الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم المحراب في المسجد، وحكم السواري، وكلمة حول بعض منهيات المساجد
مداخلة: بالنسبة يا شيخنا، بالنسبة للمحراب في المسجد، ما حكمه؟
الشيخ: بدعة.
مداخلة: هناك من يقول، أو سمعت يعني أنا: قائل يقول: إن المحراب يُوَفِّر صفاً؟
الشيخ: المحراب يوفر صفاً؟ !
مداخلة: نعم.
الشيخ: هو واهم.
مداخلة: واهم.
الشيخ: إيه.
مداخلة: جزاك الله خيراً وبارك الله فيك.
الشيخ: لأنه عَمّ يتطور، لا بِدّي أبين لك. عم يتطور شيئين، أهَمُّهما أو أخطرهما قريب من الاستدراك على الشارع الحكيم؛ لأنه هو هذا الرجل بين أحد أمرين: إما أن يعتقد معنا أنه لم يكن في مسجد الرسول عليه السلام محراب، أو أن يعتقد العكس كما يظنون اليوم جماهير الناس، فإن كان الأول هنا الخطورة، إن كان يعتقد معنا أنه مسجد الرسول لم يكن فيه محراب، فمعنى ذلك أن الرسول الذي أشرف على بناء المسجد، ما كان هو المهندس اللائق لتخطيط وبنيان المسجد، ففاته ما استدركه هذا المُتَكَلِّف. فهمت الخطورة أين تكمن؟
مداخلة: نعم، جزاك الله خيراً.
الشيخ: وإما أن يعتقد معنا أنه لم يكن هناك منبر، فحينئذٍ هذا الاعتقاد يطيح
بعقيدتنا جميعاً: «خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم» .
ثم هذا الكلام إنما يستقيم بالنسبة للمساجد، وليس بالنسبة للجوامع، لعلي أخطأت حينما قلت هذا الكلام يستقيم؛ لأنه غير مستقيم، وإنما أردت أن أقول: إن هذا الكلام قد يصح بالنسبة للمساجد وليس للجوامع، المساجد التي لا تُصَلَّى فيها الجمعة، فهي بطبيعة الحال لا يكون فيها منبر يخطب عليه الخطيب.
أما بالنسبة للجوامع ففيها المنابر، وحينئذٍ: هذا الرجل وأمثاله يقولون، ما يقولون لتسليك الواقع مش لدعوة يؤمنون بها، وإلا فوجود المنبر في المسجد يُحَدّد ماذا؟ القبلة. واضح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: ثم هل يمكن المنبر الطويل الذي يقطع الصفوف، ويدل في الوقت نفسه على القبلة؟ لا يبحث هذه النواحي، وهذا من الاشتغال بالسياسة. لعلك فهمتني؟
مداخلة: جزاك الله خيراً.
الشيخ: آه. ومع ذلك فهناك رسالة لطيفة جداً، وإن كان أفسدها بعض المعلقين، هي رسالة «الحافظ السيوطي» التي أسماها:«إعلام الأريب في بدعة المحاريب» أو قال: بحدوث بدعة المحاريب.
فهو ذهب هناك في هذه الرسالة إلى هذا المذهب الحق، أن مسجد الرسول عليه السلام لم يكن فيه محراب، وتبنى هذا بعض العلماء المتأخرين، والذي يحضرني منهم الآن «الشيخ ملا علي القاري الحنفي» فقد صَرَّحوا بأن المحراب في المسجد بدعة.
يُضَاف إلى ذلك: أن هناك آثار سلفية، بأنهم كانوا يكرهون الصلاة في الطاق، والطاق هو الفتحة في المحراب؛ والسبب في ذلك: أن المحاريب بدعة نصرانية تسربت إلى المسلمين في القرون الأولى -مع الأسف- ولذلك: كان بعض العارفين بالسنة إذا صلوا في مسجد فيه طاق فيه محراب، انحرفوا عنه كما لو لم يكن هناك محراب.
فلذلك الباحثون لا يترددون إطلاقاً في إنكار بدعية المحراب في المسجد،
ولذلك جَرَيْت على أن أقول حينما أروي حديث ذو اليدين، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر ركعتين، ثم سَلَّم، ثم انتحى ناحية من المسجد، وجرى النقاش بينه وبين ذو اليدين حينما قال له: أَقُصِرَت الصلاة أم نسيت؟ قال: «كل ذلك لم يكن» . قال: بلى يا رسول الله. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقامه.
وأقول هنا ولا أقول: إلى محرابه؛ لأنه لم يكن في مسجد الرسول محراب، وإنما كان هناك مكان يصلي فيه.
وقد جاء في حديث إسناده ممكن تحسينه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زار مسجداً جعل له علامة عموداً بدل المحراب؛ ليدل على القبلة.
ولا يهمنا كثيراً ثبوت الحديث، بمقدار ما يهمنا مما فيه لفت النظر إلى أنه ليس من الضروري أن نتخذ المحراب دليلاً على القبلة، فممكن مثلاً يجعل الجدار القبلى مسح، ونحط مثلاً عمودين.
مداخلة: شباك، نحن عملنا شباك.
الشيخ: عمودين؛ عشان يدل ويوحوا أنه مكان للإمام هنا المحراب، أما التزامنا المحراب، وبخاصة هذه المحاريب الذي يتفننوا فيها في تطقيمها، في تجسيمها، في زخرفتها، في في، إلى آخره. وخير الهدى هدى محمد.
مداخلة: تكملةً للسؤال، كمان بالنسبة إلى وجود الأعمدة أو السواري داخل المسجد، هل كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يعني سواري كما هي مثلاً، كما هي موجودة الآن، أو أقل منها أو إلى آخره؟
الشيخ: طبعاً، كان في المسجد النبوي سواري ما شئت أو ما لا شئت؛ لأن المسجد كان مسجداً متواضعاً، وكان لا يُبْنَى إلا على السواري، ومع ذلك فكان ينهى الذين يصلون في هذا المسجد عن الصلاة بين السواري.
وهذا يعني، وأنا كنت لما بدأت بتأليف كتاب «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب» كنت وضعت صورةً للمسجد السلفي أنه ما يكون فيه ولا سارية] ولا
عمود، ويكون له باب للرجال وباب للنساء.
اليوم من الممكن كما لا يخفاك، بناء مسجد بدون أيَّ سارية وبدون أي عمود.
مداخلة: هذا ما فعلناه يعني بناءً، جزاك الله خيراً بناء على توصيتك.
الشيخ: الحمد لله.
مداخلة: لكن لما رحت الكويت بدؤوا يقولوا: ليش ما في أعمدة، وليش ما في محراب.
الشيخ: الله أكبر.
مداخلة: وأخذ يستنكر هذا القائل حتى يعني يقولوا أن المحراب ليس سنة، ولكنه يعني يُقَدّم الصف أو يعني يُوفِّر صفاً، فقلت لهم: في الحالة هذه يمكن يعني يقفوا عن يمين وشمال الإمام إذا كان بِدَّك تُوَفِّر الصف، لكن يقول هذه ليست من السنة؟
الشيخ: ما هي؟
مداخلة: يعني أن يقف المصلين عن يمين الإمام وعن شماله.
الشيخ: إيه.
مداخلة: يعملوا صفاً، وهو جاء بكلمة أنه يوفر صف، وجود المحراب يوفر صف، يعني الإمام يصلي فيه.
الشيخ: أنا أعرف، سنسأله السؤال التالي، وهذا من شؤم تسليك البدعة: أيُّهما أشد إغراقاً في مخالفة السنة: إيجاد المحراب الثابت على مَرّ الزمان والمكان، أو إذا اقتضت الحاجة وكَثُرَت الصفوف واضطر الإمام أنه يقف في منتصف الصف؟ أيُّهما أقل وقوعاً؟
لا شك الثاني أقل وقوعاً، بل في كثير من المساجد خاصة المسجد تبعكم هلاّ، أنا ما راح أتصور أنه راح يضطر الإمام يوماً ما أنه يصلي وسط الصف، وإن وقع
فهو نادر جداً.
مداخلة: نعم.
الشيخ: بينما المحراب ثابت في ضرورة وإلا ما في ضرورة؟ عرفت كيف؟
مداخلة: نعم، جزاك الله خيراً.
الشيخ: يعني هنا تأتي قاعدة: الضرورات تُبيح المحظورات، والضرورة تُقَدّر بقدرها.
يعني: لو بنينا مسجد مدينة، ما يتصور أنه يصلى فيها صفوف يضطر الإمام فيها أن يقف في منتصف الصف، في حاجة حينئذٍ للمحراب؟ من شان دفع المشكلة هذه؟ ما في حاجة. فهم ما يفكروا في حاجة أو ما في حاجة، يفكروا أنه ما هيك النظام الآن وانتهى الأمر، والله المستعان.
مداخلة: يا شيخنا، أنا قلت له. قلت له شيخَنا جزاه الله خيراً، يعني طلب مني خصيصاً لهذا الأمر، وقال لي: المسجد السلفي في كذا كذا، فنحن نَفَّذنا، يعني حرصاً يعني كما قال الشيخ، وفعلاً يعني بس نخلص
…
إن شاء الله تكون أول من صلي فيه، هذه في نيتنا إن شاء الله، وبعدين كنا نفذنا حرفاً بحرف شيخنا جزاه الله خيراً طلب الاتصال لهذا الأمر.
الشيخ: الله يجزيكم الخير.
مداخلة: ويبارك فيك. وبعد ما عملنا له بعدين باب شمالي وشرقي وباب جنوبي غربي، مُتَوضّأ للنساء، مستقل تماماً عن متوضأ الرجال.
الشيخ: طيب.
مداخلة: ما عملنا حاجة، ما في يعني لا محراب، ولا أعهدة هناك استنكروا، يعني كأنهم ويقولوا الشيخ فلان، قلت لهم: فلان قال أنتم على هذا.
الشيخ: يا جماعة! الناس في غفلة، حتى إخواننا أهل السنة.
أذكر جيداً في إحدى سفراتي إلى القاهرة، طبعاً كان تَرَدُّدنا الأكثر لمقر أنصار السنة في القاهرة، فزوّروا لي قرية أو بلدة اسمها سوهاج، وأرادوا أنهم يُطْلِعوني على مسجد يبنيه أنصار السنة، فعلاً أخذوني إلى المسجد ولا يزال يعني يبنى، يسألوني: ما رأيك؟ بعدما فهمت يعني تقاطيع المسجد، وإذا المسجد له باب واحد، فقلت لهم: أين باب النساء؟ هم طبعاً عارفين، لو غيرهم يستغربوا مثل هذا السؤال، لكن هم قارئين مثلي في سنن أبي داود من حديث نافع عن ابن عمر قال:«إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً من باب من أبواب المسجد فقال: لو تركنا هذا الباب للنساء. قال نافع عن مولاه ابن عمر: فلم يدخل ابن عمر المسجد من ذاك الباب إلى أن مات» وكأنه ما يسمى اليوم في المسجد النبوي بباب النساء، هو يعني أثر لذلك الباب، وإن كان المسجد توسع.
فأنصار السنة يعلمون هذه الحقيقة، علم ماذا؟ علم نظري، لكن مش منتبهين أن هذا ينبغي تطبيقه، ولذلك؛ وهذا الفرق بين الجماعة يكونوا على منهج، وناس مختلفين في المنهج؛ ما كادوا يسمعون هذا التفكير إلا قالوا: جزاك الله خيراً، ومن ساعتها درسوا معي وين نجعل الباب، اتفقنا على مكان باب النساء.
مداخلة: يا شيخنا، جزاك الله خيراً ذَكّرتنا النساء، يكون يعني خلف الرجال؛ حتى ترى النساء حركات الإمام وتَتَبّع الإمام.
الشيخ: نعم، نعم.
مداخلة:
…
يعني، فوجدت في بلدة تبوك يعني في مكان للنساء، حاطين حواجز
…
النساء ترى الرجال والرجال لا ترى النساء.
الشيخ: أخذت الجواب. نعم. نحن سُئِلنا هناك في السعودية في البلاد التي طفناها أخيراً، عن هل صلاة النساء في هذه المساجد، في أكثر المساجد في جدار أو غرفة تستقل بها النساء، والبعض الآخر في جدار يفصل بين النساء وبين الرجال ذو العيون، تعرفوا هذا؟ هذا يعني أقل ضرراً من ذاك، ذاك يفصلهم عن الإمام، يكاد يكون الفصل تاماً وهذا ما يجوز، فأنا كان كل كلامي يدور حول أنه إيجاد الجدار
الفاصل بين النساء وبين رؤيتهم للإمام والجماعة، هذه بدعة في المسجد؛ لأن المسجد النبوي لم يكن فيه يومئذٍ مثل هذا الفاصل، ولو كان مشروعاً كان باستطاعته عليه السلام أن يفعل ذلك ولو بخوص، شيء ما يكلفهم يعني.
ولذلك: فكون النساء لازم يكونوا في المؤخرة، لا يعني أن نضرب بينهن وبين الرجال بجدار فاصل.
الآن هذا الذي حكيته آنفاً، يبدو أنه يجمع بين المصلحة جمع المصلحة ودفع المفسدة، لكن ينبغي تجربة الأمر؛ لأنه يكون غرفة محفوظة تماماً، بحيث أنه يصعب أن يصل إلى آذان النساء اللاتي يصلين في هذه الغرفة صوت الإمام الطبيعي؛ بدون مكبر الصوت.
مداخلة: يعني مترين ارتفاع الزجاج، فالصوت بالمسجد .... مثلاً بالمسجد من هنا إلى هنا، هذا الباب للنساء خاص، ومن هنا جاء الزجاج، النساء ترى الرجال طبيعي والإمام والصوت وكله تمام.
الشيخ: إيه كويس، وبعدين من الأشياء التي يعني دندنّا حولها هناك وهنا، نادراً ما تعرضت له، وأول ما بدأت في هذا الكلام وأنا في الطائف، وسبحان الله! الظاهر الغفلة طبيعة الإنسان، يعني أن يغفل لكن بين غفلة وغفلة في فرق، أُذِّن لأذان المغرب في الطائف وأنا في الدار، وأنا أولاً: مسافر، وثانياً: كما تعلمون من وجع الركب فلا أنزل إلى المسجد، فصليت في الدار فشعرت وأنا أصلي وأنا أقرأ والإمام كمان يقرأ شَوَّش علي، من ساعتها انتبهت عن شيء كنت غافلاً عنه، فطلع معي التنبيه التالي وهو: لا يجوز إذاعة الإقامة كما يذاع الأذان، ولا يجوز إذاعة قراءة الإمام من المسجد إلى خارج المسجد. النقطتين هدول كنت أُدَنْدِن حولها، وأنا على يقين أنهم عمرهم ما سمعوها هذه الكلمات بلا شك، والسبب هنا التأمل في السنة، نحن نعلم أن المؤذن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.
مداخلة: ....
الشيخ: المهم: أن الأذان كان على مكان مرتفع والإقامة في المسجد، فهذا الذي