الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هؤلاء لا يحكم عليهم بأنهم كفار وبأنهم خارجون عن الإسلام، حسبنا وفي نفوسنا أن نعتقد بلا شك ضالون عن الإسلام، هذا فيما يتعلق بهم، فيما يتعلق بنا نحن كدعاة يجب علينا كما مثلت آنفاً بالطبيب والمريض أن نترفق بهم وأن نهديهم سواء السبيل.
والحمد لله رب العالمين.
"الهدى والنور"(809/ 00: 44: 00)
[747] باب من وُصف له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف الواقع فصده ذلك عن الإسلام هل هو في حكم أهل الفترة
؟
السائل: الحمد لله رب العالمين، حديث:«من رآني فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي» [لو] تُحَدثنا فضيلتنا عن فقه هذا الحديث جزاكم الله خيرًا.
الشيخ: [هذا] حديث صحيح أخرجه الشيخان في صحيحيهما وله ألفاظ كثيرة متقاربة تؤدي إلى هذا المعنى أي: إن الله تبارك وتعالى حفظ نبيه صلى الله عليه وآله سلم أن يتشبه به الشيطان لبني الإنسان حتى في المنام، وهذه غاية محافظة الله عز وجل لعصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما ذلك إلا لمحافظته على شريعته تبارك وتعالى حتى لا يؤتى المسلم في نومه من الشيطان:«من رآني في المنام فقد رآني حقًّا» لم؟ علل ذلك عليه السلام بقوله: «فإن الشيطان لا يتمثل بي» وفي لفظ آخر «لا يتزيى بي» ويُخبر بعض الناس ممن يرون أو يظنون بالأحرى أو الأصح أن نقول: يظنون أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم المنام لمجرد أنه خيل إليهم أنهم رأوه في المنام فإذا ما سئلوا عن أوصافه صلى الله عليه وآله وسلم وشمائله حيث ادعوا أنهم رأوه أجابوا بصفات تخالف المعروف عنه صلى الله عليه وآله وسلم من شمائله، لقد وقع لنا
كثيرًا مع بعض الرائين فكنا نسألهم بعضهم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووجهه ولحيته بيضاء كلها نور يتوهم، أنه يصف حقيقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما درى أن هذا الوصف باطل إلى ما وصف به النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدريه ويعلمه من كان على علم واسع بشمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإننا نقرأ في صحيح البخاري وغيره عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما شانه الله ببيضاء، فإذن كيف يصف المرئي في منامه بأن له لحية بيضاء، وإن كان يضيف إلى ذلك بأنها من نور والرسول عليه السلام لا يجوز أن يوصف بأنه كان شائبًا لأنه كذب عليه صلى الله عليه وآله وسلم ويمكن أن هذا كذب يدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام:«من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (1) وفي لفظ آخر: «من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» (2) وهذا الحديث وإن كان ظاهره التقول عليه بالكلام على كلامه عليه الصلاة والسلام، فلا شك أنه يشمل أيضًا أن يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الشمائل والأوصاف ما لم يكن عليها فمن ذلك وصفه عليه السلام بأنه كان شائبا أبيض اللحية لكثرة الشيب في لحيته فهذا كذب لما ذكرته آنفًا من حديث أنس، وفي رواية أخرى عنه أن الشعرات البيضاء لا يتجاوز عددها عشرين شعرة
…
فهذا الرائي الذي يقول: رأيته ذا لحية بيضاء إلى آخر كلامه يدل على أنه لم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك لأنه يقول عليه الصلاة والسلام:«من رآني في المنام فقد رآني حقًّا» من رآني: يعني بأوصافي وبشمائلي مش بالخيال لا يطابق ما كنت عليه في حياتي، لذلك كان إمام المؤولين للرؤى وهو تابعي جليل محمد ابن سيرين
(1) البخاري (رقم1229) ومسلم (رقم4).
(2)
البخاري رقم (109).
رحمه الله الراوي عن أبي هريرة المكثر من الرواية عن أبي هريرة رضي الله عنه، كان مشهورًا بإصابته في تأويل الرؤى، كان إذا جاءه شخص وادعى بأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام سأله كيف رأيته؟ فيصفه بصفات لم يكن عليه السلام متصفًا بها في حياته فيقول: لم تر الرسول لكن ذاك شيطان خيل إليك أنه الرسول والرسول يقول: «من رآني» أي على حقيقتي، وهذا يذكرنا بحديث آخر وله علاقة بمسألة أخرى هامة وهي هل تكون الدعوة دعوة النبي صلى الله عليه وآله سلم قد بلغت ناسًا أو قومًا إذا ما بلغتهم محرفة عن حقيقة الدعوة الإسلامية هل تكون بلغتهم والحالة هذه الدعوة وأقيمت عليهم الحجة؟ أم يكونون ممن يسميهم العلماء بأهل الفترة وينطبق عليهم قول ربنا عز وجل في القرآن:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} ؟
الجواب بحديث يشبه هذا الحديث من جانب ذاك الحديث هو: ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي - هنا الشاهد - يسمع بي - كما قال: «من رآني» ما من رجل في هذه الأمة - أي أمة الدعوة -من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: «يسمع بي» يعني على حقيقته وعلى حقيقة ما جاء به من الدعوة إلى الإسلام فإذا كان ذلك الرجل من يهودي أو نصراني لم يسمع به عليه السلام على حقيقته فلم تبلغه الدعوة لأنها بلغته محرفة فإذا آمن بهذه الدعوة المحرفة لم يؤمن به عليه السلام وعلى ذلك نفهم حقيقتين مؤسفتين:
الحقيقة الأولى: أن النصارى بخاصة في بلاد الغرب وأمريكا حينما يقوم
المبشرون الذين يسمون على غير اسمهم مبشرون وهم في ضلال مبين، حينما يصفون نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لأقوامهم بأوصاف مخالفة لما كان عليه الرسول عليه السلام من طهر وكمال في الأخلاق كما قال:«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (1) فحينما يصف المبشرون نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لقومهم بهذه الأوصاف ثم كانت النتيجة أنهم لم يؤمنوا به عليه السلام، فما بلغتهم الدعوة؛ لأنهم وصفوه لهم بأنه كان ذا شهوة عارمة ودليل أن المسلمين يقولون بأنه عليه السلام حرم على أمته من النساء أكثر من أربع بينما هو تزوج وجمع في وقت واحد بين تسع من النساء، فهم - أعني المبشرين الكذابين المفترين - يقولون فأباح النبي لنفسه لغلبة الشهوة عليه ما حرم على أمته، فحينما يسمع النصارى مثل هذه الأوصاف الكاذبة تكون النتيجة أنهم لا يؤمنون لأنهم قد وُصف لهم الرسول على غير حقيقته هذه المسألة
الأولى المؤسفة.
والمسألة الأخرى على العكس من هذا ولكنها أيضا مؤسفة، هناك طائفة من المسلمين ينتمون إلى الإسلام يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلون ويحجون ويزكون ويصومون ولكنهم يعتقدون عقائد باطلة تخالف الشريعة الإسلامية في كثير من عقائدها المعلومة من الدين بالضرورة أولئك هم المعروفون عند عامة المسلمين بالقاديانيين والذين يسمون أنفسهم بالأحمديين، لهم عقائد ضالة منحرفة عن الإسلام منها اعتقادهم بأن باب النبوة بعده عليه السلام لم يغلق وأنه مفتوح إلى قيام الساعة، وأنه قد جاء واحد منهم وهو الذي اتبعوه واغتروا به وابتعدوا بسبب ذلك عن الإسلام بعيدًا بعيدًا جدًّا وهو المعروف بميرزا غلام أحمد القادياني هؤلاء يدعون إلى الإسلام في تلك البلاد الأوروبية
(1) الصحيحة (1/ 75).
بنشاط عجيب مع الأسف واستطاعوا أن يدخلوا في إسلامهم كثير من أولئك الأوروبيين فاعتقدوا ما اعتقدوه من جواز مجيء أنبياء بعد الرسول عليه السلام ومنهم ميرزا غلام أحمد فهل هؤلاء الذين أسلموا إسلامًا قاديانيًّا سمعوا به عليه السلام على حقيقته وحقيقة دعوته، وهل ينفعهم هذا الإسلام أم لا ينفعهم؟ ، الجواب في الحديث السابق «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» فمن سمع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على غير ما كان عليه من أخلاق ومن شريعة فهو لم يسمع به وحينذاك لا يكون من المعذبين الكافرين في النار لأن الحجة لم تقم عليه وعلى العكس من ذلك أولئك الذين آمنوا به عليه السلام على أنه يقول بأن النبوة بعده سائغة ماشية وإلى غير ذلك من عقائد القاديانية، ولستُ الآن بصدد ذكر كثير منها وإنما ذكرتُ هذا على سبيل التمثيل، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الأول:«من رآني في المنام» أي: من رآني على حقيقتي البدنية وشمائلي المحمدية فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي، وبذلك نعلم أن كثيرًا من الرؤى التي يدعي أصحابها فيها أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا ما سئلوا عن وصف المرئي كان جوابهم أنهم رأوه في صورة لم يكن عليه السلام عليها، كما ضربنا لكم آنفا مثلاً بالرجل الشايب والذي لحيته نور هكذا رأى الرسول فهذه رؤيا شيطانية، كذلك مثلا: وقع لنا أننا سألنا كيف رأيت الرسول فيجيب بأني رأيته يمشي (الهوينة) يمشي بضعف وهذا خلاف شمائله عليه الصلاة والسلام حيث جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا مشى فكأنما ينصب من صبب كناية على أنه عليه السلام يمشي بقوة فمن رأى أنه يمشي على ضعف فليس هو الرسول عليه السلام وهكذا يجب أن نفهم هذا الحديث
…
"فتاوى جدة -الأثر-"(17/ 00:26:48)