المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم جحد شيءٍ من القرآن والسنة وحكم رد الأحاديث النبوية بالعقل ورد حديث الآحاد

- ‌[636] باب حكم جحد شيء من القران أو الشك فيه

- ‌[637] باب بيان كفرمن يدعي أن القرآن الذي بين أيدينا ليس كاملاً

- ‌[638] باب حكم من يطعن في آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[639] باب هل الكفر في قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} اعتقادي أم عملي

- ‌[640] باب حكم الاستهزاء بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[641] باب حكم منكري السنة

- ‌[642] باب هل من رد السنة يكفر

- ‌[643] باب هل يكفر من ينكر الحديث المتواتر

- ‌[644] باب الضابط في تكفير المستهزئ بالسنة، وهل إنكار خبر الآحاد يعد كفراً

- ‌[645] باب هل يكفر من ينكر خبر الآحاد

- ‌[646] باب حكم الصلاة خلف من ينكر بعض الأحاديث الصحيحة، وخلف من يتلبس ببعض الشركيات

- ‌[647] باب هل يكفر من يرد الأحاديث الصحيحة

- ‌[648] باب هل يكفر من ينكر حديثًا بعقله

- ‌[649] باب هل يكفر من يقول: هذا الحديث لا يدخل عقلي

- ‌جماع أبواب الكلام على البدع الكفرية هل يكفر أصحابهاوالكلام على بعض البدع العقدية وموقعها من الكفر

- ‌[650] باب هل كل من وقع في البدعة المكفرة كافر

- ‌[651] باب هل يجوزتكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم

- ‌[652] باب متى يكفر أتباع الفرق الإسلامية

- ‌[653] باب ضابط كفر المتأولوالتنبيه على أن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه

- ‌[654] باب متى يكفر المؤولة

- ‌[655] باب هل يُكفر من ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة؟وهل يكفر القائل بأن كلام الله مخلوق

- ‌[656] باب هل استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين

- ‌[657] باب كفر القائلين بوحدة الوجود

- ‌[658] باب هل يكفر المعتزلة

- ‌[659] باب لماذا كفر السلفُ الجهمية

- ‌[660] باب هل يُكَفَّر الجهمية أم يعذروا بجهلهم

- ‌[661] باب هل يُكفر الشيعة بعامة

- ‌[662] باب منه

- ‌[663] باب من كَفَّرَ معاوية رضي الله عنه هل يكفر

- ‌[664] باب كفر من أنكر عالم الجن

- ‌جماع أبواب حكم سب الله أو الرسول أو الدين

- ‌[665] باب حكم سب الله ورسوله والدين

- ‌[666] باب منه

- ‌[667] باب منه

- ‌[668] باب منه وكلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[669] باب حكم من سب الله ورسوله مع أنه يصلي

- ‌[670] باب حكم سب الدين، وبيان موانع التكفير

- ‌[671] باب منه

- ‌[672] باب منه

- ‌[673] باب منه

- ‌جماع أبواب متفرقة في مسائل التكفير

- ‌[674] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌[675] باب حكم الاستخفاف بفرائض الله

- ‌[676] باب حكم ترك الأعمال

- ‌[677] باب هل تَرْكُ الفرائض مخرج من الملة

- ‌[678] باب حكم تارك الزكاة

- ‌[679] باب منه

- ‌[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو

- ‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

- ‌[682] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن»

- ‌[683] باب هل الاستعانة بالمشركين ردة

- ‌[684] باب التألي على الله يحبط العمل كالكفر

- ‌[685] باب هل سوء الخلق لا يُغفَر كالشرك

- ‌[686] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الكاسيات العاريات:«لا يدخلن الجنة…» وهل هو على التأبيد

- ‌[687] باب هل السجود لشخصٍ كفر

- ‌[688] باب هل المشاركة في البرلمان كفر أكبر؟والتفريق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[689] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كفر مسلماً فقد كفر»

- ‌[690] باب هل يكفر من عطل الجهاد؟والكلام على الفرق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[691] باب هل كَفَرَ سلمان رشدي بكتابه"الآيات الشيطانية" وهل يجب قتله

- ‌[692] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من قال أنا يهودي أو نصراني فهو كما قال»

- ‌[693] باب هل المنتحر كافر

- ‌[694] باب هل الكذب المتعمد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر

- ‌[695] باب ما حد الإعراض عن دين الله الذي يكفر صاحبه

- ‌[696] باب هل صدام كافر

- ‌[697] باب ذكر أذناب الخوارج

- ‌[698] باب بدعة البراءة

- ‌[699] باب رَدُّ شبهةٍ لمكفري أصحاب الكبائر

- ‌[700] باب في الرد على من يكفر بالذنوبومن يوجب تعذيب الفاسق

- ‌[701] هل إخراج أهل الكبائر من النار خاص بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[702] باب من عقائد الخوارج في العبادات

- ‌[703] باب هل للقاتل توبة

- ‌[704] باب منه

- ‌[705] باب هل يقبل الله توبة القاتل

- ‌[706] باب كيف الجمع بين عدم قبول توبة القاتلوبين ما هو معلوم من قبول توبة الكافر

- ‌[707] باب حكم من يدوس المصحفوالكلام على الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[708] باب حكم رمي المصحف على الأرض حال الغضب

- ‌[709] باب امرأة رمت المصحفعلى الأرض هل يطلقها زوجها

- ‌[710] باب الجمع بين حديث: «إذا اقتتل مسلمان .. »وقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به

- ‌[711] باب: معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ…» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ»

- ‌[712] باب الرد على من قال بأن شيخ الإسلام كافر

- ‌[713] باب في كفر اليهود مع ما أوتوا من علم

- ‌[714] باب هل يباح الدعاء على الكفار في قنوت الوتر

- ‌[715] باب هل الفرح بتغيير رؤساء أمريكا خلل عقدي

- ‌[716] باب هل يجوز استغابة الكافر والمشرك وسبهم

- ‌[717] باب هل يجوز لعن اليهود والنصارى

- ‌[718] باب هل يجوز لعن المعين

- ‌كتاب أهل الأعذار في التوحيد

- ‌جماع أبواب الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[719] الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[720] باب منه

- ‌[721] باب منه

- ‌[722] باب ضوابط العذر بالجهل

- ‌[723] باب منه

- ‌[724] باب منه

- ‌[725] باب هل يُعذر بالجهلفي مسائل الاعتقاد في بلادنا اليوم

- ‌[726] باب هل يعذر بالجهلمن عاش في مجتمع مليء بالشركيات

- ‌[727] باب هل يعذر المخالف في العقيدة

- ‌[728] باب هل يعذر بالجهل في الأسماء والصفات

- ‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

- ‌[730] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[731] باب حكم من مات من المسلمينوهو يجهل التوحيد لعذر

- ‌[732] باب هل يُدعى لمن مات جاهلاً بحقيقة التوحيدونقاش حول ذلك

- ‌[733] باب منه

- ‌[734] باب العذر بالجهل، وبيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[735] باب هل يحشر قول عائشة:«مهما يكتم الناس يعلمه الله» في أبواب العذر بالجهل

- ‌[736] باب هل العذر بالإكراهكان موجوداً في شريعة من سبقنا

- ‌[737] باب بيان ضعفحديث: «دخل رجل الجنة في ذبابة»

- ‌[738] باب بيان نكارة متن حديث الذبابة لمخالفته لقوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}

- ‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالاًّ أم مجتهداً

- ‌[740] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌جماع أبواب أحكام أهل الفترة ومن في حكمهموالكلام على مصير أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم-غير ما تقدم

- ‌[741] باب بيان من هم أهل الفترة

- ‌[742] باب منه

- ‌[743] باب هل يوجد في هذا الزمان من له حكم أهل الفترة

- ‌[744] باب هل من لم يصله الدين في هذا الزمان، أو وصله على غير وجهه له حكم أهل الفترة

- ‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

- ‌[746] باب مصير من وصلهم الدين على غير حقيقته

- ‌[747] باب من وُصف له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف الواقع فصده ذلك عن الإسلام هل هو في حكم أهل الفترة

- ‌[748] باب الكلام على أهل الأعذارالذين لم تصلهم الدعوة، وأطفال المشركين

- ‌[749] باب من وصلته الدعوةعلى غير حقيقتها ليس من أهل الوعيد

- ‌[750] باب من مات في الجاهلية ليس من أهل الفترة

- ‌[751] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[752] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[753] باب بيان أن مشركي الجاهلية في الناروليسوا من أهل الفترة بما فيهم والدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[754] باب هل يمتحن بعض أهل الجاهلية في عرصات القيامة

- ‌[755] باب الجمع بين قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}

- ‌[756] باب منه

- ‌[757] باب هل كان والدا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الفترة

- ‌[758] باب منه

- ‌[759] باب منه

- ‌[760] باب كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار

- ‌[761] باب كيف الجمع بين كون من لم تبلغهم الرسالة من أهل الفترة وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أبي وأبوك في النار»

- ‌[762] باب هل يصح تأويل حديث«أبي وأبوك في النار» بعمي وعمك

- ‌جماع أبواب مسألةمصير أطفال المؤمنين وأطفال المشركين في الآخرة

- ‌[763] باب عدم التكليف قبل البلوغ وقيام الحجة

- ‌[764] باب أطفال المؤمنين في الجنة

- ‌[765] باب منه

- ‌[766] باب أطفال الكفار في الجنة

- ‌[767] باب منه

- ‌[768] باب هل أطفال المشركين، ومن لم يبلغه الإسلام الحق من المسلمين؛ من أهل الفترة

- ‌[769] باب حكم أولاد النصارى والمنافقين ممن لم يبلغ سن التكليف في الآخرة، ومن بلغته الدعوة في سن الخرف، ومن لم تبلغه أصلا، وأمثالهم

- ‌[770] باب الكلام على أهل الأعذار الذين لم تصلهم الدعوة، ومصير أطفال المشركين وأطفال المؤمنين

- ‌[771] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الوائدة والموؤدة في النار»

- ‌[772] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلامعلى إقامة الحجة وشروطها

- ‌[773] باب تعريف الحجة ومن يقيم الحجة على الحكام

- ‌[774] باب هل يجوز تكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم؟ والتطرق لمعنى إقامة الحجة

- ‌[775] باب من شروط إقامة الحجة

- ‌[776] باب هل يشترط فهم الحجة

- ‌[777] باب هل يغني أخذ الميثاق في الأزل عن إقامة الحجة

- ‌[778] باب كيف تقام الحجة

- ‌[779] باب كيف الجمع بين ضرورة إقامة الحجةعلى من تلبس بعمل شركي، وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلملمن لبس الصفرة: «إذا مت على ذلك لن تفلح أبداً»

- ‌جماع أبواب الكلامحول أحكام المتلبس بالشركيات من المسلمين(غير ما تقدم)

- ‌[780] باب حكم من نطق بالشهادة وبقى متلبساً بالشركيات

- ‌[781] باب كيف يتعامل مع المسلمين المتلبسين بالشركيات

- ‌[782] باب هل يجزئ حج المتلبس بالشركيات

- ‌[783] باب هل يصلى خلف المتلبس بالبدع الشركية المكفرة

- ‌[784] باب هل تجوز الصلاة خلف من يستغيث بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وينكر أن عيسى عليه السلام رُفِعَ إلى السماء حقيقة

- ‌[785] باب هل يعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الغيب؟ وما حكم الصلاة خلف من يعتقد ذلك

الفصل: ‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

للمسلم الأوروبي الذي أسلم بسببٍ بدا له من نور الإسلام فآمن، كذاك البدوي الذي أسلم في بعض المعارك وسأل الرسول عليه السلام: أنه إذا قاتل واستشهد أيدخل الجنة؟ قال: نعم، فهجم على الكفار وقاتل حتى قتل، هذا ما يتصور أنه عرف تفاصيل الإسلام، صح أو لا؟ نرجع للمثال السابق: هذا الأوروبي الذي أسلم من أين يستمد المعلومات التفصيلية فيما يتعلق بالصفات الإلهية سواء ما كان منها في الكتاب أو ما كان منها في السنة، فهذا يعذر، هذا أعلى شيء مثال، ننزل قليلًا إلى الوسط: المسلم الذي يعيش في جو خلفي ماتريدي أو أشعري، لو سأل أي عالم من العلماء الذين يقال إنهم من أهل العلم، فسيفتونه بما تعلم من التأويل والتعطيل، فهذا بلا شك يعذر، أما من كان يعيش في بلاد فيها علماء سلفيين .. فيها علماء خلفيين، فهذا عليه أن يجتهد، أما من كان في بلاد سلفية محضة فهنا يقال: لا يعذر بجهله، واضح؟ فالأصل في هذا هو قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).

(فتاوى جدة -الأثر-" (5/ 00:42:19)

[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

؟

السائل: [هل يعذر الإنسان بجهله في هذا الزمان مع انتشار العلم؟]

الشيخ: هذا ليس على إطلاقه، وكثيراً ما سئلنا مثل هذا السؤال في هذه البلاد وفي غيرها، السؤال التقليدي: هل يعذر الجاهل بجهله أم لا؟ فجوابي: أنه قد يعذر وقد لا يعذر، إذا كان الجاهل يعيش في بلاد إسلامية يغلب عليها العلم الإسلامي وخاصة بعقائده وبصورة أخص ما يتعلق منها بالتوحيد فهنا لا يعذر هذا الإنسان بجهله؛ لأنه يعيش في جو إسلامي يفترض أن يكون قد عرف من الجو الصالح الذي يعيش فيه العقيدة الصحيحة وهذا بلا شك أيضاً يستطيع الإنسان أن

ص: 751

يتصور صوراً متعددة.

جو إسلامي والحمد لله أن البلاد السعودية لا تزال من حيث صلاح عقيدتها هي في القمة ولكن يقصدها كثير من المسلمين العرب أو العجم لقضاء مصالحهم وأحياناً عباداتهم من الحج أو العمرة، فقد يكون الواحد منهم أقام في هذه البلاد مدة من الزمن لم يتمكن في المدة لقصرها أن يتعرف على عقيدة التوحيد مثلاً فهو لا يزال يحمل في أفكاره بعض الانحرافات عن التوحيد الصحيح، فهذا بالرغم أنه أقام في جو إسلامي وتوحيده صحيح لا يمكن أن يقاس به من ولد في هذه البلاد وعاش فيها وترعرع ونشأ وتعلم فهناك فرق كبير بين الأول وبين الثاني؛ ولذلك إذا أخذنا هذا الإنسان الأول أي: البلد الإسلامي الصحيح توحيده وعقيدته ثم قابلناه ببلد آخر ليس بلداً إسلامياً فالمسلمون الذين يسلمون في بلاد الكفر كأوروبا مثلاً .. أو نحو ذلك، فهؤلاء إذا لم يفهموا بعض العقائد الإسلامية على وجهها الصحيح .. هؤلاء يعذرون لأنهم لا يجدون الجو الذي يعطينا المعنى الذي أشرت أنت إليه آنفاً بقول: صار من المعلوم من الدين بالضرورة، هذا إنما [هو في] المجتمع الأول وفي التفصيل الذي ذكرته: من نشأ وترعرع به وليس بالنسبة لمن [زاره] حالاًّ فيه لمدة قصيرة من الزمن.

ثم نأخذ مثلاً بل أمثلة أخرى ما بين المثل الأول الطالح والمثل الآخر الصالح نأخذ مثلاً كالبلاد المصرية حيث يوجد فيها مشايخ وعلماء الأزهر وما أدراك ما علماء الأزهر من حيث الأزهر الشريف وإلى آخره، ومع ذلك فتجد هناك الشرك ضارباً أطنابه في الأزهر وفي المساجد التي في الحسين وغيره، فيعيش المصري هناك مسكينًا ولا يسمع صوت التوحيد إطلاقاً، فهذا ليس كهذا الذي عاش في المجتمع الأول؛ فلذلك فمن الخطورة بمكان مع استحضارنا لهذا التفصيل وما

ص: 752

أشير إليه مما لم يذكر .. من الخطورة بمكان أن يقال بأن الجاهل لا يعذر؛ لأنه يعيش في بلد إسلامي، يشترط في هذا البلد الإسلامي أن تكون عقائده مشهورة وكما قلت معلومة من الدين بالضرورة.

لنفترض كما قلنا آنفاً رجل فرنسي أو ألماني أسلم، ما الذي دفعه للإسلام؟ شيء من عظمة الإسلام، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن يا ترى هل مجرد أن أعلن إسلامه وعودي من قومه عرف الإسلام بتفاصيله؟ طبعاً الجواب: لا، فقد يكون يعيش هو وزوجته وزوجته لا تزال سافرة متبرجة كما كان قبل إسلامه بل وكما كانت هي قبل إسلامها ويعيشون مع بعضهم البعض أشقاء وإخوة وتظهر أمامهم كما تظهر أمام زوجها، هل يعذر أم لا؟ يعذر؛ لأنه حديث عهد بالإسلام؛ ولذلك نجد في بعض الأحاديث ما يمكن اتخاذه حجة؛ لأن القول بأن الجاهل لا يعذر قول يخالف سنة الرسول عليه السلام العملية.

ماذا نقول اليوم لو أن مسلماً في بلاد الإسلام صاح في صلاته بأعلى صوته واستمر في صلاته ولم يعد الصلاة صلاته صحيحة أو باطلة؟ صلاته باطلة لكن الرسول ما أبطل صلاة

؛ لأنه عذره بجهله وما ذاك إلا لأنه كان حديث عهد بالإسلام وعلى ذلك يقاس هذه المسألة الحساسة فلا يقال مطلقاً: الجاهل يعذر، ولا يقال مطلقاً: الجاهل لا يعذر وإنما المسألة تتحمل تفاصيل كثيرة ذكرت

آنفاً بعضها.

أنا أشرت في مثالي الأخير إلى قصة معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه وهو بداهةًَ غير معاوية بن أبي سفيان الأموي، فقد حدث كما جاء في موطأ الإمام مالك ومسند الإمام أحمد وصحيح الإمام مسلم بالسند الصحيح عنه أنه صلى

ص: 753

ذات يوم ورأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عطس رجل بجانبه فقال له وهو في الصف في الصلاة: يرحمك الله، فنظروا إليه بأطراف أعينهم تسكيتاً له، فعظم عليه هذا الأمر فصاح بأعلى صوته وهو يصلي: واثكل أمياه، ما لكم تنظرون إلي؟ فما كان لمن حوله إلا أن أخذوا ضرباً على أفخاذهم تسكيتاً، يبدوا أن الرجل تنبه ولو بعد لأي بأنه أخطأ فيما فعل من الكلام والصياح؛ لذلك قال: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة أقبل إليّ .. تصوروا مصلياً في هذا الزمان لو فعل مثل ذلك الإنسان وجاء الإمام إليه ما الذي يتصوره؟ سيشتمه ويسبه إن لم يضربه، كأن معاوية هذا رضي الله عنه تصور شيئاً من ذلك لما رأى الرسول مقبلاً إليه ولكن خاب تصوره؛ لأنه رسول الله:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:159) قال: فما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة أقبل إلي ووالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن.

انتهت قصة الرجل هاهنا، ولكن يبدو من ناحية النفس أنه لما رأى هذا اللطف النبوي شجعه لأن يتعلم؛ لأنه عرف أنه جاهل .. يصيح في الصلاة بما سمعتم فيقول الرسول: أنه لا يصلح شيء من كلام الناس وإنما هو التسبيح والتحميد والتكبير وتلاوة القرآن، فتشجع على أن يوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض الأسئلة فأخذ [يطرح] هذه الأسئلة سؤالاً بعد سؤال.

كان مما جاء ذكره في هذا الحديث أن قال: «يا رسول الله! إن منا أقواماً يتطيرون، قال: فلا يصدنكم، قال: إن منا أقواماً يخطون بالرمل، فقال عليه الصلاة والسلام: قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطُه خطَه فذاك، قال: يا رسول الله! إن لي جارية ترعى لي غنماً في أُحُد فسطا الذئب يوماً على غنمي وأنا بشر

ص: 754

أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة وعلي عتق رقبة، فقال عليه السلام: هاتها، قال لها عليه الصلاة والسلام: أين الله؟ قالت: في السماء، قال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فالتفت إلى سيدها وقال له: اعتقها فإنها مؤمنة».

الآن: لو وجه هذا السؤال النبوي إلى بعض شيوخ الأزهر: أين الله؟ لأقاموا [الدنيا] عليه، فضلاً عن أنه لا يحسن جواب الجارية، لا يقول ذاك الله في السماء، وإن كان عنده شيء من العلم فيحاول أن يطعن في صحة هذا الحديث، وإن سلم بصحته فسيعلل جواب الجارية بتعليلات تعود بالطعن في الرسول عليه السلام من حيث هو لا يدري ولا يشعر ولا أرى الآن ضرورة أن أخوض في تفصيل هذا الكلام وإنما حسبي أن أربط هذا الكلام بما سبق.

إذا كان بعض شيوخ الأزهر اليوم من كثرة كاثرة في مصر مثلاً لا يتبنون العقيدة السلفية التي اتضح فيها الآيات الكريمة وتتابعت عليها الأحاديث النبوية الصحيحة لا يعتقدون أن الله عز وجل له صفة العلو فماذا يكون عقيدة عامة الشعب المصري؟ هل يعتقد كما تعتقد هذه الجارية؟

إذاً: ينبغي أن نقول: أن هؤلاء العامة في مصر وفي أمثالها من البلاد الأخرى سواء ما كان منها بلاداً عربية أو أعجمية فالشعب هنا وهناك معذور؛ لأنه لا يعيش في ذلك الجو الإسلامي الذي منه تعلمت الجارية تلك العقيدة الصحيحة، من أين للجارية وهي راعية غنم أن تعرف هذه العقيدة التي لا يعرفها علماء الأزهر؟ من الجوّ .. الصحابة سيدها وسيدتها وما حولها من الناس كلهم يدينون ديناً واحداً ويتبنون عقيدة واحدة فعرفت هذه العقيدة من المجتمع الذي عاشته، وربما تكون قد قرأت واتبعت سنة الرسول عليه السلام بقراءة سورة تبارك التي يسن للمسلم

ص: 755