الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنِ اسْتَسْلَفَ شَيْئًا فَقَضَى خَيْرًا مِنْهُ، وَخَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً
[1600]
حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا، فَقَالَ:((أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً)).
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرًا بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((فَإِنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً)).
[1601]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا))، فَقَالَ لَهُمْ:((اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ))، فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ:((فَاشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ؛ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ- أَوْ خَيْرَكُمْ- أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً)).
[خ: 2306]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اسْتَقْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِنًّا، فَأَعْطَى سِنًّا فَوْقَهُ، وَقَالَ:((خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ
كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَتَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا، فَقَالَ:((أَعْطُوهُ سِنًّا فَوْقَ سِنِّهِ))، وَقَالَ:((خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً)).
في هذه الأحاديث: جواز اقتراض الحيوان، وأنه لا بأس بأن يقترض الإنسان الحيوان، كما يقترض الدرهم والدينار والمتاع، فيتسلف ويقول: أعطني بعيرًا، ثم يعطيه بدله، أو أعطني بقرة، أو شاة
…
إلخ.
وفيها: مشروعية رد القرض بخير منه، وأنه لا بأس بالزيادة في القرض إذا لم تكن مشترطة في العقد، سواء كانت الزيادة بالكمية، أو الكيفية، فالزيادة في الكمية كأن يقترض مائة فيردها عليه مائة وعشرين، والزيادة في الكيفية كأن يقترض منه بعيرًا بكرًا، ثم يرده عليه رَبَاعِيًا، فالبكر: هو الذي له أقل من ست سنين، ثم يرده له بعيرًا رَبَاعيًا، وهو الذي له سبع سنين، أو ثماني سنين، وهذا معنى قوله في الحديث:((أَعْطُوهُ سِنًّا خَيْرًا مِنْ سِنِّهِ))، وقوله:((اشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً)).
ويشرع للمسلم أن يكون حسن التقاضي في طلب الدَّين، وكذلك على المدين أن يُحسن الأداء.
وفيها: أنه لا بأس بالاستدانة أو القرض، وأنه لا بد أن ينوي أداء دينه، أما إذا أخذ أموال الناس وهو لا يريد قضاءها، أو أداءها فإن هذا يحاسبه الله، كما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ))
(1)
.
وفيها: أنه لا بأس بمعاملة الرئيس لأحد أفراد رعيته، وأنه لا حرج في كون الرئيس، أو العالم، أو الكبير يقضي حوائجه بنفسه، ويستدين، فالنبي صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق يقضي حوائجه بنفسه، ويشتري لأهله ما يحتاجون.
(1)
أخرجه البخاري (2387).
وفيها: أن الفقر ليس دليلًا على إهانة الله للعبد؛ فالدنيا ليست مقياسًا ولا ميزانًا، فالدنيا يعطيها الله لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدِّين إلا لمن يحب، فقد أنكر الله على الإنسان الذي يظن أن تضييق الرزق دليل على إهانته، وأن بسطه دليل على إكرامه، فقال سبحانه:{فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلَّا} ، والمال والجاه والسلطان ابتلاء وامتحان من الله، قد يكون خيرًا للعبد، وقد يكون شرًّا له، فإذا استعمل الإنسان المال في وجوه مشروعة، وكسبه من وجوه مشروعة كان خيرًا له، وكذلك الجاه والسلطان إذا استعمله في طاعة الله، وجعله خادمًا للدين، ونافعًا له نَفَعَهُ، وإذا استعمله ضد ذلك كان شرًّا ووبالًا عليه- ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي قصة الرجل الذي أغلظ على النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أنه إذا أغلظ الدائن على المدين فعليه أن يتحمل ويصبر؛ لأن لصاحب الحق مقالًا؛ لذلك لما أغلظ هذا الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحسن التقاضي همَّ به أصحابه صلى الله عليه وسلم فقال لهم:((دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا)).