الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أَخْذِ الْحَلَالِ، وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ
[1599]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ- وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ-: ((إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)).
[خ: 52]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُطَرِّفٍ، وَأَبِي فَرْوَةَ الهمداني. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ- عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ زَكَرِيَّاءَ أَتَمُّ مِنْ حَدِيثِهِمْ وَأَكْثَرُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ نُعْمَانَ بْنَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِحِمْصَ- وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ)) فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ زَكَرِيَّاءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِلَى قَوْلِهِ: ((يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ)).
هذا الحديث حديث عظيم، وهو من أحاديث الأربعين النووية.
وقيل: إن هذا الحديث ثلث الإسلام، والإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))
(1)
، وحديث:((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ))
(2)
، وحديث:((الحَلَالُ بَيِّنٌ والحَرَامُ بَيِّنٌ))
(3)
.
وقال بعضهم: إنه ربع الإسلام، وأضافوا حديث:((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ))
(4)
.
وفيه: أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حلال بيِّن واضح لا لبس فيه، كالأشياء التي أحلها الله من المطاعم والمشارب.
القسم الثاني: حرام بيِّن واضح، كالمحرمات التي حرمها وتحريمها واضح، كالميتة، والخنزير، والأصنام، والخمور.
القسم الثالث: وهو المشتبهات، وهذه على المسلم أن يتوقف فيها، وقد تكون مشتبهة على بعض دون بعض، فمن اشتبه عليه شيء فعليه أن يتوقف فيه حتى يتبين له؛ لأنه إذا تناول المتشابهات تجرأ على المحرمات شيئًا بعد شيء؛ لأن الإنسان إذا فعل المتشابهات لا يزال يفعل حتى يصل للمحرمات، ومثَّل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فقال:((كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ))، فالواجب على المسلم أن يتقي محارم الله.
وقوله: ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)): فيه: دليل على أن القلب بصلاحه تصلح
(1)
أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).
(2)
أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718).
(3)
أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).
(4)
أخرجه أحمد (1721)، والترمذي (2518)، والنسائي (5711).
الأعضاء، وبفساده تفسد، فهو ملك الأعضاء، وسمي مضغة كقدر ما يُمضغ بالفم تصغيرًا له.
واستدل بعضهم بهذا الحديث على: أن العقل إنما هو في القلب، وقال بعضهم: العقل في الدماغ وقيل: إنه في القلب
(1)
وله صلة في الدماغ، وإذا فسد الدماغ فسد القلب، والأولون استدلوا بهذا الحديث، واستدلوا بقوله تعالى:{فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} .
(1)
لوامع الأنوار البهية، للسفاريني (2/ 437).