الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التبليغ إلى كل من أرسل إليه، ولذلك تمنن عليه بقوله تعالى:{ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} ووجه التمنن: أنه لو بعث في كل قرية نذيرا لما حصل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أجر إنذاره لأهل قريته".
[فقال الإمام معلقًا:]
قلت: وفي هذا الكلام تنبيه لطيف إلى أنه لا منافاة بين الآية المذكورة وبين وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} ؛ لأن المراد بالأولى زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، وبالأخرى ما قبله.
"تحقيق بداية السول"(ص 47)
[756] باب منه
[أورد الصنعاني في «رفع الأستار» أدلة من قال بفناء النار فذكر منها ما] أخرجه أحمد في «مسنده» من حديث الأسود بن سريع مرفوعاً «[يأتي] أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، أما الأصم فيقول: رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل عليهم ليدخلوا النار قال: فوالذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً» (1).
(1)[أخرجه أحمد] في «المسند» (4/ 24) وإسناده جيد، ورواه عقبة بإسناد آخر عن أبي هريرة مثله غير أنه قال في آخره:«فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها» ورجاله ثقات لولا أن فيه عنعنة الحسن البصري، وقد ذكره ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (246) مختصراً نحوه وقال:«إسناده مقارب» . والأول أخرجه ابن حبان أيضاً (1827) والطبراني في «الكبير» (841) بلفظ: «أربعة يحتجون يوم القيامة
…
». وهذا أتم ولعله الذي أشار إليه المؤلف. لكن لفظ أحمد كما سبق. ثم رأيت الحديث من حديث أبي هريرة في «السنة لابن أبي عاصم» (404 - بتحقيقي) وفيه الإحالة في تخريج حديث الأسود إلى «الصحيحة» (1434) ولو كان تحت يدي لأغناني عن كثير من هذا التعليق. [منه].
[ثم عقب عليه قائلا]:
ليس الحديث أيضاً في محل النزاع إذ هو في فناء النار ودخول أهلها الجنة، وهؤلاء الثلاثة الأولون ليسوا بمشركين، فإنهم كانوا في دار الدنيا غير مكلفين، فلم يتحقق منهم أنهم كانوا مشركين، وليسوا ممن دخل النار ثم فنيت وهم فيها: والرابع الذي مات في الفترة مخاطب بشرع من قبله بنص قوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} (فاطر: 24)
…
وهو حديث مشكل.
[فعلق الإمام قائلاً]:
قلت: لم يتبين لي وجه الإشكال إلا أن يكون بدا له التعارض بين الآية { .. إلا خلا فيها نذير} وبين قوله الذي مات في الفترة: «ما أتاني من نذير» . فإن كان هذا هو المشكل فلا إشكال عندي؛ لأنه ليس من الضروري أن تبلغ النذارة كل فرد من أفراد كل أمة، بل يمكن أن يكون في كل أمة من لم تبلغهم الدعوة، حتى في هذه الأمة المحمدية، فمن الذي يستطيع أن يقول بأن سكان القطب الشمالي والقطب الجنوبي قد بلغتهم دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا سيما قبل عصرنا هذا الذي تيسرت فيه طرق التبليغ كالراديو وغيره، ولكن أين المبلغون للدعوة إليهم وإلى أمثالهم على وجه الأرض وبلغاتهم؟ بل أين المبلغون للدعوة الحق التي نزلت على قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين أنفسهم حين انحرف الكثيرون منهم عنها، بل وحاربوها،