الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الرَّهْنِ وَجَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ وَالسَفَرِ
[1603]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، فَأَعْطَاهُ دِرْعًا لَهُ رَهْنًا.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: ذَكَرْنَا الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ: مِنْ حَدِيدٍ.
في هذا الحديث: جواز البيع والشراء إلى أجل، وجواز البيع نسيئة، سواء كان الأجل واحدًا، أو مقسَّطًا، وهو ما يسمى ببيع التقسيط، كأن يشتري مثلًا سيارة تباع نقدًا بخمسين ألفًا فيشتريها مقسَّطة بستين ألفًا، كل شهر يحل قسط، فلا حرج في ذلك، وهو كالإجماع من أهل العلم، قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} ، وفي الآية دليل على جواز بيع التأجيل والتقسيط.
وفيه: دليل على جواز معاملة اليهود وأهل الكتاب والمشركين، والبيع لهم والشراء منهم، وأن هذا ليس من الموالاة في شيء، فالموالاة هي معاشرتهم ومصادقتهم وزيارتهم دون حاجة، أما تولي الكفار فهذا ردة عَنِ الإسلام، وتوليهم، يعني: محبتهم ومحبة دينهم وإعانتهم على المسلمين بالسلاح، أو الرأي، أو بالمال وهذه ردة- نعوذ بالله تعالى.
ولكن لا يجوز إقرار اليهود والنصارى في جزيرة العرب، ولا إبقاؤهم وتأجيرهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ))
(1)
، وقال:((لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ إِلَّا مُسْلِمًا))
(2)
، وسيأتي أنه لا يجوز استقدام الكفرة عمالًا إلى بلاد العرب، أو استقدام خدم، أو خادمات كفار، لكن إذا جاء المشرك في وقت محدد- مثلًا- لمفاوضة ولاة الأمور، أو جاء في وقت محدد يبيع سلعته مدةَ أيام معدودة، ثم يعود لبلده فيجوز، أما أن يمكَّن ويؤجر له فلا يجوز ذلك.
وقد تساهل الناس في هذا الأمر، ولا سيما في العمال والخدم والخادمات، فحصل من ذلك شرور كثيرة وبلاء عظيم، حتى وقع بعضهم في الزنا بالخادمات، وكذلك حصل من سائقي السيارات فواحش بنساء مخدوميهم، وحصل شر عظيم- أيضًا- من إظهارهم لدينهم، وكذلك كثرة مشاهدة الكفار والاحتكاك بهم، وإذا كثر المساس قلَّ الإحساس- نسأل الله السلامة والعافية.
وفيه: جواز الرهن في الحضر، وأنه لا بأس به، كما قرر ذلك جماهير العلماء، وأما قوله تعالى:{وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} فهذا لبيان الأغلب؛ خلافًا لداود ومجاهد
(3)
، فقد
(1)
أخرجه أحمد (26352).
(2)
أخرجه مسلم (1767).
(3)
تفسير ابن جرير (5/ 123).
قالا: لا يجوز الرهن إلا في السفر أخذًا بالآية.
والصواب أنه لا حرج كما في هذه الأحاديث؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم رهن وهو في الحضر.
وفيه: ما أصابه عليه الصلاة والسلام من قلة ذات اليد، وهو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فقد اشترى طعامًا لأهله، ورهن البائعَ درعًا من حديد.
وفيه: أنه لا بأس برهن آلة الحرب لأهل الذمة، أما الحربي فلا يُعطَى ولا يُرهَن ولا يُتعامل معه، والكافر الحربي ليس بيننا وبينه إلا القتال، فلا يطعم ولا يسقى، بل يترك حتى يموت، بل يقتل.
وهنا سؤال: لِمَ لَمْ يتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المسلمين؟ ! لِمَ لَمْ يأخذ ويشتري من المسلمين؟ ! ألا يوجد عند المسلمين شيء؟
والجواب: أنه يحتمل أنه لم يكن هذا متوفرًا عند المسلمين، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد التخفيف عن أصحابه؛ لأنهم لا يرضون أن يعطيهم النبي صلى الله عليه وسلم الثمن، أو لبيان جواز معاملة أهل الكتاب، أو لغير ذلك من الأسباب.