المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالا أم مجتهدا - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٥

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جماع أبواب الكلام حول حكم جحد شيءٍ من القرآن والسنة وحكم رد الأحاديث النبوية بالعقل ورد حديث الآحاد

- ‌[636] باب حكم جحد شيء من القران أو الشك فيه

- ‌[637] باب بيان كفرمن يدعي أن القرآن الذي بين أيدينا ليس كاملاً

- ‌[638] باب حكم من يطعن في آيات الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[639] باب هل الكفر في قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} اعتقادي أم عملي

- ‌[640] باب حكم الاستهزاء بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[641] باب حكم منكري السنة

- ‌[642] باب هل من رد السنة يكفر

- ‌[643] باب هل يكفر من ينكر الحديث المتواتر

- ‌[644] باب الضابط في تكفير المستهزئ بالسنة، وهل إنكار خبر الآحاد يعد كفراً

- ‌[645] باب هل يكفر من ينكر خبر الآحاد

- ‌[646] باب حكم الصلاة خلف من ينكر بعض الأحاديث الصحيحة، وخلف من يتلبس ببعض الشركيات

- ‌[647] باب هل يكفر من يرد الأحاديث الصحيحة

- ‌[648] باب هل يكفر من ينكر حديثًا بعقله

- ‌[649] باب هل يكفر من يقول: هذا الحديث لا يدخل عقلي

- ‌جماع أبواب الكلام على البدع الكفرية هل يكفر أصحابهاوالكلام على بعض البدع العقدية وموقعها من الكفر

- ‌[650] باب هل كل من وقع في البدعة المكفرة كافر

- ‌[651] باب هل يجوزتكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم

- ‌[652] باب متى يكفر أتباع الفرق الإسلامية

- ‌[653] باب ضابط كفر المتأولوالتنبيه على أن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه

- ‌[654] باب متى يكفر المؤولة

- ‌[655] باب هل يُكفر من ينفي رؤية الله تعالى يوم القيامة؟وهل يكفر القائل بأن كلام الله مخلوق

- ‌[656] باب هل استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين

- ‌[657] باب كفر القائلين بوحدة الوجود

- ‌[658] باب هل يكفر المعتزلة

- ‌[659] باب لماذا كفر السلفُ الجهمية

- ‌[660] باب هل يُكَفَّر الجهمية أم يعذروا بجهلهم

- ‌[661] باب هل يُكفر الشيعة بعامة

- ‌[662] باب منه

- ‌[663] باب من كَفَّرَ معاوية رضي الله عنه هل يكفر

- ‌[664] باب كفر من أنكر عالم الجن

- ‌جماع أبواب حكم سب الله أو الرسول أو الدين

- ‌[665] باب حكم سب الله ورسوله والدين

- ‌[666] باب منه

- ‌[667] باب منه

- ‌[668] باب منه وكلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[669] باب حكم من سب الله ورسوله مع أنه يصلي

- ‌[670] باب حكم سب الدين، وبيان موانع التكفير

- ‌[671] باب منه

- ‌[672] باب منه

- ‌[673] باب منه

- ‌جماع أبواب متفرقة في مسائل التكفير

- ‌[674] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌[675] باب حكم الاستخفاف بفرائض الله

- ‌[676] باب حكم ترك الأعمال

- ‌[677] باب هل تَرْكُ الفرائض مخرج من الملة

- ‌[678] باب حكم تارك الزكاة

- ‌[679] باب منه

- ‌[680] باب الشك في قدرة الله؛ من أي أنواع الكفر هو

- ‌[681] باب كيف غفر الله للرجل الذي أمر بنيه بأن يحرقوه…والله عز وجل يقول: «إن الله لا يغفر أن يشرك به»

- ‌[682] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن»

- ‌[683] باب هل الاستعانة بالمشركين ردة

- ‌[684] باب التألي على الله يحبط العمل كالكفر

- ‌[685] باب هل سوء الخلق لا يُغفَر كالشرك

- ‌[686] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الكاسيات العاريات:«لا يدخلن الجنة…» وهل هو على التأبيد

- ‌[687] باب هل السجود لشخصٍ كفر

- ‌[688] باب هل المشاركة في البرلمان كفر أكبر؟والتفريق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[689] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من كفر مسلماً فقد كفر»

- ‌[690] باب هل يكفر من عطل الجهاد؟والكلام على الفرق بين الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[691] باب هل كَفَرَ سلمان رشدي بكتابه"الآيات الشيطانية" وهل يجب قتله

- ‌[692] باب معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«من قال أنا يهودي أو نصراني فهو كما قال»

- ‌[693] باب هل المنتحر كافر

- ‌[694] باب هل الكذب المتعمد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر

- ‌[695] باب ما حد الإعراض عن دين الله الذي يكفر صاحبه

- ‌[696] باب هل صدام كافر

- ‌[697] باب ذكر أذناب الخوارج

- ‌[698] باب بدعة البراءة

- ‌[699] باب رَدُّ شبهةٍ لمكفري أصحاب الكبائر

- ‌[700] باب في الرد على من يكفر بالذنوبومن يوجب تعذيب الفاسق

- ‌[701] هل إخراج أهل الكبائر من النار خاص بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[702] باب من عقائد الخوارج في العبادات

- ‌[703] باب هل للقاتل توبة

- ‌[704] باب منه

- ‌[705] باب هل يقبل الله توبة القاتل

- ‌[706] باب كيف الجمع بين عدم قبول توبة القاتلوبين ما هو معلوم من قبول توبة الكافر

- ‌[707] باب حكم من يدوس المصحفوالكلام على الكفر العملي والاعتقادي

- ‌[708] باب حكم رمي المصحف على الأرض حال الغضب

- ‌[709] باب امرأة رمت المصحفعلى الأرض هل يطلقها زوجها

- ‌[710] باب الجمع بين حديث: «إذا اقتتل مسلمان .. »وقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به

- ‌[711] باب: معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ…» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ سَدَّدَ»

- ‌[712] باب الرد على من قال بأن شيخ الإسلام كافر

- ‌[713] باب في كفر اليهود مع ما أوتوا من علم

- ‌[714] باب هل يباح الدعاء على الكفار في قنوت الوتر

- ‌[715] باب هل الفرح بتغيير رؤساء أمريكا خلل عقدي

- ‌[716] باب هل يجوز استغابة الكافر والمشرك وسبهم

- ‌[717] باب هل يجوز لعن اليهود والنصارى

- ‌[718] باب هل يجوز لعن المعين

- ‌كتاب أهل الأعذار في التوحيد

- ‌جماع أبواب الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[719] الكلام حول مدى صحة تقسيم الدين إلى أصول وفروع وربط ذلك بمسائل التكفير

- ‌[720] باب منه

- ‌[721] باب منه

- ‌[722] باب ضوابط العذر بالجهل

- ‌[723] باب منه

- ‌[724] باب منه

- ‌[725] باب هل يُعذر بالجهلفي مسائل الاعتقاد في بلادنا اليوم

- ‌[726] باب هل يعذر بالجهلمن عاش في مجتمع مليء بالشركيات

- ‌[727] باب هل يعذر المخالف في العقيدة

- ‌[728] باب هل يعذر بالجهل في الأسماء والصفات

- ‌[729] باب هل يعذر الإنسان بجهله في زمن انتشار العلم

- ‌[730] باب حكم الطواف بالقبور وهل يعذر بالجهل في مثل ذلك وهل أخذ الميثاق يكفي كحجة؟ وحكم أهل الفترة

- ‌[731] باب حكم من مات من المسلمينوهو يجهل التوحيد لعذر

- ‌[732] باب هل يُدعى لمن مات جاهلاً بحقيقة التوحيدونقاش حول ذلك

- ‌[733] باب منه

- ‌[734] باب العذر بالجهل، وبيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[735] باب هل يحشر قول عائشة:«مهما يكتم الناس يعلمه الله» في أبواب العذر بالجهل

- ‌[736] باب هل العذر بالإكراهكان موجوداً في شريعة من سبقنا

- ‌[737] باب بيان ضعفحديث: «دخل رجل الجنة في ذبابة»

- ‌[738] باب بيان نكارة متن حديث الذبابة لمخالفته لقوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}

- ‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالاًّ أم مجتهداً

- ‌[740] باب متى يكفرمن أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة

- ‌جماع أبواب أحكام أهل الفترة ومن في حكمهموالكلام على مصير أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم-غير ما تقدم

- ‌[741] باب بيان من هم أهل الفترة

- ‌[742] باب منه

- ‌[743] باب هل يوجد في هذا الزمان من له حكم أهل الفترة

- ‌[744] باب هل من لم يصله الدين في هذا الزمان، أو وصله على غير وجهه له حكم أهل الفترة

- ‌[745] باب حكم من لم تبلغهم الدعوة في الآخرة

- ‌[746] باب مصير من وصلهم الدين على غير حقيقته

- ‌[747] باب من وُصف له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف الواقع فصده ذلك عن الإسلام هل هو في حكم أهل الفترة

- ‌[748] باب الكلام على أهل الأعذارالذين لم تصلهم الدعوة، وأطفال المشركين

- ‌[749] باب من وصلته الدعوةعلى غير حقيقتها ليس من أهل الوعيد

- ‌[750] باب من مات في الجاهلية ليس من أهل الفترة

- ‌[751] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[752] باب أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترة

- ‌[753] باب بيان أن مشركي الجاهلية في الناروليسوا من أهل الفترة بما فيهم والدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌[754] باب هل يمتحن بعض أهل الجاهلية في عرصات القيامة

- ‌[755] باب الجمع بين قوله تعالى: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا} وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}

- ‌[756] باب منه

- ‌[757] باب هل كان والدا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الفترة

- ‌[758] باب منه

- ‌[759] باب منه

- ‌[760] باب كيف يكون والدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار

- ‌[761] باب كيف الجمع بين كون من لم تبلغهم الرسالة من أهل الفترة وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أبي وأبوك في النار»

- ‌[762] باب هل يصح تأويل حديث«أبي وأبوك في النار» بعمي وعمك

- ‌جماع أبواب مسألةمصير أطفال المؤمنين وأطفال المشركين في الآخرة

- ‌[763] باب عدم التكليف قبل البلوغ وقيام الحجة

- ‌[764] باب أطفال المؤمنين في الجنة

- ‌[765] باب منه

- ‌[766] باب أطفال الكفار في الجنة

- ‌[767] باب منه

- ‌[768] باب هل أطفال المشركين، ومن لم يبلغه الإسلام الحق من المسلمين؛ من أهل الفترة

- ‌[769] باب حكم أولاد النصارى والمنافقين ممن لم يبلغ سن التكليف في الآخرة، ومن بلغته الدعوة في سن الخرف، ومن لم تبلغه أصلا، وأمثالهم

- ‌[770] باب الكلام على أهل الأعذار الذين لم تصلهم الدعوة، ومصير أطفال المشركين وأطفال المؤمنين

- ‌[771] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الوائدة والموؤدة في النار»

- ‌[772] باب منه

- ‌جماع أبواب الكلامعلى إقامة الحجة وشروطها

- ‌[773] باب تعريف الحجة ومن يقيم الحجة على الحكام

- ‌[774] باب هل يجوز تكفير الفرق الضالة بعد إقامة الحجة عليهم؟ والتطرق لمعنى إقامة الحجة

- ‌[775] باب من شروط إقامة الحجة

- ‌[776] باب هل يشترط فهم الحجة

- ‌[777] باب هل يغني أخذ الميثاق في الأزل عن إقامة الحجة

- ‌[778] باب كيف تقام الحجة

- ‌[779] باب كيف الجمع بين ضرورة إقامة الحجةعلى من تلبس بعمل شركي، وبين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلملمن لبس الصفرة: «إذا مت على ذلك لن تفلح أبداً»

- ‌جماع أبواب الكلامحول أحكام المتلبس بالشركيات من المسلمين(غير ما تقدم)

- ‌[780] باب حكم من نطق بالشهادة وبقى متلبساً بالشركيات

- ‌[781] باب كيف يتعامل مع المسلمين المتلبسين بالشركيات

- ‌[782] باب هل يجزئ حج المتلبس بالشركيات

- ‌[783] باب هل يصلى خلف المتلبس بالبدع الشركية المكفرة

- ‌[784] باب هل تجوز الصلاة خلف من يستغيث بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وينكر أن عيسى عليه السلام رُفِعَ إلى السماء حقيقة

- ‌[785] باب هل يعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الغيب؟ وما حكم الصلاة خلف من يعتقد ذلك

الفصل: ‌[739] باب من شذ في مسألة عقديةهل يعد ضالا أم مجتهدا

وزوال العذاب الشديد عنه كأنه رجع إلى نفسه معاتباً لها، كيف أن نفسه طاوعته على أن يصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما هو الكفر بعينه، فلم يجد توبة له إلا أن يذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن يحدثه بما وقع له لعله يجد له مخرجاً، فلما جاء إليه صلى الله عليه وآله وسلم وقص عليه القصة، قال له عليه الصلاة والسلام:«كيف تجد قلبك؟ قال: أجده مطمئناً بالإيمان» فأنزل الله هذه الآية: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} (النحل:106)، وقال له عليه الصلاة والسلام:«فإن عادوا فعد» إن عادوا إلى تعذيبك، فعد أنت إلى الخلاص من هذا العذاب بهذا الكلام الذي التلفظ به كفر، ولكن ليس كفراً ما دام أن قلبك مطمئن بالإيمان، فإذا لاحظنا هذا التفصيل في حكم من فعل الكفر أو نطق بالكفر وأنه لا يؤاخذ، حينذاك نجد في حديث الذبابة شيئاً من الغلو والمبالغة

"الهدى والنور"(410/ 59: 36: 00)

[739] باب من شذ في مسألة عقدية

هل يعد ضالاًّ أم مجتهداً

؟

سؤال: إذا شذ إمام من الأئمة في أمر من أمور العقيدة كان في بعض الصفات فهل يكون ضالاً أم مجتهداً وله أجر؟

الشيخ: يعني بالإمام العالم؟

مداخلة: أي نعم.

الشيخ: الجواب عن هذا السؤال يتعلق بمثل قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» ذلك أن هذا الحديث وإن اشتهر عند العلماء استعماله في الأحكام الشرعية والمسائل التي

ص: 797

يسمونها بالمسائل الفرعية دون استعمال هذا الحديث في المسائل الأصولية أو الاعتقادية، وإن كان هذا اشتهر عند الأصوليين؛ فإنه مما لا شك ولا ريب فيه أن الحديث يشمل الاجتهاد في كلٍّ من الأمرين المذكورين، أي: سواء كان فرعاً أو أصلاً .. سواء كان عقيدة أو حكماً فقهياً، المهم: أن العالم المسلم لا يلقي هكذا الكلام على عواهنه، وإنما يجتهد في معرفة حكم ربه في كل ما كلف الله عز وجل به عباده سواء كان فرعاً أو أصلاً .. سواء كان فقهاً أو عقيدةً.

ومعلوم أن الله عز وجل يقول في صريح القرآن الكريم: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15) والآية ينبغي أن نتنبه للمعنى الحقيقي منها؛ لأن ظاهر الآية: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15) أي: بشخصه، وهذا بلا شك هو الخطوة الأولى من بعثة الرسول، ولكن ليس المقصود هو شخص الرسول بذاته وإنما المقصود دعوة الرسول عليه السلام أكثر من الشخص.

ونحن نقرب لكم القضية بمثلين سمحين سهلين جداً: بُعِثَ رسول ما إلى قوم ما، وفي هؤلاء القوم شخص أصم فهو لم يسمع دعوة الرسول، هذا بعث إليه الرسول إلى قومه لكنه لم يسمع دعوة هذا الرسول فهو لم تقم حجة الله عليه، وقيسوا على ذلك الشيخ الفاني بمعنى الخَرْفَان ونحو ذلك .. الأطفال الصغار، فهؤلاء بالرغم أنهم كانوا في الوقت الذي بعث الرسول إلى قومهم فهم لم تبلغهم الدعوة هذا هو المثال الأول.

واعكسوا الآن: دعوة هذا الرسول جاء إلى الجيل الثاني وهم لم يروا الرسول ولا سمعوا دعوته منه مباشرةً ولكن الدعوة بلغتهم فهل تشملهم الآية الكريمة؟ الجواب: نعم: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:15).

فإذاً: إما أن تكون الحجة تقوم بواسطة الرسول مباشرةً، أو بواسطة غيره ممن

ص: 798

يبلغ رسالته كما بلغها هو قومه، إذاً: الحجة تقوم ببلوغ الدعوة إلى المكلف، الدعوة كما ذكرنا آنفاً قد تكون متعلقة بالعقيدة وقد تكون متعلقة بحكم شرعي، فإذا افترضنا إنساناً بلغته دعوة نبيٍّ على الوجه الصحيح في حكم فرعي فقهي، ومع ذلك هو أنكر هذا الحكم فإنكاره وأؤكد ما قلت آنفاً: بلغه الحكم كما لو كان سمع الحكم من النبي أو الرسول مباشرةً ومع ذلك فهو أنكره فهذا يكفر.

على العكس من ذلك إنسان آخر لم تبلغه دعوة الرسول فيما يتعلق بعقيدةٍ ما، ولنضرب على ذلك مثلاً: فنقول: مثل عقيدة عذاب القبر، أو سؤال منكر ونكير، ونحو ذلك من الغيبيات التي تدخل في عموم قوله تعالى:{الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (البقرة:1 - 3) فهذا المثال الثاني الرجل الثاني لم تبلغه دعوة الرسول فيما يتعلق بمثالنا هذا عذاب القبر، فهذا ليس مكلفاً .. ليس مسئولاً فيما إذا لم يؤمن بعذاب القبر؛ لأن الحجة لم تبلغه ولم تقم عليه، إذا عرفنا هذه الحقيقة حينئذٍ نعود إلى أصل السؤال: أي إمام من أئمة المسلمين سواء كان خطؤه متعلقاً بعقيدة أو كان خطؤه متعلقاً بحكم فقهيٍ فهو غير مؤاخذ إذا لم تبلغه الحجة، والعكس بالعكس تماماً كل من بلغته الحجة سواء في العقيدة أو في الفقه وأنكرها فهو الذي قامت عليه حجة الله فذاك نادم وهذا هالك.

فلا فرق إذاً بين من يقع في خطأ إنكار صفة من الصفات مثلاً إلهية إذا كان إنكار هذا ليس عناداً وليس جحوداً وإنما كان باجتهاد منه، ولو أن هذا الاجتهاد كان منه خطئاً، هنا يرد الحديث الذي ابتدأنا الجواب به عن هذا السؤال:«إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» لذلك ما يشاع في هذا الزمان أن من أخطأ في الأصول أو في العقيدة فهو غير معذور هذا الإطلاق خطأ

ص: 799

جلي جداً لا يصح أن يتبناه المسلم.

مداخلة: شيخ بارك الله فيك! بالنسبة لقضية الاجتهاد في العقيدة فهنالك قاعدة عند أهل السنة أن الأمور السمعية لا يجتهد فيها، وقد سألت الشيخ مشهوراً جزاه الله خيراً فقال لي هذه القاعدة.

الشيخ: سألت ماذا؟

مداخلة: الشيخ مشهور.

الشيخ: نعم.

مداخلة: وقال لي هذه القاعدة، لكن هنا الذي نريد أن نستوضحه هو: أنه إذا جاء إلى عالم من العلماء قول وقد أجمع السلف عليهم جميعاً من الصحابة والتابعين إلى غيرهم، إلى عصره، ثم هذا القول رَدَّهُ، وقد أضرب على ذلك مثلاً في قضايا الصفات، وهو عالم ومعروف له بالعلم ومشهود له بالعلم، عند كافة أهل العلم فرد هذا القول بعقله أو برأيه أو باجتهاد منه لنقل ذلك! وأطلق على هؤلاء القوم بكلام من اجتهاده وبذلك أنكر الصفات فهل نقول: هل هو فعلاً هنا اجتهد مع أن الصحابة هنا كلهم مجمعون على ذلك؟

الشيخ: يا أخي بارك الله فيك! نحن ما نستطيع أن ندخل إلى قلوب الناس حينما قلنا ما قلنا آنفاً إنما نعني بذلك، هل هذا الإنسان مؤاخذ عند الله عز وجل أو غير مؤاخذ؟ هل هو مؤاخذ عند الله بمعنى: أقيمت الحجة عليه فهو مؤاخذ أو غير مؤاخذ؟ البشر لا يستطيع أن يتعمق ويصل إلى ما في القلب، ما يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب كما هو معلوم، الآن أنت دندنت حول ما نقلت عن قضية الإجماع، هل الإجماع إذا صح عند شخص لازمه أن يصح عند كل شخص؟

ص: 800

مداخلة: الجواب لا طبعاً.

الشيخ: طبعاً! طبعاً لا ولذلك حينما أنت تفترض أن السلف الصالح كلهم أجمعوا على كذا، وجاء رجل عالم وأنكر هذا الإجماع وقال قولاً مخالفاً لهم، نحن نستطيع أن نخطئ هذا المخالف؛ لكن لا نستطيع أن نكفره، أي: لا نستطيع أن ندخل إلى قلبه ونحكم عليه بأنه كما قال تعالى في بعض المشركين: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} (النمل:14) لا نستطيع أن نصل إلى هذه النقطة، نحن كل الذي نستطيعه أن نحكم بأن هذا أخطأ وإن شئتَ أو شئتُ، قلتَ أو قلتُ: ضل، أما أنه كفر وجحد هذا أمر قلبي لا نستطيع نحن أن نتوصل إليه.

مداخلة: شيخنا بارك الله فيك! أنا لا أقصد بكلامي التكفير أو التفسيق أو التضليل، لكن الذي أقصده: هل بِرَدِّه مثلاً للعلماء قد يتبنى إجماع عند عالم لا يرى الإجماع عند عالم آخر، لكن هل فعلاً هو اجتهد؟

الشيخ: مكانك راوح! لا يوجد شيء جديد في كلامك، الاجتهاد بالنسبة للمكلف يتعلق بالقلب والعمل، أما بالنسبة للآخرين فلا يستطيعون أن يحكموا عليه بأنه اجتهد أو لم يجتهد صحيح هذه البديهية أم لا؟ يعني: أنت ما تستطيع أن تحكم علي أنني اجتهدت أو لم أجتهد .. أنني تابعت البحث متابعةً بحيث يصدق علي قوله عليه السلام: «إذا حكم الحاكم فاجتهد» أنت ما تستطيع أن تحكم على أي إنسان أنه اجتهد أو لم يجتهد حتى تبني على اجتهاده أنه معذور أو تبني على عدم اجتهاده أنه غير معذور، لكن هو يدري ماذا يفعل، فهو إذا أفرغ جهده لمعرفة الحق بالطرق التي تتيسر له، وعلم الله منه الصدق والإخلاص في معرفة الحق لكنه لم يوفق إليه وهنا يأتي الحديث:«وإن أخطأ فله أجر واحد» .

إذا كان الحديث الواحد يختلف عالمان في تصحيحه وتضعيفه، الذي

ص: 801

يضعفه أنكر صحته فإن أنكر وهو معذور فهو معذور، وإن أنكر نكايةً وجحداً لجهد ذلك المجتهد الأول المصيب فهو الضلال المبين، لا يوجد فرق بين الفقه وبين العقيدة وبين الحديث تصحيحاً وتضعيفاً، تعرف أنت أن الحديث قد يكون صحيحاً عندهم جميعاً، ولكن قد يبلغ مبلغ التواتر عند بعضهم دون بعض آخر إلى آخره، فالقضية نسبية والحكم عند علام الغيوب هو الذي يعلم ما في القلوب، فهو الذي سيحكم ويدين كل إنسان بما فعل:«إن اجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد» على كل حال: أنا يعني: لا تكن في حرج صف ما عندك حتى أفهم جيداً وأعطيك ما عندي إن كان عندي.

مداخلة: شيخ هذه القضية: الأسماء والصفات معروف أنها قضية سمعية، يعني: أهل السنة متفقين عليها ومسلمين بها، لكن نحن كما قلت: نحن لا نريد أن نطلق هذه الألفاظ نحن نقول: أنه اجتهد أو أخطأ أو ضل أو مثل هذه الألفاظ، نحن لا نريد أن نكفر أحداً في هذه القضية، لكن أنا قصدي أنه مثل هذه مثل قضية أصولية عند أهل السنة والجماعة عندما يأتي مثلاً شخص ويرد الصفات كلها، نحن نقول: لو أنه مثلاً رد صفة واحدة أو أول صفة واحدة أو أنكر صفة واحدة نقول مثلاً اجتهد في فرعية من الفرعيات، لكن عندما مثلاً يرد جميع الصفات وينكر على غيره ويستعمل ألفاظاً لا تجوز، هذا الذي أريد أن أستوضحه.

الشيخ: أنا أرى الآن تطورت المسألة، كان السؤال: في إمام أنكر صفةً، الآن أنت قفزت قفزة الغزلان أنكر كل الصفات.

مداخلة: أنا قصدي هذا أنكر كلها.

الشيخ: معليش، أنت كنت سئلت السؤال الأول؟

مداخلة: لا، ليس أنا.

ص: 802

الشيخ: طيب يا أخي! لكل سؤال جواب، أنا لا أتصور الآن كما يقال نضع النقاط على الحروف أنا ما أتصور إماماً من أئمة المسلمين أنكر الصفات هذه كلها، هذا إما أن يكون الجهمي الأول الجهم بن صفوان أو الجعد أو أمثاله، أما إمام من أئمة المسلمين ينكر الصفات كلها هذا لا يتصور، الآن أنت تقول أنكر كل الصفات طيب! دعنا نحدد رجل أنكر الصفات كلها ما هو السؤال حتى أعطيك الجواب بأوجز عبارة؟

مداخلة: السؤال.

الشيخ: نعم، أنكر كل الصفات ما هو السؤال؟

مداخلة: هل يكون هو في هذه الحالة اجتهد أم لا؟

الشيخ: لا، لا يكون اجتهد.

مداخلة: لا يكون اجتهد.

الشيخ: طبعاً! لكن يعود البحث السابق: ما أنكر كل الصفات آمن بالبعض وأنكر البعض، ممكن أن يكون مجتهداً؟

مداخلة: في هذه الحالة ممكن.

الشيخ: طيب إذاً؟!

مداخلة: لكن أنا كان قصدي - عفواً أعتذر - أنه كان قصدي عن مسألة الصفات كلها.

الشيخ: خير إن شاء الله.

"الهدى والنور"(820/ 41: 22: 00) و (820/ 41: 31: 00)

ص: 803