الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي النَّهَارِ لِحَاجَتِهَا
[1483]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ. ح، وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ:((بَلَى، فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا)).
حديث جابر أطال فيه مسلم رحمه الله، وهو حديث واحد ذكره برواياته المتعددة، وهذه من ميزات مسلم على البخاري، فالبخاري رحمه الله يُقطِّع الحديث الواحد من أجل التراجم، واستنباط بعض الأحكام، ومسلم رحمه الله يذكر الحديث برواياته المتعددة في مكان واحد، فتظهر بذلك قوة الحديث، ويطمئن الإنسان في كل رواية، ويكون في بعض الروايات زيادات فيها إيضاح، كتسمية الأشياء المبهمة؛ ولهذا قيل: إن مسلمًا فاق البخاري في حسن صناعة الحديث.
[1484]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى- وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ- قَالَ حَرْمَلَةُ: حَدَّثَنَا، وقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: ((أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، يُخْبِرُهُ: أَنَّ سُبَيْعَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ- وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا- فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ- رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ- فقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ، إِنَّكِ- وَاللَّهِ- مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ، وَإِنْ
كَانَتْ فِي دَمِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ)).
[خ: 3991]
[1485]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنْزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَ عَبَّاسٍ اجْتَمَعَا عَنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُمَا يَذْكُرَانِ الْمَرْأَةَ تُنْفَسُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عِدَّتُهَا آخِرُ الْأَجَلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَدْ حَلَّتْ، فَجَعَلَا يَتَنَازَعَانِ ذَلِكَ، قَالَ: فقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي- يَعْنِي: أَبَا سَلَمَةَ- فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:
إِنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، وَإِنَّهَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ.
[خ: 4909]
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، أَخْبَرَنا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّ اللَّيْثَ، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَأَرْسَلُوا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَلَمْ يُسَمِّ كُرَيْبًا.
هذا خلاف حصل بين أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وبين ابن عباس، قال ابن عباس: الحامل المتوفى عنها تعتد لأطول الأجلين- فإن كان أطول الأجلين الحمل فتعتد بالحمل، وإن كان أطول الأجلين أربعة أشهر فتعتد أربعة أشهر- فقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: تعتد أربعة أشهر، وقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي- يعني: أبا سلمة- ثم أرسلوا إلى أم سلمة يستفتونها؛ فأرسلت أم سلمة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفتى سبيعة الأسلمية رضي الله عنها لما توفي عنها زوجها، ووضعت حملها بعدها بليالٍ أنها خرجت من العدة، وأن لها أن تتزوج الآن إن شاءت.
وهكذا يكون الرد عند التنازع، فلما تنازع أبو سلمه وابن عباس رَدَّا الأمرَ إلى الله والرسول؛ فلما بينت لهم أم سلمه السُّنة رجعوا إليها، فكانت فاصلة في الميزان، قال الله تعالى: } فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا}، فإذا تنازع الناس في شيء فيجب أن يردوا هذا التنازع للنصوص من كتاب الله وسنة رسوله؛ فهذا ابن عباس وأبو سلمة لما بينت لهم أم سلمة السنة كان ذلك فاصلًا في النزاع بينهما؛ ولهذا يكون قوله تعالى:{وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} عامًّا لجميع المطلقات، سواء كانت رجعية، أو بائنًا، أو متوفَّى عنها زوجها، طالت مدة الحمل أو قصرت؛
فتكون مخصصة، {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا} فالمتوفى عنها عدتها أربعة أشهروعشر، إلا إذا كانت حاملًا فعدتها تتم بوضع حملها طالت مدة الحمل، أو قصرت.