الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمل الناس على أحد القولين وهو عدم التكفير يجرئ دعاة البدعة، و [يجغل] الجهال يتبعونهم على البدع المكفرات، فلو أضاف الداعية إلى جانب القول بعدم التكفير حكاية
…
السلف حتى يكون رادعًا لكثير من الدعاة السيئين وأرباب البدعة من التمادي واتخاذ الشركيات
…
؟
الشيخ: نعم، تكفير السلف للجهمية أو الجمهيين في اعتقادي أن علماء السلف أقاموا الحجة على أولئك وأصروا على ضلالهم وزيغهم، ونحن لا نشك في أن مثل هذا التكفير هو على الجادة، لكن لا يقاس الضلالات الأخرى على ضلالة الجهمية، لعدم وجود في اعتقادي من يقيم الحجة كما ذكرنا اليوم في بعض المجالس على هؤلاء الذين انحرفوا عن العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولذلك فنفرق فنقول: هذا كفر وهذا شرك لكن لا نبادر إلى التكفير وإخراج هذا الذي وقع في الكفر من الملة إلا بعد إقامة الحجة، فما جاء في السؤال من أن السلف كفروا الجهمية فالجواب: في اعتقادي أنهم اعتقدوا أن الحجة قامت عليهم من أطراف كثيرة وكثيرة، لا سيما وكانت الظروف مواتية لأهل السنة أن يقيموا الحجج الدامغة لضلال هؤلاء الجهمية مع ذلك فهم أصروا على ضلالهم فالمقابل أصر علماء السلف على تكفيرهم.
"لقاءات المدينة"(1/ 00:08:07)
[660] باب هل يُكَفَّر الجهمية أم يعذروا بجهلهم
؟
سؤال: الإمام ابن حزم رحمه الله، يعني: ذكر ابن عبد الهادي ونقلته في السلسلة بأنه يقول: بأنه جهمي جلد، الذي نقله ابن القيم في الجهمية الذين يقولون بخلق القرآن: ولقد تقلد كفرهم خمسمائة من العلماء، كيف التوفيق بين هذا وهذا؟
الشيخ: شغل بالي في قولك: الذي نقلته وأنه ظهر لي في شيء من الخطأ فأرجوا أن تعيد علي، من القائل: جهمي جلد، ومن المقول فيه
…
؟
مداخلة: القائل: ابن عبد الهادي.
الشيخ: لمن قال؟
مداخلة: ابن حزم.
الشيخ: ابن عبد الهادي هو القائل؟!
مداخلة: نعم.
الشيخ: أو هو المقول فيه؟
مداخلة: لا، هو القائل.
الشيخ: والمقول فيه؟
مداخلة: ابن حزم.
الشيخ: ابن حزم، صحيح، والعبارة الثانية؟
مداخلة: ابن القيم.
الشيخ: ماذا قال؟
مداخلة: ولقد تقلد كفرهم خمسون
…
في عشر من العلماء في البلدان
الشيخ: طيب! من هم؟
مداخلة: على الجهمية والذين يقولون بخلق القرآن.
الشيخ: فأنت سؤالك الذي سمعته جيدًا: ما التوفيق بين هذا وهذا؟
مداخلة: نعم، كيف نجمع بين
…
الشيخ: أين التعارض؟ ينبغي أن يقال في السؤال: أليس في هذا مبالغة؟ بما يتعلق بابن حزم، أما ما في تعارض بين القولين حتى تقول: كيف التوفيق؟
مداخلة: ابن حزم الآن إذا كان يقول بقول الجهمية
…
وابن القيم ينقل عن خمسمائة عالم بأنهم يكفرون الجمهية كيف نقول: بأن ابن حزم ليس بكافر؟
الشيخ: كيف نقول أن ابن حزم ماذا؟
مداخلة: ليس بكافر.
الشيخ: هذا الذي أقول لك، أقول لك أنا: صحة السؤال أنه: أليس هناك مبالغة في أن يقال في حزم إنه جهمي جلد؛ لأن هذا يساوي أنه كافر، طيب! وهذا من جملة أولئك الكفار في حد تعبير .. فهل هناك تعارض حتى يكون سؤالك كيف التوفيق؟! فالسؤال ساقط، وإنما الحقيقة أنه كيف يقال في ابن حزم بأنه جهمي جلد؟ وبخاصة أنه ابن القيم كفر الجهميين، وضح الآن أن السؤال كان خطأ؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب! الجواب: كنا تكلمنا في بعض مجالسنا في هذه الرحلة أن من الخطأ الشائع بين المسلمين اليوم علمائهم إلا من عصم الله منهم جعل الدين أو تقسيمه إلى قسمين: أصول وفروع، ويفرعون على هذا التقسيم أن الخطأ في الأصول كفر، والكفر في الفروع مغتفر، هذا التقسيم لا أصل له، وهذا هو الذي يشرحه ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه شرحًا وافيًا جدًا، الخطأ الذي يكفر به
المسلم لا يتعلق بكونه في العقيدة دون الفروع، بل يتعلق بأن يتبين له الخطأ ثم يصر عليه عقيدةً وليس عملًا، ولما كانت الأحكام فيها عمل والعمل قد يصحبه عقيدة سيئة وقد لا يصحبه عقيدة سيئة، أما القسم الأول قسم العقائد فليس فيها عمل، فإذا تكلم أحد العلماء بعقيدة خالف فيها نص الكتاب والسنة في وجهة نظر الآخرين، فهل يكفر أم لا يكفر، كما لو أخطأ في حكم عملي، مثلًا لعلكم تعرفون بعض العلماء الموقرين يرون أن الخمر ليس كل خمر حرامًا خلافًا للحديث الوارد في صحيح مسلم:«كل مسكر خمر وكل خمر حرام» بل يفصلون فيقولون: ما كان مستنبطًا من الخمر من العنب فهذا قليله وكثيره حرام، وما كان مستنبطًا من غيره فكثيره المسكر هو الحرام، أما قليله فحلال، هذا وجد في العراقيين من قال مثل هذا القول، وهو مصادم لقوله عليه السلام:"كل ما أسكر كثيره فقليله حرام"، فهل يكفر مثل هذا المخالف؟ الجواب: لا؛ لأنه صدر منه اجتهاد.
لكن لو جئنا إلى الخمر الذي اتفق على تحريمه فاستحله مستحل بقلبه، هذا ارتد عن دينه، مع أنه حكمًا ليس عقيدةً ولكن آنفًا أظن قبل ما يأتي كثير منكم، كنا نبين خطأ من يفرق في وجوب الأخذ بحديث الآحاد بين ما إذا كان فيه عقيدة أو كان في العقائد فلا يجوز الأخذ به بخلاف الأحكام فقد أثبتنا بشيء من التفصيل والبيان أن كل حكم شرعي يتضمن عقيدةً لا بد أن يتبنى المسلم لها وإلا لم يكن قوله بما تضمنه هذا الحكم مفيدًا له؛ لأنه أي حكم هذا حرام، والحرام يجب أن يكون في قلبه معتقدًا حرمته فإذا لم يعتقد ذلك فلا قيمة لهذا الحكم دون ذاك، فأقول: فإذا نقلنا موضوع الخمر من غير العنب وفي ذاك الخلاف الذي أشرت إليه آنفًا، إلى الخمر المجمع على تحريمه وصرح أحد المسلمين بأن هذا ليس بحرام كما هو الشأن في خمر غير العنب، لا شك أنه باعتقاده في هذا الحكم أنه غير
حرام قد كفر، لماذا؟ لأن هذا الحكم تضمن كما قلنا آنفًا عقيدة، فحينئٍذ ننتقل إلى نص فيه عقيدة وليس فيه حكم كما هو في موضوع ما نحن فيه آنفًا مما يتعلق بالجهمية الذين أنكروا كثيرًا من صفات الله عز وجل الثابتة في الكتاب فضلًا
عن السنة.
فالآن: ندخل في صميم الموضوع: من أنكر عقيدةً ما وهو يعتقد أن هذه العقيدة قد جاءت عن الله ورسوله فهو كافر، ولا نقول عنه فقط جهمي جلد، وبل وكافر مرتد عن دينه، ولكن إذا كان لا يغلب على ظننا على الأقل أنه هو حينما وقع في هذا الإنكار وفي هذا الجحد لصفة من صفات الله عز وجل إنما وقع في ذلك خطأًوتوهمًا وليس قصدًا، فحينذاك لا يلزم من قولنا فيه إنه جهمي جلد أنه كافر، وعلى العكس من ذلك، إذا قلنا في أحد: إنه كافر جهمي جلد فهذا لا يحتمل
…
عن الآخر سوى التكفير، أما مجرد قولنا فيه: جهمي جلد، فهذا لا يعني أنه كافر.
لعلك وصلت إلى الجواب عن سؤالك؟
مداخلة: يا شيخ الآن عندنا
…
الشيخ: أنا سألتك!
مداخلة: نعم.
الشيخ: أرحتني، جزاك الله خير، فقل الآن استدرك ما شئت.
مداخلة: الآن عندنا الجهمية الآن ما ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه إلا من أجل التأويل والخطأ، لأنهم أنكروا الأسماء والصفات ..
الشيخ: إلا من أجل التأويل والخطأ! أنت زدت علي شيئًا؟
مداخلة: لا، لأن ..
الشيخ: سألنا: زدت علي شيئًا؟
مداخلة: لا ما زدت.
الشيخ: إذًا: ما محل ذلك الاستدراك من الإعراب؟
مداخلة: الاستدراك: كان كلامك الأول منصب إلى ابن حزم، وكلامي ينصب إلى الاثنين.
الشيخ: طيب! يعني: أنت سرت معي ووسعت الدائرة، أكذلك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب! أنا أقول كلمة عامة: كل من وقع في التجهم بعد أن تبينت له الحجة أنه على ضلال وأصر فهو كافر، لكن تعيين فلان هذا موضع اجتهاد، فابن حزم هل يقول باحث مسلم يعرف قيمة هذا الإمام وعلمه وفضله وإلى آخره كالجعد الجهمي هل يسوي بينهما؟ ومن ذلك تأخذ الفرق ولا تستطيع أن تقيس وتقول مثلًا لماذا يقال عن الجعد أنه كافر، وقتل أو ذبح على كفره، وهذا ابن حزم إمام من أئمة المسلمين ويشترك معه في ذلك، ذلك لأن هذا ينفك بعلمه وفضله في الكتاب والسنة عن ذاك وإن كان يشترك معه في ضلالة من الضلالات، لكن هذا لا يلزمنا أن نحكم عليه بنفس الحكم الذي صدر عن غيره ممن لا يعرف عنه له جهاد في العلم بالكتاب والسنة، هذا ما عندي جوابًا عن ذاك السؤال.
"رحلة النور"(44ب/00:00:54)