الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو
؟
سؤال: في الحديث الصحيح الرجل الذي أوصى أحد أبنائه أن يحرقه من أي نوع يكون كفره؟
الشيخ: من أي نوع، تقصد نوع .. ؟
السائل: كفر يعني عملي أو اعتقادي؟
الشيخ: لا اعتقادي، هذا كفر اعتقادي، لكنه كفر بغفلة.
" الهدى والنور "(52/ 00:18:00)
[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه
…
والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»
السائل: هل الذي أوصى الرجل أبناءه إذا مات أن يذروه في التراب، أن يذروه في الريح يحرقوه ويذروه حتى لا يستطيع الله أن يجمعه ثم جمعه، فكيف وأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء؟
الشيخ: نعم. نحن ذكرنا هذا أكثر من مرة أن الآية التي ذكرت في ختام سؤالك هي القاعدة وهي الأصل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48) كما أن الآية: {فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} (البقرة:86) المشركون لا يخفف عنهم العذاب، لكن هناك قاعدة في علم الأصول أن كثيراً من العمومات يدخلها التخصيص وإن كان الأصل البقاء مع النص العام حتى
يأتي المخصص، فإذا جاء المخصص لا يتردد الإنسان في قبوله سلفاً لا يتردد، ولو أنه لم يظهر له وجه التوفيق بين العام والخاص، يكفي أن ذاك نص عام وهذا
نص خاص.
أما ما هي الحكمة وما هي فلسفة الموضوع وتوجيهه هذا بحث ثاني، قد يستطيعه بعض الناس وقد لا يستطيعه، لكن المشي مع القواعد يريح عقل الإنسان ونفسه، هذا عام وهذا خاص:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:116).
{فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} (البقرة:86) ممكن يدخل تخصيص من الناحية العقلية؟ ممكن، لكن من الناحية الشرعية ننتظر الشرع، إن جاء ما يدل على التخفيف قبلناه وإلا فنحن مع النص العام ونرفض كل رأي يخالف النص العام إلا إذا كان مقروناً بالدليل
…
نحن ننظر ما هو موقفنا نحن أهل الحديث، بالنسبة للحديث الصحيح أن الرسول سئل أن عمك أبو طالب كان يدافع عنك، كان وكان إلى آخره:«هل نفعه ذلك شيء؟ قال: لقد خفف عنه العذاب وهو أخف أهل النار عذاباً، وإنه ليغلي دماغه من شدة العذاب في نعليه» (1).
المهم خفف عنه العذاب، وربنا يقول ما يخفف عنهم العذاب، إذاً هذا نص عام وهذا نص خاص ما في مانع، نقبله ما دام صح، ولهذه القاعدة والجهل بها يضل كثير من الناس قديماً وحديثاً.
الخوارج مثلاً الذين ضلوا في كثير من الأمور الاعتقادية والفروع الشرعية، لماذا؟ لأنهم استندوا إلى نصوص عامة ورفضوا النصوص الخاصة، وقواعد أهل
(1) البخاري (رقم3670) ومسلم (رقم531).
العلم هو الجمع بين النص العام والنص الخاص.
الآن ما نحن في صدده [ننظر إليه] من زاوية عامة شوية وهي: الذين أشركوا وكفروا وبغوا واعتدوا وما بلغتهم الدعوة، ما حكمهم عند الله؟ هل هم في النار؟ هل هذا ذنبهم مغفور؟ الجواب: نعم، هؤلاء لا يشملهم العذاب الذي هو جزاء الكافرين المخلدين في النار، وإنما لهم معاملة أخرى في عرصات يوم القيامة، يؤمرون بطاعة الرسول هناك، فمن أطاع دخل الجنة، ومن عصى دخل النار.
هؤلاء الذين دخلوا الجنة داخلين في عموم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:116).
إذاً: ما جاز لنا أن نأخذ هذا العموم على شموله وإطلاقه، وأنا سأدخل في موضوع الإجابة عن السؤال من باب ممكن الجميع يدركه يعني، حتى ما ندرك شيء ربما لا يدركه بعض الناس.
فإذاً إذا وصلنا إلى هذه الحقيقة: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (النساء:116) شو صار في هذه الآية؟ بقيت على عمومها وإلا دخلها شيء من التخصيص؟ دخلها شيء من التخصيص، لا يغفر أن يشرك به إلا إذا كان الشرك به دون بلوغ ماذا؟ دعوة، إذاً: الآية ليست على الإطلاق والشمول الذي يتبادر إلى الأذهان، إذا كان هذا واضحاً وظاهراً وهو كذلك بإذن الله.
ننتقل الآن إلى قصة هذا الرجل الذي أوصى أولاده بتلك الوصية والتي أعتقد أنها أغرب وصية علمناها في الدنيا، أنه إذا مات أنه يحرقوه، ولماذا؟ قال:«لأني مذنب مع ربي، ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» فهو الآن بين عقيدتين متناقضتين أشد التناقض، هو يعتقد بأنه عاصي ومذنب وهو كذلك،
ويعتقد أن الله عز وجل إذا عذبه فهو عادل، لكن هو يريد أن يخلص من هذا العذاب فوقع في الضلال، فأوصى أنهم يحرقوه بالنار وأن يجعلوا نصف رماده في الريح ونصف رماده في البحر، لماذا؟ ليضل على ربه زعم، ونسي قوله تعالى:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (يس:78).
هذا الرجل أنا أتصور الآن أنه كان في ساعة شدة فيها غاب عقله ووعيه عن الحقيقة التي يؤمن بها كل من يعتقد أنه عاص مع ربه وأن ربه عز وجل إذا عذبه عادل به، وهو لخوفه من ربه غلب عليه هذا الضلال، والدليل أنه ربنا لما أحياه وقال لذراته المنتشرة في الريح الهائج والبحر المائج: كوني فلاناً فكان بشراً سوياً، قال له:«أي فلان! ما حملك على ذلك؟ قال: خشيتك» .
فهو مؤمن بالله، لكن يعني خفت منك أي: الخوف [اشتد به] به فأوحى إليه بأن يأتي بهذه الوصية الجائرة، فعلم الله ما في قلبه فقال له: قد غفرت لك.
فإذاً هذا النوع من الكفر ليس من الكفر المستمكن في النفس، وإنما هو الكفر العارض لحالة نفسية واضحة جداً في هذه الحادثة، فلا إشكال والحمد لله في هذا الحديث الصحيح.
أما الذين يتسرعون ويتفهمون نصوص الشرعية بألفاظها العامة دون أن يدققوا النظر في معانيها الخاصة فهم يضربون نصوص الشريعة بعضها في بعض، بيقولك هذا الحديث غير صحيح ولو رواه البخاري ومسلم، نحن نعرف بعض إخواننا كانت عندهم هذه الجرأة أنه هذا الحديث ما هو صحيح ولو رواه البخاري ومسلم،
…
الشاهد: يجب دائماً وأبداً إذا جاءنا حديث صحيح أن نتريث ونتثبت، هذا حديث صحيح؟ إي نعم حديث صحيح على الرأس والعين.
كيف التوفيق بين الحديث والآية؟ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (الأنبياء:7).
قد لا توفقون لأهل الذكر، إما لأنكم حرمتم منهم، أو أنتم حرمتم أنفسكم منهم، ممكن هذا وممكن هذا حتى ما نظلم الناس، حينئذ نقف نؤمن أن هذه الآية وهذا الحديث صحيح، التوفيق بينهما الله أعلم به، لكن نحن ما نتسرع فنضرب الحديث بالآية أو العكس لا سمح الله نضرب الآية بالحديث، ليس هذا هو سبيل المؤمنين، ورب العالمين يقول:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115).
عندكم الآن مثال واقع في كتاب هذا المسمى بمحمد الغزَّالي أو الغزَالي ما ندري، محمد الغَّزالي القديم فهو بالتشديد، أما الغزالي الحديث فما أدري إن كان بالتشديد أو بالتخفيف.
المهم هو في كتابه الآن يضرب حديثاً في البخاري ومسلم بعديد من الروايات يضربها لضيق عطنه وسوء تفكيره، فيأتي مثلاً إلى حديث:«جاء ملك الموت إلى موسى فقال له: أجب ربك، فلطمه لطمة ففقأ عينه» (1) يبني هنا
علالي وقصوراً.
مداخلة: في أي كتاب؟
الشيخ: كتابه الأخير هذا تبع السنة. أيش؟
(1) مسلم (رقم6298).
الشيخ: أي نعم. يقول لك معقول؟ ملك الموت يأتي إلى موسى كليم الله ويقول له: أجب ربك، يخاف من الموت وبيروح يضرب ملك الموت ففقأ عينه، فرجع ملك الموت إلى ربه قال:«يا رب، أرسلتني إلى رجل لا يحب الموت، قال: اذهب إليه، ارجع إليه وقل له: ليضع كفه على جلد ثور» ، «فليضع يده على جلد ثور فله بكل شعرة تحت كفه سنة» رجع ملك الموت وقال له هذه الرسالة التي أمره الله عز وجل بها، قال له موسى:«وماذا بعد ذلك؟ قال: الموت. قال: فالآن إذاً. قال عليه السلام: فقبض روحه، ولو كنت هناك لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر» .
بيقول لك بقى هذا الغزالي في العصر الحاضر أن هذا الحديث باطل ولو يا أخي رواه البخاري ومسلم، هذه الكلمة لا يقولها عالم، لأن القضية لو قالها الألباني وابن باز مثلاً أمر سهل، لكن هذا رواه البخاري ومسلم وأجمعت عليه الأمة، أجمعت عليه الأمة، ما هو أنه هذا اليوم صحح، هذا مصحح من مئات السنين وتلقته الأمة بالقبول، فلما يضرب هذا الحديث في صدره يقول: ولو رواه البخاري ومسلم هذا لا يعني أنه لا يعتد بعلم البخاري ومسلم وبدقتهما وقوة المناهج التي أقاموا عليها صحاحهما لا، هو لا يعتد بإجماع الأمة، بينما تجد هذا الرجل يقيم النكير على بعض أو أفراد من أهل السنة لأنهم يخالفون الفقهاء المعروفين اليوم، أو على قول بعضهم أو بالأحسن أكثرهم؛ لأنهم يتبعون السنة، يقول: هؤلاء ما يعرفون من الفقه شيء، يخالفون جمهور العلماء ثم يخالفون العلماء كلهم ركوباً لرأسه فقط وجهله فيقول هذا الحديث لا يمكن أن يكون صحيحاً، ياواش ياواش.
"الهدى والنور"(234/ 38: 58: 00) و (235/ 38: 00: 00)