الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إِطْعَامِ الْمَمْلُوكِ مِمَّا يَأْكُلُ، وَإِلْبَاسُهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا يُكَلِّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ
[1661]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: مَرَرْنَا بِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِي كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ:((يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ)).
[خ: 30]
وَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ:((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ))، قَالَ: قُلْتُ: عَلَى حَالِ سَاعَتِي مِنَ الْكِبَرِ، قَالَ:((نَعَمْ))، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ:((نَعَمْ عَلَى حَالِ سَاعَتِكَ مِنَ الْكِبَرِ))، وَفِي حَدِيثِ عِيسَى:((فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيَبِعْهُ))، وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ:((فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ))، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ:((فَلْيَبِعْهُ)) وَلَا: ((فَلْيُعِنْهُ)) انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: ((وَلَا يُكَلِّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهَا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: فَذَكَرَ أَنَّهُ سَابَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، قَالَ:
فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ)).
[1662]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ عَنِ العَجْلَانِ- مَوْلَى فَاطِمَةَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ)).
في هذا الحديث: فضل أبي ذر رضي الله عنه ومبادرته إلى فعل المستحبات؛ فإنه ألبس غلامه بُرْدًا مثل بُرْده، وهذا ليس بواجب عليه، وإنما الواجب عليه أن ينفق عليه بالمعروف، ويكسوه بالمعروف، لكنه أراد أن يفعل المستحب، فقيل له: لو أخذتَ البُرد الذي على عبدك، وجعلته لك يكون حُلة؛ لأن الحُلة مكونة من قطعتين إذا كانتا متشابهتين، مثل: ثوب وجُبَّة، فتصير حُلة كاملة لها ميزتها، ولها فضلها.
وقوله: ((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)): فيه: دليل على أن الرجل الفاضل قد يكون فيه شيء من خصال الجاهلية، فأبو ذر رضي الله عنه من خيار المؤمنين، ومع ذلك صارت فيه هذه الخصلة، ولكنه تركها بعد ذلك لما أرشده النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((فَلْيَبِعْهُ)): وفي بعض النسخ: ((فليُبعه)) - بضم الياء-، قال في القاموس: أباعه إذا عرضه للبيع
(1)
، ولكن الصواب: فليَبعه- بفتح الياء- مِن باع يبيع؛ لأن المراد بيعه لا عرضه للبيع فقط.
(1)
لسان العرب، لابن منظور (8/ 25).
[1663]
وَحَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ- وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ- فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ، فَلْيَأْكُلْ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً، أَوْ أُكْلَتَيْنِ)) قَالَ دَاوُدُ: ((يَعْنِي: لُقْمَةً، أَوْ لُقْمَتَيْنِ)).
[خ: 5460]
قوله: ((مَشْفُوهًا قَلِيلًا)): قال النووي رحمه الله: ((وأما المشفوه فهو القليل؛ لأن الشفاه كثرت عليه حتى صار قليلًا))
(1)
.
وفي هذا الحديث: بيان عناية الإسلام بالخدم والمماليك، فمن حسن الخُلق والإحسان إلى الخَلق: أن العبد إذا طبخ الطعام، وجاء به لسيده؛ فإن على السيد أن يقعده معه ليأكل، فإن كان الطعام قليلًا فليعطه لقمة، أو لقمتين؛ لأن نفسه تعلقت به، وقد ولي حره وعلاجه ودخانه.
(1)
شرح مسلم، للنووي (11/ 135).