الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالحديث يدل على الفرق بين المحتاج وغيره لا على التسوية بينهما كما توهم ابن المنير بسبب رواية البخاري للحديث بالمعنى. فتأمل.
[الثمر المستطاب (2/ 652)].
أهمية التفريق بين من كانت رائحة فمه كريهة بكسبه ومن ليس كذلك في حكم دخول المساجد
[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
قوله في التعليق: «يتحتم على من أكلها يعني الثوم ونحوه البعد عن المسجد ومجتمعات الناس حتى تذهب رائحتها ويلحق بها الروائح الكريهة كالدخان والتجشؤ والبخر» .
قلت: هذا الإلحاق فيه نظر لأن البخر ونحوه علة سماوية لا إرادة ولا كسب للمرء فيها ولا هو يملك إزالتها فكيف يلحق بالروائح الكريهة التي هي بإرادته وكسبه وبإمكانه الامتناع من تعاطي أسبابها أو القضاء عليها؟ والشارع الحكيم إنما منع آكل الثوم وغيره من حضور المساجد والحصول على فضيلة الجماعة: عقوبة له على عدم مبالاته بإيذاء المؤمنين والملائكة المقربين، فلا يجوز أن يُحرم من هذه الفضيلة الأبخر ونحوه لما ذكرناه من الفارق.
[تمام المنة ص (295)]
لا يجوز للمصلي اتخاذ مكان معين من المسجد للصلاة فيه لا يجاوزه
ذكر الإمام من مناهي المساجد: «اتخاذ مكان معين منه للصلاة فيه لا يجاوزه إلى غيره لحديث:
«نهى صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المكان في المسجد «وفي لفظ: المقام الواحد وفي آخر: المكان الذي يصلي فيه» كما يوطن البعير». [صحيح لغيره].
قوله: «وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير» قال الخطابي في «المعالم» وتبعه ابن الأثير في «النهاية» :
قلت: ولم يذكر ابن الأثير قوله: «وأن لا يهوي
…
» إلخ. ولعل السبب في ذلك كونه مباينا لما قبله حيث قال: «أن يبرك على ركبتيه
…
بروك البعير». وفي هذا يقول: «فيثني ركبتيه
…
» إلخ. والظاهر أن الخطابي رحمه الله يرى أن الاعتبار ليس هو وضع الركبتين قبل اليدين بل ما يحصل من وضعهما كذلك من هدة على الارض كما يسمع ذلك من البعير فإذا وضعهما كذلك على سكون ومهل بدون صوت فقد خرج عن التشبه بالحيوان فلم يشملهما النهي على القول الثاني لكن هذا لا يمكن عادة أعني وضعهما قبل اليدين بدون هدة كما هو الشاهد ولذلك ثبت النهي عنه من قوله عليه الصلاة والسلام كما ثبت أن هديه خلاف ذلك وهو أن السنة في السجود قولا منه صلى الله عليه وسلم وفعلا وضع اليدين قبل الركبتين خروجا من التشبه بالبعير الذي يبرك على ركبتيه اللتين في يديه خلافا لمن زعم خلاف ذلك وقد بينته في «التعليقات الجياد على زاد المعاد» وسيأتي بيانه أيضا في المكان المناسب من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
غير أن هذا الوجه الثاني بعيد جدا عن الحديث لا سيما بمجموع ألفاظه المذكورة أعلاه فهي تعين أن المراد منه الوجه الأول وبه جزم جمع من الشراح فمنهم من اقتصر عليه فلم يتعرض لذكر الوجه الثاني إشارة إلى أنه لا اعتداد به كالمناوي
وغيره. ومنهم من صرح باستبعاد الوجه المذكور كالسندي رحمه الله في «حاشيته» على النسائي والشيخ علي القاري في «المرقاة» ونص كلامه في ذلك قال:
وظاهر النهي يفيد تحريم هذه الثلاث المذكورات في الحديث وفي النهي عن الأوليين أحاديث أخرى يأتي ذكرها في مواطنها إن شاء الله تعالى.
وقد قال ابن الهمام:
«في «النهاية» عن الحلواني أنه ذكر في الصوم عن أصحابنا: يكره أن يتخذ في المسجد مكانا معينا فيه لأن العبادة تصير له طبعا فيه وتثقل في غيره والعبادة إذا صارت طبعا فسبيلها الترك وكذا كره صوم الأبد ا. هـ.
فكيف من اتخذه لغرض آخر فاسد».
والكراهة إذا أطلقت عند علمائنا فهي للتحريم وهذا هو الحق في هذه المسألة إن شاء الله تعالى.
قال الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله في «إصلاح المساجد» :
«يهوى بعض ملازمي الجماعات مكانا مخصوصا أو ناحية من المسجد إما وراء الإمام أو جانب المنبر أو أمامه أو طرف حائطه اليمين أو الشمال أو الصفة المرتفعة في آخره بحيث لا يلذ له التعبد ولا الإقامة إلا بها وإذا أبصر من سبقه إليها فربما اضطره إلى أن يتنحى له عنها لأنها محتكرة أو يذهب عنها مغضبا أو متحوقلا أو مسترجعا وقد يفاجئ الماكث بها بأنها مقامه من كذا وكذا سنة، وقد يستعين بأشكاله من جهلة المتنسكين على أن يقام منها إلى غير ذلك من ضروب الجهالات التي ابتليت بها أكثر المساجد ولا يخفى أن محبة مكان من المسجد على حدة تنشأ عن
الجهل أو الرياء والسمعة وأن يقال: إنه لا يصلي إلا في المكان الفلاني أو إنه من أهل الصف الأول مما يحبط العمل ملاحظته ومحبته نعوذ بالله. وهب أن هذا المتوطن لم يقصد ذلك فلا أقل أنه يفقد لذة العبادة بكثرة الإلف والحرص على هذا المكان بحيث لا يدعوه إلى المسجد إلا موضعه وقد ورد النهي عن ذلك».
قلت: ثم ذكر الحديث ثم قال:
«وفي «شرح الإقناع» : يكره لغير الإمام مداومة موضع منه لا يصلي إلا فيه». ثم قال: