الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقال حين ذاك: .. كذلك من جملة المستثنى ما جاء في موطأ مالك وسنن أبي داود وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما صلى الصبح في مسجد الخيف وسلم رأى رجلين زاهدين عن الصلاة فبدا له عليه السلام أنهم لم يصليا معه، فقال لهما:«أولستما مسلمين؟ قالا: بلى يا رسول الله، قال: فما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله! إن كنا قد صلينا في رحالنا، فقال عليه الصلاة والسلام: إذا صلى أحدكم في رحله ثم أتى مسجد الجماعة فليصلي معهم فإنها تكون له نافلة» .
فأنتم ترون هنا أنهما صليا نافلة بعد فريضة الفجر، فهذا استثناء آخر لهذا الحديث الصحيح:«لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» فمعناه: إلا من صلى سنة الفجر .. إلا من كان صلى الفريضة في رحله ثم أتى المسجد وهم يصلون فيصلي معهم، ولو كان هذا وقت كراهة؛ لأن الانضمام إلى الجماعة هنا يتغلب على كراهة الصلاة في الوقت المكروه.
(فتاوى رابغ (4) /00: 28: 43)
حكم صلاة تحية المسجد وقت الكراهة
الشيخ: لا بد لي من التذكير ببعض الأمور المخالفة للسنة، بل المخالفة للأمر النبوي الكريم، يدخل بعضهم في مثل هذا الوقت المسجد، فيجلس في المسجد كما تجلس الدجاجة على فراخها، فهو لا يصلي لله عز وجل ركعتين، أنا أدري أنه يظن أن هذا الوقت لكونه وقت كراهة لا يُشرع أن يصلي ركعتي التحية في هذا الوقت، الجواب: لكل قاعدة استثناء، صحيح أن هناك أوقات تُكره فيها الصلاة، لكن العلماء قديماً اختلفوا في هذه الأوقات، هل هي تشمل كل صلاة حتى لو كانت فريضة، مثلاً رجل وضع رأسه بعد أن صلى الظهر فلم يستيقظ إلا في وقت الكراهة، هل يصلي هذه الصلاة صلاة العصر أم لا؟ الجواب: نعم اتفاقاً.
إذاً: النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة ليس على هذا الإطلاق الشامل، له مُخَصّصات، هناك كتاب جيد جداً أنصح طلاب العلم الذين عندهم رغبة في
معرفة أسباب الخلاف، ثم التوصل من هذه المعرفة إلى التعرف على الحق الذي اختلف فيه الناس، ألا وهو كتاب:«شمس الحق الآبادي» المسمى بـ: «إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي سنة الفجر» فهناك ذكر نصوصاً كثيرة جداً من السنة الصحيحة تخصص الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، منها موضوعنا آنفاً، ألا وهو: أن الداخل إلى المسجد إذا دخل في وقت لا تشرع فيه الصلاة، نعم لا تُشرع فيه الصلاة إلا تحية المسجد؛ لماذا؟ لنص عام ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، ولنص آخر يعتبر أقوى دلالة من هذا النص؛ لأنه هذا نص عام يقبل المناقشة، والمناقشة الآن ليس مجال الخوض فيها، أما النص الآخر فهو قوي جداً بعد شرحه وبيانه، تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة حينما دخل رجل من الصحابة اسمه سليك الغطفاني -رضي الله تعالى عنه- فجلس، فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبته ليقول له:«يا فلان، أصليت؟ » ، قال: لا، قال:«قُم فصل ركعتين» ، ثم تَوَجّه عليه الصلاة والسلام بخطابه العام إلى الجالسين في المسجد، قائلاً لهم:«إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليصل ركعتين، وليتجوز فيهما» أي ليختصرهما وليخفف القراءة فيهما، الشاهد من هذا الحديث لا يتبين إلا بمقدمة قصيرة، وهي: تعلمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخطيب يخطب يوم الجمعة، ولو بلفظة واحدة ولو أن تقول لمن رأيته يتكلم والخطيب يخطب، تعلمون أنه لا يجوز أن يقول له: انصت، اسكت.
هذا الأمر بالمعروف الذي الأصل فيه أنه واجب، سقط هذا الواجب والخطيب يخطب، فإن عرفتم أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب الصحابة عموماً بقوله:«إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين» معنى ذلك: أن هذا الوقت الذي ليس يجوز فيه الواجب أصالةً، وهو الأمر بالمعروف، بالتالي لا يجوز فيه التَنَفُّل المطلق، لكنه أمر بركعتي تحية المسجد.
إذاً: تحية المسجد تصلى في الوقت الذي تُكره فيه النافلة المطلقة، الآن مثلاً لا يجوز للإنسان أن يتنفل، لكن إذا دخل المسجد فلا يجوز له أن يجلس إلا بعد أن