الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ فِي الْأَقْوَاتِ
[1605]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ- يَعْنِي: ابْنَ بِلَالٍ- عَنْ يَحْيَى- وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ- قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ مَعْمَرًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ))، فَقِيلَ لِسَعِيدٍ: فَإِنَّكَ تَحْتَكِرُ قَالَ سَعِيدٌ: إِنَّ مَعْمَرًا الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ يَحْتَكِرُ.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ)).
في هذا الحديث: تحريم الاحتكار، وقوله:((لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ))، أي: آثم، كقوله تعالى:{لا يأكله إلا الخاطئون} ، أي: الآثمون، والخاطئ هو الآثم وزنًا ومعنى، أما المخطئ فهو ضد العامد.
وفيه: تحريم الاحتكار؛ لما فيه من الضرر على الناس، والاحتكار يكون في الأقوات، وفي الأطعمة وغيرها، وذلك بأن يشتري السلع وقت الغلاء حتى يضيق على الناس، ثم في وقت قلة السلعة وندرة الأطعمة يبيعها، والجمهور على أن الاحتكار يكون في الأقوات؛ لأنها هي التي يحتاجها الناس، ولا يكون الاحتكار في غير الأقوات
(1)
، وقيل: إن غير الأقوات كذلك، وهذا هو الصواب، فلو احتاج الناس إلى سلعة يكون حكمها حكم الطعام؛ لوجود العلة، وهي دفع الضرر، فإذا احتاج الإنسان إلى سلعة ولو
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (5/ 129)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (2/ 38)، المغني، لابن قدامة (4/ 167).
لم تكن طعامًا فلا يجوز للإنسان أن يحتكرها، أما إذا اشترى الإنسان الطعام في وقت الرخص، ثم باعه فلا حرج، لكن الممنوع أن يشتريه في وقت الغلاء وقلة الأقوات، ثم يضيق على الناس ويبيعه بالغلاء.
وقوله: ((لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ)): هذا نفي بمعنى النهي، وهو يفيد التحريم.
أما قول سعيد بن المسيب: ((إِنَّ مَعْمَرًا الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ يَحْتَكِرُ)): هذا كأنه تأول أن الناس ما كانوا يحتاجون إليه، وهو نوع من الطعام، كالزيت وغيره، وأن هذا ليس من الاحتكار، وفيه حديث:((مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللهُ بِالْإِفْلاسِ، أَوْ بِجُذَامٍ))
(1)
.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَالَ مُسْلِم: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي مَعْمَرٍ أَحَدِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى.
قال الإمام مسلم هنا: ((وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا))، يعني: يرويه عن مجهول، وهذا من الآثار المقطوعة في صحيح مسلم، وهي قليلة جدًّا عند مسلم، وهي تقارب الأربعة عشر، وهذا منها.
(1)
أخرجه أحمد (135)، وابن ماجه (2155).