المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به» - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم جحد شيءٍ من القرآن والسنة وحكم رد الأحاديث النبوية بالعقل ورد حديث الآحاد

- ‌[636] باب حكم جحد شيء من القران أو الشك فيه

- ‌[637] باب بيان كفرمن يدعي أن القرآن الذي بين أيدينا ليس كاملاً

- ‌[638] باب حكم من يطعن في آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[639] باب هل الكفر في قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} اعتقادي أم عملي

- ‌[640] باب حكم الاستهزاء بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[641] باب حكم منكري السنة

- ‌[642] باب هل من رد السنة يكفر

- ‌[643] باب هل يكفر من ينكر الحديث المتواتر

- ‌[644] باب الضابط في تكفير المستهزئ بالسنة، وهل إنكار خبر الآحاد يعد كفراً

- ‌[645] باب هل يكفر من ينكر خبر الآحاد

- ‌[646] باب حكم الصلاة خلف من ينكر بعض الأحاديث الصحيحة، وخلف من يتلبس ببعض الشركيات

- ‌[647] باب هل يكفر من يرد الأحاديث الصحيحة

- ‌[648] باب هل يكفر من ينكر حديثًا بعقله

- ‌[649] باب هل يكفر من يقول: هذا الحديث لا يدخل عقلي

- ‌جماع أبواب الكلام على البدع الكفرية هل يكفر أصحابهاوالكلام على بعض البدع العقدية وموقعها من الكفر

- ‌[650] باب هل كل من وقع في البدعة المكفرة كافر

- ‌[651] باب هل يجوزتكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم

- ‌[652] باب متى يكفر أتباع الفرق الإسلامية

- ‌[653] باب ضابط كفر المتأولوالتنبيه على أن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه

- ‌[654] باب متى يكفر المؤولة

- ‌[655] باب هل يُكفر من ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة؟وهل يكفر القائل بأن كلام الله مخلوق

- ‌[656] باب هل استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين

- ‌[657] باب كفر القائلين بوحدة الوجود

- ‌[658] باب هل يكفر المعتزلة

- ‌[659] باب لماذا كفر السلفُ الجهمية

- ‌[660] باب هل يُكَفَّر الجهمية أم يعذروا بجهلهم

- ‌[661] باب هل يُكفر الشيعة بعامة

- ‌[662] باب منه

- ‌[663] باب من كَفَّرَ معاوية رضي الله عنه هل يكفر

- ‌[664] باب كفر من أنكر عالم الجن

- ‌جماع أبواب حكم سب الله أو الرسول أو الدين

- ‌[665] باب حكم سب الله ورسوله والدين

- ‌[666] باب منه

- ‌[667] باب منه

- ‌[668] باب منه وكلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[669] باب حكم من سب الله ورسوله مع أنه يصلي

- ‌[670] باب حكم سب الدين، وبيان موانع التكفير

- ‌[671] باب منه

- ‌[672] باب منه

- ‌[673] باب منه

- ‌جماع أبواب متفرقة في مسائل التكفير

- ‌[674] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌[675] باب حكم الاستخفاف بفرائض الله

- ‌[676] باب حكم ترك الأعمال

- ‌[677] باب هل تَرْكُ الفرائض مخرج من الملة

- ‌[678] باب حكم تارك الزكاة

- ‌[679] باب منه

- ‌[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو

- ‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

- ‌[682] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن»

- ‌[683] باب هل الاستعانة بالمشركين ردة

- ‌[684] باب التألي على الله يحبط العمل كالكفر

- ‌[685] باب هل سوء الخلق لا يُغفَر كالشرك

- ‌[686] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الكاسيات العاريات:«لا يدخلن الجنة…» وهل هو على التأبيد

- ‌[687] باب هل السجود لشخصٍ كفر

- ‌[688] باب هل المشاركة في البرلمان كفر أكبر؟والتفريق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[689] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كفر مسلماً فقد كفر»

- ‌[690] باب هل يكفر من عطل الجهاد؟والكلام على الفرق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[691] باب هل كَفَرَ سلمان رشدي بكتابه"الآيات الشيطانية" وهل يجب قتله

- ‌[692] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من قال أنا يهودي أو نصراني فهو كما قال»

- ‌[693] باب هل المنتحر كافر

- ‌[694] باب هل الكذب المتعمد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر

- ‌[695] باب ما حد الإعراض عن دين الله الذي يكفر صاحبه

- ‌[696] باب هل صدام كافر

- ‌[697] باب ذكر أذناب الخوارج

- ‌[698] باب بدعة البراءة

- ‌[699] باب رَدُّ شبهةٍ لمكفري أصحاب الكبائر

- ‌[700] باب في الرد على من يكفر بالذنوبومن يوجب تعذيب الفاسق

- ‌[701] هل إخراج أهل الكبائر من النار خاص بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[702] باب من عقائد الخوارج في العبادات

- ‌[703] باب هل للقاتل توبة

- ‌[704] باب منه

- ‌[705] باب هل يقبل الله توبة القاتل

- ‌[706] باب كيف الجمع بين عدم قبول توبة القاتلوبين ما هو معلوم من قبول توبة الكافر

- ‌[707] باب حكم من يدوس المصحفوالكلام على الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[708] باب حكم رمي المصحف على الأرض حال الغضب

- ‌[709] باب امرأة رمت المصحفعلى الأرض هل يطلقها زوجها

- ‌[710] باب الجمع بين حديث: «إذا اقتتل مسلمان .. »وقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به

- ‌[711] باب: معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ…» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ»

- ‌[712] باب الرد على من قال بأن شيخ الإسلام كافر

- ‌[713] باب في كفر اليهود مع ما أوتوا من علم

- ‌[714] باب هل يباح الدعاء على الكفار في قنوت الوتر

- ‌[715] باب هل الفرح بتغيير رؤساء أمريكا خلل عقدي

- ‌[716] باب هل يجوز استغابة الكافر والمشرك وسبهم

- ‌[717] باب هل يجوز لعن اليهود والنصارى

- ‌[718] باب هل يجوز لعن المعين

- ‌كتاب أهل الأعذار في التوحيد

- ‌جماع أبواب الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[719] الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[720] باب منه

- ‌[721] باب منه

- ‌[722] باب ضوابط العذر بالجهل

- ‌[723] باب منه

- ‌[724] باب منه

- ‌[725] باب هل يُعذر بالجهلفي مسائل الاعتقاد في بلادنا اليوم

- ‌[726] باب هل يعذر بالجهلمن عاش في مجتمع مليء بالشركيات

- ‌[727] باب هل يعذر المخالف في العقيدة

- ‌[728] باب هل يعذر بالجهل في الأسماء والصفات

- ‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

- ‌[730] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[731] باب حكم من مات من المسلمينوهو يجهل التوحيد لعذر

- ‌[732] باب هل يُدعى لمن مات جاهلاً بحقيقة التوحيدونقاش حول ذلك

- ‌[733] باب منه

- ‌[734] باب العذر بالجهل، وبيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[735] باب هل يحشر قول عائشة:«مهما يكتم الناس يعلمه الله» في أبواب العذر بالجهل

- ‌[736] باب هل العذر بالإكراهكان موجوداً في شريعة من سبقنا

- ‌[737] باب بيان ضعفحديث: «دخل رجل الجنة في ذبابة»

- ‌[738] باب بيان نكارة متن حديث الذبابة لمخالفته لقوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}

- ‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالاًّ أم مجتهداً

- ‌[740] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌جماع أبواب أحكام أهل الفترة ومن في حكمهموالكلام على مصير أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم-غير ما تقدم

- ‌[741] باب بيان من هم أهل الفترة

- ‌[742] باب منه

- ‌[743] باب هل يوجد في هذا الزمان من له حكم أهل الفترة

- ‌[744] باب هل من لم يصله الدين في هذا الزمان، أو وصله على غير وجهه له حكم أهل الفترة

- ‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

- ‌[746] باب مصير من وصلهم الدين على غير حقيقته

- ‌[747] باب من وُصف له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف الواقع فصده ذلك عن الإسلام هل هو في حكم أهل الفترة

- ‌[748] باب الكلام على أهل الأعذارالذين لم تصلهم الدعوة، وأطفال المشركين

- ‌[749] باب من وصلته الدعوةعلى غير حقيقتها ليس من أهل الوعيد

- ‌[750] باب من مات في الجاهلية ليس من أهل الفترة

- ‌[751] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[752] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[753] باب بيان أن مشركي الجاهلية في الناروليسوا من أهل الفترة بما فيهم والدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[754] باب هل يمتحن بعض أهل الجاهلية في عرصات القيامة

- ‌[755] باب الجمع بين قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}

- ‌[756] باب منه

- ‌[757] باب هل كان والدا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الفترة

- ‌[758] باب منه

- ‌[759] باب منه

- ‌[760] باب كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار

- ‌[761] باب كيف الجمع بين كون من لم تبلغهم الرسالة من أهل الفترة وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أبي وأبوك في النار»

- ‌[762] باب هل يصح تأويل حديث«أبي وأبوك في النار» بعمي وعمك

- ‌جماع أبواب مسألةمصير أطفال المؤمنين وأطفال المشركين في الآخرة

- ‌[763] باب عدم التكليف قبل البلوغ وقيام الحجة

- ‌[764] باب أطفال المؤمنين في الجنة

- ‌[765] باب منه

- ‌[766] باب أطفال الكفار في الجنة

- ‌[767] باب منه

- ‌[768] باب هل أطفال المشركين، ومن لم يبلغه الإسلام الحق من المسلمين؛ من أهل الفترة

- ‌[769] باب حكم أولاد النصارى والمنافقين ممن لم يبلغ سن التكليف في الآخرة، ومن بلغته الدعوة في سن الخرف، ومن لم تبلغه أصلا، وأمثالهم

- ‌[770] باب الكلام على أهل الأعذار الذين لم تصلهم الدعوة، ومصير أطفال المشركين وأطفال المؤمنين

- ‌[771] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الوائدة والموؤدة في النار»

- ‌[772] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلامعلى إقامة الحجة وشروطها

- ‌[773] باب تعريف الحجة ومن يقيم الحجة على الحكام

- ‌[774] باب هل يجوز تكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم؟ والتطرق لمعنى إقامة الحجة

- ‌[775] باب من شروط إقامة الحجة

- ‌[776] باب هل يشترط فهم الحجة

- ‌[777] باب هل يغني أخذ الميثاق في الأزل عن إقامة الحجة

- ‌[778] باب كيف تقام الحجة

- ‌[779] باب كيف الجمع بين ضرورة إقامة الحجةعلى من تلبس بعمل شركي، وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلملمن لبس الصفرة: «إذا مت على ذلك لن تفلح أبداً»

- ‌جماع أبواب الكلامحول أحكام المتلبس بالشركيات من المسلمين(غير ما تقدم)

- ‌[780] باب حكم من نطق بالشهادة وبقى متلبساً بالشركيات

- ‌[781] باب كيف يتعامل مع المسلمين المتلبسين بالشركيات

- ‌[782] باب هل يجزئ حج المتلبس بالشركيات

- ‌[783] باب هل يصلى خلف المتلبس بالبدع الشركية المكفرة

- ‌[784] باب هل تجوز الصلاة خلف من يستغيث بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وينكر أن عيسى عليه السلام رُفِعَ إلى السماء حقيقة

- ‌[785] باب هل يعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الغيب؟ وما حكم الصلاة خلف من يعتقد ذلك

الفصل: ‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو

؟

سؤال: في الحديث الصحيح الرجل الذي أوصى أحد أبنائه أن يحرقه من أي نوع يكون كفره؟

الشيخ: من أي نوع، تقصد نوع .. ؟

السائل: كفر يعني عملي أو اعتقادي؟

الشيخ: لا اعتقادي، هذا كفر اعتقادي، لكنه كفر بغفلة.

" الهدى والنور "(52/ 00:18:00)

[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه

والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

السائل: هل الذي أوصى الرجل أبناءه إذا مات أن يذروه في التراب، أن يذروه في الريح يحرقوه ويذروه حتى لا يستطيع الله أن يجمعه ثم جمعه، فكيف وأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء؟

الشيخ: نعم. نحن ذكرنا هذا أكثر من مرة أن الآية التي ذكرت في ختام سؤالك هي القاعدة وهي الأصل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48) كما أن الآية: {فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} (البقرة:86) المشركون لا يخفف عنهم العذاب، لكن هناك قاعدة في علم الأصول أن كثيراً من العمومات يدخلها التخصيص وإن كان الأصل البقاء مع النص العام حتى

يأتي المخصص، فإذا جاء المخصص لا يتردد الإنسان في قبوله سلفاً لا يتردد، ولو أنه لم يظهر له وجه التوفيق بين العام والخاص، يكفي أن ذاك نص عام وهذا

ص: 644

نص خاص.

أما ما هي الحكمة وما هي فلسفة الموضوع وتوجيهه هذا بحث ثاني، قد يستطيعه بعض الناس وقد لا يستطيعه، لكن المشي مع القواعد يريح عقل الإنسان ونفسه، هذا عام وهذا خاص:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:116).

{فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} (البقرة:86) ممكن يدخل تخصيص من الناحية العقلية؟ ممكن، لكن من الناحية الشرعية ننتظر الشرع، إن جاء ما يدل على التخفيف قبلناه وإلا فنحن مع النص العام ونرفض كل رأي يخالف النص العام إلا إذا كان مقروناً بالدليل

نحن ننظر ما هو موقفنا نحن أهل الحديث، بالنسبة للحديث الصحيح أن الرسول سئل أن عمك أبو طالب كان يدافع عنك، كان وكان إلى آخره:«هل نفعه ذلك شيء؟ قال: لقد خفف عنه العذاب وهو أخف أهل النار عذاباً، وإنه ليغلي دماغه من شدة العذاب في نعليه» (1).

المهم خفف عنه العذاب، وربنا يقول ما يخفف عنهم العذاب، إذاً هذا نص عام وهذا نص خاص ما في مانع، نقبله ما دام صح، ولهذه القاعدة والجهل بها يضل كثير من الناس قديماً وحديثاً.

الخوارج مثلاً الذين ضلوا في كثير من الأمور الاعتقادية والفروع الشرعية، لماذا؟ لأنهم استندوا إلى نصوص عامة ورفضوا النصوص الخاصة، وقواعد أهل

(1) البخاري (رقم3670) ومسلم (رقم531).

ص: 645

العلم هو الجمع بين النص العام والنص الخاص.

الآن ما نحن في صدده [ننظر إليه] من زاوية عامة شوية وهي: الذين أشركوا وكفروا وبغوا واعتدوا وما بلغتهم الدعوة، ما حكمهم عند الله؟ هل هم في النار؟ هل هذا ذنبهم مغفور؟ الجواب: نعم، هؤلاء لا يشملهم العذاب الذي هو جزاء الكافرين المخلدين في النار، وإنما لهم معاملة أخرى في عرصات يوم القيامة، يؤمرون بطاعة الرسول هناك، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار.

هؤلاء الذين دخلوا الجنة داخلين في عموم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:116).

إذاً: ما جاز لنا أن نأخذ هذا العموم على شموله وإطلاقه، وأنا سأدخل في موضوع الإجابة عن السؤال من باب ممكن الجميع يدركه يعني، حتى ما ندرك شيء ربما لا يدركه بعض الناس.

فإذاً إذا وصلنا إلى هذه الحقيقة: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (النساء:116) شو صار في هذه الآية؟ بقيت على عمومها وإلا دخلها شيء من التخصيص؟ دخلها شيء من التخصيص، لا يغفر أن يشرك به إلا إذا كان الشرك به دون بلوغ ماذا؟ دعوة، إذاً: الآية ليست على الإطلاق والشمول الذي يتبادر إلى الأذهان، إذا كان هذا واضحاً وظاهراً وهو كذلك بإذن الله.

ننتقل الآن إلى قصة هذا الرجل الذي أوصى أولاده بتلك الوصية والتي أعتقد أنها أغرب وصية علمناها في الدنيا، أنه إذا مات أنه يحرقوه، ولماذا؟ قال:«لأني مذنب مع ربي، ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» فهو الآن بين عقيدتين متناقضتين أشد التناقض، هو يعتقد بأنه عاصي ومذنب وهو كذلك،

ص: 646

ويعتقد أن الله عز وجل إذا عذبه فهو عادل، لكن هو يريد أن يخلص من هذا العذاب فوقع في الضلال، فأوصى أنهم يحرقوه بالنار وأن يجعلوا نصف رماده في الريح ونصف رماده في البحر، لماذا؟ ليضل على ربه زعم، ونسي قوله تعالى:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (يس:78).

هذا الرجل أنا أتصور الآن أنه كان في ساعة شدة فيها غاب عقله ووعيه عن الحقيقة التي يؤمن بها كل من يعتقد أنه عاص مع ربه وأن ربه عز وجل إذا عذبه عادل به، وهو لخوفه من ربه غلب عليه هذا الضلال، والدليل أنه ربنا لما أحياه وقال لذراته المنتشرة في الريح الهائج والبحر المائج: كوني فلاناً فكان بشراً سوياً، قال له:«أي فلان! ما حملك على ذلك؟ قال: خشيتك» .

فهو مؤمن بالله، لكن يعني خفت منك أي: الخوف [اشتد به] به فأوحى إليه بأن يأتي بهذه الوصية الجائرة، فعلم الله ما في قلبه فقال له: قد غفرت لك.

فإذاً هذا النوع من الكفر ليس من الكفر المستمكن في النفس، وإنما هو الكفر العارض لحالة نفسية واضحة جداً في هذه الحادثة، فلا إشكال والحمد لله في هذا الحديث الصحيح.

أما الذين يتسرعون ويتفهمون نصوص الشرعية بألفاظها العامة دون أن يدققوا النظر في معانيها الخاصة فهم يضربون نصوص الشريعة بعضها في بعض، بيقولك هذا الحديث غير صحيح ولو رواه البخاري ومسلم، نحن نعرف بعض إخواننا كانت عندهم هذه الجرأة أنه هذا الحديث ما هو صحيح ولو رواه البخاري ومسلم،

الشاهد: يجب دائماً وأبداً إذا جاءنا حديث صحيح أن نتريث ونتثبت، هذا حديث صحيح؟ إي نعم حديث صحيح على الرأس والعين.

ص: 647

كيف التوفيق بين الحديث والآية؟ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (الأنبياء:7).

قد لا توفقون لأهل الذكر، إما لأنكم حرمتم منهم، أو أنتم حرمتم أنفسكم منهم، ممكن هذا وممكن هذا حتى ما نظلم الناس، حينئذ نقف نؤمن أن هذه الآية وهذا الحديث صحيح، التوفيق بينهما الله أعلم به، لكن نحن ما نتسرع فنضرب الحديث بالآية أو العكس لا سمح الله نضرب الآية بالحديث، ليس هذا هو سبيل المؤمنين، ورب العالمين يقول:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115).

عندكم الآن مثال واقع في كتاب هذا المسمى بمحمد الغزَّالي أو الغزَالي ما ندري، محمد الغَّزالي القديم فهو بالتشديد، أما الغزالي الحديث فما أدري إن كان بالتشديد أو بالتخفيف.

المهم هو في كتابه الآن يضرب حديثاً في البخاري ومسلم بعديد من الروايات يضربها لضيق عطنه وسوء تفكيره، فيأتي مثلاً إلى حديث:«جاء ملك الموت إلى موسى فقال له: أجب ربك، فلطمه لطمة ففقأ عينه» (1) يبني هنا

علالي وقصوراً.

مداخلة: في أي كتاب؟

الشيخ: كتابه الأخير هذا تبع السنة. أيش؟

مداخلة: «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» .

(1) مسلم (رقم6298).

ص: 648

الشيخ: أي نعم. يقول لك معقول؟ ملك الموت يأتي إلى موسى كليم الله ويقول له: أجب ربك، يخاف من الموت وبيروح يضرب ملك الموت ففقأ عينه، فرجع ملك الموت إلى ربه قال:«يا رب، أرسلتني إلى رجل لا يحب الموت، قال: اذهب إليه، ارجع إليه وقل له: ليضع كفه على جلد ثور» ، «فليضع يده على جلد ثور فله بكل شعرة تحت كفه سنة» رجع ملك الموت وقال له هذه الرسالة التي أمره الله عز وجل بها، قال له موسى:«وماذا بعد ذلك؟ قال: الموت. قال: فالآن إذاً. قال عليه السلام: فقبض روحه، ولو كنت هناك لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر» .

بيقول لك بقى هذا الغزالي في العصر الحاضر أن هذا الحديث باطل ولو يا أخي رواه البخاري ومسلم، هذه الكلمة لا يقولها عالم، لأن القضية لو قالها الألباني وابن باز مثلاً أمر سهل، لكن هذا رواه البخاري ومسلم وأجمعت عليه الأمة، أجمعت عليه الأمة، ما هو أنه هذا اليوم صحح، هذا مصحح من مئات السنين وتلقته الأمة بالقبول، فلما يضرب هذا الحديث في صدره يقول: ولو رواه البخاري ومسلم هذا لا يعني أنه لا يعتد بعلم البخاري ومسلم وبدقتهما وقوة المناهج التي أقاموا عليها صحاحهما لا، هو لا يعتد بإجماع الأمة، بينما تجد هذا الرجل يقيم النكير على بعض أو أفراد من أهل السنة لأنهم يخالفون الفقهاء المعروفين اليوم، أو على قول بعضهم أو بالأحسن أكثرهم؛ لأنهم يتبعون السنة، يقول: هؤلاء ما يعرفون من الفقه شيء، يخالفون جمهور العلماء ثم يخالفون العلماء كلهم ركوباً لرأسه فقط وجهله فيقول هذا الحديث لا يمكن أن يكون صحيحاً، ياواش ياواش.

"الهدى والنور"(234/ 38: 58: 00) و (235/ 38: 00: 00)

ص: 649