الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصلى في الأوقات التي نُهِيَ عن الصلاة فيها وهذا وقت يُنْهَى عن الصلاة فيه، وهذا في الواقع من الفقه الذي لم يُذْكَر في كتب الفقه، فكتب الفقه حينما تُذَكِّر بالأوقات التي يُكره الصلاة فيها، لا يذكرون وقت الخطيب يخطب أنه من الأوقات التي تُكره الصلاة فيها.
ولذلك فهنا فائدتان، الفائدة الأولى: أنه ينبغي ضم وقت الخطيب يخطب من الأوقات المكروهة، والفائدة الأخرى: أن هذا الوقت المنهي عن الصلاة فيه يُسْتَغل لإباحة صلاة التحية، فيُوَقَّت في الأوقات المكروهة الأخرى، بدليل أن الرسول عليه السلام قال:«والخطيب يخطب، ليصل ركعتين، وليتجوز فيهما» هذا جواب السؤال.
(الهدى والنور /18/ 6.: 28: .. )
حكم صلاة تحية المسجد قبل أذان المغرب
السائل: يقول: إذا دخلت قبل أذان المغرب بقليل، فهل يجوز لي الصلاة ركعتين أم لا؟
الشيخ: يجوز، بل يجب، والذي لا يجوز هو أن تجلس قبل أن تصلي، ما يجوز بل ما يجب؛ لقوله عليه الصلاة السلام:«إذا دخل أحدُكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» والشبهة التي تعرض بهذه المناسبة لبعض طلبة العلم أنه وقت كراهة، فكيف يجوز صلاة التحية.
جوابنا من ناحيتين، الناحية الأولى: هي استنباطية، والأخرى: قياسية من باب القياس الأَ وْلَوي.
أما الناحية الأولى: فهناك قاعدة ذكرها علماء الحديث في علم المصطلح، ونَصَّ عليها شيخ الإسلام إبن تيمية في التوفيق بين حديث التحية وبين حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المعروفة، يقول علماء الحديث ومعهم ابن تيمية إنه إذا جاء حديثان متعارضان، ولا يمكن التوفيق بينهما إلا بتسليط أحدهما على الآخر، أو
بعبارة أخرى: بتخصيص أحد النَّصّين العامين بالآخر، فأيهما يصلح أن يُخَصَّص وأيهما يَصْلُح أن يكون هو المخصِّص.
قالوا إذا كان أحد النصين العامَّين قد دخله تخصيص، والنص العام الآخر لم يدخله تخصيص، خُصِّص النص العام المُخَصَّص بنصوص أخرى بالنص العام غير المخصص.
ومثال ما نحن فيه: قوله عليه السلام: «إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» .
نص عام، لأن إذا ظرفية في أي ظرف، وفي أي حالة وفي أي وقت، معنى الحديث دخلت المسجد فصلِّ ركعتين.
هذا نص عام، يُعارِض هذا النص العام «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» .
أيضا هذا نص عام ينهى عن كل صلاة في هذين الوقتين، فهل نُخَصِّص حديث التحية بحديث النهي عن الصلاة في هذين الوقتين، أم نُخَصِّص حديث النهي عن الصلاة في هذين الوقتين بحديث التحية، الجواب هو هذا.
والسبب: أن حديث النهي عن الصلاة في الوقتين ليس على عمومه وشموله، فقد خُصِّص بمخصصات كثيرة وكثيرة جدا، مثلا: من نسي صلاةً أو نام عنها فليُصَلِّها حين يذكرها.
إذاً: هذا استيقظ لصلاة الفجر عند طلوع الشمس، فيقول الرسول هذا وقت هذه الصلاة المَنْسِيّة، رجل نسي صلاة العصر حتى تكاد الشمس تغرب أو غربت، فهو يصليها ولو كان الوقت كراهة منهي عن الصلاة وهكذا، والمخصصات كثيرة وكثيرة جدا، أحسن «أبو الطيب الهندي» في كتابه المسمى «إعلام أهل العصر، بأحكام ركعتي سنة الفجر» فقد جمع الأحاديث المُخَصِّصة للأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وكان من ذلك ما ذكرته آنفا: الصلاة المنسية.
من ذلك -مثلا- مما يحضرني: صلاة من صَلَّى صلاة الفجر في منزله، ثم أتى المسجد فوجدهم يصلون، فهو يصلي معهم وإن كان الصلاة بعد صلاته منهي عنها، وهكذا.
فإذاً: نُخَصِّص أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات المعروفة بحديث «إذا دخل أحدكم مسجد» لأن هذه أحاديث النهي عن الصلاة قد دخلها تخصيص، ومعنى ذلك أنه مما يضعفها، بينما عموم حديث «إذا دخل أحدكم المسجد» لَمِّا لم يُخَصّص بقي على عمومه الشامل، فيمكن تقديم هذا العموم المطلق على ذاك العموم المُخَصَّص، وتكون النتيجة:«لا صلاة بعد العصر لا صلاة بعد الفجر، إلا تحية المسجد» ؛ لذاك العموم الذي لم يدخله تخصيص، هذا الوجه الأول.
الوجه الثاني: قلت وهو قياس أولوي، تعلمون جميعا إن شاء الله أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما دخل سُلَيْكٌ الغِطْفاني ورسول الله يخطب وجلس، فقال له:«يا غلام أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين» ثم التفت إلى الجالسين هنا، ثم التفت إلى الحاضرين، فقال:«إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليصل ركعتين وليتجوز فيهما» الصلاة والخطيب يخطب منهي عنها، صلاة النافلة منهي عنها، فإذا وجدنا الرسول عليه السلام قد أمر بصلاة التحية في هذا الوقت المنهي فيه الصلاة: صلاة النافلة بصورة عامة، أخذنا منه إشعارًا بأن صلاة التحية تصلى في الأوقات التي نُهِي عن الصلاة فيها، وهذا وقت يُنْهَى عن الصلاة فيه وهذا في الواقع من الفقه الذي لم يُذْكَر في كتب الفقه، فكتب الفقه حينما تذكر بالأوقات التي يُكْرَه الصلاة فيها، لا يذكرون وقت الخطيب يخطب أنه من الأوقات التي تُكْرَه الصلاة فيها؛ ولذلك فهنا فائدتان، الفائدة الأولى: أنه ينبغي ضم وقت الخطيب يخطب من الأوقات المكروهة، والفائدة الأخرى: أن هذا الوقت المنهي عن الصلاة فيه يُسْتَغل لإباحة صلاة التحية، فيُوَقَّت في الأوقات المكروهة الأخرى، بدليل أن الرسول عليه السلام قال والخطيب يخطب ««ليصلي ركعتين وليتجوز فيهما» ».
(الهدى والنور /18/ 6.: 28: .. )