الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: لسنا وإن أحسابنا كرمت
…
يوماً على الأحساب نتكل
الشيخ: على الأحساب نتكل، أنا أحفظ هكذا
نبني كما بنت أوئلنا
مداخلة: نبني كما كانت أوئلنا
…
تبنى ونفعل
…
الشيخ: كما فعلوا
"الهدى والنور"(530/ 14: 01: 00)
[761] باب كيف الجمع بين كون من لم تبلغهم الرسالة من أهل الفترة وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أبي وأبوك في النار»
؟
السؤال: حول قضية تفضلت فيها أن الذين لم تبلغهم الرسالة وأن أطفال المشركين وأهل الفترة يمتحنون في عرصات يوم القيامة، الحديث الذي تفضلت به، وهذا يعارضه حديثان، أريد أن نعلم [كيف الجمع] وهما الحديث الذي رواه مسلم رحمه الله:«أبي وأبوك في النار» ثم الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الحديث الصحيح: «إن الله وعدني أن لا يعذب اللاهين من أمة البشر» (1) واللاهين معلوم أنهم الأطفال، وهذا عموم الأطفال المشركين وغيرهم.
الجواب: العموم أمره سهل، تعرف أن العام يدخله التخصيص أليس
كذلك؟
مداخلة: نعم.
(1) صحيح الجاع (رقم3592).
الشيخ: إذاً تخصيص حسب ما سمعت من التفصيل. واضح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: يبقى الجواب عن الحديث الأول، الحديث الأول ليس فيه معارضة والحمد لله شأن كل الأحاديث الصحيحة، إنما يأتي ادعاء المعارضة هو من فكرة قائمة في أذهان كثير من الناس اليوم وهي فكرة خاطئة، وهي أن الذين كانوا قبل الرسول عليه السلام هم من أهل الفترة، وهذا خطأ فاحش جداً، العرب في الجاهلية لم يكونوا من أهل الفترة، أي: لم تبلغهم دعوة نبي. كيف وإبراهيم وإسماعيل يقول الله رب العالمين في القرآن الكريم: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} (البقرة:127) .. إلى آخر الآية.
وبعدين هم كانوا يحجون ويعتمرون وكانوا يطوفون، وكانوا يأتون بكثير من المناسك التي ورثوها عن إبراهيم وإسماعيل، فمن الخطأ الفاحش أن يقال: إن العرب كل العرب كانوا من أهل الفترة، ولذلك فالعرب بلغتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل والآثار إلى الآن، آثار هذه الدعوة لا تزال موجودة في المسجد الحرام، لكن معلوم أيضاً بالإضافة إلى هذا أن العرب دخل في ديانتهم أشياء كثيرة من الشرك والوثنية، وكان ذلك ظاهراً حتى في الكعبة التي كانت نصبت فيها الأصنام، والرسول لما دخلها كان يحطمها بعصاه، وكلما حطم صنماً يقول:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (الإسراء:81)، لكن هذا لا يعني أنهم ما جاءتهم الدعوة، إنما نستطيع أن نقول: منهم من جاءتهم الدعوة والمقصود هنا بالدعوة ليس تفصيلياً؛ لأن الحقيقة المسلمين اليوم الدعوة التفصيلية ما جاءتهم على وجه الصحيح إلا أفراد قليلين جداً، لكن يهمنا العقيدة التوحيد الذي هي سبب النجاة من الخلود في النار يوم القيامة واضح أو لا؟
فأنا أقول أن العرب كأي أمة أخرى بلغتهم دعوة نبي أو رسول فمنهم من جاءته كما جاءت إلى الرسول وكما بلغها الرسول، ومنهم من انحرفت جاءته منحرفة، والله عز وجل هو الذي يعلم من هو الذي بلغته الدعوة قبل أن تنحرف عن الجادة والعكس بالعكس، لكن الغرض أن لا نطلق الكلام ونقول أن العرب في الجاهلية كانوا أهل فترة لهذا السبب أولاً، ولأحاديث متكاثرة جداً تدل على أن أفراداً من الجاهلية يعذبون، كهذا الحديث مثلاً:«إن أبي وأباك في النار» فهذا دليل أنه بلغته الدعوة وإلا كيف يعذب في النار ولم تبلغه الدعوة، وكحديث أن الرسول عليه السلام كان مع بعض أصحابه على دابته لما مر بقبرين فشمست الدابة، نفرت، فنظر الرسول عليه السلام فرأى هناك قبرين، فسأل أصحابه وقال:«متى مات هؤلاء أو هذان؟ قالوا: ماتا في الجاهلية. فقال عليه السلام: لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر» فالدابة سمعت عذاب القبر فشمست، والرسول يقول:«لولا أن تدافنوا» أي: لولا أن تموتوا فيدفن بعضكم بعضاً من رهبة سماع العذاب في القبر لأسمعتكم العذاب هذا.
كذلك الحديث الذي يقول السائل أو السائلة أن فلان في الجاهلية، حاتم الطائي أو غيره، ابن جدعان يمكن أنه كان كريماً وكان مضيافاً وكان كثير الخيرات واليتامى والمساكين .. وإلى آخره هل ينفعه شيء من ذلك يا رسول الله؟! قال:«لا، إنه لم يقل يوماً من دهره: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» ، لذلك فباختصار أهل الجاهلية ليسوا أهل فترة، بلغتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل وكان بعض أفرادهم على التوحيد. نعم.
مداخلة: هل صح بأنه كان أفراد
…
لا يتجاوزون الستة نفر هم الذين يعلمون كورقة بن نوفل مثلاً عن الحنيفية السمحة وكان كثير النظر للسماء والهمهمة ولا
يعلم كيف يعبد الله تبارك وتعالى، يقول: لو أعلم كيف تبعد لعبدتك، وأخبر الله تبارك وتعالى عن المشركين بأنهم كانوا يتقربون للأصنام لتقربهم إلى الله زلفى، يعبدونها ليتقربوا من الله تبارك وتعالى، فهم لا يعلمون الوسيلة والصحيحة والعقيدة السليمة التي يعبد الله تبارك وتعالى بها، إذ كانوا يعبدوا الأصنام لكي تقربهم إلى خالقهم.
فمن هذا ألا تكون الديانة الحنيفية اندثرت وزالت وما بقي لها أي معان؟
الشيخ: أنا أعتقد أنه سبق الجواب عن مثل هذا السؤال أيضاً؛ لأني جعلت العرب في الجاهلية كالمسلمين اليوم، فمنهم من بلغته الدعوة فهو مسؤول مؤاخذ إذا كفر بها، ومنهم من لم تبلغه الدعوة فهو غير مؤاخذ وله حساب كما عرفتم في عرصات يوم القيامة، وقلت أيضاً: بأن من العرب من بلغته الدعوة وضربت مثلاً بجماعة التوحيد هؤلاء معروفين يعني، لكن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك أفراد آخرون كانوا موحدين، وما ذكرته بالنسبة لورقة أو غيره أنه كان يقول: لا أعرف كيف أعبد الله. هذا أنا شيء لا أعرفه، ولا أعتقد صحته، لكن هب أن الأمر كذلك، لكن هذا هل معناه أنه كان مشركاً؟ لا. كان موحداً، فالتوحيد هو سبب الخروج أو عدم الخلود في النار على الأقل.
الخلاصة عرفتموها وهو: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).
فكل شخص بعينه جاءنا حديث صحيح في الجاهلية أنه معذب لا يجوز أن نتصور أنه من أهل الفترة، هذا هو المهم في الموضوع، فقد بلغته الدعوة وبذلك ترتب العذاب به. والحمد لله.
"الهدى والنور"(262/ 00:08:39)