الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملقي: لست من أهل الفترة.
الشيخ: هل جاءك من نذير؟
الملقي: جاءني نذير؛ كتاب الله.
الشيخ: فهذا هو المحذوف، الله يهديك.
مداخلة: ههه تقدير، تقدير
الشيخ: هههه ههه.
"الهدى والنور"(530/ 32: 13: 00)
[760] باب كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار
؟
سؤال: ما الجواب على من يقول: كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«كل نسب ينقطع أو منقطع يوم القيامة إلا نسبي» ؟
الشيخ: هذا سؤال غير فقيه، هل المقصود هنا النسب الديني، وإلا النسب التناسلي، طبعاً المقصود فيه النسب التناسلي، والجواب بإيجاز كما يقال عن آزر والد إبراهيم عليه السلام، ماذا يقال؟ .. آزر والد إبراهيم وهو مشرك:{أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ} (الأنعام:74)، فهذا هو الجواب الموجز، أما المفصل فالكلام فيه طويل وطويل جداً، لكننا نقول:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (النساء:123)، وربنا عز وجل يقول:{فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} (المؤمنون:101)، والرسول عليه السلام الذي جاء السائل يسأل عن أبيه يقول:«من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» ، ثم الدين ليس بالعقل ولا بالعاطفة، إنما باتباع أحكام الله في كتابه وأحكام رسوله في سنته
وفي حديثه، لو أراد الإنسان أن يعالج الأحكام الشرعية ولو كان من أعلم أهل الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصاب هذا الإسلام ما أصاب الأديان التي كانت قبله، كاليهودية والنصرانية، فضلاً عن غيرها كالبوذية والهندوسية
…
وغيرها، لكن الله عز وجل بسابق علمه وغالب حكمته قدر أن يكون هذا الإسلام محفوظاً إلى أن يقبض الله عز وجل بتلك الريح الطيبة روح كل مؤمن، فلا يبقى على وجه الأرض من يقول: لا إله إلا الله، فعليهم تقوم الساعة، قدر أن يظل هذا الإسلام محفوظاً في أصلين، في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا وذاك كان صيانة للمسلمين أن ينحرفوا في دينهم إلى عقولهم وأهوائهم كما أصاب الذين من قبلنا ممن بدلوا دينهم واتبعوا أهواءهم واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، ولذلك فما ينبغي للمسلم خاصة من ليس عنده يعني وفر من الثقافة الإسلام إذا ما سمع خبراً نبوياً أن يعالجه بطرح إشكالات وشبهات، كهذا السؤال.
فأي شيء في حديث أنه: «كل نسب وسبب ينقطع إلا نسبي» ، هذا له علاقة بالتوالد، فنحن نعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء عنه أنه ولد من نكاح وليس من سفاح، فأبواه كانا معصومين من الوقوع في الفاحشة وفي الزنا لكي لا يكون ابنهما وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا شريف النسب، لكن ذلك لا ينفي أن يكون على الأقل أبوه وأمه أقول على الأقل من أهل الضلال يعني من أهل الشرك وعبادة الأوثان ما ينافي هذا ذاك، وبعد ذلك أقول: ما ينافي أن يكون من أولئك المشركين الذين بلغتهم دعوة التوحيد ثم انحرفوا فيها مع المنحرفين عنها وهم كثر في الجاهلية الأولى، كما هم كثيرون في جاهلية القرن العشرين كما يقولون، وحينئذ فلا غرابة أن يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم جواباً على سؤال ذلك السائل القائل: يا رسول الله، أين أبي؟ قال:«في النار» ، ثم ولى الرجل السائل، طبعاً نتصور المشهد هذا، نتصوره الآن،
أنه رجع أسيفاً حزيناً على أبيه، لأنه هو ولده، والرسول عليه السلام أدق الناس نظراً وأشدهم فراسةً قال:«هاتوا الرجل» ، فقال له:«إن أبي وأباك في النار» ، لا شك نحن يحزننا أن يكون والدا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم النار، ولكن حزنه عليه السلام عليهما أكبر وتأثره بذلك أشد منا بكثير، ولكن أليس هذا الاستسلام منا تبعاً لاستسلام نبينا بحكم ربنا العادل على الوالدين بهذا الحكم الشديد بالنسبة إلينا، والعادل بالنسبة لصدوره من ربنا في حقهما؟ هو كذلك ولهذا هنا هذا التقدير الإلهي امتحان من أشد أنواع الامتحان للرسول أصالةً ولأتباعه المؤمنين به تبعاً، هل يرضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقضاء الله وقدره أم يقول: لم أبي وأمي في النار؟، لا هو يرضى بلا شك، ونحن إذاً تبعاً له نرضى بما رضي هو به من قضاء الله وقدره، ثم إن الحكمة البالغة أن يتذكر الإنسان بمثل هذا الحكم الشديد على العواطف، عواطف المسلمين أن يرجعوا في أنفسهم إلى أن الأمر كله بيد الله، وأن لا أحد هناك يؤثر بجاهه ومنزلته على الله، وكما قال تبارك وتعالى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (القصص:68)، فإذاً تقدير الله عز وجل لمثل هذا الأمر، أبوا الرسول عليه السلام مشركان وفي النار لأكبر دليل على أن الواسطة البشرية بين الناس وبين خالق الناس لا تفيد إطلاقاً؛ لأن السلطة كل السلطة بيد الله تبارك وتعالى، فهو الفعال لما يريد، وهنا تأتي الآية السابقة التي ذكرنا:{فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} (المؤمنون:101)، ففيها [قطع] دابر الاعتماد على النسب؛ لأن المسلم لما يرى أن أبوي الرسول عليه السلام هذا مصيرهم بسبب كفرهم، فإذاً سوف لا يغتر أحد بأن يقول على خلاف ما قال ذلك الشاعر العربي، أيش قال، هات لنشوف:
لسنا وإن أحسابنا كرمت
…
يوماً على الأحساب
…
على الأحساب