المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم جحد شيءٍ من القرآن والسنة وحكم رد الأحاديث النبوية بالعقل ورد حديث الآحاد

- ‌[636] باب حكم جحد شيء من القران أو الشك فيه

- ‌[637] باب بيان كفرمن يدعي أن القرآن الذي بين أيدينا ليس كاملاً

- ‌[638] باب حكم من يطعن في آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[639] باب هل الكفر في قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} اعتقادي أم عملي

- ‌[640] باب حكم الاستهزاء بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[641] باب حكم منكري السنة

- ‌[642] باب هل من رد السنة يكفر

- ‌[643] باب هل يكفر من ينكر الحديث المتواتر

- ‌[644] باب الضابط في تكفير المستهزئ بالسنة، وهل إنكار خبر الآحاد يعد كفراً

- ‌[645] باب هل يكفر من ينكر خبر الآحاد

- ‌[646] باب حكم الصلاة خلف من ينكر بعض الأحاديث الصحيحة، وخلف من يتلبس ببعض الشركيات

- ‌[647] باب هل يكفر من يرد الأحاديث الصحيحة

- ‌[648] باب هل يكفر من ينكر حديثًا بعقله

- ‌[649] باب هل يكفر من يقول: هذا الحديث لا يدخل عقلي

- ‌جماع أبواب الكلام على البدع الكفرية هل يكفر أصحابهاوالكلام على بعض البدع العقدية وموقعها من الكفر

- ‌[650] باب هل كل من وقع في البدعة المكفرة كافر

- ‌[651] باب هل يجوزتكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم

- ‌[652] باب متى يكفر أتباع الفرق الإسلامية

- ‌[653] باب ضابط كفر المتأولوالتنبيه على أن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه

- ‌[654] باب متى يكفر المؤولة

- ‌[655] باب هل يُكفر من ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة؟وهل يكفر القائل بأن كلام الله مخلوق

- ‌[656] باب هل استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين

- ‌[657] باب كفر القائلين بوحدة الوجود

- ‌[658] باب هل يكفر المعتزلة

- ‌[659] باب لماذا كفر السلفُ الجهمية

- ‌[660] باب هل يُكَفَّر الجهمية أم يعذروا بجهلهم

- ‌[661] باب هل يُكفر الشيعة بعامة

- ‌[662] باب منه

- ‌[663] باب من كَفَّرَ معاوية رضي الله عنه هل يكفر

- ‌[664] باب كفر من أنكر عالم الجن

- ‌جماع أبواب حكم سب الله أو الرسول أو الدين

- ‌[665] باب حكم سب الله ورسوله والدين

- ‌[666] باب منه

- ‌[667] باب منه

- ‌[668] باب منه وكلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[669] باب حكم من سب الله ورسوله مع أنه يصلي

- ‌[670] باب حكم سب الدين، وبيان موانع التكفير

- ‌[671] باب منه

- ‌[672] باب منه

- ‌[673] باب منه

- ‌جماع أبواب متفرقة في مسائل التكفير

- ‌[674] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌[675] باب حكم الاستخفاف بفرائض الله

- ‌[676] باب حكم ترك الأعمال

- ‌[677] باب هل تَرْكُ الفرائض مخرج من الملة

- ‌[678] باب حكم تارك الزكاة

- ‌[679] باب منه

- ‌[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو

- ‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

- ‌[682] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن»

- ‌[683] باب هل الاستعانة بالمشركين ردة

- ‌[684] باب التألي على الله يحبط العمل كالكفر

- ‌[685] باب هل سوء الخلق لا يُغفَر كالشرك

- ‌[686] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الكاسيات العاريات:«لا يدخلن الجنة…» وهل هو على التأبيد

- ‌[687] باب هل السجود لشخصٍ كفر

- ‌[688] باب هل المشاركة في البرلمان كفر أكبر؟والتفريق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[689] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كفر مسلماً فقد كفر»

- ‌[690] باب هل يكفر من عطل الجهاد؟والكلام على الفرق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[691] باب هل كَفَرَ سلمان رشدي بكتابه"الآيات الشيطانية" وهل يجب قتله

- ‌[692] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من قال أنا يهودي أو نصراني فهو كما قال»

- ‌[693] باب هل المنتحر كافر

- ‌[694] باب هل الكذب المتعمد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر

- ‌[695] باب ما حد الإعراض عن دين الله الذي يكفر صاحبه

- ‌[696] باب هل صدام كافر

- ‌[697] باب ذكر أذناب الخوارج

- ‌[698] باب بدعة البراءة

- ‌[699] باب رَدُّ شبهةٍ لمكفري أصحاب الكبائر

- ‌[700] باب في الرد على من يكفر بالذنوبومن يوجب تعذيب الفاسق

- ‌[701] هل إخراج أهل الكبائر من النار خاص بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[702] باب من عقائد الخوارج في العبادات

- ‌[703] باب هل للقاتل توبة

- ‌[704] باب منه

- ‌[705] باب هل يقبل الله توبة القاتل

- ‌[706] باب كيف الجمع بين عدم قبول توبة القاتلوبين ما هو معلوم من قبول توبة الكافر

- ‌[707] باب حكم من يدوس المصحفوالكلام على الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[708] باب حكم رمي المصحف على الأرض حال الغضب

- ‌[709] باب امرأة رمت المصحفعلى الأرض هل يطلقها زوجها

- ‌[710] باب الجمع بين حديث: «إذا اقتتل مسلمان .. »وقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به

- ‌[711] باب: معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ…» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ»

- ‌[712] باب الرد على من قال بأن شيخ الإسلام كافر

- ‌[713] باب في كفر اليهود مع ما أوتوا من علم

- ‌[714] باب هل يباح الدعاء على الكفار في قنوت الوتر

- ‌[715] باب هل الفرح بتغيير رؤساء أمريكا خلل عقدي

- ‌[716] باب هل يجوز استغابة الكافر والمشرك وسبهم

- ‌[717] باب هل يجوز لعن اليهود والنصارى

- ‌[718] باب هل يجوز لعن المعين

- ‌كتاب أهل الأعذار في التوحيد

- ‌جماع أبواب الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[719] الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[720] باب منه

- ‌[721] باب منه

- ‌[722] باب ضوابط العذر بالجهل

- ‌[723] باب منه

- ‌[724] باب منه

- ‌[725] باب هل يُعذر بالجهلفي مسائل الاعتقاد في بلادنا اليوم

- ‌[726] باب هل يعذر بالجهلمن عاش في مجتمع مليء بالشركيات

- ‌[727] باب هل يعذر المخالف في العقيدة

- ‌[728] باب هل يعذر بالجهل في الأسماء والصفات

- ‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

- ‌[730] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[731] باب حكم من مات من المسلمينوهو يجهل التوحيد لعذر

- ‌[732] باب هل يُدعى لمن مات جاهلاً بحقيقة التوحيدونقاش حول ذلك

- ‌[733] باب منه

- ‌[734] باب العذر بالجهل، وبيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[735] باب هل يحشر قول عائشة:«مهما يكتم الناس يعلمه الله» في أبواب العذر بالجهل

- ‌[736] باب هل العذر بالإكراهكان موجوداً في شريعة من سبقنا

- ‌[737] باب بيان ضعفحديث: «دخل رجل الجنة في ذبابة»

- ‌[738] باب بيان نكارة متن حديث الذبابة لمخالفته لقوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}

- ‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالاًّ أم مجتهداً

- ‌[740] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌جماع أبواب أحكام أهل الفترة ومن في حكمهموالكلام على مصير أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم-غير ما تقدم

- ‌[741] باب بيان من هم أهل الفترة

- ‌[742] باب منه

- ‌[743] باب هل يوجد في هذا الزمان من له حكم أهل الفترة

- ‌[744] باب هل من لم يصله الدين في هذا الزمان، أو وصله على غير وجهه له حكم أهل الفترة

- ‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

- ‌[746] باب مصير من وصلهم الدين على غير حقيقته

- ‌[747] باب من وُصف له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف الواقع فصده ذلك عن الإسلام هل هو في حكم أهل الفترة

- ‌[748] باب الكلام على أهل الأعذارالذين لم تصلهم الدعوة، وأطفال المشركين

- ‌[749] باب من وصلته الدعوةعلى غير حقيقتها ليس من أهل الوعيد

- ‌[750] باب من مات في الجاهلية ليس من أهل الفترة

- ‌[751] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[752] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[753] باب بيان أن مشركي الجاهلية في الناروليسوا من أهل الفترة بما فيهم والدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[754] باب هل يمتحن بعض أهل الجاهلية في عرصات القيامة

- ‌[755] باب الجمع بين قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}

- ‌[756] باب منه

- ‌[757] باب هل كان والدا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الفترة

- ‌[758] باب منه

- ‌[759] باب منه

- ‌[760] باب كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار

- ‌[761] باب كيف الجمع بين كون من لم تبلغهم الرسالة من أهل الفترة وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أبي وأبوك في النار»

- ‌[762] باب هل يصح تأويل حديث«أبي وأبوك في النار» بعمي وعمك

- ‌جماع أبواب مسألةمصير أطفال المؤمنين وأطفال المشركين في الآخرة

- ‌[763] باب عدم التكليف قبل البلوغ وقيام الحجة

- ‌[764] باب أطفال المؤمنين في الجنة

- ‌[765] باب منه

- ‌[766] باب أطفال الكفار في الجنة

- ‌[767] باب منه

- ‌[768] باب هل أطفال المشركين، ومن لم يبلغه الإسلام الحق من المسلمين؛ من أهل الفترة

- ‌[769] باب حكم أولاد النصارى والمنافقين ممن لم يبلغ سن التكليف في الآخرة، ومن بلغته الدعوة في سن الخرف، ومن لم تبلغه أصلا، وأمثالهم

- ‌[770] باب الكلام على أهل الأعذار الذين لم تصلهم الدعوة، ومصير أطفال المشركين وأطفال المؤمنين

- ‌[771] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الوائدة والموؤدة في النار»

- ‌[772] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلامعلى إقامة الحجة وشروطها

- ‌[773] باب تعريف الحجة ومن يقيم الحجة على الحكام

- ‌[774] باب هل يجوز تكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم؟ والتطرق لمعنى إقامة الحجة

- ‌[775] باب من شروط إقامة الحجة

- ‌[776] باب هل يشترط فهم الحجة

- ‌[777] باب هل يغني أخذ الميثاق في الأزل عن إقامة الحجة

- ‌[778] باب كيف تقام الحجة

- ‌[779] باب كيف الجمع بين ضرورة إقامة الحجةعلى من تلبس بعمل شركي، وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلملمن لبس الصفرة: «إذا مت على ذلك لن تفلح أبداً»

- ‌جماع أبواب الكلامحول أحكام المتلبس بالشركيات من المسلمين(غير ما تقدم)

- ‌[780] باب حكم من نطق بالشهادة وبقى متلبساً بالشركيات

- ‌[781] باب كيف يتعامل مع المسلمين المتلبسين بالشركيات

- ‌[782] باب هل يجزئ حج المتلبس بالشركيات

- ‌[783] باب هل يصلى خلف المتلبس بالبدع الشركية المكفرة

- ‌[784] باب هل تجوز الصلاة خلف من يستغيث بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وينكر أن عيسى عليه السلام رُفِعَ إلى السماء حقيقة

- ‌[785] باب هل يعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الغيب؟ وما حكم الصلاة خلف من يعتقد ذلك

الفصل: ‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

بريطانيا من ألمانيا إلى ما شابه ذلك، وما عنده يعني من يوصلّه الدين

الشيخ: الله يهديك، أنت حكمت هذيك الساعة إنه هذول عليهم إثم؟

مداخلة: كيف؟

الشيخ: حكمت هذيك الساعة إنه عليهم الإثم؟

مداخلة: إثم يعني اللي مثلاً ما بلغوهم هذا قصدي.

الشيخ: أنا عارف لقصدك الله يهديك، هل فهمت مني إنه هذول اللي ماتوا ولم تبلغهم الدعوة آثمين؟

مداخلة: لا ما فهمت هكذا.

الشيخ: طيب! فهمت أنهم غير آثمين؟

مداخلة: نعم فهمت.

الشيخ: فإذاً كيف تقول: إنه من يتحمل إثمهم؟

مداخلة: أيوه صحيح.

"الهدى والنور"(326/ 27: 35: 00 طريق الإسلام)

[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

مداخلة: نحن نقرأ قول الله عز وجل: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).

الشيخ: أي نعم.

ص: 838

مداخلة: ونرى أن في هذه الأيام الملايين من البشر يعيشون في معزل عن العلم

أي نعم، فالحقيقة وقد انقطع الوحي، وما عاد الرسل يأتون.

مداخلة: {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام:19).

مداخلة: أي نعم، وطبعاً نحن نعرف حكم أهل الفترة في هذه المسألة بالذات، فهل يقاسون هؤلاء على أهل الفترة، وما هو الشيء الذي لا يؤاخذون

به شرعاً؟

الشيخ: هو في اعتقادي لا يخفاك أن علة التكليف، مناط الحكم على طائفة من الناس أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم.

مداخلة: عفواً يا شيخنا، تكملة للسؤال وأستميحكم وأقول: مع ملاحظة أن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر بأن أباه في النار، ولم يؤذن بالاستغفار لأمه، فهذه المسألة نريد توضيحها.

الشيخ: أردت أن أقول أن مناط الحكم في المؤاخذة وعدمها، هو وصول الدعوة وعدم وصولها، فأي جماعة أو أي شعب أو أي أمة نفترض أنها لم تبلغها دعوة الرسول عليه السلام، وهذا الذي يهمنا بالنسبة

لخاتم [الأنبياء] حين ذاك يرتفع القلم عن هؤلاء فلا يؤاخذون بكفرهم وبضلالهم، ما دام أننا افترضنا أنهم لم تبلغهم دعوة الرسول عليه السلام، فالشيخ محمد جزاه الله خيراً ذكر الآية:{لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام:19)، وهذه الآية فيها لفت النظر لبعض الناس الذين يستشهدون لهذه المسألة بمثل قوله تعالى:{لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (يس:6).

إذاً: ما دام أن آباءهم لم ينذروا، فإذاً: يتبادر إلى الذهن أنهم من أهل الفترة.

ص: 839

أنا أقول: أولاً الآية عطفت، قال:{لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام:19)، وهذا يعني أن النذير لا يشترط في إقامة الحجة أن يكون اتصل بالقوم مباشرةً بجسده وصوته ودعوته، هذا طبعاً واقع ولكن ليس شرطاً، إنما المهم أن تبلغهم الدعوة، والذي يؤكد لنا هذا أن أي نبي وبخاصة خاتم الأنبياء لو أتى قوماً وبشرهم وأنذرهم، لكن فيهم رجل أصم، فإذاً: هذا جاءه الرسول مباشرة، لكن ليس هذا هو المقصود، لكن أن تصل الدعوة إليه، وهذا باعتباره أصم أو باعتباره أحمق، ونحو ذلك، فهو غير مؤاخذ لأنه لم تبلغه الدعوة، مع أنه شخص الرسول اتصل به، فالعكس بالعكس تماماً.

وأنا أقول بهذه المناسبة لهؤلاء الذين يتمسكون بالآية السابقة: {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام:19):

نحن الآن المسلمين على هذا الفهم الضيق للآية السابقة: {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (يس:6)، نحن أيضاً ما جاءنا من نذير، لكن نحن جاءتنا الدعوة، بلغتنا، ولذلك فنحن مُكلَّفون، وإذا لم نستجب فنكون غير معذورين.

نفس الكلام يقال تماماً بالنسبة لأهل الفترة قبل الرسول عليه السلام، ومنه نستطيع أن نأخذ جواب الحديثين الذين ذكرتهما آنفاً، لا نستطيع أن نقول أن الذين كانوا قبل الرسول عليه السلام كلهم من أهل الفترة، ولا نستطيع أن نقول كلهم ليسوا من أهل الفترة، لا نستطيع أن نقطع بأن كل فرد من أفراد العرب الذين كانوا قبل الرسول بلغته الدعوة، كما أن العكس لا نستطيع أن نقوله، أن كل فرد من أفراد هؤلاء ما بلغتهم الدعوة.

إذاً: القضية مربوطة بالبلاغ وعدم البلاغ، إذا كان هذا بيناً كما تعلمون، حينئذ أقول: إذا جاءنا خبر عن الرسول عليه السلام صحيح بأن فلاناً كان من أهل

ص: 840

الجاهلية وهو في النار، نحن نقطع فوراً أن هذا بلغته الدعوة، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15)، ولا يخفاكم أن هذه الآية تعني أيضاً رسولاً إما مباشرةً وإما بدعوته، فإذا سلفت هناك أحاديث مثل حديث:«إن أبي وأباك في النار» يحكم على ناس ماتوا في الجاهلية قبل بعثة الرسول عليه السلام، فذلك يعني تماماً أن هؤلاء بلغتهم دعوة التوحيد، ولذلك جحدوا بها، كما قال تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} (النمل:14).

اليوم كما أشرتم، أمم في الشمال القطب الشمالي، القطب الجنوبي، بل أوروبا، بل أمريكا إلى آخره، لا يعرفون عن الإسلام شيئاً، والحقيقة كما يقال: إن أنسى فلن أنسى، وأول لقاء كان بيني وبين بعض الأساتذة في الجامعة (1) لأول سنة أظن، في نفس الجامعة في جماعة من أهل العلم ومحمد أمان تذكره جيداً، أثيرت هذه القضية، وأنا بينت وجهة نظري باختصار حسب ما سمعتم بشيء من التفصيل، قال الشيخ المشار إليه بأنه ما نستطيع أن نقول أنه لم تبلغهم الدعوة اليوم الأوربيون والأمريكيون ونحو ذلك؛ لأنه ما شاء الله الآن القرآن يتلى في الإذاعات ليلاً نهاراً، قلنا له: يا شيخ، الله يهدينا وإياك العرب لا يفهمون الكلام هذا حتى يفهمه الأعاجم، فإذا قلت للأعجمي، قل:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} (الإخلاص:1 - 2)، سيقولها ولكن بشيء من الصعوبة، لكن هل يعلم أن هذا يهدم الصليب والمعبود بالباطل، لا يدري ولا يفقه أي شيء.

فإذاً: ليس المقصود ببلوغ الدعوة ألفاظها، وإنما المقصود معاني الدعوة وحقائقها.

(1) أي: الجامعة الإسلامية.

ص: 841

مداخلة: سماعها على الوجه الذي يحمله على

الشيخ: هو كذلك، هذه حقائقها، ولهذا أن أقول اليوم كثير من المشركين الذين نراهم في ضلال مبين، ويشركون ويجعلون لله أنداداً وهم لا يعلمون، المشركين الأولين وهم يعلمون

إذاً: لا نستطيع أن نحكم لهم بنار؛ لأن الذي يقيم الحجة عليهم المشايخ الذين يحيطون بهم هم سبب بلاغهم، يسموا الاستغاثة كما تعلم توسلاً، ونحو ذلك من الضلالات، والانحرافات، فهؤلاء ما بلغتهم الدعوة.

مداخلة: إذاً: على هذا شيخنا نحمل قول النبي عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده! لا يسمع بي يهودياً ولا نصرانياً من هذه الأمة ثم لا يؤمن بي إلا

دخل النار».

إذاً: هذا السماع [ما] المقصود به؟

الشيخ: السماع الحق.

مداخلة: الذي عناه الله أيضاً بقوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (التوبة:6).

الشيخ: أي نعم.

مداخلة: هنا سؤال يا شيخنا متصل بهذه المسألة بالذات، وهو: الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تولد البهيمة بهمية

» إلى آخر الحديث.

وفي سورة الروم قول الله تبارك وتعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا

ص: 842

تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (الروم:30)، هذه الفطرة التي في الآية وفي هذا الحديث، أليست تعني فطرة التوحيد؟

الشيخ: فيها خلاف هذه، منهم من يقول هذا، وهذا هو الظاهر، ومنهم من يقول استعداد لتقبل دعوة الحق، لكن الأول هو الأرجح.

مداخلة: فإذا كان الأمر كذلك، فهل يصح لنا أن نقول بأنه يمكن أن نقسم الأمر بالنسبة للدعوة إلى قسمين أو للنجاة والعذاب، نقسم الناس إلى قسمين وهم: أهل الفترة ومن يشبههم في أي زمان يأتي من بعد النبي عليه الصلاة والسلام، فنقول: من كان في نفسه هذه الفطرة لن تتغير ولن تتبدل، ولم يبلغه الدعوة، ولم تكن قد بلغته الدعوة، فهذا يعد من الناجين، ومن كان قد تغيرت

في نفسه فطرة التوحيد، ولم تبلغه التوحيد، فهذا يعتبر غير ناجي، فهل يمكن أن يقال هذا؟

الشيخ: من الناحية النظرية بلا شك يمكن أن يقال هذا، لكن من الناحية الواقعية يا ترى إذا تُرِكَ الإنسان خاصة إذا كان في مجتمع منحرف، هل يظل على فطرته، أنا أتصور أن الحديث الذي ذكرته، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، يعطي أن التربية لها تأثير، فمن الناحية النظرية؛ هو كما تقول ما أشرك مع الله أحداً، فهو ناجي بفطرته الأصيلة في نفسه، لكن تَصَوُّرُ الأمر كأمر واقع، أنا أستبعده جداً، إلا إذا تصورنا إنسان من العصر الحجري، يعيش لوحده في هذه البراري ولا يعيش في بيئة تصلحه أو تفسده، ممكن هذا أن يعيش على الفطرة السليمة ويموت كذلك، فعلى هذا نقول هو ناجي.

مداخلة: بس نحن الآن نريد أن نستدرك فقرة في هذا الحديث: «فأبواه

ص: 843

يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» إذاً: المفهوم المتبادر في ضوء إجابتكم الطيبة هذه، أن الأبوين هم اللذان يتحملان مسؤولية الولد أليس كذلك؟

الشيخ: نعم، لكن هذا لا ينجي الولد.

هم بلا شك يتحملان مسؤولية الولد، لكن لا ينجي الولد من العذاب؛ لأنه إذا كان الولد مات قبل بلوغ سن التكليف فهذا طبعاً لا نقول أنه معذب، أما إذا بلغ سن التكليف ومات يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً، فلا عذر له باعتبار أن (أباه) وأمه كانوا من الضالين يهود أو نصارى أو مجوس، فتحمل الآباء مسؤولية الأبناء شيء، وعدم مؤاخذة الولد شيء آخر، هنا لا بد من التفصيل الذي ألمحتُ إليه؛ أنه إن كان بلغ سن التكليف فهو مؤاخذ؛ لأنه لم يستعمل عقله في تفهم الدعوة، ويعود للكلام السابق، إذا بلغته، يعني نحن الآن عندما نتصور

مداخلة: نحن نقول في الذي لم تبلغه الدعوة.

الشيخ: حينئذ لا فرق بارك الله فيك بين الولد وبين الوالد.

مداخلة: وهذا هو الذي أريد أن أصل إليه، إذاً: معناه أنه صارت سلسلة

من التهويد والتمجيس والتنصير، لا حد لها

وكل والدين يحملان مسؤولية

ما قبلهما (1).

إذاً: هذا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من أجرب البعير الأول؟» (2).

الشيخ: لكن لا بد أن نلاحظ أن هذا التسلسل لا ينبغي طرده لا سلباً ولا

(1) كذا، ولعله أراد: وكل والدين يحمل مسؤوليتهما من قبلهما.

(2)

صحيح الجامع (رقم886).

ص: 844

إيجابياً، يعني لا نستطيع أن نتصور أن كل واحد من هؤلاء لم تبلغه الدعوة، فأنت تعرف النصارى الذين يعيشون في البلاد الإسلامية، كبلاد الشام مثلاً، هؤلاء لا أتصور أن نقول عنهم أنهم لم تبلغهم الدعوة؛ لأننا حينما نقول لم تبلغهم الدعوة ما نعني تفاصيلها، وإنما نعني محاربة الشرك الذي هم واقعين فيه، بينما نصارى أوروبا وأمريكا .. وإلى آخره، هؤلاء يغلب على الظن أنهم ما بلغتهم الدعوة، لكن مع ذلك لا يجوز أن نطلق هذا النفي؛ لأنه ممكن بعض أفراد من أولئك إما دراسة شخصية أو اتصالات شخصية كما نعلم عن بعض السفراء الذي كانوا يرسلون إلى بعض البلاد العربية، فتتاح لهم فرصة في لقاء بعض العلماء وبعض المشايخ، فتتجلى لهم عن الإسلام حقائق كانوا يجهلونها من قبل، فهؤلاء بالرغم أنهم من أمريكا مثلاً، لكن هؤلاء لا ينساقون مساق أولئك أبداً.

لذلك

فيجب أن ننظر إلى المناط، من بلغته الدعوة فقد أنذر، من لم تبلغه الدعوة فكما تعلم له حساب في عرصات يوم القيامة.

مداخلة: إذاً: هنا يا شيخنا سؤال يسترجع السؤال الآخر، وهو إذا كان هذا الإنسان، فسدت فطرته بأبويه وتحول إلى دين الشرك حتى بفطرته، فهذا الإنسان إذا بلغ سن التكليف وكان في بيئة كبيئة ديار الشام أو مصر مثلاً، وهو يسمع بهذه الدعوة التي أقل ما فيها فهماً له أنه قادر على نفي الشرك عنه، فإذاً مؤاخذٌ ولو أن أبويه قد أفسدا فطرته.

الشيخ: لا شك.

مداخلة: الرسول عليه الصلاة والسلام حكم بأن أباه في النار، وهذا حكم قضى به صلى الله عليه وآله وسلم بصريح اللفظ والعبارة، لكن أمه لم يصرح بأنها في النار، وإنما قال:

ص: 845

«استأذنت ربي أن أزور قبرها فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي» ، فهل هذا أيضاً ينبئ عن ما صرح بحق أبيه؟

الشيخ: طبعاً بلا شك؛ لأنه كما لا يخفاك عدم الاستغفار.

مداخلة: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} .

الشيخ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} (التوبة:114).

فعدم الإذن للرسول عليه السلام بالاستغفار لأمه يعني بأنه لا يجوز الاستغفار لمشرك.

مداخلة: لكن أيضاً هل يقال بأنه قد يلمح عدم تصريح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن أمه في النار، أنها في منزلة دون منزلة أبيه في النار؟

الشيخ: لا، الأمر مسكوت عنه، ممكن كما حدث الرسول عليه السلام عن عمه أبي طالب أنه في ضحضاح، هذا ممكن، لكن كما لا يخفاك أيضاً أن الأمور الغيبية لا يجوز التوسع فيها، وإنما نكل الأمر إلى الله عز وجل.

مداخلة: وإلا لانتهينا إلى ما انتهى إليه القوم، بأن الله بعث أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم

الشيخ: أحياهما له، حتى آمنا به.

مداخلة: يعني: إنسان غير موحد لا يُسْتَغْفَر له، ولو أيقنا أنه لم تبلغ الدعوة.

الشيخ: هذا لأنك أنت لك الظاهر، أنت لا تدري أن هذا معذور أو غير معذور، فهو مشرك من حيث الظاهر.

أردت أن أقول بالنسبة لحديث: «ما من يهودي أو نصراني من هذه الأمة

ص: 846