الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسجد النبوي هو المسجد الذي أسس على التقوى كمسجد قباء
وهو المسجد الذي أسس على التقوى كمسجد قباء، قال أبو سعيد الخدري: «قلت يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ فأخذ كفا من حصى فضرب به الأرض قال:
«هو هذا مسجد المدينة وفي ذاك خير كثير» . [صحيح، ثم ساق الإمام طرقه ثم قال]: قال النووي في «شرح مسلم» :
قلت: ظاهر الآية التي أشار إليها النووي رحمه الله وهو قوله تعالى في سورة التوبة: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين} [التوبة / 108] يفيد أن المراد مسجد قباء لأن في الآية ضميرين يرجعان إلى مضمر واحد بغير نزاع وضمير الظرف الذي يقتضي الرجال المتطهرين هو مسجد قباء فهو الذي أسس على التقوى والدليل على هذا سبب نزول الآية. وهو ما أخرجه أحمد «3/ 422» من طريق أبي أويس: ثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة الأنصاري أنه حدثه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال: «إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ » .
قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا.
وهذا إسناد حسن
…
إذا علمت ما تقدم أن ظاهر الآية وسبب النزول يفيد أنه مسجد قباء وأن الحديث بخلاف ذلك يفيد أنه المسجد النبوي فلا بد من التوفيق بينهما فقال ابن كثير:
وكأنه من كلام شيخه ابن تيمية رحمه الله فقد قال في «تفسير سورة الإخلاص» «ص 172» : «قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في «الصحيحين» أنه كان يأتي قباء كل سبت راكبا وماشيا وذلك لأن الله أنزل عليه: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} وكان مسجده هو الأحق بهذا الوصف. وقد ثبت في «الصحيح» أنه سئل عن المسجد المؤسس على التقوى فقال: «هو مسجدي هذا» يريد أنه أكمل في هذا الوصف من مسجد قباء ومسجد قباء أيضا أسس على التقوى وبسببه «كذا» الآية ولهذا قال: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين} وكان أهل قباء مع الوضوء والغسل يستنجون بالماء وتعلموا ذلك من جيرانهم اليهود ولم تكن العرب تفعل ذلك فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يظن ظان ذاك الذي أسس على التقوى دون مسجده فذكر مسجده أحق بأن يكون هو المؤسس على التقوى فقوله: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} [التوبة / 108] يتناول مسجده ومسجد قباء ويتناول كل مسجد أسس على التقوى بخلاف مساجد الضرار».
وقد ذهب إلى هذا الجمع الحافظ ابن حجر ونقل نحوه عن الداودي والسهيلي وغيرهما، وهو الحق الذي يجب المصير إليه لأن خلافه يلزم منه إما رد ما أفاده القرآن من أجل الحديث أو العكس، وكل من الأمرين خطأ بل ضلال وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه» .
وسيأتي ما يدل على أنه مسجد قباء زيادة عما تقدم.
[الثمر المستطاب (2/ 535)].