، ثم تُخرج بعد ذلك الديون التي للآدميين، ثم تنفذ الوصايا.
والوصية تنفذ فيما دون الثلث، كما سيأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم:((فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ))
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (2742)، ومسلم (1628).
والوصية لا بد أن تكون لأجنبي، والمراد به: غير الوارث، فلو كان رجل له أخ وله أبناء، فله أن يوصي للأخ؛ لأن الأخ غير وارث، فإن أوصى لوارث فإنها لا تنفذ، إلا إذا أجازه ورثته كلهم، وكانوا راشدين؛ لما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ))
(1)
.
وإذا ملك الإنسان مالًا كثيرًا فيستحب أن يوصي بأقل من الثلث، وكذلك إذا كان له ورثة محتاجون فقراء، فينبغي له أن يوصي بأقل من الثلث؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لو أن الناس غَضُّوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ))، وقد أوصى جمعٌ من السلف بأقل من الثلث، منهم: مَن أوصى بالخمس، ومنهم: من أوصى بالسدس، مثل: الصديق رضي الله عنه وغيره.
مسألة: اختلفوا فيمن ليس له وارث: هل يوصي في ماله بأكثر من الثلث أو لا، على أقولين:
القول الأول: أنه لا يوصي بأكثر من الثلث، ولو لم يكن له وارث؛ لأن بيت المال وارث من لا وارث له، وهذا يضر ببيت المال.
القول الثاني: أنه لا بأس إذا لم يكن له وارث أن يوصي بأكثر من الثلث؛ لأن بيت المال حافظ، وليس بوارث، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة
(2)
.
والصواب: القول الأول؛ لعموم الحديث، وأن بيت المال وارث من لا وارث له وليس بحافظ.
والله تعالى قدم الوصية على الدَّين في كتابه العظيم في قوله عز وجل: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين} ، والحكمة-
(1)
أخرجه أحمد (22294)، وأبو داود (2870)، والترمذي (2120)، وابن ماجه (2713).
(2)
الاختيار لتعليل المختار، لأبي المودود الموصلي (5/ 74)، حاشية الدر المختار، لابن عابدين (6/ 671).
والله أعلم-: أن الوصية قد يُتساهل بها، فلا تنفَّذ، بخلاف الدَّين؛ فإن له من يطالب به، وإلا فالدَّين أهم من الوصية.
والوصية تكون واجبة، وقد تكون مستحبة:
فتكون واجبة إذا كان على الميت ديون، أو ودائع، أو عَوَارٍ، وليس فيها بيِّنة، فإنه يجب عليه أن يوصي حتى لا تضيع الحقوق.
أما إذا لم يكن له ولا عليه شيء، وإنما يريد أن يوصي في أعمال البر فهي مستحبة؛ خشية أن يغشاه الموت، فيفوته هذا الخير، وهذا هو الصواب.
وقيل: إنها واجبة مطلقًا أخذًا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: ((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ))، وفي لفظٍ:((فَيَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ))
(1)
.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ((مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ، إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي)) فيه: منقبة لابن عمر، حيث بادر بكتابة وصيته امتثالًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
أخرجه أحمد (4469)، والنسائي (3619).