الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ
[1654]
حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي الرَّبِيعِ- قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ- حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً، فَقَالَ: لَأَطُوفَنَّ عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَةَ فَتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَتَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).
[خ: 5242]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ- قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ- نَبِيُّ اللَّهِ-: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِغُلَامٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ- أو الْمَلَكُ-: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ، فَلَمْ تَأْتِ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ إِلَّا وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ غُلَامٍ))، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((وَلَوَ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ)).
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، أَوْ نَحْوَهُ.
[خ: 3424]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَأُطِيفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَأَطَافَ بِهِنَّ فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوَ قَالَ: إِنْ
شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ)).
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، فَجَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ)).
وَحَدَّثَنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((كُلُّهَا تَحْمِلُ غُلَامًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).
لهذا الحديث روايات متعددة، وفيه فوائد كثيرة، منها:
أن سليمان عليه السلام آتاه الله النبوةَ والملك كأبيه داود عليه السلام، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء؛ ولذلك لما ذكر الله قصة سليمان عليه السلام قال:{وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} .
ويقال: إنه مَلَكَ الدنيا مؤمنان وكافران، أما المؤمنان: فسليمان وذو القرنين، وأما الكافران: فالنمرود وبختنصر.
وفي هذا الحديث: استحباب قول: إن شاء الله، إذا أراد الإنسان أن يفعل شيئًا في المستقبل؛ لقول الله تعالى:{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله} ، ولهذا الحديث.
وفيه: أن الحالف إذا قال: إن شاء الله، فإنه لا يحنث في يمينه، كقوله: والله لا آكل طعام فلان إن شاء الله، ثم أكل طعامه فلا يحنث إذا علقه على المشيئة، لكن بشرط أن يكون الاستثناء متصلًا، ولا بد أن يكون قد نوى الاستثناء عند قوله: إن شاء الله، أما إذا فصل بينهما فاصل فإنه لا يعتبر، ولو
كان في المجلس على الصحيح
(1)
؛ خلافًا لِما قاله بعضهم: إن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه، أو ما لم يقم أو يتكلم، أو بقدر حلبة ناقة
(2)
.
والصواب: أنه لا بد أن يكون الاستثناء متصلًا بالكلام، ويكون قد نواه.
وفيه: همة سليمان عليه الصلاة والسلام العالية؛ فإنه قال: ((لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))، ولم يقل: يبنون القصور، أو يحرثون، أو يزرعون.
وفيه: أن الأنبياء عليهم السلام كما فُضلوا بالرسالة، فُضلوا بالبسط في الخلق والقوة، فسليمان عليه السلام كان يجامع تسعين امرأة في ليلة واحدة، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة واحدة، فهذه قوة آتاها الله الأنبياء عليهم السلام، مع ما هم فيه من المشاغل، والقيام بأمر الناس، وقضاء حوائجهم، والقيام بمهام الدعوة.
وفيه: أن شريعة التوراة فيها توسع في الجمع بين النساء.
وفيه: تعنت النصارى واليهود، فهم يعيبون على المسلمين الجمع بين أربع نسوة، ويعيبون على نبينا صلى الله عليه وسلم زواجه بتسع نساء، وهذه شريعة التوراة فيها أن سليمان عليهم السلام تزوج تسعين امرأة.
وقوله: ((كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُّونَ امْرَأَةً))، وفي رواية:((عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً))، وفي رواية:((عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً)): الأقرب في الجمع بين هذه الروايات- والله أعلم-: أن يقال: إن هذا الاختلاف بسبب الرواية بالمعنى، فظن بعضهم أنها تسعون، وبعضهم أنها سبعون، وبعضهم أنها ستون، وأما القول بأن هذا يُحمل على تعدد القصة فهذا بعيد جدًّا؛ لأن القصة واحدة.
وفيه: دليل على جواز قول: ((لو)) إذا كان امتناع فعل شيء لامتناع شيء
(1)
البحر الرائق، لابن نجيم (4/ 322)، المدونة، لمالك بن أنس (1/ 584)، الأم، للشافعي (8/ 153).
(2)
شرح مسلم، للنووي (11/ 119).
آخر، كقوله سبحانه وتعالى:{ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله} ، وقوله:{ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا} ، و ((لولا)) و ((لو)) بمعنى واحد.
ويجوز كذلك استعمال ((لو)) في تمني الخير، مثل: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ))
(1)
ومثل: قول الإنسان: لو علمت وجود حلقة علم في المسجد لحضرت.
كل هذا جائز، وأما المنهي عنه فهو استعمال ((لو)) في التحسر على ما مضى، والاعتراض على القضاء والقدر، فهذا لا يجوز؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ))
(2)
.
ولا يجوز كذلك الاحتجاج بمشيئة الله وقدره على المعاصي؛ لأن القدر يحتج به عند المصائب، لا عند المعائب، أما الذنوب فالواجب التوبة منها، والاحتجاج بمشيئته تعالى على المعاصي والشرك من فعل المشركين، فقد كانوا يقولون:{لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} ، وقالوا:{لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا} ، ولذلك ذمهم الله تعالى على هذا الصنيع.
وقوله: ((وَايْمُ اللَّهِ)): هذا قَسَم، معناه: ويمين الله.
(1)
أخرجه البخاري (7229).
(2)
أخرجه مسلم (2664).