المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[661] باب هل يكفر الشيعة بعامة - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم جحد شيءٍ من القرآن والسنة وحكم رد الأحاديث النبوية بالعقل ورد حديث الآحاد

- ‌[636] باب حكم جحد شيء من القران أو الشك فيه

- ‌[637] باب بيان كفرمن يدعي أن القرآن الذي بين أيدينا ليس كاملاً

- ‌[638] باب حكم من يطعن في آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[639] باب هل الكفر في قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} اعتقادي أم عملي

- ‌[640] باب حكم الاستهزاء بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[641] باب حكم منكري السنة

- ‌[642] باب هل من رد السنة يكفر

- ‌[643] باب هل يكفر من ينكر الحديث المتواتر

- ‌[644] باب الضابط في تكفير المستهزئ بالسنة، وهل إنكار خبر الآحاد يعد كفراً

- ‌[645] باب هل يكفر من ينكر خبر الآحاد

- ‌[646] باب حكم الصلاة خلف من ينكر بعض الأحاديث الصحيحة، وخلف من يتلبس ببعض الشركيات

- ‌[647] باب هل يكفر من يرد الأحاديث الصحيحة

- ‌[648] باب هل يكفر من ينكر حديثًا بعقله

- ‌[649] باب هل يكفر من يقول: هذا الحديث لا يدخل عقلي

- ‌جماع أبواب الكلام على البدع الكفرية هل يكفر أصحابهاوالكلام على بعض البدع العقدية وموقعها من الكفر

- ‌[650] باب هل كل من وقع في البدعة المكفرة كافر

- ‌[651] باب هل يجوزتكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم

- ‌[652] باب متى يكفر أتباع الفرق الإسلامية

- ‌[653] باب ضابط كفر المتأولوالتنبيه على أن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه

- ‌[654] باب متى يكفر المؤولة

- ‌[655] باب هل يُكفر من ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة؟وهل يكفر القائل بأن كلام الله مخلوق

- ‌[656] باب هل استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين

- ‌[657] باب كفر القائلين بوحدة الوجود

- ‌[658] باب هل يكفر المعتزلة

- ‌[659] باب لماذا كفر السلفُ الجهمية

- ‌[660] باب هل يُكَفَّر الجهمية أم يعذروا بجهلهم

- ‌[661] باب هل يُكفر الشيعة بعامة

- ‌[662] باب منه

- ‌[663] باب من كَفَّرَ معاوية رضي الله عنه هل يكفر

- ‌[664] باب كفر من أنكر عالم الجن

- ‌جماع أبواب حكم سب الله أو الرسول أو الدين

- ‌[665] باب حكم سب الله ورسوله والدين

- ‌[666] باب منه

- ‌[667] باب منه

- ‌[668] باب منه وكلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[669] باب حكم من سب الله ورسوله مع أنه يصلي

- ‌[670] باب حكم سب الدين، وبيان موانع التكفير

- ‌[671] باب منه

- ‌[672] باب منه

- ‌[673] باب منه

- ‌جماع أبواب متفرقة في مسائل التكفير

- ‌[674] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌[675] باب حكم الاستخفاف بفرائض الله

- ‌[676] باب حكم ترك الأعمال

- ‌[677] باب هل تَرْكُ الفرائض مخرج من الملة

- ‌[678] باب حكم تارك الزكاة

- ‌[679] باب منه

- ‌[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو

- ‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

- ‌[682] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن»

- ‌[683] باب هل الاستعانة بالمشركين ردة

- ‌[684] باب التألي على الله يحبط العمل كالكفر

- ‌[685] باب هل سوء الخلق لا يُغفَر كالشرك

- ‌[686] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الكاسيات العاريات:«لا يدخلن الجنة…» وهل هو على التأبيد

- ‌[687] باب هل السجود لشخصٍ كفر

- ‌[688] باب هل المشاركة في البرلمان كفر أكبر؟والتفريق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[689] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كفر مسلماً فقد كفر»

- ‌[690] باب هل يكفر من عطل الجهاد؟والكلام على الفرق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[691] باب هل كَفَرَ سلمان رشدي بكتابه"الآيات الشيطانية" وهل يجب قتله

- ‌[692] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من قال أنا يهودي أو نصراني فهو كما قال»

- ‌[693] باب هل المنتحر كافر

- ‌[694] باب هل الكذب المتعمد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر

- ‌[695] باب ما حد الإعراض عن دين الله الذي يكفر صاحبه

- ‌[696] باب هل صدام كافر

- ‌[697] باب ذكر أذناب الخوارج

- ‌[698] باب بدعة البراءة

- ‌[699] باب رَدُّ شبهةٍ لمكفري أصحاب الكبائر

- ‌[700] باب في الرد على من يكفر بالذنوبومن يوجب تعذيب الفاسق

- ‌[701] هل إخراج أهل الكبائر من النار خاص بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[702] باب من عقائد الخوارج في العبادات

- ‌[703] باب هل للقاتل توبة

- ‌[704] باب منه

- ‌[705] باب هل يقبل الله توبة القاتل

- ‌[706] باب كيف الجمع بين عدم قبول توبة القاتلوبين ما هو معلوم من قبول توبة الكافر

- ‌[707] باب حكم من يدوس المصحفوالكلام على الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[708] باب حكم رمي المصحف على الأرض حال الغضب

- ‌[709] باب امرأة رمت المصحفعلى الأرض هل يطلقها زوجها

- ‌[710] باب الجمع بين حديث: «إذا اقتتل مسلمان .. »وقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به

- ‌[711] باب: معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ…» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ»

- ‌[712] باب الرد على من قال بأن شيخ الإسلام كافر

- ‌[713] باب في كفر اليهود مع ما أوتوا من علم

- ‌[714] باب هل يباح الدعاء على الكفار في قنوت الوتر

- ‌[715] باب هل الفرح بتغيير رؤساء أمريكا خلل عقدي

- ‌[716] باب هل يجوز استغابة الكافر والمشرك وسبهم

- ‌[717] باب هل يجوز لعن اليهود والنصارى

- ‌[718] باب هل يجوز لعن المعين

- ‌كتاب أهل الأعذار في التوحيد

- ‌جماع أبواب الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[719] الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[720] باب منه

- ‌[721] باب منه

- ‌[722] باب ضوابط العذر بالجهل

- ‌[723] باب منه

- ‌[724] باب منه

- ‌[725] باب هل يُعذر بالجهلفي مسائل الاعتقاد في بلادنا اليوم

- ‌[726] باب هل يعذر بالجهلمن عاش في مجتمع مليء بالشركيات

- ‌[727] باب هل يعذر المخالف في العقيدة

- ‌[728] باب هل يعذر بالجهل في الأسماء والصفات

- ‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

- ‌[730] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[731] باب حكم من مات من المسلمينوهو يجهل التوحيد لعذر

- ‌[732] باب هل يُدعى لمن مات جاهلاً بحقيقة التوحيدونقاش حول ذلك

- ‌[733] باب منه

- ‌[734] باب العذر بالجهل، وبيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[735] باب هل يحشر قول عائشة:«مهما يكتم الناس يعلمه الله» في أبواب العذر بالجهل

- ‌[736] باب هل العذر بالإكراهكان موجوداً في شريعة من سبقنا

- ‌[737] باب بيان ضعفحديث: «دخل رجل الجنة في ذبابة»

- ‌[738] باب بيان نكارة متن حديث الذبابة لمخالفته لقوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}

- ‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالاًّ أم مجتهداً

- ‌[740] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌جماع أبواب أحكام أهل الفترة ومن في حكمهموالكلام على مصير أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم-غير ما تقدم

- ‌[741] باب بيان من هم أهل الفترة

- ‌[742] باب منه

- ‌[743] باب هل يوجد في هذا الزمان من له حكم أهل الفترة

- ‌[744] باب هل من لم يصله الدين في هذا الزمان، أو وصله على غير وجهه له حكم أهل الفترة

- ‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

- ‌[746] باب مصير من وصلهم الدين على غير حقيقته

- ‌[747] باب من وُصف له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف الواقع فصده ذلك عن الإسلام هل هو في حكم أهل الفترة

- ‌[748] باب الكلام على أهل الأعذارالذين لم تصلهم الدعوة، وأطفال المشركين

- ‌[749] باب من وصلته الدعوةعلى غير حقيقتها ليس من أهل الوعيد

- ‌[750] باب من مات في الجاهلية ليس من أهل الفترة

- ‌[751] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[752] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[753] باب بيان أن مشركي الجاهلية في الناروليسوا من أهل الفترة بما فيهم والدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[754] باب هل يمتحن بعض أهل الجاهلية في عرصات القيامة

- ‌[755] باب الجمع بين قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}

- ‌[756] باب منه

- ‌[757] باب هل كان والدا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الفترة

- ‌[758] باب منه

- ‌[759] باب منه

- ‌[760] باب كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار

- ‌[761] باب كيف الجمع بين كون من لم تبلغهم الرسالة من أهل الفترة وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أبي وأبوك في النار»

- ‌[762] باب هل يصح تأويل حديث«أبي وأبوك في النار» بعمي وعمك

- ‌جماع أبواب مسألةمصير أطفال المؤمنين وأطفال المشركين في الآخرة

- ‌[763] باب عدم التكليف قبل البلوغ وقيام الحجة

- ‌[764] باب أطفال المؤمنين في الجنة

- ‌[765] باب منه

- ‌[766] باب أطفال الكفار في الجنة

- ‌[767] باب منه

- ‌[768] باب هل أطفال المشركين، ومن لم يبلغه الإسلام الحق من المسلمين؛ من أهل الفترة

- ‌[769] باب حكم أولاد النصارى والمنافقين ممن لم يبلغ سن التكليف في الآخرة، ومن بلغته الدعوة في سن الخرف، ومن لم تبلغه أصلا، وأمثالهم

- ‌[770] باب الكلام على أهل الأعذار الذين لم تصلهم الدعوة، ومصير أطفال المشركين وأطفال المؤمنين

- ‌[771] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الوائدة والموؤدة في النار»

- ‌[772] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلامعلى إقامة الحجة وشروطها

- ‌[773] باب تعريف الحجة ومن يقيم الحجة على الحكام

- ‌[774] باب هل يجوز تكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم؟ والتطرق لمعنى إقامة الحجة

- ‌[775] باب من شروط إقامة الحجة

- ‌[776] باب هل يشترط فهم الحجة

- ‌[777] باب هل يغني أخذ الميثاق في الأزل عن إقامة الحجة

- ‌[778] باب كيف تقام الحجة

- ‌[779] باب كيف الجمع بين ضرورة إقامة الحجةعلى من تلبس بعمل شركي، وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلملمن لبس الصفرة: «إذا مت على ذلك لن تفلح أبداً»

- ‌جماع أبواب الكلامحول أحكام المتلبس بالشركيات من المسلمين(غير ما تقدم)

- ‌[780] باب حكم من نطق بالشهادة وبقى متلبساً بالشركيات

- ‌[781] باب كيف يتعامل مع المسلمين المتلبسين بالشركيات

- ‌[782] باب هل يجزئ حج المتلبس بالشركيات

- ‌[783] باب هل يصلى خلف المتلبس بالبدع الشركية المكفرة

- ‌[784] باب هل تجوز الصلاة خلف من يستغيث بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وينكر أن عيسى عليه السلام رُفِعَ إلى السماء حقيقة

- ‌[785] باب هل يعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الغيب؟ وما حكم الصلاة خلف من يعتقد ذلك

الفصل: ‌[661] باب هل يكفر الشيعة بعامة

[661] باب هل يُكفر الشيعة بعامة

؟

سؤال: هل يصح تكفير الشيعة عامتهم أم فرق خاصة منهم؟ أم فرق خاصة منهم؟

الشيخ: نحن نقول دائماً وأبداً: لا يجوز في شرع الله تبارك وتعالى تكفير طائفة أو جماعة من المسلمين بالجملة، لا يجوز هذا؛ ذلك لأن أي طائفة قد يكون فيهم من لم يستحق أن يوجه إليه التكفير لعذر أو لآخر، كما أنه قد يوجد فيهم من يستحق التكفير، ولذلك فلا يجوز بوجه من الوجوه أن يقال: الشيعة مثلاً كلهم كفار، أو الزيدية مثلاً، أو الخوارج، أو الإباضية، أو غير هذه الفرق التي كانت قديماً، ولا يزال شيء من آثارها موجودة حتى يومنا هذا، هذا أولاً، وخلاصة ذلك: لا يجوز التكفير بالجملة، وإنما لا بد من التفصيل، ونحن نعلم بالتجربة بأن كثيراً من عامة المسلمين بغض النظر عن انتمائهم إلى السنة أو إلى الشيعة أو إلى غيرهم نجد فيهم من لا يزال على الفطرة ولم يتأثر بما يسمى عند العلماء بعلم الكلام، كما تأثر به كثير من المشتغلين بالعلم، ولذلك فهؤلاء العامة يبقون على سلامتهم، وعلى فطرتهم، بينما يكون بعض خاصتهم قد انحرفوا عن الخط المستقيم بسبب أنهم تثقفوا بثقافة غير إسلامية، وإن كان يطلق عليها أنها من الإسلام، فإذا تركنا هؤلاء العامة، وتوجهنا إلى الخاصة منهم من أي أعود لأقول: من أي جماعة كانت، حتى من أهل السنة الذين يقولون إنهم من أهل السنة والجماعة، فنحن مع الأسف نعلم بأن في أهل السنة والجماعة كثيراً من الطرق الصوفية التي يتبنى بعضها على الأقل مذهباً أو عقيدة يعتبر أنها تضل من عقيدة اليهود والنصارى، ألا وهي: عقيدة وحدة الوجود، فيوجد في الصوفية كثير من

ص: 579

أمثال هؤلاء الذين يؤمنون بالوحدة هذه، ولا شك أن من كان يؤمن بها يكون كافراً مرتداً عن الدين؛ لأن عقيدة وحدة الوجود تعني الطبيعة، كما يقول الكفار والملاحدة الشيوعيون وأمثالهم إنه ليس هناك إلا المادة، الكفر اليوم يعلن به صراحة، فالشيوعيون يعلنونها: ليس هناك شيء سوى المادة.

المؤمنون بوحدة الوجود يغمغمون للقضية ويلبسونها ثوباً من الإسلام والدين، كي يضللوا عامة المسلمين، فهم مثلاً حينما يفسرون كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، ينتهون بها إلى أن يقول: لا هو إلا هو، ثم يختصرون هذه الجملة التي تتضمن مستثنىً ومستثنىً منه، فيقولون: هو هو، لا هو إلا هو يلخصونها فيقولون: هو هو، لا شيء سواه، ويعبرون عن ذلك بكثير من العبادات الشركية المكشوفة القناع، كقول بعضهم مثلاً: كل ما تراه بعينك فهو الله، إذاً هذه هي المادة التي يؤمن بها الملاحدة، وبعض آخر فيقول: لما عبد المجوس النار ما عبدوا إلا الواحد القهار، والشاهد هؤلاء ليسوا في الشيعة، ولا في الخوارج، هؤلاء من أهل السنة والجماعة، فهل يجوز تكفير الصوفية عامة؟ الجواب: لا؛ لأن كثيراً منهم إنما يتبعون التصوف جملة بظنهم أنه هو السلوك الذي يوصلهم إلى رب العالمين، لكن أكثرهم لا يعلمون هذه العقيدة التي هي من أبطل الباطل، أما خاصتهم فهم يؤمنون بها، فإذاً لنبدأ بأصحابنا وأهل سنتنا ومذهبنا وهم أهل السنة والجماعة، وفيهم من ذكرنا ممن يؤمن بوحدة الوجود، وهؤلاء إنما يوجدون على الغالب عند الصوفية، ولكن مع ذلك يوجد هؤلاء حتى عند غير الصوفية، حتى عند بعض الذين يحاربون التصوف جملة وتفصيلاً كالمعتزلة مثلاً، المعتزلة الذين يسمون أنفسهم بأهل التوحيد، وأنهم يفخرون على الطوائف الأخرى منها أهل الحديث ومنها الأشاعرة والماتريدية وغيرهم، هؤلاء ليسوا من أهل التوحيد وأهل العدل؛

ص: 580

لأنهم في ظن المعتزلة يؤمنون بالجبر، يعني أهل السنة عند المعتزلة يؤمنون بالجبر حينما يعتقدون، واعتقادهم حق بلا شك أن ما من شيء يقع في هذا الكون من خير أو شر إلا بمشيئة الله تبارك وتعالى وإرادته، أما المعتزلة فيقولون لا: ليس كل شيء يقع في هذا الكون بإرادة الله ومشيئته، بل الإنسان هو الفعال لما يريد، وهو الذي يخلق، خاصة هم يدندنون حول الشر، فهو يخلق الشر وليس لله في ذلك إرادة، وهذا بحث طويل ولا نريد أن ننسى أصل السؤال، المهم أن هؤلاء المعتزلة يشتركون مع القائلين بوحدة الوجود حينماً ينكرون نصوصاً قاطعة في الكتاب والسنة تثبت أن لله عز وجل صفة العلو، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (الأعلى:1)، نقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، والنصوص التي أشرنا إليها -إن شاء الله- معروفة عندكم، هم ينكرون هذه النصوص، لا ينكرونها لفظاً، وإنما ينكرونها معنىً؛ لأنهم إن صرحوا بإنكارها لفظاً خرجوا عن الإسلام، فينكرونها بطريق التأويل، فهم لا يؤمنون بأن الله عز وجل على العرش استوى -كما قال الله عز وجل؛ لأنهم يؤولون الاستواء بمعنى الاستيلاء وهذا باطل -أيضاً-، وله مجال آخر لتفصيل القول في ذلك، فإذاً لو سئلوا السؤال الذي ورثنا إياه نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- ألا وهو:«أين الله؟» فجوابهم: الله في كل مكان، إذاً الله في كل مكان، المكان خَلْقٌ من خلق الله، التقى قولهم هذا مع قول أهل الوحدة أي: لا شيء إلا هذا الكون المخلوق، وبخاصة حينما يؤكدون في نفي الوجود الإلهي بأن الله عز وجل، هكذا يقولون كما ستسمعون: الله لا يوصف بأنه فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار، ولا أمام ولا

خلف، لا داخل العالم ولا خارجه؛ إذاً لم يبق إلا المادة؛ إلا هذا الكون المشاهد، فالتقت -أيضاً- المعتزلة مع الجماعة القائلين بوحدة الوجود في أن لا شيء هناك إلا الطبيعة، هل

ص: 581

يشترك مع المعتزلة ومع الصوفية الغلاة في هذه النقطة بالذات كثير ممن ينتمي إلى السنة والجماعة ممن ينتمي إلى الماتريدية أو الأشعرية؟ نقول: نعم، وهذا نلمسه ونسمعه دائماً أبداً في كل مجتمع سني ليس شيعياً ولا معتزلياً يقولون: الله موجود في كل مكان، الله موجود في كل وجود، أهل السنة هاللي عايشين معنا وعايشين معهم هكذا يقولون، إذا كان الأمر هكذا، فهل نكفر هؤلاء الذين ينكرون أن من صفة الله تبارك وتعالى أنه {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5)، و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر:10)، إلى غير ما هنالك من كثيرة أجمعت على أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها، هل نكفر هؤلاء بالجملة بالكوم؟ نقول: لا، نبدأ بأهل العلم منهم: هل نكفرهم؟ أيضاً لا إلا بشرط واحد، بعد إقامة الحجة؛ لأنه يمنعنا من المبادرة إلى تكفير أي مسلم ما دام أنه يلتقي معنا في الأصل الأول من أصول الإسلام الخمسة، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، فكل مسلم يشهد هذه الشهادة فابتداءً لا يجوز الحكم بتكفيره؛ لأنه رفع راية الإسلام بشهادته بشهادة الإسلام، وأنتم فيما أعتقد جميعاً تعلمون قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها: فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم عند الله-تبارك وتعالى» ، إذاً هذا المسلم الذي يشهد هذه الشهادة نحن لا يغيب عنا ولا يفوتنا أنه قد يقولها وهو كافر بما تدل عليه من الحق ومن العقيدة الصحيحة؛ لأن هذا من طبيعة المنافقين الذين كانوا موجودين حتى في العصر الأول الأنور الأطهر، وهو العصر الذي قال عنه الرسول عليه السلام:«خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» قد كان فيهم خاصة في المدينة من أهل المدينة مردوا على النفاق، الله كان يعلمهم، وقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:{لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} (التوبة:101)، فكيف

ص: 582

عاملهم الرسول عليه السلام هل عاملهم معاملة اليهود والنصارى؟ فرض عليهم الجزية يعطونها ويدفعون عن يد وهم صاغرون؟ أم مشى عليهم أحكام الإسلام؟ مشى عليهم أحكام الإسلام؛ لأنهم شهدوا بألسنتهم، أما قلوبهم فكما قال في الحديث السابق: حسابه عند الله تبارك وتعالى، يؤكد لكم هذا المعنى الذي خلاصته أن الإسلام يبني أحكامه على ما يظهر للناس، ولذلك كان من قواعد علماء الفقه والأصول: نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.

وهذا مأخوذ من بضعة أحاديث ثابتة في السنة الصحيحة، منها تلك القصة الواردة في كتب السيرة وفي الصحيح -أيضاً- أن رجلاً كان يبارز مشركاً فلما شعر المشرك بأنه صار تحت ضربة السيف وأنه مقتول لا محالة قال: لا إله إلا الله، فالمسلم ما بالاه، قتله، ولما بلغ الخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل خلفه وقال له:«كيف أنت ولا إله إلا الله» ، قال: يا رسول الله ما قالها إلا خوفاً من القتل، وحقيقة الأمر: كل واحد منا فضلاً عن ذاك الصحابي الذي باشر الأمر يشعر تماماً أنه هذا المشرك ما قال هذه الكلمة إلا فراراً من القتل، ولذلك ما اقتنع هذا الصحابي بهذه الشهادة فقتله، مع ذلك فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال له:«هلا شققت عن قلبه؟!» ، «هلا شققت عن قلبه؟!»؛ إذاً كأنه يقول: ليس لك إلا الظاهر، أما القلوب فلا يعلم ما فيها إلا علام الغيوب سبحانه وتعالى.

وحقيقة الأمر أننا في الوقت الذي نتصور ما سبق بيانه أنه من الممكن أن هذا المشرك ما قالها إلا تقية، وإلا خوفاً من القتل، يمكن -أيضاً- أن نلاحظ احتمالاً آخر، وهو أن يكون هذا المشرك معتداً بقوته وشجاعته وبطولته، فلما رأى نفسه مغلوباً، بل ومقتولاً تحت ضربة سيف ذلك الصحابي كأنه تجلى له أن هناك قوة قاهرة مُدّ بها هذا الصحابي حتى تمكن من أن يجعل ذلك المشرك الذي كان

ص: 583

يتوهم في نفسه أنه البطل الصنديد، فحينئذٍ خضع لهذه القوة وليس لأنه خاف كما قلنا في الاحتمال الأول من القتل فقال: لا إله إلا الله، وهذا يقربه إلينا -هذا الاحتمال الثاني- يقربه إلينا حادثة مصارعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لركانة، الذي كان يعد في زمن الجاهلية المصارع الذي لا غالب له، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطلب منه المصارعة، فما كان منه عليه السلام بقوة من الله تبارك وتعالى ولا شك إلا مجرد أن أخذه ورماه على ظهره، قوة خارقة، طلب منه المرة الثانية والثالثة، فكان عاقبة أمره أن قال: أشهد أنك رسول الله، فآمن، لماذا؟ لأنه رأى قوة لا يعتقد إنها من قوة البشر.

إذاً الشارع الحكيم يبني أحكامه على ما يظهر للناس، فكل مسلم إذاً يرفع هذه الراية الإسلامية، فيشهد أن لا إله إلا الله؛ لا يجوز لنا أن نبادر إلى تكفيره إلا في حالة واحدة، حينما يعلن مع تلك الشهادة ما يعارضها وما يعطلها وينكرها، حينئذٍ ندينه ونلزمه بما يلزم منه، حينذاك باستطاعتنا أن نكفره، ومع ذلك رويدك، ولا يجوز -أيضاً- المسارعة إلى تكفيره إلا بعد إقامة الحجة عليه.

إذاً عندنا الآن شرطان؛ ليجوز للعالم المسلم أن يكفر مسلماً: الشرط الأول: أن يسمع من هذا المسلم ما يكفر به. الشرط الثاني: أن تقام الحجة عليه؛ لأن الله تبارك وتعالى ما أنزل الكتب وأرسل الرسل إلا لتكون حجة الله تبارك وتعالى قائمة على الناس، ولا يكون لإنسان ما ارتد أو كفر بالله ورسوله عذرٌ يوم القيامة، من هنا اتفق علماء المسلمين على أنه إذا وجد هناك قومٌ لم تبلغهم دعوة الإسلام فهؤلاء لا يحكم لهم بالنار التي وُعد بها الكفار؛ لأن الكفار هم الذين بلغتهم الدعوة ثم جحدوها وأنكروها، كما قال الله عز وجل في كثير من هؤلاء:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} (النمل:14) وأصل الكفر -كما تعلمون- من

ص: 584

الكَفْر وهو التغطية؛ لذلك فالزراع يسمون بالكفار {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} (الحديد:20) أي الزراع، فلما كان الزارع يستر الحب بالحرث وبالتراب، كذلك الكافر يستر الحق بباطله، فمن كان بهذه المثابة فهو الذي يكفر، ويكون مخلداً في النار، أما من لم تأته الدعوة ولم تظهر له الحجة ثم ظل على كفره وعلى ضلاله، فهذا يعتبر عند علماء المسلمين من أهل الفترة، ولذلك فأهل الفترة لا يحكم لهم لا بإسلام ولا بكفر، لهم معاملة خاصة عند الله تبارك وتعالى، ونكتفي بهذه الإشارة إلى هؤلاء، والمهم: فلله الحجة البالغة على الناس، فلا يجوز المبادرة إلى تكفير أي إنسان ظهر منه ما يحملنا على أن نقتنع بأنه كفر بـ لا إله إلا الله، فلا بد من إقامة الحجة عليه، فإن جحدها ألحق بالكفار، وإن خضع لها فهو لا يزال في إسلامه، على هذا نحن نسوق هذه القاعدة بالنسبة لعامة المسلمين، سواء كانوا ينتمون إلى السنة أو إلى الشيعة أو إلى أي طائفة أخرى، لا بد قبل كل شيء من أن يعلن إنكاره لما هو ثابت في الشرع على طريق اليقين، وهنا يعبر العلماء بكلمة: أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أنا أضرب لكم مثلاً: الذي ينكر حرمة الخمر، فهذا يعتبر كافراً مرتد عن الدين؛ لأن هذا معلوم من الدين بالضرورة، وليس كذلك من ينكر حرمة الحشيش المخدر أو الأفيون أو هذا الدخان الذي ابتلي به عامة الناس، هؤلاء لا يكفرون؛ لأنهم لا ينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ثم إنهم يجدون كثيراً ممن يظنون أنهم من أهل العلم يفتونهم بأنه هذا مكروه، معليش تركه أولى، من هذا الكلام، ولذلك فمن أنكر ما كان معلوماً من الدين بالضرورة ثم أقيمت عليه الحجة الشرعية من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكفر وجحد فهذا هو الكافر، ما يهمنا كان سنياً منتسباً إلى السنة أو إلى الشيعة أو إلى غيرهم، هذا نهاية الجواب عن السؤال.

ص: 585