الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم فصل مصلى النساء في المسجد بجدار أو ستارة أو نحوه
الشيخ: ينبغي أن يُلاحظ شيءٌ وهو: أيّ تنظيم يقوم به طائفة من المسلمين ينبغي أن يُنْحى فيه منحى ما كان عليه الرسول عليه السلام؛ لأنه هو القدوة، ليس فقط في الغايات والمقاصد، بل وأيضاً في السُبُل والوسائل الموصِلة لتلك الغايات والمقاصد، وأنتم تعلمون جميعاً معنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي حَضّ النساء على أن يُقِمْن الصلوات الخمس في بيوتهن في أحاديث كثيرة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:«وبيوتهن خير لهن» ، ومع ذلك فإنه لم يمنعهن من أن يحضرن المساجد، بل قد كانت النِسْوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يحرصن على الحضور في المسجد؛ لِما كان للمسجد يومئذٍ من قيمة ثقافية، فضلاً عن قيمة تعبُّدية محضة، فكانت النساء يحضرن المساجد، ليس لأن الأفضل لهن أن يصلين في المسجد، وإلا فالرسول قد ذكر لهن ما ذكرته -آنفاً- من قوله عليه السلام:«وبيوتهن خير لهن» ، وإنما كن يؤثرن الصلاة في المسجد حرصاً على طلب العلم، وبخاصة أن المعلم هناك كان هو سيد البشر عليه الصلاة والسلام، مع كون صلاة النساء في البيوت أفضل، وصلاتهن في المسجد مفضول أو مفضولة، مع ذلك ما كان قد وضع حاجزاً وفاصلاً من جدار أو ستارة بين الرجال وبين النساء، وإنما نَظَّم صلاة الرجال، ونَظَّم صفوف الرجال تنظيماً خلاف تنظيمه لصفوف النساء، كما هو معلوم لديكم من قوله عليه السلام:«خير صفوف الرجال أوّلها وشَرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشَرّها أولها» ؛ ولذلك فاتخاذ مصلىً خاص بالنساء هذا خلاف السنة، من حيث يتوهم الكثير أنه في هذا نوع من الصيانة للنساء،
والحيلولة بينهن وبين الرجال، نحن نقول: خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد كان من الميسور له أن يفصل بين الرجال والنساء في المسجد، بمثل أي جدار ولو بجدار متواضع من الخوص من شجر النخيل، لكنه ما فعل شيئاً من ذلك، وأنا أدري أن ما يُفعل اليوم في كثير من المساجد التي تبنى في العصر الحاضر، من وضع ستارة في بعض المساجد التي تبنى بطريقة متواضعة، أما المساجد التي يُنْفَق عليها الأموال الطائلة، فيبنى هناك جدار قد يكون مبنياً بطريقة لها ثقوب، حيث ترى
النساء الرجال ولا يراهُنّ الرجال، ما في داعي لمثل هذا التَكَلُّف إطلاقاً، وبخاصة أن لسان هذا التكلف معناه: الرضا فيما عليه -كثير- إن لم أقل عامة النساء المسلمات، من عدم التزامهن للجلباب الشرعي، فكأن الرجال حينما يرون النساء يتقاعسن ويتكاسلن عن القيام بواجب الجلباب الشرعي، فهم جعلوا بديلاً في المسجد وضع هذا الستار المادي بين الرجال والنساء، ولا يقال:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
لا يكون المعالجة بالرضا بالواقع، السيئ ثم محاولة معالجة هذا الواقع السيئ بطريقة غير الطريقة التي عالجها الرسول عليه السلام، فكيف عالج الرسول عليه السلام الفصل بين الرجال والنساء في أقدس الأماكن، وفي خير الأماكن ألا وهي المساجد؟
كما قلت آنفاً: «خير صفوف النساء آخرها .. » إلى آخره، لم يضع هذا الستار المادي بين النساء والرجال، ولكن وضع ستاراً مادياً على النساء، إذا ما خرجن من بيوتهن وانطلقن في طرقهن، ثم وصل بهن الأمر إلى دخول المساجد، فالجلباب هو الذي يحجبها دون الرجال؛ ولذلك فالبديل عن هذا المُصَلّى الخاص بالنساء، هو تذكير النساء بالواجب من الجلباب، وهذه ذكرى «والذكرى تنفع المؤمنين» .
(الهدى والنور / 698/ 39: 00: 00)
(الهدى والنور / 698/ 05: 03: 00)