الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شد الخيط في المسجد لتسوية الصفوف
مداخلة: حكم شد الخيط في المسجد.
الشيخ: من المبتدع في العصر الحاضر؛ وبسبب إهمال المسلمين سنة تسوية الصفوف.
(الهدى والنور / 224/ 46: 06: 00)
حكم شد الخيط في المسجد لتسوية الصفوف
الشيخ: مد الخط في المساجد بدعة ضلالة لا يجوز الاعتماد عليها في المساجد، اللهم إلا في بعض المساجد، وفي وقت مُحَدَّد، أعني: المساجد التي بُنِيَت مُنْحَرفة عن القبلة، أو لم تكن في الأصل بُنيت مسجداً، إنما كانت داراً ثم أُوْقِفَت مسجداً واتُفِق على أن قبلة هذه الدار منحرفة يميناً أو يسار.
فهنا؛ لتصحيح تسوية الصف للجماهير من المصلين، لا بأس من مد الخيط هذا أو هذا الخط، تنبيهاً وتعليماً.
ولكن ليس إلى الأبد؛ لأنه ينبغي اتخاذ وسيلة أخرى يُسْتَغْنَى بها عن هذه الوسيلة الأولى، كأن يُصَحَّح مثلاً قبلة المسجد ببنائه باب، ولو شكلي، ولو من خشب خفيف أو ما شابه ذلك، بحيث أن الداخل رأساً يتوجه إلى القبلة.
أما المساجد التي قِبْلَتُها صحيحة واتجاهها إلى القبلة والكعبة صحيح، فوضع هذا الخط من البِدع الضلالة؛ لأنها تُنَافِي السنة.
أعني: تُنَافِي سُنَّة تسوية الصفوف، وتُنَافِي قيام أئمة المساجد بواجب الأمر بتسوية الصفوف، وما يتعلق بالمصلين.
فإنهم إذا اعتادوا الصلاة في المساجد، وتسوية الصفوف فيها على الخيط، فقد
يصلون في مسجد ليس فيه خيط، وقد يكون في المصليات التي بدأت تنتشر هذه السنة والحمد لله في كثير من البلاد يصلون في العراء، فتجد الصف من أسوأ الصفوف، لا يُحْسنون؛ لأنهم لم يتمرنوا في مساجدهم، ولم يُمَرِّنهم أئمتُهم على تسوية الصف؛ لأنهم لا يصلون إلا على الخيط.
فهم يعتمدون مع أئمتهم على الصلاة على الخيط المبتدع، وهذا بلا شك من وحي الشيطان، وتأكيداً لبعض الآثار التي جاءت عن بعض سلفنا، الذي يقول:«ما أُحْدِثَت بدعة، إلا وأُمِيْتَت سنة» . هذه حقيقة نَلْمَسُها لَمْس اليد.
وهذه هو المثال بين أيديكم، مد الخط في المسجد؛ لكي لا يقول أحد للثاني يا أخي تَقَدَّم وتَأَخَّر، حتى يُصبح الصف مستقيماً تماماً، كما كان الرسول يفعل والخلفاء من بعده، حتى كان في زمن عثمان رضي الله عنه.
لما اتسع المسجد النبوي بالمصلين، وتكاثرت الصفوف تكاثراً عظيماً جداً، وكُلُّ شخص معنيا بتسوية الصفوف، فهو يأمر الجميع بتسوية الصفوف، ويساعده ذلك الموظف، فلا يقولوا: الله أكبر، إلا بعد أن يَسْمَع من المُسَوِّي للصفوف بأن الصفوف قد استوت.
هذه السُنَن قد أُلْغِيَت منذ زمن بعيد، ثم وُجِدَت الآن الوسائل المُيَسّرة لمد الخط في المساجد، وتفننوا فيها، وصاروا يطبعوا السجاجيد بخط أبيض، ليس هناك مد خط من أول المسجد إلى آخره، هذا كله تعطيل لأمر تسوية الصفوف الذي كان الرسول عليه السلام يبالغ في الحض على تسويتها إلى درجة أنه كان يقول:«لتُسَوّون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم» «سَوُّوا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من حسن الصلاة» وفي الرواية الأخرى: «من تمام الصلاة» .
ومع صحة هذه الأحاديث -بالمناسبة أقول-: قد أهدرها الأئمة؛ لأن الإمامة والتأذين اليوم ككل الوظائف الدينية، أصبحت كسائر الوظائف الحكومية، وظيفة يؤديها الموظف لا يَقْصُد بها وجه الله، ولا يبتغي بها وجه الله تبارك وتعالى، فالإمام بِدّه يخلص من هالوظيفة كإنسان حامل الحِمْل على أكتافه، بِدّه يرميه أرضاً، بينما
الإمام ما شاء الله ربنا هَيّأ له جو يكتسب بواسطته أُلوف الحسنات ليلاً ونهاراً، «من سَنَّ في الإسلام سُنَّة حسنةً، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، دون أن يُنْقِصَ من أجورهم شيئاً» .
فهذا الإمام كلما دل أحد المصلين على سنة أو على حكم شرعي، فاهتدى به المصلي، كلما فعله كُتِبَ أجره لذلك الذي أرشده، لكن لم يعد هناك رغبة في مثل هذه الأجور الآجلة بقدر ما عندهم من الرغبة في الأجور العاجلة؛ لذلك فإمام المساجد لا يكاد تقام الصلاة إلا ويقول: الله أكبر، لا يأمر الناس بتسوية الصفوف، بمثل هذين الحديثين الصحيحين ونحوهما، وإن سمعت فلتسمعن حديث لا أصل له، ««استووا، إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج» » حديث لا أصل له.
الميت ما يستحق العزاء هذا، حديث لا أصل له في كتب السنة إطلاقاً، ويعجب الإنسان كيف تَشِيع هذه الأحاديث، هذه عندنا في الشام في سوريا مشهور هذا الحديث، وجئت هنا وسمعته أيضاً، وهكذا، فالأحاديث الصحيحة أماتوها، والأحاديث التي لا أصل لها أحيوها، وكذلك يفعلون بالسُنَن يُمِيتُونها، وكل يوم بدعة جديدة، ومن هذه البدع هذا الخيط.
إذاً: الخط هذا الذي يوضع في المسجد تارةً يكون بدعة ضلالة، وهذا قد عرفتم السبب، وتارةً قد يكون من باب المصلحة المرسلة؛ لتقويم القبلة في مسجد صفته كما ذكرت لكم آنفاً.
لكن الرضا بهذا الخيط في المسجد، هذا الذي منحرف عن القبلة، فهذا أيضاً لا يجوز؛ لأنه يجب تقويم الجدار حتى الإنسان يستوي في صلاته إلى القبلة.
ثم نحن نلاحظ بعض الملاحظات، يكون المسجد نُسَمّيه قطعتين، داخلي وخارجي، الداخلي يُسَمُّوه الحرم، الساحة ساحة المسجد أو قسم ملحق بالمسجد، فتجد الناس الذين يصلون في الداخل على الخيط على القبلة، أما الناس الذين يصلون وراء منحرفين عن القبلة؛ لأنه قبلتهم الجدار الذي أمامهم، وهذا الجدار فاصل بين القسم الخارجي والقسم الداخلي، فهم يستقبلون الجدار، فتجد الذي
في داخل المسجد يصلي هكذا، وهذا يصلي هكذا؛ لأنه هذا مقتدي بالخيط والخيط وُجِّه إلى القبلة، وهذا مقتدي بالجدار الذي هو الجدار المتأخر عن جدار القبلة.
السبب غفلة الناس وعدم انتباههم، واعتمادهم على وسائل مادية، ليست خارجة من العقل ولا من اللب والقلب.
(الهدى والنور /251/ 09: 08: 00)