الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشعر
…
إلخ».
ولعل علم النفس الحديث يؤيد تأثر الطفل الصغير ولو في المهد بما يسمع ويرى. ويخيل إلي أنني كنت قرأت بحثا مفيدا حول هذا الموضوع لبعض الكتاب ولكني الآن لا استذكر من هو ولا في أي كتاب هو.
وأما كبار الأطفال فتأثرهم بذلك واضح مسلم غير أنه إذا وجد فيهم من يلعب في المساجد ويركض فعلى آبائهم وأولياء أمرهم تأديبهم وتربيتهم أو على القيم والخادم أن يطردهم وعلى هذا عمل ما ذكره الحافظ ابن كثير:
وأما حديث: «جنبوا مساجدكم صبيانكم» فهو ضعيف عند ابن حجر وابن كثير وغيرهما فلا يقاوم الأحاديث المتقدمة وقد سبق تخريجه في الكلام عليه تحت الفقرة ألأولى من «آداب المساجد» .
[الثمر المستطاب (2/ 756)].
من مباحات المساجد إدخال الميت للصلاة عليه
ذكر الإمام من مباحات المساجد:
«إدخال الميت للصلاة عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم «[ما] صلى على سهيل ابن بيضاء «وفي لفظ: ابني بيضاء: سهيل وأخيه» [إلا] في [جوف] المسجد»]. [صحيح].
وقال الحافظ في «التلخيص» :
«وقد ثبت أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وصهيبا صلى على عمر في المسجد وهو في «الموطأ» وغيره».
قلت: فليس في «الموطأ» إلا الصلاة على عمر وقد أورده الشوكاني في «النيل»
بلفظ «التلخيص» وقال:
«رواه ابن أبي شيبة» ثم قال الشوكاني:
…
فليس له شيء». وفي إسناده صالح مولى التوأمة وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة قال النووي: وأجابوا عنه - يعني الجمهور - بأجوبة:
أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به قال أحمد: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف.
والثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من «سنن أبي داود» : «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه» فلا حجة لهم حينئذ.
والثالث: أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه: «لا شيء له» لوجب تأويله بأن «له» بمعنى: عليه ليجمع بين الروايتين قال: وقد جاء بمعنى عليه كقوله تعالى: {وَإِنْ
أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء / 7]
الرابع: أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه. انتهى».
قلت: والراجح عندي في حديث أبي هريرة من حيث النقل رواية من قال: «فليس له شيء» أو «فلا شيء له» لأنه كذلك عند جميع من أخرج الحديث ممن وقفنا عليه حاشا أبا داود فإنه أخرجه من طريق يحيى ابن سعيد عن ابن أبي ذئب: ثني صالح مولى التوأمة عنه بلفظ:
وخالفه وكيع عند ابن ماجه وأحمد وحجاج ويزيد بن هارون عند أحمد وأسد ومعن بن عيسى عند الطحاوي كلهم عن ابن أبي ئب بلفظ:
«فلا شيء له» . إلا الأول منهم فقال:
والمعنى واحد.
ولا يطمئن قلبي لشيء من الأجوبة التي ذكرها النووي إلا الجواب الأول وهو أن الحديث ضعيف فلا حجة فيه. غير أن ما حكاه النووي من تضعيفه لا يكفي في الإقناع به فقد قال النووي نفسه في «شرح المهذب» :
قلت: وفي «التقريب» :
«صدوق اختلط بآخره قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي
ذئب وابن جريج».
قلت: فإذا كان ابن أبي ذئب روى عنه قبل الاختلاط وهذا الحديث من روايته عنه فكيف إذن يكون حديثه هذا ضعيفا. ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في «الزاد» بعد أن نقل أقوال الأئمة فيه التي تدور حول ما أفاده ابن عدي:
قلت: وهذا هو الحق لو أن ابن أبي ذئب لم يسمع منه بعد ذلك وليس كذلك فقد «قال الترمذي عن البخاري عن أحمد ن حنبل قال: سمع ابن أبي ذئب من صالح أخيرا وروى عنه منكرا» . حكاه ابن القطان عن الترمذي هكذا.
قلت: وفي هذا بيان لسبب تضعيف أحمد للحديث وهو أنه روى ابن أبي ذئب عنه بعد الاختلاط أيضا ولعله عمدة ابن حبان في قوله في «كتاب الضعفاء» :
«اختلط بآخره ولم يتميز حديث حديثه من قديمه فاستحق الترك» . ثم ذكر له هذا الحديث وقال:
«إنه باطل وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد» .
فتبين بهذا علة الحديث وأنه ضعيف فلا يقاوم حديث عائشة الصحيح.
فالحق أن إدخال الجنازة إلى المسجد والصلاة فيه جائز بدون كراهة لكن لم يكن ذلك من عادته عليه الصلاة والسلام بل الغالب عليه الصلاة عليها خارج المسجد فهو أولى كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في «الجنائز» .
[الثمر المستطاب (2/ 762)].