الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[769] باب حكم أولاد النصارى والمنافقين ممن لم يبلغ سن التكليف في الآخرة، ومن بلغته الدعوة في سن الخرف، ومن لم تبلغه أصلا، وأمثالهم
.
سؤال: حكم أولاد النصارى المتوفون دون سن التكليف؟
أولاد الكفار إذا ماتوا قبل سن التكليف فهؤلاء لا يحكم لهم بجنة أو بنار، فأما أنه لا يحكم لهم بنار؛ لأن الله عز وجل يقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).
وتمام هذا قوله عليه السلام: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق» (1).
فإذاً: هذا الصبي النصراني أبوه وأمه هذا مرفوع عنه القلم، مرفوع عنه المؤاخذة، ولذلك فلا يحكم له بنار، لكن في الوقت نفسه لا يحكم له أيضاً بجنة؛ لأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وهذا لا يعرف الإيمان من الكفر، لذلك فلا يُقطع له بجنة ولا يُقطع له بنار، ولكن لهم في عرصات وساحات يوم القيامة، لهم معاملة خاصة لهؤلاء الأطفال .. أطفال النصارى، والذين جاءتهم الدعوة في سن الخرف .. الكبر، والذين لم تبلغهم الدعوة مطلقاً، هؤلاء أيضاً لا يحكم لهم بجنة ولا بنار، هؤلاء جميعاً لهم معاملة خاصة في عرصات يوم القيامة كما جاء في مجموعة من الأحاديث خلاصة هذه المعاملة أن الله عز وجل كما أرسل إلى الناس في الدنيا رسولاً، فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «كلكم يدخل الجنة إلا من
(1) صحيح الجامع (رقم5825).
أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» (1).
كذلك الذين ذكرناهم من الأنواع، يبعث الله عز وجل إليهم يوم القيامة رسولاً خاصاً بهم، فيأمرهم جميعاً بأن يلقوا بأنفسهم في النار.
مداخلة: من هم؟
الشيخ: الذي ذكرناهم الأطفال النصارى والشيخ الفاني الذي بلغته الدعوة على خرف وعلى كبر، والذي لم تبلغه الدعوة مطلقاً.
هذه الأجناس يبعث الله إليهم رسولاً في عرصات يوم القيامة، ليس هناك دار تكليف صلِّ .. صُم، لا، إنما هي ساعة من نهار، ألقوا أنفسكم في النار، طبعاً هذا الرسول المرسل من الله إلى هؤلاء الناس كأي رسول أرسل إلى أهل الأرض، فهؤلاء الرسل أرسلوا ومعهم براهين ومعجزات يثبتون للناس أنهم مبعوثون من الله تبارك وتعالى، كذلك يجب أن نتصور بأن هذا الرسول الذي يرسله الله تبارك وتعالى في عرصات يوم القيامة، يرسله ومعه التصديق ..
مداخلة: من هو الرسول الذي يرسل إليهم؟
الشيخ: ليس مسمى في الحديث من هو، لكن الشاهد معه «الراية» ، معه البرهان على أنه مرسل من الله تبارك وتعالى، فيأمرهم جميعاً بأن يلقوا أنفسهم في النار، فمن أطاع كانت ناره جنة، ومن عصاه دخل النار رغم أنفه.
هؤلاء الناس الذين هم من الأصناف الثلاثة حينما يبعث الله عز وجل إليهم
(1) البخاري (رقم6851).
رسولاً يأمرهم بأن يلقوا بأنفسهم في النار، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
وهذا التكليف في عرصات القيامة له شبه في آخر أيام من أيام الدنيا، وذلك حينما يخرج الدجال الأكبر الذي حدثنا عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة متواترة، منها قوله عليه السلام:«ما بين خلق آدم والساعة فتنة أشد من فتنة المسيح الدجال» (1). وذلك لأنه يأتي بمخاريق، بخوارق للعادات يظن ضعفاء الإيمان أنه فعلاً هو كما يزعم، أنه رب، وأنه الإله الذي يستحق العبادة، لأنه يقول للسماء أمطري فتمطر، ويقول للأرض القاحلة الجدبة: أنبتي أخرجي نباتك، فتصبح خضراء مورقة، ويقول للخربة: أخرجي كنوزك، فتخرج الكنوز تمشي وراءه، يعني أشياء من جملة الفتنة التي يفتتن بها الناس بالدجال، لكن الله عز وجل كما هي سنته في عباده يبتلي الناس بالخير والشر، فهو بالإضافة إلى أنه يسخر لهذا الدجال هذه الأنواع من الخوارق، فبالإضافة إلى ذلك يبتليه بأن يكون أعور العين، ومكتوب على جبينه: كافر، يقرأه الأمي والقارئ، وهذا برهان لكونه كذاب، وتلك براهين توهم ضعفاء الإيمان أنه إله، ولذلك قال عليه السلام لما وصفه بأنه أعور، قال عليه السلام:«وإن ربكم ليس بأعور، وإن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت» (2).
إذاً: أي إنسان مهما كان صاحب مخاريق وخوارق وآيات يظن الناس أنها كرامات، فما دام أنه يدعي الألوهية، فإن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت. إذاً: هو دجال.
(1) صحيح الجامع (رقم7875).
(2)
المصدر السابق.
هذا الدجال يقول للناس آمِنْ بي أدخلتك الجنة، ويريه جنة، ولمن يعصيه يريه النار، فيقول الرسول عليه السلام:«فمن كفر به أدخله النار وهو في الجنة» والعكس بالعكس: «من آمن به أدخله الجنة وهو في النار» .
نفس العملية تتكرر يوم القيامة مع أولئك الأجناس،
…
هذا جواب سؤالك.
مداخلة: شيخنا بالنسبة [لنفس المسألة كيف الجمع بين ما ذكرت وحديث]«أطفال المشركين خدم أهل الجنة» ؟
الشيخ: نعم، إذا عرفت التفصيل السابق، فلا شك أن في هؤلاء الأطفال من يستجيب لدعوة الرسول، فيكونوا أولئك هم الخدم.
ما في إشكال.
مداخلة: يعني أنا شايف الحديث في كل أطفال المشركين.
الشيخ: لو غيرك قال هكذا، أما تعرف أن الفقه فيه عام وخاص.
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب الكلية هذه ما الذي أوقفك عندها.
مداخلة: ما الذي خصصها؟
الشيخ: ما ذكرته لك آنفاً، في بعض الروايات الذي ذكرها الإمام ابن كثير في تفسير آية:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).
هذا شيء، والشيء الثاني أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن أطفال المشركين،
هل هم في النار أم في الجنة، قال:«الله أعلم بما كانوا يعملون (1)» يعني: إذا بلغوا سن التكليف.
فهم في الدنيا لا يحكم لهم بجنة أو بنار كما ابتدأنا الكلام، هذا بالنسبة للمؤاخذة الأخروية.
لكن ما رأيك إذا مات الطفل الكافر أين يدفن؟
مداخلة: في مقابر المسلمين.
الشيخ: سبحان الله ..
مداخلة: على ظاهر الحديث يعني.
الشيخ: لو غيرك قالها، وهذا من الأمثلة الكثيرة أن المنهج السلفي يحتاج إلى تطبيق كثير، ومن ذلك قوله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115).
فالسؤال الآن يتطور بناء على الجواب السابق، فنقول: ما هو سبيل المؤمنين بالنسبة للكفار عموماً كباراً وصغاراً؟
مداخلة: شيخنا
…
أنا أعرف أن هذا تفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية
وابن القيم.
الشيخ: وهو؟
مداخلة: أن أطفال المشركين في الجنة، بناء على هذا الحديث.
(1) البخاري رقم (1317) ومسلم (رقم6929).
الشيخ: لا حِدْتَ الآن.
مداخلة: لا هو هذا
…
الشيخ: حِدْتَ الآن، كان آخر نقطة في الدفن.
مداخلة: .. هؤلاء من أئمة السلف واختاروا هذا القول.
الشيخ: حِدْتَ، لا تزال أنت مصر على الحيدة، الظاهر أنك تريد أن تؤلف كتاب ثاني: الحيدة.
هب أن الأمر كذلك، هذا في الدنيا أم في الآخرة، فتح عينك، يعني ما نقلته عن شيخ الإسلام.
في الأمر الأخروي، طالما أن هذا الحديث يقول:«أطفال المشركين خدم أهل الجنة» ، بم أخرجناهم وقلنا أنهم ليسوا في الجنة وهم في النار؟
الشيخ: ذكرنا لك أن الأطفال مذكورون في بعض الروايات [التي] ذكرها ابن كثير في الآية السابقة: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).
ثم ذكرنا لك الحديث المتفق عليه لما سُئل عن أولاد المشركين هل
هم في
…
مداخل آخر:
…
الحديث الثاني يا شيخنا ممكن يوجه
الشيخ: من؟
الآخر: الحديث الثاني: «الله أعلم بما كانوا فاعلين» .
الشيخ: أي نعم، بما كانوا يعملون.
الآخر: بما كانوا يعملون، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يعلم بما سيؤولون إليه، وبالتالي حكم لهم بالجنة على لسان نبيه
…
الشيخ: لا هناك أشياء كثيرة وكثيرة جداً، إذا قلنا بأن أطفال المشركين كلهم في الجنة حين ذاك يستوون مع أطفال المسلمين، وهذا يخالف ظاهر قول القرآن الكريم الذي يقول:{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} (الطور:21)، هؤلاء المسلمون تلحق بهم ذرياتهم، بينما الذي يقول بإلحاق أطفال المشركين كلهم بإدخالهم الجنة، هذا ينافي هذا التخصيص الإلهي في القرآن الكريم:{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} أنت ذاكر الآية طبعاً.
فحينئذ لا يستوي الطفل المسلم أبوه مع الطفل الكافر أبوه، لا يستويان مثلاً.
مداخلة: .. يا شيخنا لو قال قائل: ذلك جاء من أبوين مسلمين، وذلك جاء
من أبوين كافرين، فما الفرق بينهما، يعني ما هو ذنب الطفل الذي ولد من
أبوين كافرين.
الشيخ: أخطأت فأعد كلامك، لكي لا تخطئ، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، أين المؤاخذة هنا؟
مداخلة: أقول ..
الشيخ: لا تَقُل، أنا أسألك الآن: أنت تقول: بماذا يؤاخذ، أين المؤاخذة في قولنا السابق؟
مداخلة: يعني عطفه على الامتحان في يوم القيامة وعدم الحكم له بالجنة مع أنه بريء.
الشيخ: واحدة واحدة .. هذه مؤاخذة؟
مداخلة: هكذا يبدو لي؛ لأنه لم يبلغ سن التكليف.
الشيخ: [ما] يبدو لك ينبغي أيضاً أن يلحقه المحو، تدري لم؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: لأنك حينئذ تحكم على الناس جميعاً في الدنيا بما حكمت على أطفال الكفار، يكفيك هذا أو ..
مداخلة: أظن أنه لا يلزمني؟
الشيخ: يكفيك هذا، فهمت علي؟
أنا أقول لك كلمة المؤاخذة، بلغ سن التكليف أو لم يبلغ سن التكليف، لكن ربنا يكلف من يشاء بما يشاء، وخلق الخلق وكلفهم، وأرسل إليهم رسولاً، فهل في هذا شيء من المؤاخذة.
مداخلة: لا في هذا ليس هناك شيء.
الشيخ: الآن نأتي إلى أطفال الكفار، إذا أرسل إليهم رسولاً ومع هذا الرسول كما قلنا سلفاً برهان أنه مرسل من الله، وأنت تعلم أن طبيعة البرهان أن يفهمه كل مكلف، حينذاك لا يهمنا أكان طفلاً أم كان رجلاً، المهم أن هذا الرسول
معه برهان أنه من الله عز وجل، فحينئذ ظهر له البرهان ولم يخضع له، في مؤاخذة في هذا؟
مداخلة: لا ليس هناك مؤاخذة.
الشيخ: إذاً: ما هو الإشكال؟
مداخلة: أنا تعليقي يا شيخنا على أنه لم يبلغ سن التكليف ومرفوع
عنه القلم.
الشيخ: أنا سأجاوبك عن هذا، ولَّا كلامي حول ماذا؟! هذا الطفل بلغ سن الرشد، سن فهم البرهان، ثم آمن أو كفر، في مؤاخذة هنا؟
مداخلة: لا.
الشيخ: فإذاً، ستعيد كلامك وتقول لي: أنا أتكلم عن الطفل.
هذا شيء، الشيء الآخر: هل من الضروري أن هؤلاء الأطفال يظلون كما ماتوا من حيث طفولتهم؟
مداخلة: معليش يا شيخ أعِد
الشيخ: أقول: هل من الضروري كون هؤلاء الأطفال [الذين] ماتوا قبل سن التكليف في الدنيا، أنهم حين يبعثون يكونون كذلك.
مداخلة: ليس من الضروري؟
الشيخ: فإذاً ليس لك حجة قاطعة أبداً فيما أوردت من إشكال
…
مداخلة: المهم يا شيخنا الحديث: «أطفال المشركين خدم أهل الجنة» [بينت] بكلامك السابق أنه مخصص، بالرواية التي رواها ابن كثير.
الشيخ: بمن أطاع الرسول في عرصات يوم القيامة.
مداخلة: يعني الخلاصة: أنه من دخل الجنة من أطفال المشركين تكون وظيفته خادماً.