الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل باقي المساجد بينها تفاضل
؟
تلك هي المساجد الأربعة [الحرام، النبوي، الأقصى، قباء] التي جاء النص بتفضيلها على غيرها من المساجد، فأما هذه فإنها سواء في الفضل وإن كان الأقدم منها أفضل لكونها أبعد عن أن تكون بنيت للإضرار والفخر والمباهاة كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وأما ما نقله ابن عابدين في «الحاشية» «1/ 14» عن كتاب «أخبار الدول» بالسند إلى سفيان الثوري أن:
«الصلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة» .
فهو مع كونه موقوفا على سفيان الثوري فإنه لا يصح عنه وهو منكر.
ثم إن سفيان الثوري رحمه الله هو ممن روى حديث أبي هريرة المتقدم رقم «6» بلفظ:
«صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد
…
».
فيبعد أن يصح عنه من قوله ما يخالف ما رواه هو نفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيغلب على الظن أن هذه الرواية مدسوسة عليه لمخالفتها للأحاديث الصحيحة.
نعم روي عن أنس مرفوعا بلفظ:
أخرجه ابن ماجه «1/ 431 - 432» من طريق أبي الخطاب الدمشقي: ثنا زريق أبو عبد الله الألهاني عنه. قال في «الزوائد» :
«إسناده ضعيف لأن أبا الخطاب الدمشقي لا يعرف حاله وزريق فيه مقال حكي عن أبي زرعة أنه قال: لا بأس به وذكره ابن حبان في «الثقات» وفي «الضعفاء» وقال: ينفرد بالأشياء لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج به إلا عند الوفاق».
وقال الحافظ في «التقريب» إنه:
قلت: وهذا الحديث من أوهامه إن كان أبو الخطاب قد حفظه منه وإلا فأبو الخطاب لا يعرف كما سبق وقال الحافظ:
«إنه مجهول» . وقال الذهبي في «الميزان» :
«ليس بالمشهور» ثم ساق له هذا الحديث ثم قال:
ونعم ما قال.
وقد أخرج الحديث ابن عساكر أيضا في ترجمة مسجد دمشق من طرق عن أبي الخطاب به.
ومن هذا القبيل ما أخرجه ابن عساكر أيضا من طريق هشام بن عمار: أنبأنا الحسن بن يحيى الخشني: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به صلى في موضع مسجد دمشق» . وقال:
«هذا منقطع» .
قلت: بل هو معضل فإن بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الخشني هذا مفاوز وقد قال فيه الحافظ في «التقريب» :
«صدوق كثير الغلط من الثانية مات بعد التسعين. يعني: والمائة» .
وقد ساق له الذهبي في «الميزان» منكرات منها ما رواه بسنده عن أنس مرفوعا:
«ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين يوما حتى يرد الله إليه روحه» ثم قال:
«مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي بين عالية وعويلية» .
رواه ابن حبان وساق إسناده إليه وقال:
وأخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن «رجلين اختلفا في الصلاة في جامع بني أمية: هل هي بتسعين صلاة كما زعموا أم لا؟ وقد ذكروا أن فيه ثلاثمائة نبي مدفون فهل ذلك صحيح أم لا؟ وقد ذكروا أن النائم بالشام كالقائم بالليل بالعراق وذكروا أن الصائم المتطوع في العراق كالمفطر بالشام وذكروا أن الله خلق البركة إحدى وسبعين جزءا منها جزء واحد بالعراق وسبعون بالشام فهل ذلك صحيح أم لا؟ » .
قلت: ولو ثبت أن فيه الأنبياء المذكورين فهو غير مستلزم لفضيلة قصد الصلاة فيه كما يتوهم بعض الناس، بل هو منهي عنه أشد النهي لأنه من اتخاذ القبور مساجد وقد نهينا عن ذلك كما سبق ولذلك قال شيخ الإسلام أيضا رحمه الله في