الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يقرأها في كل ليلة قبل يضطجع وينام ففيها يقول ربنا تبارك وتعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (الملك:16، 17).
فإذاً هذه الجارية وفي بعض الروايات الضعيفة أنها أعجمية تلقت هذه العقيدة الصحيحة من الجو الذي كانت تعيش فيه فسلمت عقيدتها، أما الجو المصري وجو البلاد الأعجمية الأخرى فهو موضوء ولا يجد فيه الأفراد العقيدة الصحيحة، وأنا في اعتقادي يكونون معذورين كل العذر.
"رحلة النور"(5أ/18: 06: 00)
[730] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة
السؤال:
…
ما حكم الطواف القبور؟ أو
الشيخ: الطواف في القبور شرك لا شك في ذلك ولا ريب، إذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال كما في صحيح مسلم (1):«لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» وهذا نص صريح أنه لا يجوز اتخاذ القبر قبلة؛ لأن قبلة المسلم إنما هي بيت الله الحرام أو الكعبة المشرفة، فإذا طاف الطائف حول القبر فمعنى ذلك أنه نقل عبادة هي لله وحده لا شريك له إلى ذاك المقبور الذي يعتقد بأنه من الأنبياء أو الاولياء أو الصالحين، ولا شك أن مثل هذا الارتكاب هو إخلال بحق لا إله إلا الله؛ لأن معنى هذه الكلمة الطيبة: لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، فربنا عز
(1) مسلم (رقم2294).
وجل يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البينة:5) فأي عبادة توجه لغير الله عز وجل فهو شرك بالله في توحيد العبادة لأنكم تعلمون فيما أعتقد أن العلماء المحققين قسموا التوحيد الذي ينجي يوم القيامة .. يوم رب العالمين ينقسم إلى ثلاثة أقسام فإذا أخل المسلم بواحد منها لم يكن موحداً حقاً:
القسم الأول: توحيد الربوبية.
والقسم الثاني: توحيد الألوهية، أي: توحيد العبادة.
والقسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات.
فمن وجه عبادة من العبادات التي تعبد الله عز وجل بها عباده إلى غيره عز وجل فقد اتخذه معه إلهاً؛ ولذلك نجد في القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما كان يدعو المشركين من قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له بالكلمة الطيبة: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (الصافات:35) وأيضاً حكى عنهم أنهم قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص:5) المشركون لم يكونوا ينكرون التوحيد الأول وهو توحيد الربوبية وتوحيد الخالقية وإنما كانوا يعترفون بذلك تماماً وإنما أنكروا توحيد العبادة لذلك قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص:5) فأنكروا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما أمرهم بأن لا يذبحوا إلا لله، وأن لا يحلفوا إلا بالله، وأن لا ينذروا إلا لله .. أنكروا ذلك عليه وجعلوا ذلك علامة منهم على كفرهم وشركهم للألوهية وتوحيد الله عز وجل في العبادة، فقول المسلم أي مسلم كان: لا إله إلا الله محمد رسول الله هذا بلا شك ينجيه من عذاب الدنيا ألا وهو القتل كما قال عليه السلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإذا قالواها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم
إلا بحقها وحسابهم على الله» فمن قال: لا إله إلا الله نجا بنفسه من الموت لكن لا ينجو أمام الله عز وجل من الخلود في النار إلا إذا قام بحق هذه الكلمة وأول حقها هو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له.
من طاف إذاً حول القبور فمعنى هذا أن ما عظمه بعبادة جعلها الله عز وجل عبادة له فنقلها هذا الضال من عبادته لله إلى عبادة مقبور وهو شرك لا شك ولا ريب فيه.
هل هناك شيء آخر؟
مداخلة: [متى يقام الحد على مثل هذا؟]
الشيخ: نعم، هذا السؤال حينما يراد إقامة الحد عليه السلام؛ لأن هذا بهذا العمل يرتد، فإذا كان هناك من يقيم الحد، أي: القتل على المرتد حينذاك هذا الإنسان يؤتى به فيستتاب، لا يسأل: تعتقد أو لا تعتقد؛ لأن عمله برهان عن عقيدته، إنما يستتاب بعد أن تقام عليه الحجة، أن هذا الطواف هو لبيت الله فقط عبادة وخضوع لله كالسجود لا فرق، فلو أن إنساناً سجد لشيخ له أو أمير له فهذا لا يسأل لماذا أنت تسجد، وهل تعتقد أن هذا يستحق التعظيم؛ لأن عمله يدل على التعظيم لكنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فالرسول عليه السلام قال كما على العموم:«لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها» (1) فالسجود بعد هذا التعظيم ليس من حاجة أن يسأل: لماذا أنت تسجد؟ لكن نحن بحاجة أن نفهمه أن هذا السجود إشراك مع الله لمن تعظمه
(1) صحيح الجاع (رقم5294، 7725).
بنفس الوسيلة التي تعظم بها ربك، فإما أن ترتدع وإما أمامك لا سمح الله القتل.
وسبب هذا الحديث الأخير أن معاذاً رضي الله عنه أتى الشام في زمن النبي عليه الصلاة السلام وغاب ما غاب عنه صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لما جاء إلى المدينة ووقع بصره على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يسجد له، فقال له:«مه يا معاذ! قال: يا رسول الله! إني أتيت الشام فوجدت النصارى يسجدون لقسيسيهم وعلمائهم فرأيتك أنت أحق بالسجود منهم، فقال عليه السلام: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها» لكن لا يصلح السجود إلا لله تبارك وتعالى.
إذاً: سواء من سجد لغير الله أو طاف بغير بيت الله لا حاجة بنا أن نسأله ماذا تعني .. أتعتقد أن هذا يستحق العبادة؟ سيقول لك: لا، ما أعتقد؛ لأنه لا يفهم ما هي العبادة، لكن نحن نقيم الحجة عليه ونفهمه أن هذا إشراك في قسم من التوحيد،
…
الأول: قلنا الربوبية، والثاني: العبادة أو الألوهية، فإن استجاب وذلك ما نبغي فبها ونعمت وإلا قتل كفراً ولا يدفن في مقابر المسلمين.
مداخلة: هل يعذر الجاهل في أمور العقيدة مثل هذه الأمور؟
الشيخ: هذه أيضاً لنا فيها أكثر من شريط فيما أعتقد، والسؤال يحتاج إلى تفصيل،
…
فالشاهد: يختلف الجاهل باختلاف المجتمع الذي يعيش فيه، فإذا كان مجتمعاً جاهلياً فهو يعذر؛ لأن ما في من يقيم الحجة عليه ويبين له التوحيد، وإذا كان مجتمعاً إسلامياً محضاً موحداً فلا يعذر، وبين هذا وهذا طبعاً وجوه كثيرة وربنا عز وجل هو الذي يعلم ما في الصدور، فمن علم الله منه أنه لم تبلغه حجة الله فيما كان جاهلاً به فهذا معذور عند الله لقوله تبارك وتعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ
حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15) ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» يسمع بي، يعني: يسمع بدعوتي على حقيقتها ثم هو مع ذلك لا يؤمن فهو خالد في النار أبداً.
هذا هو مجمل القول في هذه المسألة: المحيط والبيئة له أثر كبير جداً في تقويم الإنسان أو إفساده؛ ولذلك نهى عليه الصلاة السلام أن يسافر المسلم إلى بلاد الكفر ويساكنهم ويعاشرهم.
مداخلة: ذهب القائلون يا شيخ بارك الله فيك: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (الأعراف:172) ذهب القائلون في هذا إلى أنه لا يعذر الإنسان بجهله وقد أخذ الله عز وجل العهد عليه من ظهور .. فما رأيكم في هذا الدليل يا شيخ جزاك الله خيرًا؟
الشيخ: هذا بارك الله فيك استدلال هزيل جداً، وإنما معنى الآية السابقة:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15) هذا الاستدلال معناه: تعطيل حكمة بعث الرسل وإنزال الكتب، فلو كان ما وقع في عالم الأرواح كما يقولون يكفي لإقامة الحجة كان لم يقل ربنا عز وجل:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15) ولم يكن هناك حاجة قصوى لإرسال الرسل وإنزال الكتب، وهذا استدلال خاطئ اعتزالي؛ لأن المعتزلة يفسرون الآية التي ذكرتها آنفاً:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15) أي: العقل، وهذا انحراف طبعاً عن السنة؛ لأن السنة توضح أن أربعة أجناس يوم القيامة يدلون بحجتهم:
الطفل الذي لم يبلغ سن التكليف، والمجنون، والشيخ
…
، والرابع لا أذكره الآن .. المهم هؤلاء يحاسبون يوم القيامة حساباً غير حساب الناس .. يرسل الله
تبارك وتعالى إليهم رسولاً فمن أطاع هذا الرسول دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، فلذلك الآية السابقة وهذا الحديث وما جاء في كتب التفاسير من السلف تبطل الاستدلال بالآية التي ذكرتها آنفاً.
فضلاً عن الحديث الذي ذكرته أيضاً آنفاً وهو من الحجج: «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» فلو كانت الحجة السابقة صحيحة لم يكن لهذا الحديث معنى أبداً؛ لأن الحجة السابقة تسوي بين من سمع عن الرسول وبين من لم يسمع به إطلاقاً، وهذا لا يقول به عالم أبداً.
مداخلة: معنى سمع بي؟
الشيخ: شرحته آنفاً .. سمع بدعوتي وعلى حقيقتها، وبأوصافه وشمائله المعروفة، وهذا أيضاً لنا بعض تسجيلات في هذه الفترة عندكم، نعم.
مداخلة: أهل الفترة يا شيخ [ما حكمهم]؟
الشيخ: إذا كان المقصود باهل الفترة جماعة بخصوصهم فينبغي تعيينهم، وإذا كان المقصود بأهل الفترة ليس جماعة بخصوصهم وإنما هم أقوام لم تبلغهم دعوة نبي ورسول فقد سبق الجواب، فيا ترى! ما هو المقصود بأهل الفترة في سؤالك؟
مداخلة: يقول: هم الذين ما بلغتهم رسالة نبي
الشيخ: سبق البحث: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).
"رحلة النور"(20ب/10: 05: 00)